Menu

استهداف مقر الموساد: رد على الجريمة أم قرار بإنهاء البؤرة الاستخبارية؟

بغداد _ بوابة الهدف

إعلان الحرس الثوري الإيراني عن تفاصيل تتعلّق بقصفه لمقر لجهاز مخابرات العدو "الموساد"، في أربيل، السبت، أعاد التذكير بدور العمل الاستخباري للعدو في كردستان العراق.

وكانت قوات حرس الثورة الايرانية أعلنت عن استهداف "مركزًا استراتيجيًا للمؤامرات الصهيونية" في شمال العراق بالصواريخ، باستخدام "صواريخ قويّة ودقيقة".

وقال حرس الثورة في بيان، إنّ "القصف جاء ردًا على الجرائم الأخيرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني المزيف"، مؤكدًا أنّ "أمن واستقرار البلاد هو خط أحمر".

وليل السبت، أفادت مصادر اعلامية بسقوط عدة صواريخ في محيط قاعدة حرير الأميركية قرب مطار أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.

مصادر ايرانية أكّدت لوسائل اعلامية أنّ الهجوم أدى إلى تدمير مقر الموساد على طريق مصيف صلاح الدين، ما تسبّب بسقوط قتلى وجرحى من العملاء، مشيرةً إلى أنّ القصف "لم يستهدف أي مركز عراقي أو أميركي".

الموقع المستهدف ليس بعيدًا عن مقر اقامة الزعيم الكردي الأبرز مسعود برزاني ورئيس الاقليم الأسبق في "سر بلند" ضمن مصيف صلاح الدين.

وكان حرس الثورة الإيراني أعلن قبل أيام استشهاد جنديين إيرانيين، إثر قصف للعدو "الاسرائيلي" بالقرب من العاصمة السورية دمشق، وتوعّد "إسرائيل" بـ"دفع ثمن هذه الجريمة".

فيما نقلت قناة الميادين عن مصادر وصفتها بالموثوقة، أنّ "المقر الأمني الاستخباري الإسرائيلي الذي قُصف اليوم في كردستان العراق هو مركز عمليات رئيسي وليس ثانويًا لجهاز الموساد الإسرائيلي".

وأكدت المصادر "قتل 4 ضباط إسرائيليين بينهم امرأة، إضافة إلى 7 جرحى بينهم 4 في حال خطرة".

وأوضحت أنّ "هذا المقر ذاته كان مسؤولاً عن عملية استخبارية وعدوانية ضد إيران في الآونة الأخيرة".

وأشارت المصادر إلى أنّه في الـ 14 من شباط/ فبراير الماضي، انطلقت 6 مسيّرات "إسرائيلية" من قلب كردستان العراق واستهدفت معسكرًا في كرمنشاه الإيرانية، مضيفةً أنّه "نتيجة ذلك العدوان تعرّضت إيران لخسائر في معسكر كرمنشاه".

وتابعت المصادر: "أجهزة الرصد الإيرانية وأجهزتها الأمنية تأكّدت من أنّ مقر القيادة قرب مصيف صلاح الدين كان صاحب القرار والتنفيذ".

وقالت: "القصف الصاروخي الإيراني اليوم استهدف المقر الاستخباري العسكري ذاته في كردستان بشكلٍ دقيقٍ وأكيد".

من جهتها سردت سلطات إقليم كردستان العراقي وقيادة الأحزاب الكردية في الاقليم رواية مغايرة، حاولت من خلالها نفي الإعلان الإيراني حول استهداف مقر الموساد.

ويأتي هذا التعتيم الكردي كجزء من تكتم تقليدي تمارسه سلطات الاقليم وقيادة الأحزاب الكردية حول علاقتها بالعدو الصهيوني وعمله الاستخباري وأنشطته العدائية انطلاقًا من أراضي الاقليم، وإن كانت في هذه المرة تحاول الاستثمار في التعتيم لانتزاع موقف عراقي رافض لهذا الاستهداف وهو ما بادرت له الخارجية العراقية بالاحتجاج لدى إيران على عملية القصف.

وكانت وسائل إعلام عراقية وإيرانية في أبريل ٢٠٢١، أفادت نقلاً عن مصادر بأن مجموعة مجهولة الهوية قامت باستهداف مركز معلومات وعمليات خاصة تابع للموساد "الإسرائيلي" في إقليم كردستان، وأضافت المصادر نفسها أنّ الهجوم نتج عنه مقتل وإصابة عدد من "القوات الاسرائيلية".

وردًا على ذلك، صرح آنذاك المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، جوتيار عادل، في بيان إنّ "مؤسّسات إعلاميّة عدّة في المنطقة تداولت تقارير زعمت فيها استهداف مركز للمعلومات والأنشطة الاستخبارية الإسرائيلية ومقتل وجرح عدد من العاملين فيه".

وأضاف المتحدث أنه "ردًا على ما نشر.. نؤكّد بأنّ هذه التقارير عارية عن الصحة تمامًا، وإن هذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها إقليم كردستان بوجود مركز خاص بالمخابرات الإسرائيلية على أراضيه، ونعتقد أن غاية نشر تقارير كهذه، استهداف تآمري واضح ضد إقليم كردستان وعمليته السياسية".

الاشارات الإعلامية للحضور الاستخباري للعدو على أرض الاقليم تعود لأكثر من عقدين، وعرفت تصاعدًا واضحًا منذ تناول تقارير اعلامية غربية لهذا النشاط، ووفقًا لتقرير هيئة الإذاعة البريطانية لعام 2006، كان هناك دليل على أن "خبراء إسرائيليين" قد أرسلوا إلى كردستان العراق لتوفير التدريب للبيشمركة. ورفض المسؤولون الأكراد التعليق على التقرير ونفت "إسرائيل" علمها بذلك.

وسبق أن صرح مسعود بارزاني، الرئيس السابق لإقليم كوردستان العراق وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني أنّ "إقامة علاقات بين الأكراد وإسرائيل ليست جريمة نظرًا لكون العديد من الدول العربية لها علاقات مع الدولة العبرية".

تكرار الضربات الموجهة للحضور الاستخباري للعدو الصهيوني في كردستان يشكل إشارة واضحة لرفض استمرار هذا الحضور، وقرار باتخاذه كأحد العناوين لتدفيع العدو ثمن جرائمه، ذلك رغم حساسية التوقيت، فلقد توقّع الكثير من المتابعين ومصادر اعلامية معادية تأجيل إيران الرد على قتل جنودها نظرًا لوصول مفاوضات فيينا حول رفع العقوبات عن إيران لنقطة متقدمة.

مستقبل السلوك الايراني تجاه النشاط الاستخباري للعدو على حدودها، لا يبدو قابل للتوقّع، في هذه المرحلة، كذلك إنّ سلوك الحكومة العراقية التي ترفض رسميًا التطبيع مع العدو إزاء اصرار اقليم كردستان على تجاوز قرار السلطات المركزية العراقية، تبدو وجهته المستقبلية غير محسومة، خصوصًا في ظل عدم اتضاح ملامح الحكومة العراقية المقبلة.