Menu

الهزيمةُ.. بتوقيت "بايدن"

هاني حبيب

نشر هذا المقال في العدد 29 من مجلة الهدف الرقمية

نشر البيتُ الأبيضُ صورةً لاجتماعِ الرئيس بايدن، عبرَ الفيديو، مع كبار مستشاري الأمن القومي لمناقشة الوضع المتدهور في أفغانستان، وأظهرتْ صورةُ غرفةِ العمليّاتِ الخاصّة بالرئيس الأمريكي لوحةَ الساعات التي تشير إلى توقيتات الدول المختلفة، وتبيّن أنّ هناك توقيتاتٍ خاطئةً بين لندن وموسكو 3 ساعات، بينما الفرق ساعتان فقط؛ بعدما أقدمت بريطانيا على تقديم ساعتها ساعةً واحدةً في مارس/آذار الماضي؛ الأمر الذي أدّى إلى انتشار موجةٍ من السخرية حينًا، ومحاولة التبرير حينًا آخر. المهمّ في هذا السياق؛ أنّ توقيتات إدارة بايدن وخططها تفتقد إلى الدقّة والتخطيط السليمينِ المتوقّعينِ من إدارةٍ تضع تحت تصرّفها نتائجَ وأبحاثِ مراكز الدراسات، إضافةً إلى أجهزة المخابرات.

"ساعة" الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، كانت متأخّرةً أو متقدّمة، لكنّها في كل الأحوال لم تكن دقيقةً، فقد كان الاتفاق الذي توصّلت إليه إدارةُ ترامب السابقة مع حركة طالبان؛ يقضي بانسحابٍ كاملٍ للقوّات الأجنبيّة بحلول أيّار/مايو 2021، إلّا أنّ بايدن حدّد موعدًا جديدًا في 11 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، قبل أن يعيد تقديمه إلى آب/ أغسطس، وقد تبيّن أنّ التوقيت الأخير لم يكن كافيًا؛ لكي يتم الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بشكلٍ منظّم؛ الأمر الذي أدّى إلى تلك المشاهد الكارثيّة التي نقلتها وسائلُ الإعلام في مطار كابول، وما تزال الكارثةُ مستمرّةً، وليس هناك أفق لتلافيها.

وبلغة التوقيت والساعات والزمن، فقد تأكدت الإدارات الأمريكيّة المتعاقبة بعد عشرين عامًا من احتلال أفغانستان، أنّ حربها هناك لم تكن ضروريّة؛ وإذا كان الهدفُ، كما أشار إليه بايدن في تبريره للانسحاب، القضاءَ على القاعدة، فإنّ هذا الهدفَ قد تحقّق، نظريًّا، بعد اغتيال بن لادن، ونهاية القاعدة عام 2011، حسب زعم واشنطن. ومع كل ذلك، فإنّ التوقيت الزمني يعود؛ ليخون بايدن وإدارته ومراكز أبحاثه وأجهزة مخابراته، وذلك عندما أشار البيت الأبيض، والبنتاغون تحديدًا، إثر تسارع سيطرة طالبان على المقاطعات الأفغانيّة، الواحدة تلو الأخرى، إلى أنّ الأمر يحتاج إلى قرابة ثلاثة أشهرٍ لكي تتمكّن طالبان من السيطرة على العاصمة كابول. مع ذلك؛ فإنّ الأمر لم يستغرق سوى ثلاثة أيّامٍ فقط؛ لتصل طالبان إلى هذا الهدف، ومن الواضح أنّ عشرين عامًا من الاحتلال الأمريكي المتواصل، لم تكن كافيّةً لقراءةٍ دقيقةٍ لوضع الجيش الأفغاني الذي قال عنه بايدن في سياق تبريره لتسارع السيطرة على العاصمة كابول: "إنّه لم يكن مُؤهّلًا. إضافةً إلى أنّه فضّل التسليم والهرب؛ بدلًا من الدفاع عن بلاده".

رفض بايدن مقارنة ما حدث في مطار كابول بمشاهد انسحاب الدبلوماسيين والمتعاونين من على سطح السفارة الأمريكّية في سايغون عام 1975، وفي التوقيت نفسه، الذي كان يدلي به بايدن بهذا التصريح؛ كانت ثلاثة جثثٍ لأفغان كانوا قد تعلّقوا بعجلات الطائرة؛ بهدف الهروب. الفارق هنا، أنّ في سايغون كانت طائرات هليكوبتر عسكريّة، أما في كابول، فطائراتٌ مدنيّةٌ وحربيّةٌ لنقل الركاب.

إذن... كل الأخطاء والخطايا تعود إلى أنّ "ساعات" غرفة عمليّات بايدن لم تكن مضبوطةً... هذا هو الأمر!