Menu

التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية (الجزء السابع عشر)

غازي الصوراني

غازي الصوراني

(قراؤنا الأعزاء بدأنا من يوم السبت 11/2/2023، نشر وعلى أجزاء متلاحقة، آخر إصدار/كتاب؛ للمفكر والباحث العربي الفلسطيني غازي الصوراني، الموسوم بعنوان: التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية. هذا الكتاب الهام والصادر في يناير من العام الحالي بعدد 228 صفحة، بحجم ورق من القطع المتوسط؛ نضعه بين أيدي قرائنا آملين أن تتم الاستفادة المرجوة منه في موضوعه المحدد وعلاقته المباشرة؛ بشعار/دعوة/مبادرة/ضرورة: "اعرف عدوك" وضرورة مواجهة تجسيداته العملية إلى جانب ما يسمى: راويته التاريخية..

نوجه شكرنا الكبير وتحياتنا العالية إلى الباحث والمفكر القدير غازي الصوراني، على جهده الفكري والمعرفي المتواصل، وعلى خصه بوابة الهدف بنشر كتابه على أجزاء عبر موقعها الإلكتروني).

 

مستقبل "إسرائيل" في الدراسات المستقبلية الصهيونية[1]

ملحق رقم (11)

إذا استبعدنا تأويلات النصوص التوراتية المتعلقة بمصير اليهود، والتي يرى بعضها أن أربعة من تنبؤات التوراة قد تحققت قبل بداية القرن العشرين، وسبعة تنبؤات أخرى تحققت خلال ذلك القرن، بينما هناك تنبؤات أخرى تنتظر التحقق من الآن وحتى يوم القيامة، ويربطون بين هذه التنبؤات وبين الديانة المسيحية المعاصرة، فإن الدراسات المستقبلية الأكاديمية الإسرائيلية والغربية لا تولي مثل هذه التنبؤات أهمية كبيرة، لا سيّما أن التعسف في تأويل النصوص الدينية كثيراً ما تظلله دوافع سياسية وثقافية.

يمكن تحديد أهم التنبؤات في الدراسات الإسرائيلية -كما يقول د. وليد عبد الحي- خلال الفترة المحددة (2020- 2050) عبر الدراسة التي أعدها ديفيد باسيغ David Passig، الأستاذ بجامعة بار إيلان الإسرائيلية Bar-Ilan University النموذج الأكثر التزاماً بقواعد ومنهجيات الدراسات المستقبلية، -كما يصفه د. وليد عبد الحي- وهو أول حاصل على الدكتوراه في الدراسات المستقبلية في “إسرائيل”، ويمكن تحديد تصورات "باسيغ" في دراساته المستقبلية على النحو التالي:

‌أ. المستقبل على المستوى الفلسطيني الإسرائيلي:

يعتقد باسيغ أن “إسرائيل” ستنسحب من الضفة الغربية خلال أواخر الاربعينات من القرن الحالي (أي بعد أقل من ثلاثين سنة) وسيكون ثمن هذا الانسحاب غالياً بشرياً وجيو-سياسياً على “إسرائيل”، وسيتم بعد الانسحاب الإسرائيلي إقامة دولة فلسطينية ستعتمد اعتماداً كبيراً على “إسرائيل”، لكنها ستصل لمرحلة من الاختناق سكانياً واقتصادياً مما يدفعها لمحاولة التمدد نحو البحر المتوسط، الأمر الذي سيقود إلى تفكك هذه الدولة الفلسطينية تدريجياً، وهو ما سيجعل “إسرائيل” تستشعر خطأ انسحابها، فتعود ثانية لاحتلال الضفة الغربية، وسيكون لتركيا و السعودية في تلك الفترة دور مهم في دفع الطرفين نحو التسوية من جديد.

ويرى باسيغ أنه في حدود سنة 2050 سيكون عدد اليهود في فلسطين ثلثي عدد اليهود في العالم، مما يجعل مساحة “إسرائيل” غير كافية ولا تتسع لهم، مما يدفع “إسرائيل” لإعادة السيطرة على الضفة الغربية مرة أخرى.

وعلى الصعيد المحلي الإسرائيلي، يرى باسيغ أن المجتمع الإسرائيلي يتجه نحو احتمال حرب أهلية مدفوعة إلى حدّ كبير بالانقسامات التي سببها الصراع على مستقبل المناطق المحتلة، ويقول أن تلك الحرب الأهلية لن تكون بالضرورة بحجم الحرب الأهلية الأمريكية، لكنها ستكون عنيفة وصادمة بدرجة كافية، وعلى عكس التقدير الغريزي ستبدأ هذه الحرب الأهلية بقتل أحد الزعماء الإسرائيليين في إطار التنافس الحزبي والعرقي والطبقي والموقف من الانسحاب من الضفة الغربية.

من جانب آخر، يتناول باسيغ ظاهرة مختلفة، وهي العلاقة بين البنية الديموجرافية وبين مشكلة الضمان الاجتماعي وتأثيرها المهم في المجتمع الإسرائيلي على النحو التالي:

 معدل العمر في “إسرائيل” هو 80 عاماً.

 سن التقاعد هو 60 عاماً.

 ذلك يعني أن الفرد سيعيش 20 عاماً بمستوى دخل أقل كثيراً من فترة العمل.

 هو ما يؤسس لخلل اجتماعي عميق. ويعتقد باسيغ أن هذه الظاهرة (أزمة صناديق التقاعد) ستكون سبباً في وقوع نوع من “الثورة التي ستصدم كل المجتمعات في منتصف القرن الحادي والعشرين.

وعند نقل هذه الظاهرة الى المجتمع الإسرائيلي، يرى أن 60% من السكان سيكونون بدون عمل سنة 2050، مما سيفتح المجال أمام انهيار “الأمن الاجتماعي أو الضمان الاجتماعي”، وتتعزز احتمالات ذلك نتيجة تزايد معدل العمر من ناحية وتزايد نسبة الولادة بين اليهود في “إسرائيل” والمهجر، وسيصل عدد سكان “إسرائيل” في سنة 2050 إلى 16 مليون يهودي، و30-35 مليون سنة 2100.

ب- المستقبل في المستوى الإقليمي:

يعتقد باسيغ أن حرباً قادمة بين “إسرائيل” وكل من لبنان وسورية ستنتهي لوصول القوات الإسرائيلية لأطراف دمشق، لكنها ستنسحب ضمن ضمانات ترتبها تركيا وأمريكا، وسيؤدي ذلك إلى مزيد من تراجع مكانة الصراع “الفلسطيني الإسرائيلي”.

من زاوية ثانية، ستكون تركيا هي القوة المركزية في الشرق الأوسط، وستكون مصر والسعودية ضمن من يدور في فلكها، وستلعب تركيا دور الوسيط بين العرب و”إسرائيل” في العقود القادمة، واستبعد أن تبادر إيران بهجوم نووي على “إسرائيل”.

 

 

[1]  وليد عبد الحي – ورقة علمية: مستقبل "إسرائيل" في الدراسات المستقبلية غير العربية – مركز الزيتونة للدراسات / بيرزيت – تشرين أول / أكتوبر 2020