في تصعيد جديد لوحشية الاحتلال، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة مروعة فجر الثلاثاء، حيث قصف خيام النازحين في منطقة مواصي خانيونس التي أعلن عنها سابقًا "منطقة آمنة". القصف الذي استهدف منطقة تأوي نحو 200 خيمة خلّف أكثر من 40 شهيدًا و60 جريحًا في حصيلة أوليّة، ولا تزال فرق الإنقاذ تعمل في ظروف بالغة الصعوبة لانتشال الضحايا والمفقودين من تحت الأنقاض.
المشهد في موقع المجزرة كان صادمًا، إذ اختلطت جثث النازحين بالرمال والخيام التي دمرتها الصواريخ، مخلّفة ثلاث حفر عميقة. الضحايا كانوا نيامًا حين سقطت القنابل الإسرائيلية التي استهدفت المنطقة الإنسانية، وهي منطقة تعج بالمدنيين، ما يُشكّل دليلًا إضافيًا على السياسة الإسرائيلية القائمة على استهداف المدنيين بشكل مباشر.
تفاصيل المجزرة وحصيلة الضحايا
بحسب ما نشره الدفاع المدني الفلسطيني، فإنّ القصف الإسرائيلي استهدف خيام النازحين الواقعة بجوار مسجد عثمان بن عفان، جنوب غرب مدينة خانيونس. طائرات الاحتلال نفذت الغارة على حين غرة، دون سابق إنذار أو تحذير، لتتسبب في دمار واسع أدى إلى تضرر 40 خيمة بشكل كامل، واختفاء عائلات كاملة تحت الرمال.
الطواقم الإغاثية والإسعافية تواجه تحديات كبيرة في عمليات البحث والإنقاذ، حيث تفتقر إلى المعدات اللازمة للبحث في عمق الحفر التي خلّفتها القنابل. الدفاع المدني أفاد بأنّ القنابل المستخدمة من نوع MK-84 الأميركية، والتي تتمتع بقدرة تدميرية كبيرة، ما أدى إلى إبادة واسعة النطاق. بعض الضحايا تم انتشالهم وهم في حالة بتر أطراف، وهناك عائلات لم يُعثر على أفرادها حتى اللحظة.
رغم ذلك، أصدر جيش الاحتلال بيانًا ادعى فيه أن الغارة استهدفت "عناصر بارزة" من المقاومة الفلسطينية، مشيرًا إلى أنهم كانوا يعملون من داخل مجمّع قيادة وسيطرة في المنطقة. هذا الادعاء أثار سخطًا واسعًا، إذ أكدت حركة حماس أن الرواية الإسرائيلية هي محاولة فاشلة لتبرير مجزرة جديدة تُضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالجرائم ضد المدنيين.
صمت دولي وتواطؤ أميركي
في ظل استمرار هذه المجازر الوحشية، يلتزم المجتمع الدولي الصمت تجاه الجرائم الجماعية التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أصدر بيانًا يؤكد فيه أن هذه المجزرة تمثل دليلاً إضافيًا على أن صمت المجتمع الدولي يشجع "إسرائيل" على ارتكاب المزيد من المجازر.
المرصد أكد أن الاحتلال تعمد استخدام قنابل ذات أثر تدميري واسع في منطقة تعج بالمدنيين والنازحين، دون توجيه أي تحذيرات مسبقة، مشيرًا إلى أن مثل هذه المجازر المخزية غير مسبوقة في تاريخ الحروب، إذ تستهدف المدنيين بشكل مباشر ومتعمد.
تأتي هذه المجزرة بعد شهر فقط من مجزرة مدرسة "التابعين" في غزة، التي استشهد فيها أكثر من 100 فلسطيني، دون أن يثبت الاحتلال وجود أي عناصر مسلحة في المنطقة. هذا النمط المتكرر من استهداف المدنيين يشير إلى نية واضحة من قبل الاحتلال لإبادة الفلسطينيين بشكل جماعي، بغطاء سياسي وإعلامي من الإدارة الأميركية.
يظل الاحتلال ملزمًا بالقانون الدولي الإنساني، الذي يفرض ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين أثناء العمليات العسكرية. غير أن تجاهل الاحتلال لهذه القواعد، واستمراره في استخدام أسلحة فتاكة في مناطق مدنية، يعكس استهتارًا كاملًا بكل ما يتعلق بالقيم الإنسانية والمواثيق الدولية.