أكثر من 8 أعوام مضت على العدوان الصهيوني على قطاع غزّة عام 2014، وما يزال عشرات اللاجئين الفلسطينيين بلا مأوى، بسبب ما خلّفه العدوان من أضرارٍ، حيث لم تُكمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" -حتّى وقت إعداد التقرير-، إعادة إعمار كثيرٍ من المنازل التي دُمّرت جرّاء العدوان من جهة، ولم تدفع التعويضات المالية لعددٍ من المنازل من جهةٍ أخرى.
على الرّغم من إنجاز ملف التعويضات وحصر الأضرار بشكلٍ كامل، بما فيها تقدير حجم الأضرار والأموال المرصودة التي تمت عبر خبراء في الهندسة، إلا أنّه لم يتبقَ فقط سوى أن تحصل تلك الأسر على المبالغ المرصودة، لكنّ إدارة "الأونروا" تعمل على تهميش هذا الملف لصالح ملفاتٍ أخرى ثانوية، بادّعاء أنّ الأزمة المالية هي سبب عدم صرف تعويض هذه الأسر، على الرغم أن الإدارة نفسها قد صرفت بعد انتهاء العدوان جزءًا من التعويضات للأسر.
وفي تقريرٍ أصدرته الوكالة عقب العدوان، قالت فيه إنّ إجمالي الوحدات السكنية التي تضررت خلال العدوان بلغت أكثر من 115 ألف وحدة، حيث بلغ الهدم الكلي للمواطنين 3329 وحدة، والهدم الجزئي غير الصالح للسكن 1592 وحدة، والهدم الجزئي الصالح للسكن 22715 وحدة.
ويُنظّم عشرات المتضررين وقفاتٍ احتجاجية كلّ فترةٍ أمام مقرّ "الأونروا" في مدينة غزّة؛ احتجاجًا على ما اعتبره بعضهم تسويفًا متعمّدًا لملفهم من قبل إدارة "الأونروا"، وعدم استلامهم باقي التعويضات المالية رغم مرور 8 سنوات على انقضاء العدوان.
والاثنين الماضي، نظّم العشرات من المتضررين وقفةً احتجاجيةً أمام مقر الوكالة وسط غزّة، بدعوةٍ من "لجنة متضرري عدوان 2014"، حيث لم تكن الأولى من نوعها، إلّا أنّ إدارة الوكالة لم تستجب بعد لمطالبهم التي وصفتها القوى الوطنية في غزّة بالمشروعة، باعتبار أنّ "الأونروا" هي المعنية بإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، كما وأنّ هذا الهدف التي أُقيمت من أجله أصلًا.
دائرة شؤون اللاجئين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، قالت في وقتٍ سابقٍ إنّ مماطلة "الأونروا" في ملف متضرري عدوان 2014 هو تساوق مع الاحتلال، كما يُدلّل على إصرار من إدارة "الأونروا" على الرضوخ لإملاءات الاحتلال، والتساوق مع سياساته، والتلويح بهذا الملف كسلاح ابتزاز في وجه أبناء شعبنا، داعيةً في بيانٍ سابقٍ صدر عنها إدارة "الأونروا" إلى الإفراج عن قرار تعويض المتضررين وإعادة إعمار المنازل.
وقال نائب مسؤول دائرة شؤون اللاجئين باسل الوحيدي، إنّ الدائرة هي أوّل من بادرت بإصدار بياناتٍ بخصوص متضرري عدوان 2014، وكان هناك عدّة جلساتٍ مع مدير عمليات الوكالة في قطاع غزة توماس وايت بخصوص هذا الملف.
وأضاف الوحيدي خلال حديثه مع "بوابة الهدف": قبل ذلك، الوكالة عندما بدأت بعملية الإحصاء عقب العدوان، وقدّرت المبالغ التي يستحقها المتضررون، كان عدد كبير من المنازل المتضررة بين تصنيفي (الكلي والجزئي)، أظهرت ولوكالة حينها أن هناك تعاونًا كبيرًا من المانحين بشأن هذا الملف، لكنّها أوقفت عملية التعويض بعد فترةٍ على الرّغم من تقديم وعودٍ للمتضررين وتوقيعها عقود التعويض معهم.
وأشار إلى أنّه بناءً على تلك الوعود، قام عدد كبير من المتضررين بالعمل بناءً على هذا الاتفاق، فمنهم من قام بالاستدانة، ومنهم من اتفق مع شركات البناء، لكنّهم وقعوا في أزمة كبيرةٍ بعد تنصّل إدارة الوكالة من اتفاقها معهم.
ولفت إلى أنّ دائرة اللاجئين بالشعبيّة أجرت مناقشاتٍ مع مدير عمليات الوكالة توماس وايت بشأن هذا الملف، وكان دائماً يبدي عجز الوكالة عن إنهائه، بادّعاء أنّ المانحين لم يوفروا مخصّصاته، باعتباره ملف قديم.
وأوضح الوحيدي أنّ هناك حوالي 75 منزلًا من المدمرة كليًا رفضت الوكالة الاتفاق معها أو تعويضها أصلًا، بادّعاء أنّها منازل تعود لمواطنين لهم خلفيات سياسية، معتبرًا أنّ هذا تساوق مع سياسات الاحتلال الصهيوني، ومؤكّدًا على رفض تلك السياسة التي لا تخدم إلّا الاحتلال.
وتابع: في أحد الجلسات التي أجريناها مع المفوض العام تم نقاشه بهذا الملف، ووعد بأن يكون جميع المتضررين في صفٍ متساوٍ لكن مدير العمليات رفض العمل بتوصياته.
وفي هذا الإطار، أكّد الوحيدي أنّ حقوق اللاجئين لا تسقط بالتقادم وأنّها ستظلّ قائمةً والوكالة مُلزمة بإنهاء هذا الملف، باعتبار أنّ معظم الأسر فقيرة ولا تستطيع دفع الأموال التي تمّ أخذها أو استدانتها.
ونوّه إلى أنّ مدير الوكالة وعد مؤخرًا بدراسة هذا الملف مع السفير ال قطر ي محمد العمادي وصولًا إلى طريقةٍ تقضي بإنهائه.
كما لفت إلى أنّ الوكالة تعمد على التهرّب من حقوق اللاجئين وواجباتها تُجاههم، لأنّه في العدوان الأخير على قطاع غزّة، لم تعمل الوكالة سريعًا على إحصاء الأضرار للاجئين، وما ذهبت إلّا بعد أن مارسنا ضغطًا كبيرًا عليها وتكفّلت بدفع بدل الإيجار لنحو 70 منزلًا حتّى اللحظة.
وطالب الوحيدي في ختام حديثه مع "الهدف"، إدارة الوكالة بإنهاء هذا الملف وأن تقوم بتعويض المنازل التي تم تدميرها خلال العدوان، لافتاً إلى أنّهم ينتظرون وصول المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني لمناقشة هذا الملف، كما وتُحاول الجلوس مع مدير عمليات الوكالة لمناقشته والبحث في سبل إنهائه.
مسؤول اللجنة العليا لمتضرري عدوان 2014 عبد الهادي مسلم، قال في حديثٍ لـ"بوابة الهدف الإخبارية" إنّ أعداد المتضررين تتفاوت بين 135 ألف منزل، ما بين تصنيفات (تدمير جزئي _ وجزئي بليغ _ طفيف).
وأوضح مسلّم أنّ حوالي 51 ألف منزل لم يُعوضوا وشريحة كبيرة منهم تأتي تحت تصنيف "الجزئي البليغ"، وهم من لم يحصلوا على أموال من الوكالة لحد الآن، على الرغم من توقيعهم على عقود بهذا الشأن، إلّا أنّ الوكالة لم تلتزم بها.
وبشأن الحراك الحاصل مؤخرًا، قال مسلّم إنّ الوكالة لم تتواصل بأيّ شكلٍ من الأشكال لا مع أصحاب المنازل ولا مع اللجنة المعنية بهم، وعلى الرغم من أن الوقفتين كانتا أمام مقرّهما ولاقت رواجًا وصدى واسعًا، ولم تصدر أيضًا بيانًا توضيحيًا تُطمئن به المتضررين بأنّ ملفهم ما زال قيد التنفيذ، أوّ حتى إعطاء وعودٍ بإنجازه مستقبلًا، فقد استمرّت الوكالة بالصمت.
وأضاف: "قبل شهر كان هناك لقاءات مع مدير عمليات الوكالة توماس وايت، وصرّح حينها أنّ ملف المتضررين من عدوان 2014 أصبح من الماضي وتمّ إقفاله؛ بذريعة أنّ الدول المانحة لا تُموّل عدوانًا قديمًا، وهي بصدد النظر لقضايا حالية".
وبشأن خطوة لجنة المتضررين المقبلة، بيّن مسلّم أنّهم بصدد الاجتماع لتقييم ما جرى من أحداثٍ ومنح إدارة الوكالة فرصة من أجل الردّ على المطالب أو إنشاء قنوات تواصل مع الوكالة، وتقييم الإيجابيات والسلبيات الناجمة عن الوقفات التي نظّمتها اللجنة.
وطالب مسلّم في ختام حديثه بأن تضطلع فصائل العمل الوطني واللجان الشعبية ودائرة شؤون اللاجئين بمنظمة التحرير بدورها لإسناد الحراك، والعمل على إنهائه بما يضمن تعويض المتضررين، منوّهاً إلى أنّ دورهم سابقًا لم يأخذ الشكل المطلوب، حيث أنّ مشاركتهم في القضية كانت متواضعة، داعيًا لتولّي هذا الملف رسميًا لا سيّما وأنّ لديهم قنوات اتصالٍ رسميّةٍ مع الوكالة.
وتُصرّ إدارة "الأونروا" على إثبات عجزها على ما قامت من أجله وهو إغاثة اللاجئين، فملفّات كثيرة كانت تُعتبر ثانويةً استطاعت إنهاءها، إلّا أنّها تُظهر أنّها لا تُريد إنهاء هذا الملفّ تحديدًا، الذي أصبح عبئًا ثقيلًا على أصحابه، إلى جانب الحالة الاقتصادية المُعقّدة أصلًا عدا عن أسبابٍ لا تُخفى عن أحد يعيشها اللاجئون في القطاع، فمن استدان آلاف الدولارات اعتمادًا على عقدٍ تمّ توقيعه مع وكالة الغوث كيف يُمكنه سدادها؟، ومن ما يزال بيته لم يُعمّر إلى الآن.. كيف يُمكنه تعميره؟