عقد الحزب الشيوعي الفنزويلي، مؤتمره الوطني السادس عشر في الفترة من ٣ إلى ٥ من شهر نوفمبر الجاري، وسط هتافات معادية للإمبريالية والنظام الرأسمالي، وأخرى أممية تضامنية مع الحركات العمالية وحركات التحرر، وصدحت الحناجر بالشعارات التي تعبر عن الحماس الجامح لأعضاء المؤتمر في أن يشكل المؤتمر نقله نوعية للحزب في الظروف الجديدة، وقد شارك في الافتتاح عشرات الأحزاب المحلية والأممية من كافة القارات.
وأجمع المتحدثون من ممثلين الأحزاب الشيوعية والعمالية في المؤتمر على الوقوف إلى جانب الشعب الفنزويلي في نضاله ضد العدوانية الإمبريالية، وفي مقاومته للعقوبات التي تفرضها الإمبريالية الأميركية والاتحاد الاوروبي، وإدانتها للحصار المفروض على فنزويلا منذ سنوات.
وأكد المتحدثون على تضامنهم مع الحزب الذي يتعرض لحمله ظالمة من بعض الأوساط الحكومية لسبب وقوفه إلى جانب الطبقة العاملة والشرائح الاجتماعية، المتضررة من السياسة الاقتصادية الحكومية، التي زادت من معاناتها.
وقدّم الرفيق الأمين العام للحزب أوسكار فيغيرا التقرير المقر من اللجنة المركزية، والذي أسهب في توضيح أسباب الخلاف والتناقض مع حكومة الرئيس نيكولاس مادورو التي "تخدم سياساتها أصحاب رأس المال وتتحالف معهم على حساب مصالح العمال والشغيلة وفقراء الفلاحين الذين تزداد معاناتهم وتآكل مدخراتهم ودخلهم الذي لا يلبي أدنى احتياجاتهم الضرورية في الصحة والتعليم".
وفي سياق تحليله للأزمة التي عصفت بفنزويلا والتي ما زالت مستمرة، أكد أنها "أزمة بنيوية مستحكمة في النظام الرأسمالي الريعي الفنزويلي، ولم تكن بسبب العقوبات غير القانونية فقط التي فرضتها الإمبريالية الأمريكية والأوروبية، التي بلا شك عمقتها ويرعت من تعفنها".
وأضاف "عملت حكومة الرئيس مادورو على الانفتاح على المعارضة البرجوازية وعلى حكومة الولايات المتحدة، واتخذت إجراءات أدت إلى اتباع سياسة الليبيرالية الجديدة، مما أدى إلى اتخاذ الحزب الشيوعي قرارات تتناسب والأوضاع الجديدة، ومن أهمها تشكيل البديل الشعبي الثوري كإطارٍ نضالي جماهيري مستقل، نخوض الانتخابات من خلاله".
وأوضح أن "تشكيل الحزب لهذا الإطار الجبهوي دفع حكومة الرئيس مادورو إلى شن حملة ظالمة علينا، أدت إلى الطلاق وتباعد الهوة بين الطرفين".
وختم التقرير قائلاً "إن المهمة الأساسية والمباشرة أمام الحزب هي تعميق الوحدة النضالية الشعبية، بين العمال والفلاحين، وكل الفئات الشعبية، التي ستفرض وحدة القوى السياسية والاجتماعية التي تناضل ضد الإمبريالية والتبعية والتخلف ومن أجل إزاحة اليمين عن السلطة".
وفي كلمة الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين قدمها الرفيق اسحق أبو الوليد، ممثل الجبهة وعضو لجنة العلاقات الدولية فيها، استهلها بتقديم التحية باسم الرفيق الأمين العام أحمد سعدات والمكتب السياسي واللجنة المركزية وكل الشعب الفلسطيني، للشعب والفنزويلي وللحزب الشيوعي الفنزويلي المجيد.
وتناول الرفيق "أبو الوليد" في كلمته، الوضع في أمريكا اللاتينية وفي العالم، قائلاً: "تشهد قارة أمريكا اللاتينية موجة من التغير الاجتماعي والسياسي وتعود القوى التقدمية واليسارية لسياسة الهجوم من جديد، وتستلم الحكم في كل من بوليفيا والبيرو وكولومبيا والبرازيل، وهنالك دول أخرى تسير على هذا الطريق".
وأضاف: "نعم إن هذا تطور مهم جدًا، وصحيح أن معظم القوى التي تصل السلطة هي قوى إصلاحية وغير جذرية، لذا يعتمد مستقبلها ومستقبل عملية التغيير على دعم اليسار الجذري والشيوعيين والاشتراكيين وكل القوى الديموقراطية والتقدمية، لهذه الحكومات التي تعلن بوضوح أنها ضد الهيمنة الأمريكية، وتريد أن تجري إصلاحات اقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهذا بلا شك يقوض النفوذ الإمبريالي الأمريكي في القارة التي لم تعد، وبقرار من قواها وشعوبها، حديقتها الخلفية".
وأكمل أبو الوليد: "هنا أريد أن أذكر بمبدأ كيسنجر الذي قال عندما أطاحت المخابرات الأمريكية بالقائد الاشتراكي سلفادور الليندي "أن الولايات المتحدة إن لم تستطيع السيطرة على حديقتها الخلفية (أمريكا اللاتينية) لا يمكن لها أن تطرح نفسها قائدًا للعالم، أي أن سيطرتنا على هذا الجزء من القارة شرط ضروري لسيادتنا للعالم".
وتابع: "بالتدقيق بما يجري بما تسميه بحديقتها الخلفية، نشهد أنها تزاح فعلاً، وها هي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والحرب الدائرة مع حلف الأطلسي بأكمله، وتعمق الأزمة في المجتمع الأمريكي والمجتمعات الغربية الأوروبية، تدلل على أن عالم القطب الواحد قد ولى، أما كيف سيكون العالم الجديد، هذا سيعتمد على نضالات الشعوب المعادية للإمبريالية والرأسمالية بقيادة القوى التقدمية والشيوعية".
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قال الرفيق "أبو الوليد": إنّ "القضية الفلسطينية ما زالت بامتياز قضية تحرر وطني، من الاستعمار الصهيوني الإمبريالي وتتمثل بحق الشعب الفلسطيني في النضالي، من أجل تحرير كل فلسطين، لأن فلسطين وطن الفلسطينيين، ولا يحق لأي كان أن يقرر مصيره على هذه الأرض سوى الشعب الفلسطيني، وقد أثبت فشل ما يسمى بالحل السياسي السلمي، والذي تبلور باتفاقيات أوسلو، بين البرجوازية الفلسطينية والكيان الصهيوني، إنه لا يمكن التعايش مع الصهيونية وكيانها في فلسطين، وأن العدو لا يريد أية حلول مهما كانت سيئة، هو يريد الاستسلام الكامل لشعبنا وبدون شروط. ولكن ليس كل ما يريده هذا العدو وحلفائه يستطيعون تحقيقه، فها هو شعبنا يجدد نضاله وثورته المسلحة في الضفة الفلسطينية المحتلة، حيث تمارس الجبهة الشعبية دورًا رياديًا في تعميقها وتصليبها في مرحلة من أدق مراحل نضالات شعبنا وتاريخه".
وفي ختام كلمته أشاد "بتاريخ الحزب الشيوعي الفنزويلي"، مذكرًا أنّ "الحزب منذ تأسيسه خاض نضالات مهمة في مراحل صعبة ودقيقة، اكسبته الخبرة والإرادة بأن يكون دائمًا في المقدمة، دفاعًا عن الشعب والطبقة العاملة، ونحن على ثقة بأنه سيتجاوز هذه المرحلة الصعبة والدقيقة وسيبقى على رأس النضال من أجل الوطن والشعب".
وأنهى كلمته مشددًا بالقول "أننا كشعوب يجب علينا أن نتكاتف، وأن نوحد النضال ضد الإمبريالية والصهيونية، لأن الصهيونية كما كان يقول دائمًا القائد الراحل هوغو شافيز، هي عدوة كل الشعوب، وليس فقط عدوة الشعب الفلسطيني لوحده، وأن تأييد القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لن يكون شاملاً ومكتملاً إلّا إذا ترافق مع النضال ضد الصهيونية وفضح أهدافها. إننا قادرون على تحقيق النصر وأن الإمبريالية قابلة للهزيمة. إنه بداية أفولها وسقوطها ولنثق بأنفسنا".