أعلنت اللجنة المستقلة لمتابعة قضية تبادل لقاحات "فايزر" مع الاحتلال الصهيوني، أنّها سلّمت اليوم 6 تموز "تقريرها النهائي اليوم إلى رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، وجاء في كتاب تسليم التقرير بأنّ اللجنة قد أتمت عملها، واستمعت إلى جميع من لهم علاقة بالموضوع واطلعت على الوثائق والأوراق ذات العلاقة، وكونت قناعتها بناء على ما توفّر لها من معلومات ووثائق".
وعرض التقرير الذي يقع في 30 صفحة إضافة إلى 7 ملاحق، كيف بدأت فكرة التبادل وصولاً إلى توقيع الاتفاقيات مع شركة "فايزر" ومع الصحة التابعة للاحتلال واستلام أول شحنة من الجرعات بتاريخ 18/6/2021، ومن ثم ارجاعها بتاريخ 21/6/2021، كما يتعرّض لدراسة وتحليل نصوص الاتفاقيات الموقعة، ويقدم عددًا من الاستنتاجات حول موضوع التبادل.
الاستنتاجات التي توصلت اليها اللجنة:
1. مسؤوليّة سلطة الاحتلال
- ترى اللجنة أنه كان يفترض أن يتم تحميل "إسرائيل" بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال مسؤولية توفير لقاح مضاد لفيروس كورونا للمواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكن "اسرائيل" تجاهلت مسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه المواطنين الفلسطينيين، ومارست الأبارتهايد الصحي ضدهم.
2. إدارة ملف التبادل
- ترى اللجنة أن فكرة التبادل عندما طرحت في شهر نيسان وبداية أيار 2021، كانت فلسطين بحاجة الى تسريع عملية توريد اللقاحات نظرًا لعدم التيقن من إمكانية شركة فايزر من توفير لقاحات في شهري تموز وأب 2021، وقد كان المستوى السياسي على علم بموضوع التبادل، وكذلك دخلت أطراف دولية على الخط لتشجيع الفكرة لما اعتبرته بادرة لإعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين".
- · تركت جميع التفاصيل الفنية والإدارية والقانونية لوزارة الصحة تديرها بشكل منفرد، وهذا يشكل خللاً جوهريًا في إدارة ملف من هذا الحجم والحساسية والتعقيد من الناحية الفنية والسياسية والقانونية وكان يفترض في الجهات السياسية خاصة مجلس الوزراء وهيئة الشؤون المدنية استمرار متابعة الموضوع وعمل المراجعات اللازمة لمسودات الاتفاقيات (خاصة الاتفاقية مع الصحة الإسرائيلية) وتدقيقها من الناحية القانونية والسياسية، وهو ما لم يحصل.
- ماطل الجانب "الإسرائيلي" في المفاوضات ولم يبد أي حساسية او اهتمام لاحتياجات الفلسطينيين الصحية، وتجاهل خطورة الحالة الوبائية في الضفة الغربية وقطاع غزة في شهري نيسان وأيار 2021، لم يعط موافقته النهائية على التبادل إلا في منتصف شهر حزيران عندما أصبح هو بحاجة إلى التخلص من اللقاحات التي شارف تاريخ صلاحيتها على الانتهاء.
3. الحاجة للقاحات وتوقيع اتفاقية التبادل
- ترى اللجنة، انه لم يكن هناك أي مبرر او حاجة، سواء من حيث الحالة الوبائية في فلسطين او من حيث توفر عدد كاف من الجرعات في مخازن وزارة الصحة، لتوقيع الاتفاقية مع الجانب "الإسرائيلي" بالشكل المستعجل الذي تم به أو قبول جرعات تنتهي صلاحيتها خلال اقل من أسبوعين (شهر حزيران).
- كما ترى اللجنة ان التوقيع على اتفاقيات التبادل، خاصة اتفاقية الصحة الفلسطينية مع الصحة "الإسرائيلية"، اتسم بالاستعجال وعدم الأخذ بعدد كبير من الملاحظات الفنية الجوهرية التي قدمها مدير عام الصحة العامة وأوصى بعدم التوقيع عليها بشكلها الحالي. وترى اللجنة أنّ الاتفاقية تضمنت شروطًا مجحفة بحق الفلسطينيين وغير متكافئة وتعفي الجانب "الإسرائيلي" من المسؤولية عن الجرعات، ولا تتضمن ادراج ملاحق توضح جدول التوريد، وتتضمن إشكاليات قانونية وسياسية أخرى أشار اليها التقرير.
- · في المقابل، تم إدخال تعديلات على مسودة الاتفاقية بناء على طلب وزارة الصحة في مسألتين: الأولى إن الصحة الفلسطينية مسؤولة عن توزيع اللقاح في "الإقليم" أي في الضفة الغربية وقطاع غزة دون أي تدخل من الجانب "الإسرائيلي"، في حين أن الجانب "الإسرائيلي" كان يصر على استثناء قطاع غزة من الاتفاقية. والثانية، أن الاتفاقية مع الجانب "الإسرائيلي" لا تلزم الوزارة بكامل الكمية المنصوص عليها، وانما اعتبرت العدد هو الحد الأقصى الذي يمكن تبادله.
4. تنفيذ عملية التبادل
- كذلك ترى اللجنة أن عملية تسليم اللقاح من الجانب "الإسرائيلي" يوم 18 حزيران 2021، لم تراع البروتوكولات الفنية والدوائية المتعارف عليها، والمتبعة لدى وزارة الصحة الفلسطينية أو "الإسرائيلية"، وأيضًا خالفت بشكل جوهري أحكام الاتفاقية الموقعة بين الصحة الفلسطينية والصحة "الإسرائيلية"، واتفاقيات الصحة الفلسطينية مع شركة فايزر، وكان فيها استهتار وعدم شفافية من الجانب "الإسرائيلي" في التعامل مع موضوع نقل اللقاحات.
- كما ترى أن عملية الاستلام من قبل الصحة الفلسطينية لم تكن حسب البروتكولات الفنية المعمول بها في استلام المواد الطبية الحساسة. حيث تم تكليف شخص بالاستلام وهو غير مختص وليست لديه الخبرة أو التأهيل اللازم، ولم يتم طلب التوثيقات الضرورية التي تضمن سلامة وأمان الجرعات. وبسبب غياب مسجل البيانات (data logger) لدى تسليم اللقاحات، أو على الأقل وجود أي توثيق اخر بديل يوضح تاريخ اخراج الجرعات من الثلاجات عالية التبريد، وسلسلة التبريد التي مرت بها من لحظة استلامها من قبل الصحة "الإسرائيلية" من شركة فايزر إلى أن وصلت إلى الجانب الفلسطيني، فإن اللجنة ترى أن هذه الطريقة تخالف بشكل جوهري معايير التوزيع الجيد (Good Distribution Practices) والمنصوص عليها في جميع الاتفاقيات المتعلقة بلقاح فايزر بما في ذلك اتفاقيات التبادل. وبالتالي فإن اللجنة لا تستطيع تأكيد مأمونية الجرعات المستلمة، وتحذر من استعمالها. وتعتبر اللجنة أن استلام الجرعات بالشكل والطريقة التي تمت بها يشكل مخالفة وتقصير جسيمين من قبل المسؤول عن متابعة الموضوع.
- تؤكد اللجنة للمواطنين أن جميع الجرعات التي استلمت من الجانب الإسرائيلي بتاريخ 18/6/2021 تم ارجاعها كاملة بتاريخ 21/6/2021 ولم يتم استخدامها في الأرض الفلسطينية.
6. الإدارة الإعلامية
كما ترى اللجنة أن الإدارة الإعلامية لموضوع نقل اللقاحات اعتراها العديد من الإشكاليات والتناقضات، حيث لم يتم اعلام المواطنين الفلسطينيين عن اتفاق التبادل بشكل مسبق، وكانت الردود الرسمية مرتبكة وقدمت معلومات غير دقيقة ومتضاربة بعد صدور بيان رسمي "إسرائيلي" (ترى اللجنة أنّ البيان الاسرائيلي يهين الشعور الوطني الفلسطيني)، الامر الذي أثّر سلبًا على ثقة المواطنين ليس فقط بموضوع التبادل، وانما باللقاحات وعملية التطعيم بشكلٍ عام.
7. الجانب المالي:
- لم تتضمن اتفاقيات التبادل (سواء بين الصحة الفلسطينية وشركة فايزر، أو بين الصحة الفلسطينية والصحة الإسرائيلية) أيّة تعاملات مالية مباشرة بين حكومة فلسطين والطرف" الإسرائيلي".
- بناءً على ما ورد في مذكرة الاتفاق مع شركة فايزر بتاريخ 16/7/2021 وأيضًا في الاتفاق بين وزارة الصحة الفلسطينية و"الإسرائيلية"، لن تكون هناك تبعات مالية على الخزينة الفلسطينية نتيجة عدم استكمال عملية التبادل لباقي الجرعات.
- بالنسبة للجرعات التي تم استلامها ومن ثم ارجاعها، ترى اللجنة أنّه بسبب مخالفة الجانب "الإسرائيلي" لشروط الاتفاقية يجب التأكد من عدم قيام شركة فايزر بتوريد أية جرعات من حصة فلسطين إلى الصحة "الاسرائيلية" مقابل الجرعات التي تم استلامها ومن ثم ارجاعها (وعددها 93,600 جرعة). وهذا بحاجة الى متابعة قانونية من قبل الحكومة الفلسطينية.
- كما تؤكّد اللجنة أنه لن يكون هناك فجوة في توريد التطعيمات حيث أنّ شركة فايزر باشرت بتوريد الدفعة الثانية من الجرعات منذ بداية شهر تموز الجاري، وبالتالي لن يكون هناك خطر على الصحة العامة بسبب نقص اللقاحات.
8. التوصية بعدم استكمال التبادل:
- وبناءً على جميع ما ذكر، تؤكّد اللجنة على توصيتها التي رفعتها إلى رئيس مجلس الوزراء بموجب كتاب خطي بتاريخ 30 حزيران 2021 (ملحق رقم 6) بضرورة عدم استكمال عملية التبادل وعدم استلام أيّة لقاحات إضافية من الجانب "الإسرائيلي" لاعتبارات فنية تتعلق بالصحة العامة، إضافة إلى اعتبارات سياسية وقانونية تم توضيحها في التقرير.
9. اتفاقية فايزر الأصلية:
- تود اللجنة التأكيد أنّ اتفاقية التوريد الأصلية مع شركة "فايزر" في 4/5/2021 تمت حسب الأصول القانونية السليمة، وجرت مراجعتها من الدائرة القانونية، وصدر قرار بشأنها من مجلس الوزراء، وأن هذه الاتفاقية حصلت على سعر مميز للجرعات الامر الذي وفر على الخزينة العامة ملايين الدولارات.
10. المساءلة والمحاسبة واستخلاص العبر:
- أشار التقرير إلى العديد من المخالفات والتقصير وضعف المتابعة والتنسيق من قبل مستويات عدة سياسية وادارية، وعليه توصي بضرورة أن تكون هناك مساءلة ومحاسبة لجميع من قصّر أو أهمل أو لم يقم بما تتطلبه مهامه الوظيفيّة، وأن يتم استخلاص العبر من أجل تلافي الأخطاء التي حصلت والتي أشار اليها التقرير.
- تؤكّد اللجنة أن هذا التقرير ليس بديلاً عن أي تحقيقات جنائية أو قضائية أو أي تحقيقات إدارية داخلية قد تقوم بها الجهات الرسمية المختصة.
رابط التقرير كاملاً: https://ichrps-my.sharepoint.com/:b:/g/personal/mshamasneh_ichr_ps/EWOrQ6n4A8BJpTi6c_kFTr0B6HyF49-gDJYC3HLlDHfWzg?e=cvgcQF