Menu

سوريا تحت الزلزال وقانون قيصر

غسان أبو نجم

ضرب اليوم زلزالًا شديد القوة الجنوب التركي والشمال السوري، أدى إلى كارثة إنسانية، ذهب ضحيتها آلاف القتلى والجرحى وهدم للبيوت وتشريد للأهالي، إذ بلغت أعداد الضحايا فوق الألف والجرحى والمفقودين بالآلاف ودمرت البيوت والبنية التحتية ولا زالت آثار هذا الزلزال وارتداداته قائمة حتى الآن.

ما يلفت الانتباه هنا أن المساعدات الدولية وحملات الإغاثة وبرقيات التضامن والجسور الجوية بدأت تنهال على الحكومة التركية وبشكل مكثف، وهذا جيد، ولكن لم يحدث هذا مع الشعب والحكومة السورية إلا بشكل خجول أو محدود، رغم الامكانات المتواضعة للحكومة السورية وفقدان أبسط مقومات الإغاثة الطبية واللوجستية للحكومة السورية، بفعل الحصار الظالم المفروض عليها، انصياعًا لقانون قيصر الذي فرضته رأس الشر العالمي، والذي يمنع بموجبه تقديم الدعم أو المساعدة للشعب السوري أو حكومته، وفرضت حصارًا اقتصاديًا على الشركات الخاصة والعامة، منعتها بموجبه من استيراد البضائع، بما فيها المستلزمات اللوجستية والغذائية والدوائية وعدم فتح اعتمادات بنكية لاستيرادها وغيرها من الحاجات الضرورية التي تسهم في تعزيز صمود الشعب السوري، لأنها لم تخضع لشروط التطبيع والانصياع للكيان الصهيوني، معتقدة بأن ما لم تستطع تحصيله بالحرب ستناله بالحصار.

أي نظام هذا الذي يستهين بحياة الشعوب أليس هذا أكبر جريمة بحق الإنسانية؟! أليس مجرد فرض قانون قيصر والذي يخالف كل المواثيق الدولية، لأنه لم يصدر عن هيئة الأمم المتحدة وإنما قانون سنته إدارة رأس الشر العالمي ضد الشعب السوري وفرضت على كل الدول التابعة لها الالتزام به؟

أليس هذا تشريعًا فاشيًا عنصريًا ضد الإنسانية؟! أم أن الشعوب العربية لا يعتبرها قادة رأس الشر العالمي شعوبا متحضرة تستحق الحياة، كما صرح بذلك بايدن عند اجتياح القوات الصهيونية جنين؟! ثم أين دعاة الإنسانية من الدول الفرانكوفونية التي حشدت كل طاقاتها لإنقاذ أوكرانيا، تحت شعار إنقاذ الشعب الأوكراني؟ أم أن هؤلاء شعوب متحضرة وتستحق الحياة والشعوب العربية لا تستحقها؟ أم أن ايصال الدعم لأوكرانيا ممكن، بينما هناك صعوبة في ايصاله لسوريا، بحجة عدم جاهزية المطارات كما يدعون، رغم إعلان الحكومة السورية جاهزيتها لاستقبال المساعدات؟ أي هراء هذا؟ أيعقل أن تكون مواقع المعارضة جاهزة ومواقع الحكومة السورية غير جاهزة؟ أم إنها الحرب الأمريكية الفرانكوفونية ضد سوريا حكومةً وشعبًا؟

إننا أمام حالة بشعة من الحرب ضد الإنسانية، أبطالها دعاة الحرص عليها، وحرب فاشية عنصرية تستهدف الإنسان السوري الذي هجروه من أرضه ومسكنه ووضعوه في خيام، ينتظر فتات المساعدات ويواجه الموت، ليس من رصاصات اللص التركي وعصاباته المسلحة وقوات العنجهي الأمريكي، بل يموت من الجوع والبرد والزلازل، ولا يتلقى سوى مساعدات من روسيا وإيران والجزائر والهند وبعض الدول الأخرى، رغم إعلان الدولة السورية الصريح بأنها عاجزة عن تقديم الدعم للمنكوبين لضعف الإمكانات، بينما كل دول العالم المتحضر تقدم الدعم والجسور الجوية لحليفتها تركيا : أي استهانة هذه بالدم والإنسان العربي؟!

إن سوريا قيادةً وشعبًا وجيشًا وقفت وتقف ضد كل مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية على مقدرات الأمة العربية وصمدت طيلة سنوات الحرب الاثنا عشر، رغم الحرب والدمار والحصار، ولم تلهث وتتسابق للاستلام والتطبيع، كما فعلت إمارات الكاز، وبقيت محافظة على بقايا كرامتنا وسدًا منيعًا أمام مشاريع الاستسلام من صفقة القرن والولايات المتحدة الإبراهيمية وغيرها، من مشاريع التصفية والإلحاق بالكيان الصهيوني.

ألم يأن الأوان أن نكسر الحصار الظالم على سوريا، وأن تقف الجماهير العربية وقفة واحدة، أمام هيمنة رأس الشر العالمي وإسقاط كافة القوانين العنصرية ضدها، بدءًا من قانون قيصر وقانون محاسبة سوريا وقانون الكبتاجون التي تشدد الحصار على الوطن السوري بعد أن فشلت وكل حلفائها وأدواتها من تطويع سوريا حكومةً وشعبًا ونقف إلى جانب شعبنا في سوريا حتى فك الحصار الظالم عنه، عبر الدفع بالمساعدات والإغاثات نحو سوريا، لتكون الخطوة الأولى، لإسقاط قانون قيصر والمطالبة بتجريم من سنه في محاكم العدل الدولية، لأن مجرد وضعه جريمة بحق الإنسانية؟!