Menu

تنامي الصهيونية الدينية العنصرية في "إسرائيل" واحتمالات تصدع الجبهة الداخلية للكيان

حيدر العيلة

"يوفال ديسكين" الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الصهيوني نشر مقالة في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، قبل أيام من الانتخابات الأخيرة تحت عنوان "نحن على شفا حرب أهلية"، وقال "ديسكين" في مقالته: أن الصراعات والتناقضات الخفية داخل "المجتمع" الصهيوني والتي بدأت تظهر على السطح وتأخذ أشكال عنيفة وخطيرة، قد تؤدي الى تفكك هذا المجتمع، وربما تصل إلى حرب أهلية، وأن الصراع العربي الإسرائيلي هو ما يمنع تطور هذه التناقضات الحادة إلى حرب أهلية.

"المجتمع" الصهيوني - لا يجوز تسميته بالمجتمع - هو عبارة عن تركيبة ديمغرافية متناقضة، وخليط غير متجانس من الجماعات، ذات الأصول المتباعدة عرقيا وثقافيا وفكريا، رغم أن جميعها تشترك في أيديولوجية واحدة هي الأيديولوجية الصهيونية العنصرية، إذا استثنينا حزب ميرتس الإسرائيلي الذي خرج من الكنيست، والمصنف إسرائيليا على أنه "يساري" صهيوني يؤمن بالصهيونية، ولكنه يرفض يهودية الدولة وقوانينها العنصرية، وينادي بالمساواة للعرب الفلسطينيين داخل مناطق ال ٤٨ ومبدأ حل الدولتين.

هذا التناقض الذي أشار له "ديسكين"، وغيره من القادة الصهاينة، ينمو ويتصاعد وقد يصل إلى الانزلاق في سلسلة من الصراعات الداخلية العنيفة، والتي قد تؤدي في النهاية إلى تفكك داخلي، وربما إلى حرب أهلية داخلية، كما أشار في وقت سابق عدد من الزعماء الإسرائيليين، ومنهم زعيم حزب العمل الأسبق أيهود براك، وجابي ايزنكوت عضو الكنيست عن قائمة معسكر الدولة بزعامة بيني غانتس، ويوسي بيلين وبعض الكتاب والصحفيين "الإسرائيليين"، منهم الكاتب اليساري جدعون ليفي وعاموس هرئيل وآخرين. وجاءت انتخابات الكنيست الخامسة والعشرين لتعزز هذا التناقض وتكشف عن التنامي المضطرد، لأحزاب الصهيونية الدينية المتطرفة والأحزاب اليمينية العنصرية المتشددة قوميا ودينيا، كحزب الصهيونية الدينية بزعامة الثلاثى الكاهانى: بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، وايتمار بن غفير زعيم حزب العظمة اليهودية، وآفي ماعوز زعيم حزب نوعام المتشدد، إضافة لحزب اليهود المتدينين الشرقيين "شاس" بزعامة آرييه درعي، وحزب اليهود الغربيين يهودوت هتوراة بزعامة يتسحاق جولد كنوبف، والتي حصلت ثلاثتها (الصهيونية الدينية وشاس ويهدوت هتوراة) على ٣٢ مقعدا، متساوية بذلك مع حزب الليكود، وأعتقد أنها لن تقبل بأقل من نصف عدد وزراء حكومة نتنياهو، لتتمكن من تنفيذ مبادئها وبرامجها الدينية المتشددة، وسيرضخ الثعلب نتنياهو لتلك المطالب، لأنه لا يوجد لديه خيارات أخرى، بعد أن رفضت باقي الكتل الانتخابات الدخول معه في الائتلاف الحكومي المزمع تشكيله قريبا.

الصهيوقومية الدينية والأحزاب الدينية الحريدية في مواجهة علمانية الدولة

إن التقارب والتزاوج بين الأيديولوجية الصهيونية القومية والفكر الديني المتطرف، أعطى قوة للصهيونية الدينية، والتي يشكل المستوطنون نواتها الرئيسية وأصبحت الصهيونية الدينية تجمع بين التطرف القومي والتطرف الديني الحريدي، وهذا يشكل خطر كبير على باقي مكونات الجمهور الصهيوني العلماني، خاصة في ظل النمو المضطرد لحركة الصهيونية الدينية والأحزاب الدينية التي حصلت على ٣٢ مقعد في الانتخابات الأخيرة، أي بزيادة ١٢ مقعدا عن الانتخابات السابقة، وهنا يكمن جوهر الخطورة، لأن تلك الأحزاب، ستطالب بحقها الكمي في فرض قوانين تتلاءم مع جوهر أفكارها الدينية التوراتية المتطرفة، وبالتالي سيشكل ذلك بداية للتصادم الحتمي مع باقي مكونات "المجتمع" الصهيوني من علمانيين ويمين ليبرالي ويسار الوسط من الطبقة الوسطى ومجتمع المثليين الذين لن يقبلوا التعايش مع قوانين دينية متشددة، تكبح من حريتها في اختيار منهج حياتها العلمانية، فوفقا لإحصائيات رسمية، فإن ٤٤% من اليهود هم علمانيون واليهود التقليديون ٣٤% فيما يشكل اليهود المتدينون نسبة لا تزيد عن ٢٠% في الوقت الحاضر.

تداعيات وانعكاسات حكومة اليمين المتطرف على الوضع الداخلي للكيان

إن تنامي حزب الصهيونية الدينية المتطرف هو نتاج لأزمة بنيوية لدولة الاحتلال التي باتت تقف على أعتاب "ثورة" دينية استبدادية، لا تستطيع منع أهدافها في تدمير أسس "الديمقراطية" وعلمانية الدولة، وبناء أسس دينية صهيوقومية، وللتوضيح أكثر سأعرض بعض المبادئ والقوانين التي ستحاول الصهيونية الدينية تمريرها، من خلال سيطرتها العددية القادمة على الكنيست ومفاصل الدوائر الحكومية في حال تشكلها:

أولا: فرض القوانين التوراتية والتشريعات الدينية، حيث تطالب الصهيونية الدينية (التي تجمع بين التشدد القومي والديني) ومعها الأحزاب الدينية التقليدية، بفرض طابع الدولة اليهودي كدولة يهودية توراتية في كافة مناحي الحياة، وهنا يكمن محور الأزمة التي تدور حول شكل الدولة المتنازع على هويتها: هل هي دولة يهودية دينية؟ أم هي دولة اليهود أينما كانوا؟

وهذا الاختلاف يعبر أشد تعبيرا عن الأزمة البنيوية لهذا الكيان وتحديدا دور الدين في الحياة العامة، فالصهيونية الدينية ترى أن الكيان هو دولة يهودية توراتية، ولذلك فهي تطالب بتطبيق القوانين والتشريعات الدينية، ليس فقط على تجمعات اليهود الحريديم، وإنما على كل المناطق في الكيان وفي كافة مناحي الحياة العامة على المتدينين والعلمانيين على حد سواء.

ثانيا: السعي لتعديل قانون الأحوال الشخصية وصبغه بالطابع الديني الذي يتعارض مع القوانين العلمانية ولديهم عدد مقاعد يساعد على سن تلك القوانين، وستعمل على تعديل قوانين الأحوال الشخصية، وفرض قواعد الأكل الحلال "الكشروت" وحرمة يوم السبت والزواج والمرأة وغيرها، رغم أن غالبية اليهود التقليديين، ليس لديهم مشكلة مع بعض تلك القواعد الدينية كالسبت والزواج والكشروت التي يمارسونها كتراث صهيوني دون أية اعتبارات للبعد الديني المتزمت، أما اليهود العلمانيون لا تعنيهم القضايا الدينية ويعتبرون أنها غير ملزمه لهم.

ثالثا: نشر الأفكار والمبادئ التوراتية المتشددة في المدارس والجامعات، حيث ستعمل القوى الدينية على إضافة نصوص من التوراة ضمن المناهج الدراسية، وحتى ضمن مناهج الجغرافيا والرياضيات، لتغيير طبيعة المجتمع من مجتمع علماني مدني ليبرالي إلى مجتمع صهيوني ديني أرثوذكسي، وقمع الأفكار الصهيونية العلمانية واعتبارها أفكارا كافرة يجب محاربتها، وكان آفي ماعوز أحد أقطاب الصهيونية الدينية، الذي وقع منذ أيام اتفاق ائتلافي مع نتنياهو، سيحصل بموجبه على منصب نائب وزير بوزارة (هوية الدولة) وصلاحيات موسعة في وزارة التعليم والمناهج، قد أعلن أنه سوف يشن حربا على "المثليين"، وسيطالب بمنع مشاركة المرأة في الحياة العملية وفي الجيش، وأن المرأة خلقت للزواج وإنجاب الأطفال وتربيتهم فقط. كما إنه يعارض المفهوم الحالي لقانون العودة الذي يحدد من هو اليهودي ويعتبره قانونا سخيفا، ويجب غربلة المجتمع الإسرائيلي بهدف الوصول لمجتمع يهودي خالص، وأعلن أنه سوف يعمل على إحداث تغيير جوهري لمحتوى المناهج التعليمية التي لا تنسجم مع الشريعة اليهودية.

رابعا: قضية من هو اليهودي، وهنا يدور الخلاف الديني والاجتماعي وحتى السياسي في هذه القضية حول من هو اليهودي، وتعتبر الأحزاب الدينية المتطرفة أن اليهودي هو فقط كل من ولد من أم يهودية، ورفض الاعتراف بكل من اعتنق الديانة اليهودية من غير اليهود (عدم اختلاط الدم اليهودي بدم غير اليهود)، هذه الأفكار المتشددة تتناقض مع أساس الأفكار العلمانية لمؤسسي الكيان مثل ثيودور هرتسل مؤسس دولة الكيان الأول، ودافيد بن غوريون الذي أرسى مبادئ علمانية "دولة اليهود" على أرض فلسطين المحتلة. ويرى غير المتدينين أن هذه الأفكار تهدد علمانية وديمقراطية "الدولة" وتهدد مستقبل الهجرة اليهودية الى فلسطين، وأيضا تخلق تناقض مع المجموعات اليهودية التي ستتردد في القدوم إلى "اسرائيل"، بسبب سيطرة المذهب الأرثوذكسي المتشدد.

خامسا: العمل على تغيير طابع مؤسسات الدولة المدنية، حيث ستقوم القوى الدينية بمحاولات للتأثير السلبي على عمل المحكمة العليا وممارسة الترهيب على قضاتها والعمل على تهميشها لغرض انفاذ بعض القوانين الدينية التوراتية الخاصة بالمتدينين وفرضها على باقي فئات المجتمع، وهذا يعني تغيير لمعالم وأسس النظام الذي قام عليه الكيان منذ تأسيسه، ويرى المتدينين المتشددين أن المحكمة العليا هي رأس العلمانية ويجب محاربتها واحلال المحاكم الشرعية بديلا عنها، وقد نشرت صحيفة TIMES OF ISRAEL تصريحات ليتسحاق بندروس أحد قادة يهدوت هتوراة بمناسبة احتفال "اسرائيل" باستقلالها ال ٧٤ قال فيه : ان حلمه هو احضار جرافة D-9 ونسف مبنى المحكمة العليا، التي تحتكم للقوانين العلمانية المدنية المنافية للتعاليم الدينية، وهذا التصريح أدى لردود فعل غاضبة جدا من قوى اليمين الليبرالي والوسط وما يسمى اليسار الصهيوني.

انعكاسات وتداعيات حكومة اليمين الديني على القضية الفلسطينية

ايتمار بن غفير، اليهودي الفاشي، العنصري المستفز، من مجرم ومدان بالإرهاب في أكثر من ٦٠ قضية جنائية إلى وزير للأمن القومي وعضو في الكابينيت المصغر لحكومة نتنياهو، وهو أمر بات يثير المخاوف لدى العديد من دول العالم، بسبب مواقفه العنصرية المتشددة المعادية للعرب. وسيعمد بن غفير وسموتريتش وماعوز مع القوى الدينية التقليدية الأخرى إلى استغلال الصلاحيات الموسعة التي منحتهم إياها الاتفاقية الائتلافية في وزارة الأمن القومي وتطوير الجليل والنقب ووزارة المالية والداخلية لتنفيذ سلسلة من الخطوات المدروسة وهي:

أولا: شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية والاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية

ستعمل الصهيونية الدينية ومن خلال موقعها على شرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية، مثل: حومش وأفيتار وحوالي ١٤٠ مستوطنة عشوائية غير معترف ببعضها من الحكومة السابقة وتخصيص ميزانيات ضخمة للبناء في هذه المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية (غير المصادرة) حتى اللحظة، وتشجيع المجموعات الاستيطانية وفتية التلال للاستيلاء على المزيد من أراضي الضفة الغربية او ما يسمونها (يهودا والسامرة) وتخصيص ميزانيات ضخمة لهذا الغرض على حساب باقي مؤسسات الدولة.

ولهذا الغرض، تعمل الأحزاب الدينية المتشددة على المطالبة بوزارة المالية ووزارة تطوير النقب والجليل، لتسهيل مصادرة، المزيد من الأراضي والتضييق علي العرب الفلسطينيين، داخل المناطق المحتلة عام ٤٨، في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية المختلطة لدفعهم للهجرة.

وأنشأت الصهيونية الدينية جمعية خاصة لمراقبة البناء الفلسطيني (غير المرخص كما يدعون) في القدس ومناطق عديدة في الضفة والمناطق المحتلة عام ٤٨ والإبلاغ عنه للجهات الحكومية، وحتى التصدي له بالقوة، لمنع الفلسطيني من التوسع الطبيعي في أرضه ودفعه إلى اليأس والعمل على تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين من الضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام ٤٨، لإحداث تغييرا في الواقع الديموغرافي لصالح المستوطنين الصهاينة وعزل باقي السكان الأصليين في (كانتونات منعزلة)، لقطع الطريق على أية تنازلات سياسية، يمكن أن تقدم عليها الحكومات الإسرائيلية مستقبلا.

إن منح بن غفير حقيبة الأمن الداخلي، وتوسيعها لتشمل الأمن الداخلي والاقتصاد والصحة والتعليم والعلاقات الدولية، ومنح بن غفير وسموتريتش وماعوز صلاحية تشكيل جيش خاص، وسلطة على حراسة الحدود مع الضفة، والتي هي شكل من أشكال طمس الحدود بين الضفة المحتلة و"إسرائيل"، وهذا يعني فيما يعنيه ضم الضفة الغربية لدولة الاحتلال خلافا للقرارات الدولية، والمحاولات المستمرة والمتصاعدة لتهويد الأقصى، وتقسيمه زمانيا ومكانيا، فإن هذه السياسة الخطرة لحكومة اليمين الديني، ستشكل خطرا على الاحتلال ذاته، من خلال قيام تلك المليشيا بممارسة القوة العسكرية المفرطة، وبالتالي ارتكاب أخطاء أمنية قاتلة ستجعل إسرائيل أمام ضغوط دولية وعربية كبيرة، وأمام انتفاضة فلسطينية شاملة لن تستطيع دولة الاحتلال السيطرة عليها 

ثانيا: رفض أية حلول سياسية مع السلطة الفلسطينية وعدم التنازل عن متر واحد من الأراضي المحتلة عام ٦٧، وتحديدا في القدس و الخليل ونابلس وباقي مدن الضفة المحتلة، لأنها بنظرهم (وليس فقط مناطق الساحل والمثلث والنقب والجليل)، تشكل أرض إسرائيل التوراتية، ويعتبرون أن التنازل عن متر واحد (تم تحريره في عام ٦٧) هو خيانة كبرى لا تسامح معها، وقد سبق أن وصفوا رابين بالخائن لأنه أراد إبرام تسوية مع السلطة الفلسطينية يتم بموجبها التنازل عن بعض الأراضي، وقد أدى التحريض ضده من الجماعات الدينية المتطرفة الى اغتياله لاحقا.

 ثالثا: العمل على سن قوانين متشددة ضد المقاومة الفلسطينية وإطلاق يد الجيش والمستوطنين بملاحقة وقتل الفلسطينيين وحماية الجنود من أية ملاحقات قانونية، ولهذا السبب يطالب بن غفير بوزارة الأمن القومي بصلاحيات موسعة لتحقيق هذا الهدف، وهي مقدمة لتشكيل ميليشيات مسلحة على غرار كتيبة (نيتسح يهودا) في الضفة والمليشيات الإرهابية التي أنشأتها العصابات الصهيونية قبل نكبة عام ٤٨، لملاحقة وتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على ممتلكاتهم. وكذلك سن قانون الإعدام للمناضلين الفلسطينيين، ونفي عائلاتهم خارج فلسطين، والتضييق على الأسرى داخل السجون الصهيونية كما صرح بن غفير وسموتريتش، وهذا الأمر وما سبقه سيؤدي إلى مواجهة حتمية داخل وخارج السجون، ويمكن أن يعجل بانتفاضة فلسطينية شاملة وتغييرات جوهرية في المنطقة.

مآلات التصدع داخل المجتمع الصهيوني

التصدع في المجتمع الصهيوني ما بين مجتمع المتشددين دينيا الذي يعيش حالة شبه منعزلة، وفق قوانين "الهالاخاة" والتشريعات التوراتية الأرثوذكسية وبقية أفراد "المجتمع"، من يهود تقليديين وعلمانيين وليبراليين ويساريين صهاينة، آخذ في الازدياد بوتيرة مرتفعة، إذا علمنا أن تلك الجماعات الدينية تتزايد باضطراد أكثر من باقي الجماعات، فمثلا متوسط مواليد المرأة اليهودية المتدينة يتراوح بين ٨ - ١٠ أفراد، في حين أن اليهود التقليديين لا يزيد مواليد المرأة عندهم عن ٣ - ٤ أفراد، وهذا يعطي مؤشر على طبيعة التغيير الديموغرافي المستقبلي الذى سيخلق معه تناقضات تراكمية، ستؤدي في النهاية إلى صراع عنيف، بدأت بوادره الأولى في اعتداءات الجنود المتدينين على أحد نشطاء اليسار "الإسرائيلي" في الخليل، وقد سارع بن غفير وزير الأمن القادم بإعلان دعمه للجنود وموجها حديثه لنشطاء اليسار: "لن تكونوا محميين بعد اليوم".

وللدلالة على الجنوح المخيف "للمجتمع" الصهيوني والجيش، تحديدا باتجاه التطرف الديني، كتب الصحفي جدعون ليفي بعد ظهور نتائج الانتخابات مقالا عن نسبة الجنود الذين صوتوا لأحزاب الصهيونية الدينية في الانتخابات الأخيرة، قال فيه: أن اثنان من كل عشرة جنود صوتوا لصالح ايتمار بن غفير، بمعنى أن اثنين من كل عشرة هم جنود كهانيون، اثنان من كل عشرة يؤيدون الترحيل والضم والموت للعرب، اثنان من كل عشرة يعتقدون أنهم ينتمون إلى أمة أعلى وأسمى من باقي الأمم، واثنان من كل عشرة يعتقدون أيضا انه مسموح للجنود بإطلاق النار وقتل الفلسطينيون لأنهم ليسوا بشرا، وكتبت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها الصادرة في الأول من نوفمبر وبعد الفوز الكبير للأحزاب المتشددة في انتخابات الكنيست ال ٢٥: إن الصهيونية الدينية شوهت المشروع الصهيوني وحولته من وطن قومي للشعب اليهودي إلى برنامج تفوق قومي - عرقي - ديني لليهود بروح كهانية مسيانية. "إسرائيل" اليوم على شفا ثورة قومية - دينية - استبدادية، هدفها اغتيال البنية التحتية للديمقراطية، وسيكون هذا يوما أسودا في تاريخ "إسرائيل".

وتابعت الصحيفة: أن معسكر الوسط واليسار واليمين الليبرالي، يجب أن لا يقفوا مكتوفي الأيدي وألا يغرقوا في اليأس، وبدلا من ذلك عليهم أن يتحركوا لكبح جماح التوجهات الصهيودينية الفاشية التي من المتوقع أن تتسبب في دمار لا رجعة فيه "للديمقراطية الاسرائيلية".

على الصعيد الفلسطيني

لقد شكلت نكبة عام ٤٨ وما تلاها من نكبات ومجازر مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، ما زال يعاني من ويلاتها حتى اليوم، وما يزال الاحتلال مستمرا في محاولات تنفيذ مخططاته الإجرامية بالتهويد وسن التشريعات، بهدف إنهاء الوجود الفلسطيني وطمس معالم القضية الفلسطينية، وقد حاول عتاة الصهاينة من جنرالات وسياسيين كبار بكل السبل الخبيثة، من قمع وقتل وتشريد، لتحقيق هدف الصهيونية بإنهاء الوجود الفلسطيني، إلا أن كل محاولاتهم باءت بالفشل وتحطمت أوهامهم على صخرة صمود الشعب الفلسطيني، المتمسك بأرضه وبحقه في الوجود والعيش بكرامة والتمسك بمقاومته حتى تحقيق أهدافه في العودة وتقرير المصير والدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس العربية

لقد فشل قادة الكيان الآباء في تحقيق هدفهم بكسر إرادة الشعب الفلسطيني في المقاومة والصمود، فكيف ينجح بعض الصغار الفاشيين، من أمثال الزعران بن غفير وسموتريتش في تحقيق ما فشل به أسلافهم.