Menu

اجتماع النقب فصل جديد في التآمر العربي الرسمي على القضية الفلسطينية

محمّد جبر الريفي

التآمر السياسي العربي الرسمي على القضية الفلسطينية الذي يجري الآن؛ عبر التطبيع والذي يأخذ مظاهر متعددة في الحياة السياسية العربية، سواء منها المخفية أو المعلنة، وكان آخرها حضور أربعة وزراء خارجية عرب، في اجتماع مع وزيري الخارجية الإسرائيلي والأمريكي في النقب المغتصب؛ المهدد بالاستيطان اليهودي.. هذا التآمر العربي الرسمي ليس جديدًا، في مسار السياسة العربية الحكومية الرسمية، فقد حدث التآمر على نضال شعبنا منذ بداية الغزوة الصهيونية لفلسطين التي ابتدأت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي وسقوط دولة الخلافة العثمانية وتقسيم ساييكس بيكو الذي وضع فلسطين تحت حكم الانتداب البريطاني، وقد شهد عام 1936 أبرز عناوين هذا التآمر العربي الرسمي؛ تمخض عنه إجهاض الثورة الفلسطينية الكبرى، في ذلك العام، والتي استمرت زهاء ثلاث أعوام ضد الغزوة الصهيونية والاستعمار البريطاني، وتوقفت بناء على مناشدة حكام الدول العربية المستقلة في ذلك الوقت. 
وفي حرب 1948، عجزت الجيوش العربية عن تحقيق الهدف الذي دفعها للمشاركة في الحرب، تحت ضغط المشاعر القومية والدينية للشعوب العربية لنصرة الشعب الفلسطيني (ماكو أوامر العراقية .. والأسلحة الفاسدة المصرية.. وتسليم مدينتي اللد والرملة من قبل الجيش الأردني، بقيادة جلوب باشا الإنجليزي)، وتم إبرام اتفاقية الهدنة مع حكومة العصابات اليهودية المسلحة في جزيرة رودس، وكان ذلك بمثابة اعتراف عربي رسمي ضمني، بوجود الكيان الصهيوني الغاصب على أنقاض شعبنا، وبهذه الاتفاقية تم وقف الحرب، بعد أن أصبح تشريد جموع المواطنين الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، واقعًا سياسيًا؛ عرف على المستوى الدولي بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين التي تتولى منذ ذلك الوقت الأمم المتحدة رعايتهم، في أماكن اللجوء في داخل الوطن والشتات والتي تتعرض قضيتهم على الدوام لمؤامرة التوطين. 
وفي احداث أيلول الأسود 1970، تم تصفية قواعد الثورة الفلسطينية في الأردن، على يد النظام الملكي الهاشمي، وبعد ذلك تم إخراج مقاتلي الثورة الفلسطينية من لبنان بعد حصار بيروت عام 1982 الذي استمر ما يقارب ثلاثة أشهر، في ظل تواطؤ أمريكي وتخاذل عربي وإسلامي، وصمت دولي، وبتحالف بين الكيان الصهيوني والنظام السياسي الطائفي اللبناني الذي كانت تسيطر عليه في ذلك الوقت القوى الانعزالية اللبنانية، بقيادة حزب الكتائب اللبناني المسيحي الماروني. 
وقائع التآمر العربي على القضية الفلسطينية وعلى النضال الوطني الفلسطيني؛ لم تتوقف ولن تتوقف بحكم تردي الواقع السياسي العربي الذي يتسم بظاهرة التجزئة السياسية الممنهجة التي تعطي للدول العربية المجاورة لفلسطين مبررًا لكبح نضال الشعب الفلسطيني، تحت ذريعة الأمن الوطني والاستقرار في المنطقة، وسياسة التآمر هذه في السياسة العربية الرسمية على القضية الفلسطينية، سوف تستمر؛ بسبب انهزامية الأنظمة العربية وتركيب بنيتها الطبقية التي تجعلها دائمًا، تتصف بالعمالة السياسية، لارتباطها بعلاقات التبعية، بأشكال مختلفة مع القوى الدولية الكبرى، خاصة دول المعسكر الرأسمالي العالمي، حيث ستبقيها هذه العلاقات القائمة على الهيمنة الإمبريالية؛ عاجزة عن تحقيق الاستقلال الوطني الكامل لشعوبها التي تعاني من أزمات معيشية طاحنة؛ بسبب فشل مشاريع التنمية القطرية عن تحقيق الخروج من مرحلة التخلف الحضاري... هذا التآمر العربي الرسمي على القضية الفلسطينية، سوف يستمر؛ فقضية تهويد القدس ، وما يتعرض له المسجد الأقصى، من مخطط التقسيم الزماني والمكاني.. كل ذلك لا يجد في النظام العربي الرسمي او دوله من يوقف هذه السياسة العنصرية التهويدية، بل أصبحت السياسة العربية الرسمية؛ محركها الأساسي الآن على الصعيد الاقليمي والدولي؛ تصفية القضية الفلسطينية، تصفية نهائية، عبر تسوية إقليمية تسوقها الإدارة الأمريكية، وهو فصل جديد في التآمر العربي الرسمي المدان، ولا شك من الجماهير العربية التي لم يوهن موقف التفافها حول القضية الفلسطينية، رغم كل ما تعانيه من أزمات سياسية و معيشية طاحنة؛ فبقيت على معارضتها الشديدة من قبل القوى والأحزاب الوطنية والقومية، والمؤسسات المجتمعية، ونخب سياسية، وثقافية، ورياضية، وأفراد عاديين لسياسة التطبيع العربية الجارية على قدم وساق مع الكيان.