Menu

الخيار النووي المالي

ما معنى طرد روسيا من شبكة سويفت؟

بوابة الهدف - خاص (الهدف)

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، فرضت الحكومات الغربية عقوبات شديدة على البنوك والشركات والنخب الروسية - بما في ذلك على الرئيس فلاديمير بوتين نفسه. كل هذه العقوبات تتقلص أهميتها بالمقارنة مع ما يُسمّى "سلاح يوم القيامة" وهو ليس السلاح النووي الذي وضعه الرئيس الروسي على أهبة الاستعداد، بل سلاح مالي لا يعرف العالم الكثير عنه، يقال إنه قادر على تجفيف ينابيع الحياة لروسيا إذا أحكم تطبيقه.

هذا يعني فرض حظر على روسيا من استخدام شبكة SWIFT للانتقالات المالية وهي شبكة الأمان التي تربط آلاف المؤسسات المالية حول العالم. ورغم إن الضغط الألماني ضد تطبيق هذا الخيار أحدث مفعولا وجعل السلاح محدود التأثير إلا أنه رغم ذلك يعتبر خيارا متطرفا بالنسبة لبلد مثل روسيا. وربما هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع الولايات المتحدة وبريطانية الاقتراب عبرها من تحقيق هدفهما المعلن بجعل هذه الحرب خسارة استراتيجية لبوتين .

ما هو نظام سويفت؟

Swift جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، هو نظام اتصالات دولي لنقل الرسائل المالية بين البنوك. يتم استخدامه اليوم من قبل أكثر من 11000 مؤسسة مالية من أكثر من 200 دولة، وحتى الآن تم إرسال أكثر من 8.4 مليار تحويلا ماليا عبره، وهو في الواقع أكبر نظام في العالم لهذا الغرض، حيث يتم إرسال أكثر من 400 مليون رسالة يوميًا ، وأكثر من 1٪ من هذه الرسائل تتعلق بالمدفوعات الروسية.

ماذا تفعل Swift في الواقع؟

إذا كان على دولة ما أن تدفع لروسيا مقابل شحنة من النفط على سبيل المثال، فإن الدولة تقوم بتحويل الأموال إلى بنك موجود في أراضيها ويقوم البنك، باستخدام رمز Swift ، بتحويل الأموال إلى بنك روسي، يؤدي استخدام نظام الدفع هذا إلى تبسيط عمليات التحويل ومنع التكاليف والتأخيرات الإضافية.

تستخدم المؤسسات المالية في كل دولة باستثناء كوريا الشمالية و إيران حاليا نظام SWIFT لدفع تريليونات الدولارات من بلد إلى آخر. تعد روسيا أحد المستخدمين الكبار للنظام، كمورد رئيسي للطاقة والسلع الأخرى. تحتل المرتبة السادسة على مستوى العالم في رسائل الدفع المرسلة عن طريق SWIFT ، ويتم تأمين الرسائل بحيث يتم احترام تعليمات الدفع بشكل عام دون أدنى شك. هذا يسمح للبنوك بمعالجة كميات كبيرة من المعاملات بسرعة. وبدون هذا النظام ، لا تستطيع البنوك الروسية (تلك المدرجة في العقوبات ، على الأقل) إرسال الأموال أو تلقيها خارج حدود البلاد، مما يؤدي على ما يبدو إلى فصل روسيا عن النظام المالي العالمي وهذا له آثار مدمرة على الاقتصاد الروسي.

من يتحكم في Swift ومن يمكنه أن يقرر فرض العقوبات؟

يتم التحكم بسويفت عبر شركة مقرها الرئيسي في بلجيكا وهي مملوكة للعديد من المؤسسات المالية في جميع أنحاء العالم، ويديرها مجلس إدارة مكون من 25 مديرًا مستقلاً يمثلون البنوك حول العالم. و تشرف البنوك المركزية لـ G-10، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، على عمليات الشركة.

شبكة سويفت هي أداة للمتحكمين بها ولا يمكنها إصدار عقوبات بحد ذاتها، لكنها تخضع لعقوبات المشرعين والهيئات التنظيمية ذات الصلة. مثلا في آذار /مارس 2012 أصدر الاتحاد الأوروبي لائحة تحظر على Swift تقديم خدمات الرسائل المالية للبنوك الإيرانية الخاضعة للعقوبات، وباعتبارها منظمة بلجيكية Swift امتثلت لهذه الأحكام. لذلك، من أجل فصل روسيا عن النظام، هناك حاجة إلى مزيد من قرارات الاتحاد الأوروبي.

ماذا يعني طرد روسيا من سويفت؟

إن طرد البنوك الروسية من Swift يعني أن البنوك في روسيا لن تكون قادرة على التواصل بأمان وكفاءة مع البنوك خارج حدود البلاد. وبالتالي لن تكون روسيا قادرة، أو على الأقل ستواجه صعوبة، في قبول أو تحويل المدفوعات، مما سيضر بوارداتها وصادراتها، والقطاع الخاص والنشاط الحكومي. وفي حالة انقطاع الاتصال، سيتعين على البنوك التواصل مباشرة مع البنوك الأخرى مما سيؤدي إلى تأخيرات في التحويلات وتكاليف إضافية، أي سيقلل من أرباح الشركات الروسية والحكومة الروسية. وقد قدر وزير الاقتصاد الروسي أليكسي كودرين سابقًا أن انفصال روسيا عن سويفت قد يؤدي إلى تقليص الاقتصاد الروسي بنسبة 5٪ . فعندما تم إخراج إيران من النظام في عام 2012 انخفضت أرباح هذ البلد من الصادرات وإلى جانب العقوبات الأخرى تم خنق صناعتها بالفعل على أسس نظام التجارة العالمي.

ومع ذلك فإن شبكة سويفت لا تتعامل مع الدفعات المالية، بل مسؤولة فقط عن الرسائل، وبالتالي يعتقد البعض أن الشركات الروسية ستتمكن من التحايل عبر استخدام أنظمة اخرى، إذ يعلم الجميع أن إيران وكوريا الشمالية تواصلان القيام بأعمال تجارية بعد طردهما من سويفت، وروسيا أيضا لديها نظام تم إنشاؤه بعد عام 2014 لنقل الرسائل المالية يسمى SPFS ، والصين لديها أيضا مثل هذا النظام، يسمى CIPS.

لماذا فصل روسيا عن نظام سويفت؟

لن تكون روسيا أول من يجد نفسه خارج نظام سويفت، عندما طردت الشبكة البنوك الإيرانية في عام 2012 ، خسرت إيران ما يقرب من نصف عائداتها من صادرات النفط و 30٪ من التجارة الخارجية بعد الانقطاع.

وطموح الدول الغربية هو أن تجعل من الصعب على روسيا التي تصدر البضائع عقد الصفقات، إن عدم موثوقية نظام SWIFT سيجعل من الصعب على الشركات الروسية تحويل المعاملات إلى بنوك مختلفة حول العالم، الأمر الذي سيوجه المشترين للبحث عن موردين بديلين.

من ناحية أخرى، تعد روسيا واحدة من أكبر المشترين للمنتجات المستوردة. هولندا وألمانيا هما ثاني وثالث أكبر شركائها التجاريين، بناءً على بيانات البنك الدولي، وفي غياب نظام SWIFT ، الذي تعمل معه البنوك في هذه البلدان - سيرفع الموردون أسعار السلع حيث سيتعين عليهم البحث عن طرق أخرى لعقد الصفقة.

لماذا انفصلت بعض البنوك فقط عن النظام وليس جميعها؟

ولماذا تعارض بعض الدول طرد روسيا من سويفت؟

بصرف النظر عن حقيقة أن روسيا لن تكون قادرة على تحويل واستلام المدفوعات، فإن فصل بنوكها عن النظام سيصعب الأمور أيضًا على البلدان التي تتعامل معها حاليًا. أي أنه حتى المقرضين الدوليين لروسيا لن يتمكنوا من الحصول على أموالهم بالطريقة المعتادة، فمن يشتري سلعًا من روسيا مثل الغاز أو النفط، لن يتمكن من الدفع بشكل طبيعي وأكثر.

لذلك فإن ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، وهي الدول الأكثر اعتمادًا على الغاز الروسي مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي، هي الدول التي تجد صعوبة في الموافقة على عزل روسيا تمامًا. فاليوم، يأتي ثلثا الغاز الذي تستخدمه ألمانيا من روسيا، ومع ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا على أي حال، تخشى الحكومات من تداعيات مثل هذه الخطوة على مواطنيها.

وهناك بعض الطرق لتقليل هذه الحساسيات: أحد الخيارات هو عدم فصل جميع البنوك الروسية ولكن اختيار بنوك معينة ذات اتصال ضئيل نسبيًا بقطاع الطاقة، وبدلاً من ذلك، يتم النظر في إيجاد حلول بديلة لتحويلات الدفع المتعلقة بالطاقة والأغذية طبعا من المشكوك فيه أن تسمح روسيا بهذا التلاعب دون أن تنصب بدورها لعبة داخل اللعبة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك خوف من أن يؤدي انفصال روسيا عن شركة Swift إلى زيادة اتجاه نزع الدولار العالمي، أي انسحاب روسيا من الدولار، وقد علمنا بالفعل أن الهند تدرس تحويل تعاملاتها مع روسيا إلى الروبية والروبل، وعملية نزع الدولار مستمرة منذ عام 2014 على الأقل، بدلاً من الدولارات، قد يتم دفع روسيا لاستخدام اليوان، والعملة الصينية ، فضلاً عن نظام الرسائل الصيني، عند القيام بذلك، في الواقع ، من شأن الانفصال عن Swift أن يقوي العلاقة (غير المرغوب فيها، في نظر الغرب) بين روسيا والصين، لكن في الأيام الأخيرة، يبدو أن الصين نفسها ليست في عجلة من أمرها لدعم النشاط الروسي.