Menu

رضوى عاشور والبرغوثي.. حياة بين الشعر والأدب

الراحلة رضوى عاشور ومريد وتميم البرغوثي

بوابة الهدف - وكالات

"عائلة أدبية جدًا" هو الوصف الذي يليق بأسرة الكاتبة الراحلة رضوى عاشور، التي تحل ذكرى وفاتها في مثل هذا اليوم؛ حيث اكتمل في كنف هذه الأسرة ولادة الأدب من النثر والرواية والشعر الفصيح والعامي.

فالأب هو مريد البرغوثي.. الشاعر الفلسطيني الكبير الذي اتخذ من الشعر حياة كاملة، أقام فيها عرشه ومبادئه، وغزل من الكلمة خير رفيق يتكأ عليه في جميع مواقف حياته، وعلى الرغم من أن الشعر كان سببًا في تعبه الدائم ونفيه، إلا أنه لم يكترث سوى بالعشق للكلمة وبحور الوزن والقوافي.

والابن هو تميم البرغوثي.. ذلك الشاب الذي يشبه أباه؛ حيث تربى أمام مرآة اللغة ومعاجم تفسيراتها الوافية، فعرف منها عظمتها وتاريخها، ولم يكن كسائر الأطفال الذي تربوا على الدلال والرفاهية؛ لأنه رضع من والدته حبكة السرد الروائي ليوظفها في بحور شعره وقوافي أبياته.

العشق
يقول البرغوثي الصغير: "أمي وأبويا التقوا والحر للحرة شاعر من الضفة برغوثي واسمه مريد، قالوا لها ده أجنبي، ما يجوزش بالمرة، قالت لهم يا عبيد إللي ملوكها عبيد، من إمتى كانت رام الله من بلاد برة.. يا ناس يا أهل البلد شارياه وشاريني، من يعترض ع المحبة لما ربّي يريد".. من ضوء هذه الكلمات التي كتبها تميم، اتضحت معالم الترابط الذي رآه تميم في أسرته، فعرف معنى العشق الحقيقي منهما، ذلك الحب الذي لا يقف عند حد الجنسية واللكنة، ولا يعرف التفرقة بين القلوب.

المنفى
وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها تلك الأسرة الأدبية، ظلت الكلمة هي الرابط بينهم، فقد مرت علاقة رضوى ومريد وتميم بالعديد من المراحل والمواقف المؤلمة، كان أبرزها وأصعبها على كلاهما، عند استبعاد مريد من مصر في فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات؛ بسبب اعتراضه على زيارة السادات إلى إسرائيل، وظل ممنوعًا من دخول مصر لمدة 17 عامًا، وهو ما أحدث تشتتًا كبيرًا للأسرة التي لم تمل، ولم تتناثر أشلاؤها في غياب الأب، فكانت رضوى خير وتد استطاع أن يبني الأسرة في أحلك وشد أيامها صعوبة.

ضحكة عائدة
ولم يكن "مريد وتميم" إلا شخصين في كيان واحد؛ حيث لم ينكرا فضل رضوى وجلدها ومحاولاتها الدائمة في الوقوف صلبة أمام المشكلات والصعاب، فبادلوها نفس الحب في مرضها؛ حيث يقول مريد: "عودي يا ضحكاتها عودي"، وهي الجملة التي كان يرددها البرغوثي دائما حين كان يخطف المرض ضحكة عزيزته رضوى، التي كانت تحارب بكل طاقتها؛ حيث أصيبت في السنوات الأخيرة بورم في الدماغ، لكنه هزمها فلجأت لمحاربته بالعمليات الجراحية، أخذ منها عددا من العمليات بأمريكا أثناء ثورة 25 يناير.

وذكر تميم، أن رضوى في آخر أيامها كانت كثيرة الحمد، فيقول: "كانت تحمد الله على كل شيء في أيامها الأخيرة، بنفس راضية، ولم تغضب من أي شيء رغم مرضها"، ولكن الورم لم يمهل ضحكة رضوى للعودة، فصارت كورقة شجرة في خريف بائس، هوت من غصنها، لتترك في قلب زوجها وولدها معجم اللغة، وتوصيهم خيرًا بحبكة السرد.