Menu

البنتاغون يتجسّسُ على "جيمس بوند"!

هاني حبيب

نشر هذا المقال في العدد 31 من مجلة الهدف الإلكترونية

كالعادة، وكما هو متوقّع، تُجِيدُ هوليودُ الدعايةَ لأفلامها؛ من خلال تسريباتٍ مفتعلةٍ حولَ الجديد غيرِ العادي فيها، ولا تخرجُ أفلامُ "جيمس بوند" عن هذا السياق، فقد تأخّر آخرُ فيلمٍ من هذهِ السلسلة عن العرض بسبب كورونا، لكنّه عُرض مؤخّرًا بعد أن أشارت التسريباتُ إلى أنّ هناك ما هو جديدٌ في فيلم "لا وقت للموت"؛ وهو أنّ بطلَ الفيلم السيد بوند، أصبح أكثرَ إنسانيّة، كما أنّه يرتكبُ الأخطاء مثله مثل أيّ إنسانٍ آخر، خروجًا عمّا رسمه السيناريو المعتاد لهذه الشخصيّة الفذّة والذكيّة والخارقة التي لاتخطئ.

استُخدِمت سلسلةُ أفلام جيمس بوند كأحد أدوات القوّة الناعمة، التي استخدمتها الولاياتُ المتّحدةُ، والمعسكرُ الغربيُّ أثناءَ الحرب الباردة، ورغم سقوط الاتّحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكيّة، إلّا أنّ هذهِ السلسلةَ استمرّت بعد أن اخترعت أعداءً جددًا، كروسيا، والصين، والإرهاب الدوليّ، بالنسبة لجيمس بوند والمخابرات البريطانيّة التي ينتمي لها، وكذلك هوليود الأمريكيّة؛ فإنّ الحربَ الباردةَ ما تزال مستمرّة، لكن تحت قيادة البنتاغون، كما لا يتوقّع البعض ذلك؛ أنّ وزارة الحرب الأمريكيّة كانت دائمًا في ظلال الصورة الترويجيّة الهادفة؛ لتزييف الوعي على المستوى الدوليّ، وتجسيد فكرة التفوّق الأمريكيّ الكاسح.

وربّما تكمن المفاجأةُ في هذا السياق إذا ما عرفنا، أنّ معظمَ أفلام هوليود تخضعُ لرقابة البنتاغون، وعلى الأخصّ أفلامُ جيمس بوند، والأفلامُ التي تتناولُ الحروبَ والاستخبارات، كما جاء في كتابٍ صدر عامَ 2017، بعنوان "الأمن القوميّ السينمائيّ" من تأليف "طوم سيكر، وماثيو ألفنت" الذي تضمّن فحصًا لآلاف الوثائق العسكريّة والاستخباريّة بموجب قانون تبادل المعلومات الأمريكيّ، ليكتشف القارئُ بدهشةٍ كبيرةٍ أنّ هناك تدخّلًا سافرًا في تعديل سيناريوهات الأفلام قبل تصوريها من قبل البنتاغون. لكن؛ كيف يتدخّل البنتاغون؟

يقول الباحثان: إنّ كاتب السيناريو أو المُنتِج الذي يرغب في الحصول على مساعدةٍ من الجيش لاستخدامات السيناريو، كالتصوير، وحاملات الطائرات العسكريّة، والموانئ، والمطارات، والمنشآت الضروريّة كافّةً لإنتاج الفيلم، يطلبُ منه وسيطٌ لدى البنتاغون عرضَ السيناريو عليه، ولا يُسمحُ للمُنتِج استخدامُ هذهِ المساعدة إلاّ بعد التدقيق في السيناريو، وإجراء التعديلات اللازمة – من وجهة نظم البنتاغون – وإلاّ فإنّه لن يحصلَ على المساعدة الضروريّة لإنتاج الفيلم.

في فيلم جيمس بوند "غدًا لا يموت" قال أحدُ ضباط المخابرات المركزيّة لبنود، الذي كان على وشك القفز من الطائرة إلى أحد الأنهار في فيتنام: "ربّما يؤدّي ذلك إلى حربٍ، ومن يعلم؟ قد نفوز فيها هذه المرّة"، حيث حذفَ البنتاغون هذهِ الجملةَ؛ لأنّها تشير إلى هزيمة أميركا في فيتنام، كما بُدّلت جنسيّةُ الممثّل الذي كان في الأصل أميركيًّا حسب السيناريو؛ إلى كنديّ بعدما جاء في السيناريو أنّ فاتنةً روسيّةً قد أغوت العميل، وتمكّنت من حصولها منه على معلوماتٍ مهمّة؛ وذلك بأمرٍ من البنتاغون.

في فيلم بوند "الجاسوس الذي أحبّني" تجري بعضُ الأحداث في منطقة الأهرامات في محافظة الجيزة في مصر، حيث تقعُ بعضُ أبنية الترميم الخشبيّة، يقول بوند ساخرًا: "بناةُ الأهرام؛ أنظرُ كيف أنّهم لا يستطيعون إنشاءَ هيكلٍ بسيطٍ من الأخشاب"، ومع ذلك وافقت الرقابةُ المصريّةُ على عرض الفيلم.