Menu

إسحاق هيرتسوغ

رئيس جديد "لإسرائيل" عنصري متطرف يكره الفلسطينيين والعرب

بوابة الهدف - خاص بالهدف

أدى إسحاق هيرتسوغ اليوم، أمام الكنيست، اليمين القانوني لتسلم مهام وظيفته كرئيس للكيان الصهيوني خلافا لرؤوبين ريفلين الذي انتهت مدة ولايته التي استمرت سبع سنوات، فمن هو حقا هيرتسوغ هذا، أحد أمراء اليسار، الوجه الماكر للصهيونية العمالية، وزعيمها الفاشل؟

ينتمي إسحاق هيرتسوغ إلى تراث وعائلة استعمارية صهيونية متشبعة بالعنصرية والعداء للعرب، ينعكس هذا في سيرة أفرادها والوظائف التي تقلدوها في الكيان.

فقد قرر والده حاييم هيرتسوغ الاستيطان في فلسطين عام 1935 منضما إلى المليشيا الصهيونية التي ساعدت الحتلال البريطاني في قمع الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939، وفي عام 1967 بعد احتلال ما تبقى من فلسطين إضافة إلى سيناء والجولان، تم تعيين حاييم هرتسوغ كأول حاكم عسكري للضفة الغربية.

تم تعيينه لاحقا رئيسًا للمخابرات العسكرية برتبة جنرال، وهي نفس وكالة التجسس التي انضم إليها ابنه في النهاية كضابط في فرع الإشارات التابع لها، الوحدة 8200. طوال الثمانينيات وأوائل التسعينيات، ثم شغل حاييم هرتسوغ منصب الرئيس السادس للكيان الصهيوني.

ولد إسحاق هيرتسوغ في مدينة تل أبيب، في 22 سبتمبر/أيلول 1960، لأب مولود بإيرلندا وأم مولودة في مصر، وتعود جذورهما إلى أوروبا الشرقية، بولندا وليتوانيا وروسيا، وينتمي هيرتسوغ إلى عائلة سياسية بامتياز، فبعيدا والده فإن عمه، أبا إيبان، كان وزير خارجية الكيان في ستينيات القرن الماضي، وخاله يعقوب هرتزوغ، شغل منصب المدير العام لمكتب رئيس الحكومة، كما عمل دبلوماسيا، فيما يعود اسم إسحاق هرتزوغ إلى جده، إسحاق إيزيك هليفي، وهو أول حاخام رئيسي للكيان الصهيوني.

ويشار إلى أن هرتزوغ يُلقب بـ"بوغي"، وهو اسم "تدليلي"، على غرار "بيبي" رئيس الوزراء السابق ، بنيامين نتنياهو، ويستخدمه اليمين الإسرائيلي في محاوله للإيحاء بأنه مدلل لا يقوى على تحمل المسؤوليات المترتبة على توليه منصب رئيس الحكومة، خاصة حينما نافس هرتزوغ، نتنياهو، في انتخابات الكنيست للعام 2015، لاختيار رئيس وزراء.

سلاح الاستخبارات

حصل هرتزوغ الابن على شهادة الثانوية والتعليم الأكاديمي في جامعتي كورنيل ونيويورك الأمريكيتين، ومع عودته إلى الكيان في نهاية عام 1978، تجند في الجيش، وخدم كضابط في "وحدة 8200" سيئة السمعة، الاسخبارية، التابعة لسلاح الاستخبارات.

بدأ حياته السياسية بانضمامه إلى حزب العمل في عام 1985، خلال دراسته القانون في جامعة تل أبيب، ومنذ عام 1987، بدأ عمله في المحاماة، لكنه دخل المعترك السياسي مبكرا، حينما تولى منصب وزير المجلس الاقتصادي والاجتماعي لمدة عامين، من قبل وزير وزير المالية شمعون بيريس في حينه وذلك في عام 1988.

وبعد انتخاب إيهود باراك رئيسا للوزراء في عام 1999، شغل هرتزوغ منصب سكرتير الحكومة، وشغل هذا المنصب حتى انتخابات رئاسة الوزراء في 2001، حين خسر باراك المنافسة على يد أريئيل شارون، واستقال من منصبه كرئيس للحزب.

وعاد للحزب نفسه مرة أخرى، ليصبح من أشد المعارضين لنتنياهو في الكنيست، ومع بدء الاستعداد للانتخابات المبكرة لرئاسة الوزراء في عام 2015، تحالف هرتزوغ مع وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، في قائمة واحدة، أطلق عليها اسم "المعسكر الصهيوني"، واتفقا في حال الفوز بتشكيل الحكومة، على تناوب رئاستها، لكن نتنياهو تغلب عليهما. وآخر منصب تولاه هرتزوغ، الابن، هو رئاسة الوكالة اليهودية من العام 2018.

صحيح أن منصب الرئيس في الكيان الصهيوني هو منصب منراسمي إلى حد بعيد خال من الصلاحيات تقريبا، إلا أنه يكتسب أهميته من المكانة التي يحظى بها الرئيس كموضع إجماع حزبي، وميزان التوازن "للأمة"، وأيضا إن القيم التي يحملها هذا الرئيس تمثل تقاطعات الإجماع الصهيوني برمته، وبالتالي، يتساءل شخص ما محقا ما الذي يجمع بين إسحاق هيرتسوغ ونفتالي بينت، سيفاجأ أن ما يجمع بينهما هو أكثر بكثير مما يفرق، وهو أقرب لما يجمع بين جابوتنسكي وبن غوريون مثلا.

فالملف العنيف والعنصير الذي يحمله هيرتسوغ ضد الشعب الفلسطيني، أكثر بكثير من ذلك الخاص ببينيت، وهيرتسوغ الذي دعم جميع حروب الكيان ضد الفلسطينيين والعرب، هو عنصري متطرف كاره للعرب والفلسطينيين، وضابط سابق فخور بخدمته الإجرامية، فيوكالة تجسس سيئة السمعة وسبق له أن أدلى بتصريحات صادمة حتى لأعضاء حزبه العمالي متحدثا عن اعتراضه الجذري على زواج اليهود من غير اليهود. وقد رحب نفتالي بينت رئيس الحكومة بشدة بمن يوصف بأنه خصم أيدلوجي كرئيس للكيان واصفا إياه بأنه "الصهيوني بقلب كبير."

المزايدة على اليمين

وكان هيرتسوغ قد طرح نظريته للانفصال عن الفلسطينيين التي كات زال يتمسك بها من خلال استكمال بناء جدار الفصل العنصري، وفصل "إسرائيل" والكتل الاستيطانية الكبرى عن البلدات الفلسطينية في القدس .

وهرتسوغ أول من دعا إلى إغلاق الأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة عام 2015 وما اعتبره "مَواطن الاحتكاك" بين اليهود والفلسطينيين في المدينة، وهو أمر رفضته حتى بعض نخب المين بل إن هيرتسوغ حث في تغريدات على تويتر على إغلاق الحرم القدسي الشريف، ومنع المسلمين من الوصول إليه.

وعلى غرار ما حدث مؤخرا، فإن تجنيد قوات الاحتياط لتمكين الشرطة وحرس الحدود من القضاء على الانتفاضة ليس اختراعا يمينيا بل هو ما دعا إليه هيرتسوغ أولا عام 2015 للقضاء على الهبة الفلسطينية، مطالبا بـ"حرب لا هوادة فيها" ضد ما وصفه بالتحريض الفلسطيني.

وزادت مزايدات هرتسوغ على قادة اليمين إلى حد قوله إنه من أجل منع اندلاع انتفاضة ثالثة فإنه سيكون "أكثر تطرفاً" من نتنياهو. وتساءل الكاتب جدعون ليفي: "نتنياهو مسؤول عن قتل أكثر من ألفي فلسطيني في غزة، فهل هذا يعني أن هرتسوغ مستعد لقتل عشرات الآلاف من أجل منع اندلاع الانتفاضة؟".

احتقار الفلسطينيين والعرب

سيرة هيرتسوغ مليئة بالأفعال المباشرة والرمزية المعادية للفلسطينيين والتي تكشف كراهيته لهم واحتقاره أيضا، فخلال حملته الفاشلة في عام 2015 لمنصب رئيس الوزراء، نشرت قائمته الانتخابية إعلانًا يتم فيه تجريد الفلسطينيين والعرب من إنسانيتهم ​​وتصويرهم على أنهم أهداف مشروعة للقتل. الإعلان تباهى بهيرتسوغ كواحد من قدامى المحاربين في الوحدة 8200، الخاصة بالمراقبة الجماعية والابتزاز والعنف الذي يستهدف جميع السكان الفلسطينيين.

وما زال الفيديو العنصري المذكور متاحا على الإنترنت. وقد تضمن برنامج دعايته الانتخابية عام 2015 سلسلة من المقابلات القصيرة مع زملاء سابقين في الوحدة 8200 ، حيث أشادوا به وقال أحدهم ملخصا شخصيته: "إنه يفهم العقلية العربية" و " رأى العرب في ظروف مختلفة، رآهم من خلال بندقية، ورآهم من خلف بندقية ". وأثناء الحديث اقتطع الإعلان من لقطات المتظاهرين العرب السلميين، يظهر منظار البندقية فوق رجل مسلم يظهر في وسط الحشد، مما يشير إلى أنه هدف صالح للقتل. واللقطات التي استخدها هيرتسوغ أو فريقه بموافقته لاتظهر أشخاصا فلسطينيي، بل متظاهرين من مصر في مرمى البندقية. ما يعيدنا إلى استخدام رئيس الوزراء الجديد بينيت لصورة من باكستان في مقطع فيديو يبرر قتل الجيش الصهيوني للمدنيين في غزة.

حسب تحليل الصحفي أسا وينستانلي، تعكس الصور والادعاءات حول "العقلية العربية" في إعلان هرتسوغ تفكيرًا عنصريًا واستعماريًا كلاسيكيًا - كما لو أن مئات الملايين من العرب يمكن اختزالهم في صورة نمطية يمكن فك شفرتها من قبل خبير مفترض مثل هرتسوغ.

في عام 2014 ، كشف المزيد من تفاصيل عمل الوحدة 8200، منها أن المتجسسين الصهاينة يضعون علامة أكس على سماعة الأذن في كل مرة يقدمون فيها معلومات تؤدي لقتل فلسطيني، في ممارسة عرفت باسم (الدم على سماعات الرأس) والسؤال الذي يطرح نفسه هو كم مرة رسم الرئيس الجديد إشارة أكس على سماعاته.

ليس هيرتسوغ عنصريا فقط، بل إنه دائما يلقي اللوم في فشل مسيرته السياسية على كونه لم يكن عنصريا بما يكفي، فبعد أن خسر انتخابات 2015، أمام بنيامين نتنياهو ، كانت النتيجة التي توصل إليها زعيم حزب العمل هي أن حزبه لم يكن عنصريًا أو عنيفًا بما فيه الكفاية . وفي العام التالي قال في احتفال بعيد الفصح مع أعضاء من حزب "العمل"، في النقب، إنّه "ينبغي العمل من أجل تغيير الأوضاع من دون أن نبث إحساساً بأننا نحب العرب". وحاول هرتسوغ تفسير سبب شعبية حزب يئير لبيد، وتحول أصوات يهودية لصالح حزب لبيد بدلا من "المعسكر الصهيوني"، بأن لبيد بات يكرس نفسه في الوعي الإسرائيلي بصفته حزبا يمينيا.

معارضة الزواج المختلط

لا تقتصر كراهية هرتسوغ المتعصبة على الفلسطينيين وغيرهم من العرب، ففي عام 2018 ، بعد فترة وجيزة من استبداله كزعيم لحزب العمل وتعيينه رئيسًا للوكالة اليهودية الإسرائيلية ، صرح هرتسوغ بالعبرية على التلفزيون الوطني أن هناك "طاعونًا فعليًا" للشعب اليهودي في الولايات المتحدة "متزوجين أو مرتبطين بغير شركاء يهود "وأن هذا الوضع يحتاج إلى" حملة قتال".

ورد الصحفي ديفيد شين ، الذي كشف لأول مرة تعليقات هرتسوغ باللغة الإنجليزية، أن هذا كان دليلاً آخر يوضح كيف أن أحزاب إسرائيل "الوسطية" المزعومة عنصرية مثل أحزاب اليمين المتطرف فيها.

وعلق الصحفي يوسي جورفيتز على أن هرتسوغ كان ينشر "نفس الرسالة بالضبط" مثل اليمين المتطرف اليهودي، لكنه يفعل ذلك بأسلوب عرض مختلف، "بطريقة أكثر هدوءًا". و كان رد هرتسوغ الأولي على كشف ديفيد شين لخطابه البغيض هو الادعاء بأن التقرير الأولي في صحيفة عبرية كان "اقتباسًا خاطئًا".

لكن سرعان ما ظهرت لقطات من المقطع التلفزيوني الفعلي، والتي أظهرت أن التقرير الأولي نقل عنه بشكل صحيح، و دافع هرتسوغ لاحقًا عن تعليقاته باللغة الإنجليزية إلى The Forward ، وهي مطبوعة يهودية أمريكية، وذكر بشكل ملطف أن "الخطاب حول العلاقات بين الأديان مختلف في إسرائيل".