Menu

الشعب الفلسطيني يرزح تحت قمع العدو الصهيوني وقمع أمن السلطة الفلسطينية لوقف مقاومته ضد الاحتلال 

عليان عليان

لا نبالغ إذ نقول أن   شعبنا الفلسطيني في الضفة  الفلسطينية، يرزح منذ حوالي ثلاثة عقود تحت  قمع سلطة الحكم الذاتي  الذي لا يقل بشاعةً عن قمع الاحتلال، فأجهزة أمن السلطة حتى تنال الرضى الأمريكي، نراها تبالغ بالبطش بأبناء شعبنا من مقاومين وناشطين وطنيين على نحو غير مسبوق ،   وهي رغم تأثر العلاقات الفلسطينية الأمريكية جراء صفقة القرن  إلا أنها ظلت على علاقة وثيقة مع الاستخبارات الأمريكية، وظلت تتلقى مخصصات مالية عالية منها ، مقابل الدور  المناط بها على صعيد التنسيق  الأمني ورصد أي نشاط وطني مناهض للاحتلال ، في الوقت الذي جرى فيه حجب الأموال الأمريكية عن وكالة الغوث وعن دوائر السلطة وعن  مستشفيات ومؤسسات مقدسية.
وهي بهذا  البطش تدخل في تقاسم وظيفي مع سلطات الاحتلال ، ففي حين تقوم هذه السلطات بعمليات القمع والبطش بأبناء شعبنا ، وتعمل على تفعيل عمليات الاستيطان والتهويد للقدس وعموم الضفة الفلسطينية ، نرى أجهزة أمن السلطة تنوب عنها في أغلب الأحيان في عمليات القمع والبطش والاعتقال ، وإذا كانت مهمة العدو تكمن في تأبيد الاحتلال ، فإن مهمة أجهزة السلطة تكمن في خنق روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني.
 لقد تحولت أجهزة أمن السلطة إلى سوط مسلط على ظهور أبناء شعبنا ، وتحبس عليه أنفاسه ، وتعمل على اعتقال أي ناشط سياسي معارض وفصله من العمل ، وهي بهذه الدور منسجمة مع  الاعتراف المبكر للقيادة المتنفذة  للمنظمة ، بأن المقاومة إرهاب يجب مقاومته  تنفيذاً لما جاء في رسائل الاعتراف المتبادل مع رئيس وزراء العدو الأسبق اسحق رابين ، ولما جاء في اتفاقيات "واي ريفر والخليل وخارطة الطريق  وتفاهمات أنا بوليس وتفاهمات تينيت – ميتشيل" ،وتنفيذا  لما اتفق عليه من الجنرال الأمريكي كيت دايتون بشأن  بتدريب أجهزة أمنية وفق عقيدة تحارب المقاومة،  مهمتها الملاحقة اليومية لرجال المقاومة ،وهي في هذا السياق تفوقت على أجهزة أمن الاحتلال في قمع الشعب الفلسطيني بعد أن  ارتضت لنفسها بأن تكون وكيلاً أمنياً للاحتلال.
لا يتسع المجال لذكر تفاصيل الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية في خدمة الاحتلال فالأمثلة عديدة ولا حصر لها ،  فالتنسيق الأمني حال دون تنفيذ مئات العمليات الفدائية وأرشد الاحتلال إلى أماكن اختفاء رجال المقاومة ، ناهيك  أن حرية الرأي باتت معدومة ، والذاكرة الشعبية ستظل تحتفظ باستشهاد المناضل "نزار بنات" الذي قضى على يد كتيبة الموت المؤلفة من 21 عنصراً وضابطاً من الأمن الوقائي ، وستظل تحتفظ بعمليات الاعتقال الكبيرة للمناضلين الفلسطينيين غداة الانتصار في معركة سيف القدس ، وستظل تحتفظ بعمليات ضرب الناشطين والناشطات الفلسطينيات وسحلهم في الشوارع بطريقة يندى لها الجبين ، عقاباً لهم على التظاهر احتجاجاً على مصرع "نزار بنات" ومطالبتهم بإجراء محاكمة عادلة للقتلة ومن يقف وراءهم .
بالأمس استمعنا  لقائد حركة الجهاد الإسلامي "زياد  النخالة"  وهو  يقول بوضوح " أن أجهزة السلطة تقوم باعتقال الأسرى المحررين ،وأن هذه الأجهزة هي من سهلت مهمة العدو في إعادة اعتقال اثنين من أسرى معتقل جلبوع في جنين، بذريعة منع حدوث مجزرة دموية.
وفي ذات الوقت استمعنا  للناطق باسم حركة الجهاد الإسلاميّ في الضفة طارق عز الدين وهو يستنكر الحملة الشرسة التي تشنها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من خلال ملاحقة كوادر المقاومة الذين يتصدّون للاحتلال ، مشيراً إلى أن "أجهزة أمن السلطة الفلسطينية اختطفت مجموعة من الأسرى المحرّرين من أبناء حركة الجهاد والناشطين الميدانيين من مدينة جنين ومخيّمها بطريقة يراد منها خدمة الاحتلال".
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد ، بل تجاوزته  إلى ما هو أخطر من ذلك عندما اقتحمت هذه الأجهزة ، بلدة طمون جنوب شرق طوباس شمال الضفة الغربية، لمنع  الجماهير الفلسطينية وأهالي الأسير من استقبال الأسير المحرر عزمي بني عودة، وعندما اعتدت على موكب استقبال الأسير المحرر معتصم زلوم  قرب مدينة البيرة ،بذريعة أن حفلي الاستقبال لم يحصلا على ترخيص من الأجهزة المختصة. 
إن أبسط مقارنة لدور السلطة الفلسطينية مع قريناتها في جنوب لبنان قبل التحرير ومع حكومة سايغون  العميلة ومع حكومة بيتان  الفرنسية التي تعاونت مع هتلر إبان الحرب العالمية الثانية ، تشير إلى  أن دور السلطة هنا أخطر بكثير من دور سعد حداد وأنطوان لحد في جنوب لبنان ، وأخطر من دور حكومة سايغون  في فيتنام ، ومن دور المارشال بيتان  في فرنسا، فسعد حداد وأنطوان لحد وحكومة سايغون والمارشال بيتان تصرفوا من موقع العمالة الواضحة والمكشوفة ، أما السلطة الفلسطينية فتتصرف من موقع أنها ذراع منظمة التحرير الفلسطينية في الداخل ، وأنها حاملة لواء المشروع الوطني الفلسطيني  ، وأنها المؤتمنة على تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني ،في الوقت الذي تمارس فيه قمعاً ضد أبناء شعبنا لا يقل قسوةً عن قمع الاحتلال، وفي الوقت  الذي ينطوي برنامجها على كل عناوين وممارسات الثورة المضادة ، وأنها مارست عملية تهديم مبرمجة مبكرا ًللاستراتيجية الوطنية الفلسطينية ، من خلال ما يلي:
أولاً : قبولها بحكم ذاتي على الشعب دونما الأرض وفقاً لاتفاقية أوسلو (1)  واعترافها بحق (إسرائيل )في الوجود.
ثانياً : قبولها  في ( أوسلو 2)بأن يبسط الاحتلال سيطرته على  ما يزيد عن 60 في  المائة من الضفة الغربية ( المنطقة ج) ، التي تضم أحواض المياه الرئيسية والثروات الزراعية وخاصةً منطق الغور سلة غذاء الضفة الغربية.
 ثالثا : قبولها بترحيل القضايا الجوهرية " القدس والمستوطنات واللاجئين " إلى مفاوضات الحل النهائي دون إسنادها بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، ما مكن العدو من فرض سياسات الأمر الواقع بشأن تهويد القدس والاستيطان .
رابعاً : قبولها باتفاق " باريس الاقتصادي"  الذي يرهن الاقتصاد الفلسطيني بأدق تفاصيله للاقتصاد الإسرائيلي وتحويله إلى اقتصاد ذيلي تابع له .
 في ضوء ما تقدم ينتصب أمام فصائل المقاومة : سؤال  ما العمل؟ هل تظل أسيرة ذات النهج في التعامل مع السلطة الفلسطينية، رغم إدراكها أن قيادة السلطة لن تغير جلدها وبرنامجها؟؟ وهل تظل ترفع شعار إعادة بناء منظمة التحرير من بوابة الانتخابات رغم إدراكها بأن القيادة المتنفذة في المنظمة والسلطة لن توافق على إجراء الانتخابات إلا إذا ضمنت أن ميزان القوى الانتخابي لصالحها بما يضمن استمرارها في برنامجها الأوسلوي؟
والسؤال الأهم في هذه المرحلة : ما هي خطة الفصائل لوضع حد لقمع السلطة الفلسطينية لجماهير شعبنا  ولإفشال برنامجها السياسي الأوسلوي ؟