Menu

"عدالة" يصدر دراسة حول الحالة التشريعية بالضفة وغزة في ظل الانقسام

الضفة المحتلة_بوابة الهدف

أصدر الائتلاف الفلسطيني للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية (عدالة) دراسة حديثة بعنوان "الحالة التشريعية في الضفة الغربية وقطاع غزة في ظل الانقسام".

وركزت الدراسة، على  معاناة الحالة التشريعية في الضفة الغربية وقطاع غزة من ازدواجية عميقة تعود بالأساس إلى التركة التشريعية الموروثة المربكة والمعقدة بفعل الأنظمة التي تعاقبت على حكم فلسطين؛ من تشريعات عثمانية وانتدابية وأردنية وأوامر عسكرية "إسرائيلية" بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 ومن ثم تشريعات فلسطينية موحدة صدرت في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو ونشوء السلطة الفلسطينية وتوليها زمام التشريع المحكوم بسقف الاتفاقية، وتشريعات منظمة التحرير الفلسطينية التي طبقتها السلطة الفلسطينية بعد دخولها إلى الأرض الفلسطينية المحتلة فيما بقيت العلاقة بين المنظمة والسلطة غامضة في المهام والصلاحيات وحدودها، ما أدى للمزيد من التشويه في التشريع وتآكل الرقابة على الأداء.

وبحسب الدراسة "وصل عدد القرارات بقوانين التي صدرت في الضفة الغربية خلال سنوات الانقسام الداخلي المستمر إلى ما يُقارب (300) قرار بقانون؛ أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف عدد القوانين التي أصدرها المجلس التشريعي الفلسطيني الأول خلال ولايته التي استمرت عشر سنوات (87 قانون) ما يعني أن عدد القرارات بقوانين التي أصدرها الرئيس حتى الآن قياساً على عدد القوانين التي أصدرها المجلس التسريعي تزيد على ثلاثين سنة تشريع" وفي المقابل فإن عدد القوانين التي أصدرها المجلس التشريعي الذي يعمل في غزة فقط من خلال نظام التوكيلات تُقارب (80) قانوناً حتى الآن خلال مرحلة الانقسام أي ما يعادل عشر سنوات تشريع قياساً على التشريعات الدستورية التي أصدرها المجلس التشريعي بهيئته العامة على مدار ولايته خلال عشر سنوات. وبالنتيجة، وبالقياس على أعمال المجلس التشريعي بالهيئة العامة، نحن أمام 40 سنة تشريع صدرت في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال مرحلة الانقسام الممتدة منذ منتصف 2007 حتى الآن وما زالت مستمرة مع إلغاء انتخابات 2020".

واستعرضت الدراسة القرارات بقوانين في ميزان الدستور، إذ أصدر الرئيس محمود عباس في  سيلا من القرارات بقوانين منذ الانقسام منتصف العام 2007، وغياب ومن ثم حل المجلس التشريعي، وغياب الانتخابات الرئاسية والتشريعية، مستندا بذلك إلى المادة (43) من القانون الأساسي، يقابل ذلك تنافي ما صدر من القرارات بقوانين مع ثلاثة شروط دستورية، ينبغي تحققها لصحة صدور القرارات بقوانين من الناحية الدستورية؛ الأول يتمثل في صدورها في "غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي" والثاني وجود "ضرورة لا تحتمل التأخير" تبرر صدورها والثالث وجوب عرضها على المجلس التشريعي في "أول جلسة يعقدها" بعد صدورها.

وعرّجت الدراسة في فصلها الثالث على قوانين قطاع غزة في ميزان الدستور؛ حيث لم يتطرق القانون الأساسي المعدل والنظام الداخلي للمجلس التشريعي فكرة التوكيلات عن النواب والتي تتعارض مع التفويض الشعبي، وبالتالي فإن التوكيلات غير دستورية وغير قانونية على قاعدة: "لا تفويض (أو إنابة) في الاختصاصات الدستورية إلا بناء على نص دستوري يُجيز ذلك" ومن بعدها وأوضّحت الدراسة من خلال استعراض نماذج من القرارات بقوانين في الضفة الغربية كقرار بقانون رقم (12) لسنة 2021 بشأن الموازنة العامة للسنة المالية 2021، و قرار بقانون ديوان الرئاسة الفلسطينية رقم (5) لسنة 2020 ، قرار بقانون رقم (7) لسنة 2020 بشأن حالة الطوارئ، قرار بقانون رقم (9) لسنة 2020 بشأن المصادقة على حالة الطوارئ، قرار بقانون رقم (40) لسنة 2020 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية، قانون رقم (41) لسنة 2020 بشأن المحاكم الإدارية، قانون رقم (39) لسنة 2020 بشأن تشكيل المحاكم النظامية، قرار بقانون رقم (8) لسنة 2021 بشأن القضاء الشرعي، وقرار بقانون رقم (10) لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية وتعديلاته، وقرار بقانون رقم (7) لسنة 2021 بتعديل قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية ووقف نفاذه، وقرار بقانون رقم (9) لسنة 2021 بشأن تأجيل انتخابات النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية ووقف نفاذه، وقرارات بقوانين بشأن المصادقة على تعيين محافظي سلطة النقد، وقرارات بقوانين بشأن تعيين رؤساء ديوان الرقابة المالية والإدارية، وقرار بقانون رقم (13) لسنة 2019 بشأن المصادقة على الاقتراض، وقرار بقوانين بشأن إعفاء المواطنين في غزة من الضرائب والرسوم وإلغاؤه، وقرار بقانون رقم (11) لسنة 2017 بشأن تنظيم ممارسة حق الإضراب في الوظيفة العمومية، وأخيرا قرارات بقوانين برفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء في المجلس التشريعي؛ حيث تم استعراض سمات القرارات وظروف إصدارها ومدى قانونيتها أو مخالفتها للقوانين. وبنفس الإطار تم التطرق لعدد من القرارات بقانون التي صدرت في قطاع غزة، من ضمنها قوانين الموازنة العامة السنوية في غزة وقانون اللجنة الإدارية الحكومية رقم (3) لسنة 2017 المعدل للقانون رقم (4) لسنة 2016 وقانون حق العودة واللاجئين رقم (1) لسنة 2008، وقانون التعليم رقم (1) لسنة 2013، وقانون النقابات رقم (2) لسنة 2013، وقانون الصلح الجزائي رقم (1) لسنة 2017، وقانون رقم (5) لسنة 2008 بشأن تعديل قانون الانتخابات العامة رقم (9) لسنة 2005، وقانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (7) لسنة 2013، وأخيرا قانون رقم (3) لسنة 2009 معدل لقانون العقوبات رقم (74) لسنة 1936.

وقدّمت الدراسة مجموعة من التوصيات أكّدت في مجملها على ضرورة بذل جهد وطني مكثف وضمن منهجية تشريعية واضحة للقيام بمهمة توحيد التشريعات الفلسطينية التي تعرضت للتهشيم وبخاصة في ظل الانقسام، بالتزامن مع الضغط المستمر لإجراء الانتخابات العامة، واستعادة المجلس التشريعي دوره الدستوري الأصيل في التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية وتوحيد التشريعات، بما يساعد المجلس التشريعي القادم في التعامل معها وإلا فإنها ستستغرق زمناً طويلاً (سنوات) لإمكانية معالجة التشريعات التي صدرت خلال الانقسام فقط بمعزل عن مهام المجلس التشريعي في التشريع عموماً وعملية توحيد التشريعات المتوارثة من خلال تشريعات فلسطينية ومواءمتها مع الاتفاقيات والمعايير الدولية.

ومن جهة أخرى، يتوجب العمل دون إبطاء على اعتماد منهجية واضحة في التعامل مع القرارات بقوانين التي صدرت في الضفة والقوانين التي صدرت في غزة خلال الانقسام، كل على حدة، بالتزامن، والتعامل معهم على شكل رُزم تشريعية مُصنفة تصنيفاً قائماً على الحقوق ومنسجماً مع الاتفاقيات الدولية؛ أي رزمة تشريعية تضم الحقوق المدنية والسياسية ورزمة تشريعية تضم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتسهيل عملية المواءمة، ضمن معالجات تشريعية داخل كل رزمة تنتهي بــ (الإقرار أو التعديل أو الإلغاء) لتسهيل التعامل معها على مستوى اللجان البرلمانية والمجلس التشريعي بالهيئة العامة وإصدار القرارات بشأنها، ووفق معيار موحد مستند للقانون الأساسي والمواثيق الدولية. بحيث تكون الأولوية في المعالجات التشريعية للتشريعات التي صدرت خلال الطوارئ، بذات المنهجية، احتراماً للقانون الأساسي الذي ينص في المادة (110) على وجوب "مراجعة" الإجراءات والتدابير التي اتخذت خلال الطوارئ في أول جلسة يعقدها المجلس عقب الطوارئ في حين تنص المادة (43) على "عرض" القرارات بقوانين على أول جلسة يعقدها المجلس بعد صدورها، وبذلك فإن المشرّع الدستوري يؤكد على وجوب مراجعة تشريعات الطوارئ بالأولوية.

وعلى صعيد آخر؛ ينبغي على مؤسسات المجتمع المدني الكف عن الدخول في مناقشة تفاصيل القرارات بقوانين، والقوانين التي تصدر عن المجلس التشريعي في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي يتم إصدارها دون مشاركة مجتمعية أساساً، لأن الدخول في مناقشة التفاصيل، يعني أن الخلاف هو على التفصيل ولن تستطيع المؤسسات مجاراتها، وليس على المبدأ، فمجرد صدور القرارات بقوانين في ظل انتهاء الولاية الدستورية للرئيس والانتهاك الفج لشروطها الدستورية، وصدور القوانين في غزة في ظل انتهاء الولاية الدستورية وانتهاك نظام التوكيل لأحكام الدستور، يعني القبول بالنقاش على قاعدة انتهاك الدستور، وهذه خطيئة، ينبغي التراجع عنها، لأنها تعني المشاركة في العدوان على الدستور. يجب أن تنصب الجهود وتتوحد باتجاه الوقف الكلي لإصدار تشريعات الانقسام وعدوانها على الدستور، ووقف الطوارئ، والذهاب إلى الانتخابات.