Menu

مكوّنة من ثلاث مجلّدات..

المفكّر والباحث الفلسطيني غازي الصوراني يطلق مجموعة "دراسات ومقالات.. في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع"

غزة _ بوابة الهدف

أطلق المفكّر والباحث الفلسطيني غازي الصوراني، مجموعة من ثلاث مجلّدات تحتوي على "دراسات ومقالات.. في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع"، حيث احتضنت هذه المجلّدات بين صفحاتها إنتاج الصوراني الفكري للأعوام 2020، 2021، 2022.

المجلّد الأوّل الذي يحمل رقم (12) وفق تسلّسل المجلدات الفكريّة التي أنتجها الصوراني، احتوى على سلسلة من الدراسات والمقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع كتبها خلال العام 2020، وكتب تقديم هذا المجلّد المؤرّخ أ. عبد القادر ياسين.

المجلّد الأوّل

يقول ياسين في تقديمه للمجلد الثاني عشر: "لقد حُرِم رفيقي الصديق العزيز غازي جمال الصوراني (أبو جمال)، منذ نحو ستة عقود، من استكمال تعليمه الجامعي؛ بسبب ظروف الفقر التي حالت دون أن يتمكن والده الانسان النبيل من تأمين مصاريف الجامعة لولده، ما جعل غازي يَدلُف إلى الماركسية من الكوَّة الطبقية، وإن لم يكتفِ بما نهله من هذا الفكر، بل أغناه بالتجربة، والخبرات التي راكمها في وعيه انعكاساً للواقع الطبقي والبؤس الاجتماعي الذي عاشه، حيث انطلقت من ذلك الواقع الومضات الأولى لوعيه باتجاه الماركسية، فكان وعياً نابعاً من قلب مجتمع العمال والفلاحين الفقراء الذي عاشه غازي في منطقة الشجاعية مسقط رأسه وشبابه ونشاطه السياسي والثوري".

ويُشير ياسين إلى أنّه "وبعد الاحتلال الإسرائيلي الثاني لقطاع غزة (1967)، بنحو شهرين، أودع أبو جمال سجن الاحتلال، وما أن غادره، بعد بضعة أسابيع، حتى انكشفت عضويته في الذراع العسكرية لـ"طلائع المقاومة" الجهاز العسكري لحركة القوميين العرب في قطاع غزة، فكان ضمن أربعة أعضاء من هذه الذراع، أفلتوا، بأعجوبة، من زنازين الاحتلال، من بين أربعة وسبعين عضواً (25/1/1968). لذا، لم يكن غريباً، أن يوصي قائد الجبهة الشعبية ومؤسسها، جورج حبش ، بالاهتمام بالرفيقين، أحمد قطامش، وغازي على نحوٍ خاص، فأبو جمال ربط عبر مسيرته النضالية، بين النظرية، والممارسة، واستمر في طريقه؛ حتى أغنى المكتبة الفلسطينية بما لا يقل عن 25 كتاباً في الاقتصاد، والمجتمع، والثقافة، والسياسة، والفلسفة، كان آخرها قبل عام موسوعته الفلسفية "موجز الفلسفة والفلاسفة عبر العصور".

وتابع ياسين: "نحن، اليوم، أمام المجلد الثاني عشر، من مجموع مقالاته، ودراساته، ومحاضراته. وخيراً فعل، إذ جمعها في مجلدات، لتعميم الفائدة، وحفظها للأجيال، في مواجهة تراجع واقعنا، في شتى المجالات؛ الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية، وفي مجلده هذا، تنقَّل أبو جمال بين الدولي، والإقليمي العربي، والوطني الفلسطيني، وفي القلب منه الطبقي. ولم يفلت منه مصطلح "العَلمانية" التي لا تعني إلا فصل سلطة رجال الدين عن الدولة، وليست إلحاداً".

المجلّد الثاني

أمّا المجلد الثاني الذي يحمل رقم (13)، احتوى على دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع، والتي أنتجها المفكّر الصوراني في العام 2021، حيث كتب تقديم هذا المجلّد الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاء الدين شعبان.

يقول شعبان في بداية تقديمه: "إنّه كتاب موسوعي مُهم، صاغته تجربة مناضل فاهم، وحرّرت كلماته يد مثقف عارف، وشرفٌ عظيم، وأي شرف، أسداه إلي الأستاذ الكبير "غازي الصوراني"، بأن أُقَدِّمُ كتاباً حديثاً له، وما هو بحاجةٍ لتقديم، وإن احتاج فمن قامات رفيعة تليق بتاريخ كفاحه المُمتد، واتساع خبراته وإسهاماته النظرية والعملية، وتعدُّد آفاق رؤاه وعطاءاته، وما قدمه لقضية وطنه، ومدافعته عن مصالح أمته، وانتصاره لنضالات الإنسان الكادح في مشارق الأرض ومغاربها".

ويُضيف شعبان: "ربما يشفع لي في هذا المقام، أن كان من حُسن طالعي أن تعرّفت على الرفيق "الصوراني" في صدر شبابي، بسبب من صداقتي الوثيقة برمزٍ فلسطيني شامخ آخر، هو الأستاذ الكبير "عبد القادر ياسين"، الذي كان قد استقر في مصر عقابيل هزيمة الخامس من يونيو/ حزيران 1967، فازددت بمعرفتهما وعياً بالقضية، وقدرةً على تَفَهُّم الكثير من خفايا الوضع الفلسطيني والعربي بل والعالمي أيضاً، وأشهد أنهما، كانا وظلا، بوجهٍ خاص، مُطلعين على تفاصيل الأوضاع السياسية والنضالية والفكرية في مصر كأفضل ما يكون الاطلّاع، وحازا مكانةً مرموقةً في الوجدان، حتى أنهما يُعاملان من جميع مكونات الطيف الوطني العروبي التقدمي المصري، كما يُعامل الرفاق الموثوقين والرموز النضالية والفكرية الشامخة المقام".

ويُشير شعبان، إلى أنّ "الرفيق "غازي" يُثير الإعجاب دائماً بتنوع معارفه الفكرية عموماً والأيديولوجية بشكلٍ خاص، حتى ليمكن اعتباره موسوعة ثقافية حيّة، مع تنوع اهتماماته بين السياسة والاقتصاد، والفلسفة والأدب، والتاريخ والجيوبوليتيكا، وعلوم الثورة والمُجتمع، والاستراتيجية والتكتيك، إضافة إلى ما اكتنزه من ثروات فكرية وكفاحية نتيجةً للمُمارسة النضالية والعملية برفقة المناضلين الفلسطينيين الكبار، وفي مقدمتهم الحكيم "جورج حبش" والقادة الأفذاذ: "غسّان كنفاني"، و"أبو على مصطفي" و"أحمد سعدات"، وغيرهم من مؤسسي وقادة حركة "القوميين العرب" وامتداداتها، أو من قادة الفصائل الوطنية الفلسطينية الأخرى، وهم كُثر، الذين استُشهدوا في الميدان أو لا زالوا على قيد الحياة".

كما لفت شعبان، إلى أنّ "الكتاب الموسوعي المهم الذي بين يدينا الآن، أكبر دليل على ما تقدّم من إشارات، فهو كنز من المعارف المتنوعة، يضم بين دفتيه، وفي متن صفحاته البالغة نحو ألف صفحة من القطع الكبير، نحو مائتين وخمسة وثلاثين موضوعاً بالغة التنوع، تضم فيضاً من الموضوعات المذكورة عاليه، والأبحاث التي تعكس عمق معرفة الكاتب ومدى الجهد المبذول في صياغة، أو صناعة هذا الكتاب، بتأنق، وصبر، ودقة، وتكثيف العارف بموضوعه، الواثق من رؤيته، والشاعر بالمسئولية عن كل حرف يكتبه، أو جملة يخطها قلمه، وبحيث أصبح هذا السفر بمثابة مكتبة متكاملة بحد ذاتها، لذلك أدعو كل مناضل ومثقف ومُهتم بالشأن العام، بل وحتى بالشأن الخاص، إلى الاطلاع عليها، والاستمتاع بحركة العقل الإنساني وهو يتنقل برهافة مابين موجز لسيرة عظماء الفلسفة على امتداد التاريخ الإنساني، وبين سائر القضايا المُتعلِّقة ب فلسطين وأمتها العربية ووحدة تنظيماتها الكفاحية، والعدو الصهيوني وتاريخ مقاومته، وظاهرة الإمبريالية وتجسُّداتها، وأنماط الإنتاج في المنطقة العربية وتشوهاتها، والعلاقة بين الدين والفكر الثوري، وقضايا البناء التنظيمي لفصائل اليسار الماركسي العربي، وأزمة حركة التحرر العربية، وقضايا المجتمع المدني وحركة التحرُّر العربية، ... إلخ ... إلخ"، مضيفًا "أبلغ تمثيل لقولة "أبي الطيب المتنبي" الشهيرة: "وخير جليسٍ في الزمان كتاب".

المجلّد الثالث

أمّا المجلد الثالث الذي يحمل رقم (14)، احتوى أيضًا على دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع، أنتجها الصوراني خلال العام 2022، فيما كتب تقديمه البروفيسور د. هشام غصيب، والذي أكَّد في معرض تقديمه، على أنّ "كل نضال حقيقي هو فكر وإبداع، وإلا كان ميكانيكيًا فاقدًا للروح والحياة. ومن أكثر من يجسد هذه المقولة في حياته من بين المناضلين العرب الصديق العزيز المناضل والمفكر العربي الفلسطيني غازي الصوراني. فهو يمارس النضال فكريًا ويمارس الفكر نضاليا. وهو أكثر من يدرك أهمية مقولة لينين الشهيرة أن لا حركة ثورية من دون نظرية ثورية. وهو مسكون بنظرية الثورة العربية والتحرر الفلسطيني. وقاده ذلك إلى الغوص في الفلسفة نفسها، وبخاصة الفلسفة الماركسية، التي التزم بها من دون تحجر وتعصب ودوغما، وإنما بوصفها مرشدا للنضال الجاد. وينعكس هذا الالتزام جليا في هذه السلسلة الغنية من المقالات والدراسات المعنية بالثورة العربية والثورة الفلسطينية ودور الماركسية الجوهري في كلتيهما. وهو يركز في ذلك كله على الماركسية بوصفها فلسفة الثورة والعقل الحقيقي لحركة التحرر الوطني العربية والفلسطينية. فهو لا يخفي رأيه في أن الثورة العربية تظل منقوصة ما لم تتبوأ الماركسية فيها مركز الصدارة. وهو في ذلك يتفق تماما مع الشهيد مهدي عامل، الذي كرس فكره لاستكشاف موقع الماركسية في حركة التحرر الوطني العربية".

وينوّه د. غصيب، إلى أنّ "ما يميّز رفيقنا أبو جمال الصوراني أنّ صدمة الهزائم المتتالية التي منيت بها حركة التحرر على الصعد الفلسطيني والعربي والعالمي في العقود الثلاثة المنصرمة لم تدفعه إلى التخلي عن العلم الثوري والخضوع لأيديولوجيا الخصم الطبقي والتغني بها، وإنما دفعته إلى شحذ أدواته التقدمية والغوص نقديا في تراث العلم الثوري من أجل مزيد من الاشتباك الثوري مع الواقع الخاضع لقوى الثورة المضادة ومن أجل الغوص في أعماق الهزيمة وواقعها المظلم في سياق تخطيها والتغلب عليها ورد الاعتبار إلى الثورة وقواها الحية. إن واقع هزيمة حركة التحرر العالمي وانعكاساتها الوطنية والقومية طغى وأحبط أعتى عتاة قوى الثورة لفرط صدمة الهزيمة. لكن المفكر الثوري الملتزم المتملك لنبض التاريخ لا يجد في هذه الهزيمة مدعاة للإحباط وخيانة قضية التقدم والطبقات والشعوب الكادحة. ولا يرى فيها عقبة أمام النضال الطبقي والوطني الجاد، وإنما يرى فيها فرصة لتجديد النضال وحركة التحرر الوطني والقومي بنقد صارم لمسيرة الحركة في حقبة الحرب الباردة. فهو يدرك جيدا أن ما تظهره أيديولوجيا الخصم من نهايات ومطلقات وانتصارات نهائية لا يتعدى كونه سطحًا براقًا زائفًا يخفي وراءه تناقضات التاريخ الفعلية وحركته الحقيقية التي لا تتوقف. إنه يرفض أن يستكين للحظة العابرة وأوهامها. فيعمد إلى تشخيص واقع الهزيمة وأسبابها وتناقضاتها من أجل تخطيها. فالثوري الملتزم لا يستسلم للحظة العابرة، وإنما يتحداها صوب تجديد الحراك الثوري على الصعد كافة. وهذا بالضبط ما يبادر إليه الصديق أبو جمال في هذا الكتاب الغني بتحليلاته وأفكاره الخصبة".

وفي الأثناء، يُشير إلى أنّ "رفيقنا أبو جمال يجمع هنا ما بين التحليلات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المدعمة بالأرقام والإحصائيات وما بين التنظير الرفيع الذي يرتقي إلى مستوى الفلسفة في أعتى تجريداته وما بين ابتكار المفهومات الجديدة التي تتخطى القوالب الجاهزة من أجل القبض على واقع الهزيمة في سيرورته وحركته. وهذا الربط والتكامل المعرفي قلما نجده اليوم في الناشطين السياسيين والكوادر الحزبية المحبطة. فالرفيق أبو حمال لا يكتفي بتقديم مواقف والدفاع عنها، وإنما يقدم وينتج معرفة جديدة بصدد الواقع المتشعب يستشرف بها المستقبل الممكن ويسترشد بها أسس العمل الثوري الهادف إلى تحويل الهزيمة إلى نصر. هذه المزاوجة الحميمة بين العياني والتجريدي تضفي حيوية معرفية ونضالية قلما نصادفها اليوم في التحليلات السياسية".

وتابع د. غصيب: "ولا يسعنا في هذا المضمار إلا أن نشكر رفيقنا العزيز غازي الصوراني على هذه الجهود الفكرية العظيمة التي يتحفنا بها في أعداد متعاظمة من الأعمال الثرة، والتي تغني المكتبة العربية والإرث الثوري العربي. ويأتي ذلك كله تنفيذًا لمشروع عمر أبي جمال المتمثل في رد الاعتبار إلى ثورة التحرر القومي العربية وإلى الفكر الماركسي العربي وإعادة تأسيسه فلسفيًا وسياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا وربطه بإحكام بهموم النضال الفلسطيني والعربي والعالمي. إنه يقدم في هذا الكتاب فيضا من المعارف الثورية التي تشحذ الهمم الثورية. وكلنا أمل في أن ترى هذه الأعمال المهمة، التي يقدمها لنا رفيقنا أبو جمال، طريقها إلى عقول الشابات والشباب المغرقة بالتفاهة الليبرالية والظلامية الغيبية واللاعقلانية الرجعية، عل ذلك يكون حافزا للنشء الجديد على الانخراط في النضال الوطني والطبقي والقومي من أجل دحر الصهيوإمبريالية وأدواتها في المنطقة. شكرا أبا جمال على جهودك المضنية. فبأمثالك نستعيد ومضات النهضة العربية وثقافة التقدم والتحرّر".

ويُذكر أنّ المفكّر الصوراني، حرص في العقد الأخير على توثيق كافة ما يقرأه بحيث أنه تمكن من إصدار 14 مجلدًا حتى تاريخه، بالإشارة إلى أن مسيرته الحياتية برمتها سُخرت لخدمة المعرفة والثقافة في العديد من الجوانب السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والفلسفيّة، لا سيما وقد ارتبط هذا الإنتاج المعرفي ببعدٍ وطني سياسي نضالي ترجمه بالانتماء لحركة القوميين العرب منذ ستينيات القرن الماضي.

وحرص الصوراني على إهداء "المجلد 12" إلى روح القائد الوطني الكبير الدكتور حيدر عبد الشافي، أما "المجلد 13" فقد أهداه لرفاقه وأصدقائه في الأحزاب والفصائل والقوى الوطنية الديمقراطية في مغرب ومشرق الوطن العربي، و"المجلد 14" أهداه إلى روح القائد الراحل مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين الدكتور جورج حبش.

وتجدر الإشارة، إلى أنّ الصوراني هو أستاذ ومفكّر، وله العشرات من المؤلفات والأبحاث حول مختلف القضايا وبالأخص المتعلقة باليسار والعلمانية حول فلسطين وكل العالم العربي، ويُعرف بمُساهمته الفاعلة في العشرات من المنظمات والمنتديات والمؤتمرات الفكرية والسياسية.

كما يُعتبر الصوراني، من الداعين دومًا إلى وحدة اليسار الماركسي وتعزيز التنسيق والعمل المشترك بين القوى اليسارية في العالم العربي والعالم ضد نظام العولمة الرأسمالي كحليفٍ رئيسٍ ووحيد لكيان الاحتلال الصهيوني.