Menu

متابعة خاصة..

نقاش صهيوني حول شرعية توقيع الحكومة الانتقالية لاتفاق مع لبنان

بوابة الهدف

بعد الإعلان عن موافقة الكابينت الصهيوني على مشروع الاتفاق حول حدود المياه الاقتصادية والبحرية مع لبنان، بوساطة أمريكية، وإضافة إلى اعتراض المعارضة واتهام الحكومة بالاستسلام لحزب الله، إلا أن جدلاً من نوع آخر بعيد عن مناكفات نتنياهو يتصاعد ويحيط بمصير هذا الاتفاق، على ضوء التساؤل القانوني في الكيان، عمَّا إذا كان من صلاحية حكومة انتقالية المصادقة وتمرير قرارات تتعلق بالأمن القومي الصهيوني والعلاقات الخارجية خصوصًا قبل الانتخابات مباشرة.

فالاتفاق الذي يكاد يصبح تامًا حول الحدود البحرية يطرح هذا السؤال المركزي في الكيان الصهيوني، وعمّا إذا كانت الصفقة بين "إسرائيل" ولبنان تستوفي معايير "الحاجة الأساسية" للأمن القومي للكيان، وأن معناها يتوافق مع "المصالح الوطنية لإسرائيل".

والتحدي الرئيسي فيما يتعلق بالحكومة الانتقالية التي يقودها يائير لابيد، هو أن "دولة إسرائيل" حددت نظام حكم برلماني، تعمل فيه الحكومة بموجب الثقة الممنوحة لها من خلال الأغلبية في الكنيست. كما أدى هذا الوضع إلى المواجهة الإعلامية الأخيرة بين رئيس الوزراء المؤقت يائير لبيد وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو بشأن المفاوضات حول الحدود البحرية مع لبنان.

وفي مقطع فيديو نشره زعيم المعارضة، اتهم لبيد باستخدام سلطته في صياغة اتفاق في هذا الوقت. ورغم أن سخونة الأجواء بينهما قد تكون طبيعية عشية الانتخابات ولضرورات حشد الأصوات كوسيلة للتأثير على جمهور الناخبين في الطريقة الصحيحة للتعامل مع التحدي اللبناني. غير أن هذا النقاش يفتح أسئلة أوسع تؤثر على طبيعة النظام السياسي الصهيوني نفسه.

اقرأ ايضا: الكابينت الصهيوني يوافق على الاتفاق البحري وسط حقل ألغام لبناني –صهيوني: بداية تطبيع أم نهاية تهدئة؟

يرى مراقبون أنه على الرغم من أن هذه الاتفاقية قد تكون مهمة "لإسرائيل"، لكن لابيد يجب أن يقدم دليلاً على ضرورتها في الوقت الحالي. على الرغم من أن الاتفاق أدى إلى اعتراف لبنان التاريخي بوجود "إسرائيل"، حسب التفسير الصهيوني طبعا، إلا أن الاتفاق يحتاج إلى الموافقة عليه في اجتماع مجلس الوزراء وقد يُعرض على الكنيست للموافقة عليه. كما سيتم إبداء رأي المستشار القانوني للحكومة، المحامية غالي بيهاريف ميارا، في هذا الشأن.

من ناحية أخرى، يستغل نتنياهو الحدث، ليصف تسلسلًا متطرفًا للأحداث في مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف جعل قيادته أكثر مسؤولية واستحقاقًا لبديل لابيد. حيث يزعم البعض أيضًا أن من السذاجة تجاهل حقيقة أن الحكومات الانتقالية لا تخلو من ادعاءات سياسية. على العكس تمامًا. من الواضح للجميع أن لبيد يحاول استخدام الاتفاقية الناشئة مع لبنان كدليل على قدرته على قيادة وإجراء مفاوضات مع لبنان ومنظمة حزب الله. لكن هذا لا يعني أن هناك تناقض بين الادعاءات السياسية وضرورة الاتفاق.

كلام المشرع

نقطة الانطلاق القانونية في هذا النقاش هي أن الحكومة الانتقالية هي حكومة لكل المقاصد والأغراض، ويجب أن تستمر في أداء دورها كسلطة تنفيذية حتى يتم تشكيل حكومة جديدة. هذا ما تنص عليه المادة 30 (ب) من قانون الحكومة الأساسية (من عام 2001) لكن الأمر ليس بهذه البساطة.

تم تحديد الإرشادات الأكثر تفصيلاً حول هذه القضية في التماس قُدم إلى المحكمة العليا في عام 2001 تناول مسألة إجراء مفاوضات سياسية خلال حكومة انتقالية. رغم أن المحكمة قضت بأن إيهود باراك، الذي استقال من منصب رئيس الوزراء، يمكنه إجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، لكن أي اتفاق يتم التوصل إليه سيُعرض على الكنيست للمصادقة عليه. وشددت المحكمة العليا بشكل خاص على مبدأين أساسيين: المعقولية والتناسب، والحاجة إلى "نهج مرن يوازن بين ضبط النفس والعمل، وفقًا لظروف الأمر ومع مراعاة الواقع المتغير".

في مواجهة الأمور، من الضروري التمييز بين نوعين رئيسيين/ أساسيين من القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية خلال فترة الحكومة الانتقالية: فهناك قضايا استراتيجية، من الواضح للجميع أن الحكومة يجب أن تستمر في العمل بها بطريقة تخدم المصالح الوطنية. وفي هذا السياق، مسألة الأسلحة النووية الإيرانية، والموضوع الفلسطيني، وتقليص توسع نفوذ إيران، ومنع تسليح حزب الله وتوسيع اتفاقات التطبيع.. على سبيل المثال.

إلى جانب هذه القضايا الاستراتيجية التي قد تتلقى تفسيرًا موسعًا أو تخدم مصالح معينة أضيق. في هذا السياق، من الممكن الإشارة إلى القضايا التي يكون الخلاف حولها واضحًا وصعبًا (هذه بشكل أساسي تلك المتعلقة بالقضية الفلسطينية مثل اتفاقيات السلام أو التنازل عن مناطق من الضفة الغربية)، ومن ناحية أخرى، إدارة/ الشروع في التحركات العسكرية، والتي يمكن تفسيرها على أنها محاولة لإغراء الناخبين.

نقطة الانطلاق القانونية في هذا النقاش هي أن الحكومة الانتقالية هي حكومة لكل المقاصد والأغراض، ويجب أن تستمر في أداء دورها كسلطة تنفيذية حتى يتم تشكيل حكومة جديدة. لكن الأمر ليس بهذه البساطة.

ما هو متوقع بعد ذلك؟

اتفاق لبناني – "إسرائيلي" يدخل في المجموعة الأولى: موضوع حساس ولكن بالتأكيد ضمن حدود مصلحة الأمن "القومي الإسرائيلي"، دولة معادية "تعترف" بحق "إسرائيل" في الوجود ضمن حدود محددة (بما في ذلك الموافقة المشتركة لمنظمة حزب الله)، ودفعة اقتصادية استراتيجية "لإسرائيل" ولبنان، على أمل أن تتمكن منصتا الغاز المتجاورتان من رفع الحاجز أمام الصراع في المستقبل، ولكن أيضًا تجنب الصراع الذي يمكن أن ينشب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. طبعًا هذا كله حسب التفسير الصهيوني.

علاوة على ذلك، لن يرغب أي شخص في المشهد السياسي الصهيوني في رؤية جولة أخرى من العنف مع حزب الله نتيجة لفشل هذه الصفقة، وقد أمر مجلس الوزراء السياسي والأمني ​​بالفعل الجيش الصهيوني والمؤسسة الأمنية بضرورة توخي الحذر في حالة حدوث أي تدهور في الوضع الأمني ​​على الحدود الشمالية.

هناك قضية أخرى تثار كثيرًا وهي ما إذا كانت الاتفاقية مع لبنان تتطلب استفتاءً، كما هو مطلوب لأي تغيير في "حدود إسرائيل" الدولية. لكن في حالة الصفقة مع لبنان، لا يُطلب من الكيان الانسحاب من أراض أو تغيير حدود (مع مراعاة الخلافات في الرأي مع لبنان بشأن نطاق مناطقه الاقتصادية البحرية وليس منطقة السيادة) وحتى يوفال شتاينتس، وزير المالية السابق لحزب الليكود، الذي ينتقد الآن الصفقة الحالية والحكومة المؤقتة، قال إنه لا توجد حاجة لإجراء استفتاء. مع العلم إن حكومة نتنياهو المؤقتة وافقت على اتفاق إبراهيم 2020 دون استفتاء.

وعلى الرغم من الاقتراب من جولة أخرى من الانتخابات، وبالطبع المناخ المشحون سياسياً، يرى قانونيون صهاينة مثل مؤرخ العلاقات الدولية إلداد بن أهارون، والسفير المتقاعد مايكل هراري أن الصفقة بين "إسرائيل" ولبنان تستوفي المعايير القانونية لـ "الحاجة الحيوية" للأمن القومي "لإسرائيل"، وسيكون الاختتام الناجح للمفاوضات، متماشيا مع المصالح الوطنية "لإسرائيل".