دانت شخصيات نسوية مستقلة وممثلات عن أطر يسارية تقدمية، ومؤسسات نسوية وناشطات في حراكات شبابية ونقابية وسياسيات من القوى اليسارية ومن اتحاد لجان المرأة الفلسطينيّة بالضفة الغربية وقطاع غزة الانتهاكات الجسيمة التي تمس حرية التعبير والتنظيم اللتان كفلهما العقد الاجتماعي الفلسطيني الذي يتجسد في وثيقة الاستقلال الفلسطينية، وفي القانون الأساسي الفلسطيني، والاتفاقيات الدولية التي وقعتها السلطة الفلسطينية والتي تحمي هذه الحقوق وترتب التزامات عليها في حالة خرقها.
وقالت الشخصيات والمؤسسات النسويّة خلال اجتماعٍ لها، إنّ "الشارع الفلسطيني شهد تغولًا لأجهزة الامن على الحريات وصلت حد الاعتقال والاغتيال السياسي مما يكرس الانقسام ويفتت وحدة النسيج المجتمعي في ظل غياب المؤسسات الرقابية على الحكومة بعد حل المجلس التشريعي، الأمر الذي صعد من الاحتجاجات السلمية على خلفية اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات وما رافقها من قمع وحشي للمسيرات السلمية للمتظاهرين والمتظاهرات، والتي طالبت بمحاسبة ومسائلة من ارتكب هذه الجريمة البشعة التي أعطت مؤشرًا خطيرًا على تغول الاجهزة الامنية وتردي حالة حقوق الانسان في المجتمع الفلسطيني".
وعبَّرت النقاشات النسوية في الاجتماع عن "الاستنكار الشديد للتعدي على النساء والشابات والصحفيات اللواتي كن يمارسن عملهن ويرتدين الزي الرسمي المعلن عن هويتهن الصحفية"، مُؤكدةً على "خطورة مصادرة الهواتف النقالة للمشاركات بالقوة في المسيرات من قبل أفراد الأمن، ومن ثم استخدام المعلومات والصور الشخصية وتداولها عبر مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يندرج تحت جرائم التشهير والاعتداء وانتهاك الخصوصية وقرصنة المعلومات، ويعرض الفتيات لمخاطر تتمثل في أبعادهن عن الحيز العام وتحديدًا في مجال المشاركة السياسية ولترهيب الناس".
وتابعت: "لقد تتالت الأحداث على الساحة الفلسطينية منذ قرار الذي اتخذته القيادة الفلسطينية بتأجيل اجراء الانتخابات التشريعية الذي كان مزمع عقدها بشهر ايار 2021 تحت ذريعة أن لا انتخابات بدون القدس ، ورفض الشارع الفلسطيني لهذا التأجيل ومع تصاعد الهبة الجماهيرية في القدس للتصدي لاقتحامات المستوطنين وبحماية جنود الاحتلال للمسجد الأقصى والاعتداءات المستمرة على المقدسين/ ات في باب العامود وسياسة التهجير والتطهير العرقي في حي شيخ جراح وسلوان وامتداد الهبة الجماهيرية في أرجاء الوطن دفاعًا عن القدس لتتسع وتضم شعبنا في الشتات وفي أراضي ال48، وتطورت الأوضاع لاحقًا لتشهد تصعيدًا في القمع الاستعماري الصهيوني تمثل بالعدوان الوحشي على قطاع غزة، لقد توحد الشعب الفلسطيني خلال هذه المواجهة على امتداد فلسطين التاريخية والشتات، ليعبر عن حقه في الحرية وتقرير المصير".
ولفتت إلى أنّ "النساء الفلسطينيات شاركن بمختلف فئاتهن العمرية والطبقية وتحديدًا الشابات بهذه الهبه وساهمن في تعميق الزخم الجماهيري النضالي، وبرزت قيادات شابة في الميدان لديها رؤية واضحة حول تداخل النضال التحرري والنضال الحقوقي الديمقراطي، ولا زال شعبنا الفلسطيني يتصدى لقطعان المستوطنين ولإجراءات الاحتلالية الهادفة إلى تهجير شعبنا من أرضه، وشكل نضال نساء ورجال بيتا والشيخ جراح وسلوان، وبيت دجن، والمعصرة وكفر قدوم نموذجًا للمقاومة الشعبية، وليؤكّد الشعب الفلسطيني وعلى مدار قرن من النضال أن بوصلته تتجه نحو الخلاص من الاحتلال والقهر والاستعباد".
وشّددت النقاشات على "أهمية تركيم نجاحات المقاومة بتعزيز حقوق الشعب الفلسطيني في التحرر من كافة أشكال الاضطهاد على قاعدة الوحدة لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا على قاعدة برنامج تحرري يستند إلى الأهداف الوطنية والبناء الديمقراطي لتضم كافة القوى والفعاليات الاجتماعية والشعبية الشبابية والنسوية والنقابية".
ودعا الاجتماع إلى "حوار وطني تشارك به القوى الوطنية والإسلامية والحراكات الشبابية والنسوية والنقابية على قاعدة مخرجات اجتماع الأمناء العاميين في 3-9-2020 لإنجاز الوحدة الوطنية كونها الضمانة الأكيدة لمواصلة نضال الشعب الفلسطيني لإقرار حقه في تقرير المصير والعودة واقامة دولته وعاصمتها القدس. وضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية تحضر لانتخابات المجلس التشريعي وللرئاسة وللمجلس الوطني وأيضّا للحكم المحلي".
وطالب "بإقالة الحكومة الفلسطينية كونها الجهة المسؤولة عن هذه الجريمة البشعة، ومحاسبة كافة المتورطين في ارتكاب الجريمة على صعيد الأجهزة الأمنية التي اقتحمت المنزل المتواجد به الشهيد نزار بنات وضربه حتى الموت ومن أصدر التعليمات والأوامر".
كما طالب الاجتماع "بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة غير حكومية والكشف عن مرتكبي هذه الجريمة البشعة وتحويلهم للقضاء لينالوا عقابهم الرادع"، و"المطالبة بمحاسبة المعتدين على المسيرات الجماهيرية السلمية باستخدام الهراوات والقنابل المسيلة للدموع والاعتداء على الصحفيين والصحفيات، ومُحاسبة كل من تورط بقضايا تحرش واعتداء على الفتيات ونشر صورهن على المجموعات عبر الاعلام الاجتماعي، والتسبب لهم بالأذى النفسي والاجتماعي".
ودعا الاجتماع إلى "الافراج عن كافة المعتقلين السياسيين في قطاع غزة والضفة الغربية ووقف الاعتقال السياسي نهائيًا، ومنع الاجهزة الأمنية من استخدام العنف ضد أي مواطن/ة وضمان التقيد بالقانون وسيادته على قاعدة الفصل بين السلطات"، مُطالبًا "بإصلاح العقيدة الأمنية للأجهزة الأمنية باعتبارها الجهة المسؤولة عن حماية المواطن/ة نحو العقيدة الوطنية بعيدًا عن ارهاصات التنسيق الأمني، عبر لجنة وطنية مدنية سياسية وحقوقية".
كما طالب "بتشكيل حراك نسوي وطني واسع يتبنى رؤية تقدمية مناهضة الاستعمار والعبودية والقهر، لضمان استمرار الفعل النسوي المدافع عن الحق في الحرية والتحرر وصون الحريات العامة والخاصة"، فيما أهابت المشاركات "بتنظيم فتح من النساء والرجال، والذي يشكل مفصلاً أساسيًا في النضال التحرري، لرفض استخدام التنظيم من قبل قادة الأجهزة الأمنية كعصا لضرب الحراكات السلمية. وحذرن من مغبة وضعه في تعارض مع مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه المدنية والسياسية وفي طليعتها حق التعبير وحق التظاهر السلمي".