Menu

هل المرأة الفلسطينية غريبة على الانتفاضة؟

كوكبة من الفدائيات الفلسطينيات تصدرن ساحات النضال من بداية الثورة الفلسطينية

خاص الهدف – أمل الطناني

لم تكن المرأة الفلسطينية طوال تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة في أي محطة من محطاتها خارج إطار الصورة، ولم تقبل بأقل من ان تكون شريكاً رئيسياً في النضال ومواجهة الاحتلال وحتى تحمّل تعذيبه وقمعه، فقدمت على مدار الثورة العديد من النماذج المشرقة التي كانت نموذج لنضال وثورية المرأة حول العالم.

ورغم أن مجتمعنا لا يتصف بالكثير من الإنصاف بحق المرأة عموماً، الا ان للمرأة المقاومة مكانة خاصة تكسر كل حواجز التمييز ضدها، وتدفع المجتمع لإبداء احترام خاص لتضحياتها ودورها النضالي.

اليوم نعيش أجواء انتفاضة فلسطينية جديدة، وكعادتها المرأة الفلسطينية لم تبق حبيسة منزلها بل خرجت للشارع وشاركت بفاعلية في المواجهات مع قوات الاحتلال لتكون في وجه بطش آلة القتل الصهيونية تشارك في الاعتصامات، المظاهرات وفي تنفيذ العمليات البطولية.

 "بوابة الهدف" تابعت ملامح الوجود النسوي في الانتفاضة الشعبية التي تدور أحداثها في ربوع وطننا الحبيب، هذه المشاركة التي عبرت عن حجم الوعي والإدراك لدور المرأة في العقلية الفلسطينية، والتي قوبلت بردود فعل مختلفة من المتابعين، كانت مرحبة بهذه المشاركة في غالبيتها الساحقة

ولكن هذا الترحيب لم يخلُ من جهل واضح بواقع المناضلات الفلسطينيات وما سبق أن قدمنه ويقدمنه في مواجهة الاحتلال، فسارع الكثيرين لاعتبار ما يحدث تطور عجيب على مسيرة المرأة الفلسطينية و دورها، وفي ذلك اجتزاء واضح للصورة والنضالات التي قدمتها هذه المرأة عبر قتالها الطويل.

إحدى الصحافيات الفلسطينيات اللامعات من مدينة رام الله وفي معرض إجابتها عن سؤالنا حول الأحداث  لـ"بوابة الهدف": إن من بين أكثر الأسماء بروزاً في الفترة الأخيرة كانت كلاً من الفتاتين شروق دويات، وهديل الهشلمون اللتان تعرضتا لإطلاق النار بدم بارد بقصد القتل من قبل جنود الاحتلال فاستشهدت هديل واعتقلت شروق وهذا إن دل فإنه يدل على أن المرأة الفلسطينية مستهدفة لهويتها ولدورها الوطني.

 فيما أكدت الصحافية أن الناشطة داليا نصار التي أصيبت بجروح خطرة نتيجة تعرضها لنيران جنود الاحتلال في المواجهات التي وقعت قرب مستوطنة "بيت إيل"، قد استقرت حالتها الصحية ، وهي الآن تتماثل للشفاء.

جدير بالذكر أن الناشطة داليا نصار هي ابنة الشهيدة مها نصار القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وإحدى أبرز الأعلام النضالية في الحركة النسائية الفلسطينية.

المرأة الفلسطينية شاركت في المواجهات وبكثافة، وتشارك في العمليات الفردية التي بدأت تبرز في الفترة الأخيرة كوجه من أوجه النضال ضد هذا المحتل الغاصب، حاولت "بوابة الهدف" الوقوف على الأسباب التي تدفع فتاة فلسطينية لتنفيذ عملية فدائية ضد جنود الاحتلال.

صمود كراجة ابنة الـ27 عاماً فتاة فلسطينية أقدمت على تنفيذ عملية فدائية وطعنت جندياً صهيونياً على حاجز قلنديا العسكري شمال القدس ، وكان لـ"بوابة الهدف" معها لقاء.

صمود أكّدت أنها لم تفكر كثيراً، وما كان يدور بخاطرها هي بضع تساؤلات تدور جلّها حول "كيف لهذا الغاصب المحتل أن يمنعني من دخول أرضي؟ ولماذا عليّ أن أقبل هذا الواقع المُذلّ بأننا دوماً بحاجة لإذن من الاحتلال لأيّ فعل أقوم به"، وكانت تُجيب على هذه التساؤلات كلّها بعبارة واحدة وهي "سأوصل رسالتي بالقوة".

"عندما نفذت عملية الطعن شعرت أن سكيني أعظم بكثير من دولة إسرائيل، أقوى من أسلحتهم، صوتي أعلى من صوتهم، فلسطين هي أمي"، هذا ما قاتله كراجة في وصفها للحظة تنفيذ العملية.

وكانت كراجة اعتقلت عام 2009 على حاجز قلنديا العسكري، وحُكم عليها بالسجن 20 عام  بتهمة طعن جندي (إسرائيلي) قضت منهم ما يقارب الـ3 سنوات وتحررت ضمن صفقة وفاء الأحرار لتعود وتتنشق هواء بلادها النقي بعزيمة لا تلين.

لا يمكن أن يكون الحديث عن الدور المحوري للمرأة الفلسطينية دون أن نذكر اسم لطالما لمع في سماء الثورة الفلسطينية، المناضلة التاريخية الملقبة بـ" خاطفة الطائرات" والقيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ليلى خالد، والتي كان لها موقفها من الأحداث الجارية في الضفة الغربية حيث أكدت "أنّه لا رهان على حكومة الاحتلال، فالشعب الفلسطيني اختبر سابقاً أكثر من حكومة إسرائيلية، هم لا يفكّرون سوى بمبدأ أنّهم موجودون بينما الفلسطينيون غير موجودين".

وأضافت خالد" على أنّ "الشعب ملّ من قيادته التي لا تزال سياستها أدنى من إرادته، فما المانع في أن تخرج القيادة وتقول أنها فشلت في مسار التسوية، وتتجه فوراً لإيجاد وطرح سياسة جديدة واستراتيجية وطنية مبنيّة أساساً على المواجهة مع العدو".

هذا هو الوجه المشرق لنضال شعبنا الفلسطيني، هذه هي الصورة المكتملة، فالمرأة ليست جديدة ولا تابعة، بل هي شريك أساسي، في الماضي والحاضر والمستقبل، والأكيد أن المرأة الفلسطينية ستكون في كل محطات النضال رقماً صعب لا يمكن تجاوزه، كما لم يستطِع المحتل تجاوز دلال المغربي، شادية أبو غزالة، تغريد البطمة، ليلى خالد، مريم أبو دقة، نعمة الحلو، فيروز عرفة، مها نصار فهم كانوا أرقاماً صعبة في انطلاقة الثورة الفلسطينية.

كما كانت دماء آيات الأخرس، ووفاء إدريس، وريم الرياشي، وهنادي جرادات، وميرفت مسعود، وأم الاستشهاديات فاطمة النجار، زيتاً ووقوداً أشعل انتفاضة الأقصى.

وفي عتمة السجون، تسطع الأسيرات الفلسطينيات وهجاً وصموداً، منهنّ القيادية في الجبهة الشعبية الأسيرة خالدة جرار، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، والأسيرة لينا الجربوني عميدة الأسيرات الفلسطينيات، والنماذج كثيرة لا يمكن أن يتسع هذا التقرير لذكرها، فنبع العطاء الفلسطيني لا يمكن أن يجف.