Menu

تفاصيل مؤلمة عن الحادثة..

"أكلنا السمك يمّا".. فاجعة جديدة على طريق الهجرة.. غزّة تواصل النزيف

تعبيرية - الهجرة

غزة _ بوابة الهدف

فُجع أبناء شعبنا في قطاع غزّة، صباح اليوم السبت 6 نوفمبر/ تشرين ثاني، بحادثةٍ أليمةٍ ليست بالجديدة، حيث اُعلن عن غرق مركب يقل مهاجرين غالبيتهم من القطاع المُحاصر منذ قرابة 15 عامًا على التوالي قبالة سواحل اليونان لدى محاولتهم الوصول إليها بعد خروجهم من الأراضي التركية.

بعض هؤلاء الشبّان الذين كانوا على متن "مركب الموت" تواصلوا مع عوائلهم وأكّدوا أنّه تم إنقاذهم ونقلهم للرعاية الصحية خاصةً وأن منهم حالات تعرّضت لظروفٍ صحيةٍ صعبة بعد انقلاب المركب الذي كان يقلهم، وسط تأكيداتٍ بأنّ العديد منهم لقوا حتفهم في عرض البحر وربّما قد تكون أكلتهم أسماك القرش.

وأرسل أحد الشبّان رسالة صوتية لوالدته أثناء غرق القارب في بحر ايجة بين تركيا واليونان خلال محاولتهم الهجرة، إذ قال الشاب الذي يدعى يحيى أنه بقي في الماء قبل أن تتمكن البحرية اليونانية من انقاذهم.

وقال الشاب يحيى حسب التسجيلات التي انتشرت بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي: "يمّا معاك يحيى يمّا، أنا ومودي وابن الحنجر يمّا كنا ميتين في البحر، ساعتين بنغرق، ساعتين ضلينا في المية مرميين يمّا، هي الشرطة اخذتنا يمّا، وأبو أدهم مات يمّا والشباب ماتوا اللي معنا، يمّا أبو أدهم غرق يمّا، يمّا رني على عبد الله قوليلو أبو أدهم غرق"، واصفًا في ذات التسجيل فظاعة ما مرّوا به بالقول: "أكلنا السمك يمّا، راح أبو أدهم راح".

اقرأ ايضا: صحيفة: غرق سفينة تقل مهاجرين قبالة سواحل اليونان

هذا الألم المستمر يأتي في ظل أنّ قطاع غزّة يشهد في السنوات الأخيرة الكثير من حالات الهجرة لشبان وبعض المواطنين مع أفراد عائلاتهم في ظل الظروف الحياتية الاقتصادية الصعبة وغالبيتهم يتوجهون إلى تركيا التي يتعاملون معها كـ"مررٍ" إلى الهجرة برًا أو بحرًا إلى أوروبا على أمل الحصول على فرصة حياة أفضل في البلاد الأوروبيّة.

وبالعودة إلى فاجعة اليوم، تُشير المصادر إلى أنّ هناك 3 شبّان على الأقل من بين المفقودين ما زالت عملية البحث عنهم جارية ولا يعرف مصيرهم حتى الآن، فيما لم يعرف العدد الحقيقي الذي كان على متن السفينة، وسط تقديرات أنهم كانوا نحو 22، منهم 14 فلسطينيًا من سكّان خانيونس جنوب القطاع وبعضهم أقارب.

اقرأ ايضا: "المهاجران".. عرضٌ مسرحي في غزّة يفتح جرح الغُربةِ وجدواها

هذه الفاجعة كانت حديث النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عزا البعض هذه المأساة المستمرة التي يعاني منها شبّان القطاع إلى سنين البؤس وانعدام الأمل بالمستقبل خاصّة لدى فئة الشباب الذين تخرّجوا من الجامعات بالآلاف ووجدوا أنفسهم في الشارع بلا أي عملٍ أو مصدرٍ للرزق.

وتحدّث بعض النشطاء أيضًا حول انعدام أي أفقٍ سياسي يُساهم في حل أزمات الشباب الفلسطيني، لا سيما في ظل الانقسام الفلسطيني المرير وانتفاع أرباب الانقسام من هذه الحالة المستمرة من التيه والتشظّي.

ظهر اليوم، أكّدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، أنّ فقدان الأمل والمستقبل دفع عدد كبير من الشباب لركوب أمواج الموت طلبًا للهجرة غير الشرعية، بسبب سنوات طويلة من العدوان والحصار الصهيوني والانقسام في القطاع، أدت إلى تفاقم الأوضاع المعيشيّة وتزايد معدلات البطالة وخصوصًا بين آلاف الشباب والخريجين مما أدى إلى فقدانهم الأمل، والرغبة في محاولة البحث عن طوق نجاة لهم في الخارج من هذا الوضع الكارثي.

واعتبرت الجبهة في تصريحٍ لها، أنّ تكرار هذه المآسي والكوارث بحق الشباب الفلسطيني تتطلب من الكل الوطني التوقف أمام واجباتهم الوطنية والديمقراطية والإنسانية والمعيشية، وخلق حلول عملية تفتح أبواب الامل والعمل والحياة لهؤلاء الشباب بديلاً عن الهجرة، وهو ما يستوجب معالجة كافة الإشكاليات المجتمعية والمعيشية بشكل علمي وطني، والأولوية في ضرورة أن يَتحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته في الضغط على الاحتلال لوقف عدوانه وحصاره، إضافةً لضرورة العمل الجاد والمخلص من أجل إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة، وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية على أساس وطني ديمقراطي، بما يعيد بناء اقتصاد مقاوم، يفتح الأسواق والعمل لاستيعاب آلاف الشباب والخريجين.

وختمت الجبهة تصريحها بالتأكيد على أنّ إنقاذ الشباب الفلسطيني من وحل ومخاطر الهجرة خارج الوطن، تتطلب تحريرهم من دوائر الفقر والبطالة وانسداد الأفق، وفتح طاقات الأمل لهم، لخلق جيل شاب فلسطيني واعٍ وقادر على قيادة معركة التحرر والعودة وكنس الاحتلال، وإفشال كل محاولات تطويعه وكسر إرادته وبث روح الاستسلام داخله.

الظروف القاهرة تدفع شباب القطاع المُحاصر إلى الهجرة على أساس أنّها مرفأ النجاة من واقعٍ عقيمٍ وأليم إلى حياةِ النعيم، وأنّ آمالهم في عيش حياةٍ كريمة آمنة ستتحقق هناك، لكن الواقع هُناك يباغتهم دائمًا بالعكسِ، ويبدّد آمالهم.

أكثر من ثُلث شباب غزّة يرغبون بالهجرة

وأظهرت نتائج مسح الشباب الفلسطيني للعام 2015 والذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أنّ حوالي 24% من الشباب (15-29) سنة في فلسطين لديهم الرغبة للهجرة للخارج، ويبدو أّن الأوضاع السائدة في القطاع دور في زيادة نسبة الرغبة في الهجرة للخارج، إذ بلغت نسبة الشباب الذين يرغبون في الهجرة للخارج في قطاع غزة 37% مقابل 15% في الضفة الغربية، كما يلاحظ أن الذكور الشباب أكثر ميلاً للتفكير في الهجرة للخارج مقارنة بالإناث الشابات إذ بلغت هذه النسبة للذكور 29% مقابل 18% لدى الإناث الشابات.

وفي وقتٍ سابق سلّطت "بوابة الهدف الإخباريّة" الضوء على هذه المعاناة، إذ تواصل عددٌ من الشبّان في أوروبا مع "الهدف"، ليكشفوا واقعًا مُرًا علقمًا، تجرّعوه عقب وصولهم إلى مُخيّمات اللجوء في اليونان، طلبًا للّجوء، ورووا تفاصيل ما عايشوه وتعرّضوا له هناك.