(قراؤنا الأعزاء بدأنا من يوم السبت 11/2/2023، نشر وعلى أجزاء متلاحقة، آخر إصدار/كتاب؛ للمفكر والباحث العربي الفلسطيني غازي الصوراني، الموسوم بعنوان: التحالف الصهيوني: اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية. هذا الكتاب الهام والصادر في يناير من العام الحالي بعدد 228 صفحة، بحجم ورق من القطع المتوسط؛ نضعه بين أيدي قرائنا آملين أن تتم الاستفادة المرجوة منه في موضوعه المحدد وعلاقته المباشرة؛ بشعار/دعوة/مبادرة/ضرورة: "اعرف عدوك" وضرورة مواجهة تجسيداته العملية إلى جانب ما يسمى: راويته التاريخية..
نوجه شكرنا الكبير وتحياتنا العالية إلى الباحث والمفكر القدير غازي الصوراني، على جهده الفكري والمعرفي المتواصل، وعلى خصه بوابة الهدف بنشر كتابه على أجزاء عبر موقعها الإلكتروني).
باختصار عن الدولة الواحدة
ملحق رقم (13)
يعود نقاش حل الدولة الواحدة أو الدولتين إلى الفترات الأولى للمشروع الاستيطاني الصهيوني، عندما كانت فلسطين تحت حكمِ الاستعمار (الانتداب) البريطاني الذي استمر منذ عام 1920 حتى انسحابه عام 1948.
حملت الفكرة الصهيونية في جذورها احتلال فلسطين من البحر إلى النهر، أي حل الدولة الواحدة اليهودية، واقتلاع سكانها الأصليين «الفلسطينيين».
في هذا الجانب، أعتقد أن من المفيد تقديم رؤية مختصرة حول شعار الدولة الواحدة، حيث يبدوا أن خيار الدولة الواحدة صار يطرح نفسه على الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء، ويتداوله بصورة متزايدة في مقالاتهم وتحليلاتهم -كما يقول د. ماهر الشريف- "عدد من الصحافيين والمحللين السياسيين الإسرائيليين، الذين يحذرون من أن هذا الخيار قد يهدد، في نظرهم، "الطابع اليهودي والديمقراطي" لدولة إسرائيل، وخصوصاً في ظل استمرار رفض الأوساط الحاكمة في إسرائيل "حل الدولتين"، والواقع أن طرح خيار الدولة الواحدة ثم تداوله منذ سنوات عديدة، "في مواجهة الجمود في ما يسمى بـ "عملية السلام"[1].
وإذ بدأ حل "دولة واحدة لشعبين" يتردد صداه بين الإسرائيليين، إلا أنهم يرفضون هذا الحل الذي ينطوي على تهديد ديموغرافي للأغلبية اليهودية، وحتى على نهاية إسرائيل كدولة يهودية، وفي هذا السياق نشير إلى التحذير الذي أطلقه رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت في مؤتمر أنابوليس الدولي سنة 2007، والذي ورد فيه: "إذا جاء يوم ينهار فيه حل الدولتين، سيكون علينا أن نواجه نموذج جنوب أفريقي من أجل المساواة في الحقوق المدنية، وبمجرد حدوث ذلك، ستنتهي دولة إسرائيل".
وبالعودة إلى مقالات وتحليلات عدد من الصحافيين والمحللين السياسيين الإسرائيليين، الذين يحذرون من احتمال السير نحو خيار الدولة الواحدة، -كما يقول ماهر الشريف- فإن "المحلل السياسي روغيل ألفر أكد في مقال نشره في صحيفة "هآرتس"، في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، بعنوان: "لن يكون هناك دولة فلسطينية"، أن جميع حكومات إسرائيل المتعاقبة منذ حكومة يتسحاق رابين التي توصلت إلى اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية لم تعمل على إنهاء الاحتلال، ورفضت، عملياً، قيام دولة فلسطينية مستقلة، كما أن المعارضين للاحتلال بين صفوف الإسرائيليين ظلوا قلة محدودة ولا تملك أي قوة سياسية، الأمر الذي يجعل من "استمرار الأبرتهايد والسيطرة الاستعمارية العنيفة على شعب آخر هو الخيار المهيمن".
وفي الاتجاه نفسه، نشر آفي جيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية والباحث حالياً في معهد "سياسة الشعب اليهودي" مقالاً في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في 16 كانون الأول/ديسمبر 2021، بعنوان: "مَن سيرث أبو مازن لن يكتفي بالتهديد بالدولة الواحدة"، أشار فيه إلى أن الرئيس محمود عباس طرح في خطابه الأخير أمام هيئة الأمم المتحدة إمكانيتين للحل: "الأولى مطالبة المجتمع الدولي بفرض تسوية بالاستناد إلى قرار التقسيم 1947، والثانية المطالبة بالحقوق السياسية الكاملة والمتساوية للفلسطينيين، ضمن إطار دولة واحدة تمتد من البحر إلى النهر. وبينما الإمكانية الأولى تُعتبر وهماً آخر في سجل تهديدات أبو مازن، فإن الإمكانية الثانية واقعية وتشكل خطراً على وجود إسرائيل كدولة يهودية". فالتهديد بالحقوق المتساوية للفلسطينيين في دولة واحدة هو "تهديد حقيقي، لأن جدية التهديد ليست مرتبطة هذه المرة بإصرار أبو مازن على تحقيقه"، خصوصاً وأن التأييد الشعبي لفكرة الدولة الواحدة ينمو ويزداد -كما تابع- وسط الجمهور الفلسطيني "الذي بدأ يقتنع، بالتدريج، بأن ليس لديه مخرج عملي آخر"[2].
وفي هذا السياق، استشهد جيل باستطلاع للرأي جرى، برعاية صندوق فريدريش إيبرت، في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وأظهر أن تأييد حل الدولة الواحدة "يرتفع وسط الجمهور الفلسطيني، إذ بلغت نسبة مؤيدي هذا الحل بين سكان الضفة الغربية 30.2%، وهي أكبر من نسبة مؤيدي حل الدولتين 23.6%. وهذه الأرقام تتطابق مع الاتجاهات التي تبرز منذ وقت طويل في الاستطلاعات التي يجريها د. خليل الشقاقي، والتي تدل على أن تأييد حل الدولة الواحدة يلاقي شعبية بصورة خاصة وسط أبناء الجيل الشاب".
وهكذا، -كما يتابع آفي جيل- "من دون مبادرة سلام تسعى لتقسيم البلد إلى دولتين، نحن نترك مستقبل إسرائيل رهن القرار الفلسطيني؛ التغيُّر في مطالبهم، من حل الدولتين إلى حل الدولة الواحدة، هو في يدهم؛ أبو مازن اكتفى بالتهديد ويمكن الافتراض أن الذين سيأتون بعده سيتوجهون نحو الأفعال".
في هذا الجانب، يحذر بعض الصحافيين والمحللين الإسرائيليين من أن إسرائيل لن تعود "دولة ديمقراطية" عندما سيمتنع حكامها عن منح حقوق المواطنة الكاملة للعرب الفلسطينيين الذين ستضمهم الدولة الواحدة في حال تكرس خيارها.
بيد أن كون "إسرائيل" دولة "ديمقراطية" كان مثار جدل منذ فترة طويلة؛ فمنذ أواخر ثمانينيات القرن العشرين، أطلق عالم الاجتماع والأستاذ في جامعة حيفا سامي سموحة على "ديمقراطية إسرائيل" اسم "الديمقراطية العرقية" لأنها تضمن، في معيار الحقوق الديمقراطية، تفوق جماعة عرقية واحدة على أخرى.
في هذا الجانب، يقول عوض عبد الفتاح، عضو التجمع الديمقراطي في الأرض المحتلة 48 "يعدّ حل الدولة الديمقراطية الواحدة على كامل التراب الفلسطيني، رؤية مستقبلية وطريقا تحرريا بالمفهوم الشامل، وفي الوقت ذاته هو حلٌ عادل لقضية فلسطين، لأنه ينصف جميع تجمعات شعبنا في جميع أماكن تواجده. هو المصل المضاد للظلم الفاحش، وبديل عن التجزئة والتفتيت، وتعدد الأجندات وتصادمها. هو الحل الطبيعي الذي كان يجب أن يسود قبل أن يتوغل الاستعمار البريطاني، وبحمايته ورعايته، الغزوة الصهيونية، باعتبار أن فلسطين هي في الأصل قطر عربي، وجزءٌ من الجغرافية العربية، والتاريخ والحضارة العربية.
وإذا تذكرنا المطالب الأساسية للحركة الوطنية الفلسطينية، بعد تجددها وانطلاقها إثر النكبة فهي التحرير والعودة، والتي تطورت، أواخر الستينات، إلى مطلب الدولة الديمقراطية الواحدة (العلمانية) والتي حددت للمرة الأولى رؤيتها لحل المسألة اليهودية التي خلقها الاستعمار الغربي في قلب الوطن العربي، والمتمثل بقبول المستوطنين اليهود مواطنين متساوين في هذه الدولة، بعد هزيمة الصهيونية وتفكيك المنظومة الكولونيالية والعنصرية، وآلة القتل والقهر والنهب والسيطرة، المعتمدة من قبل هذه المنظومة. ولكن للأسف تم التخلي عن هذا الحل لأسباب معروفة، واستبداله بفكرة التقسيم التي كان قد رفضها شعب فلسطين وحركته الوطنية، الأمر الذي مهّد لاحقا للتفريط بوحدة الحق الفلسطيني، وصولاً إلى التفاوض على كيفية تقسيم الضفة الغربية، وتنصيب نظام البانتوستانات".
حل الدولة الواحدة الديمقراطية كمشروع سياسي نضالي:
تحت هذا العنوان، كتب الرفيق رجا اغبارية، من حركة أبناء البلد ما يلي: "لقد اضافت حركة أبناء البلد في هذا السياق، أنه حتى لو أن اليهود يحملون مواصفات أي شعب عادي آخر، فإن ذلك لا يجعلنا نعترف بحقهم بتقرير مصيرهم على اساس استقلال في فلسطين وعلى حساب الشعب الفلسطيني، وأننا نعتبر كل المشروع الصهيوني مشروعا كولونياليا استيطانيا وأن أي فلسطيني وأي ثوري في العالم مطالب بتصويب بوصلة نضاله ضد صهيونية اليهودي كمشروع كولونيالي وليس ضد اليهودي كانسان، وان نضالنا الاهم ضمن موازين القوى القائمة يجب ان ينصّب على تخليص اليهود من صهيونيتهم وكولونياليتهم كأفراد وكمجتمع. وهذا أمرا ليس بالبسيط، بل إنه في منتهى الصعوبة والتعقيد على أثر ما وصلت إليه دولتهم اليهودية.
إن تحويل هذه المقولة إلى مشروع سياسي من نوع جديد مبني على أساس النضال المستمر في فلسطين كلها بهدف التحرر من الاستعمار الصهيوني. فهل أصحاب حل الدولة الواحدة جاهزون لإنشاء الأداة التنظيمية والسياسية والكفاحية لتحقيق مشروعهم؟
والأسئلة التي تتدافع أمامي في هذه المداخلة :
- هل يمكن إخراج فكرة الحل العلماني الديمقراطي من صالون أبناء البلد واليسار اليهودي المعادي للصهيونية في الداخل، ومن صالون أكاديميين كثيرين في العالم إلى الشارع وإلى الجماهير العريضة؟
- هل يمكن تحويل فكرة حل الدولة العلمانية الديمقراطية إلى مشروع تنظيمي وسياسي ونضالي؟ وكيف يمكن أن نفعل ذلك؟
- أين هي ساحة نضالنا؟
- ألا يساعدنا في بدء تطبيق مشروعنا فشل حل الدولتين؟
- ألا يشكل صعود اليمين الفاشي في إسرائيل ومشروع يهودية الدولة وفتح مشروع طردنا من جديد وإعادة انتاج نكبة جديدة حيالنا؟ ألا يشكل ذلك أرضية كافية لمقاومة المشروع الصهيوني برمّته وارساء ثقافة نضالية جديدة تمحو ما ذوتناه من الفصل بين احتلال 1948 و 1967؟
- ألا يشكل مجمل أفكار وطروحات حل الدولة الواحدة أساسا جبهويا قويا، وأداة كفاحية ظافرة من شأنها بدء مرحلة انعتاق جديدة من المشروع الصهيوني للعرب واليهود؟
- ألا يجب أن نبدأ بهذا الحل كمشروع سياسي يضم كل تلاوين هذا الحل بهدف التخلص أولا من المشروع الصهيوني الكولونيالي كمقدمة لتحقيق الحل الاستراتيجي التحرري العادل والشامل على أرض فلسطين التاريخية؟
ثم يقدم الرفيق رجا اغبارية السؤال التالي بم نبدأ؟
تحويل الفكرة الى مشروع سياسي – تنظيمي ونضالي
أولا: استناداً إلى موقفنا المبدئي والأصلي الرافض للمشروع الصهيوني الكولونيالي، كذلك استنادا لفشل الحل الإمبريالي (حل الدولتان) واجهاضه من قبل اصحابه.
فإنه قد حان الوقت موضوعيا لتحويل فكرة ”حل الدولة الواحدة الديمقراطي” بمفهوم حركة ابناء البلد العلماني، إلى مشروع سياسي حزبي موحد ووحيد، والتخلي عن مراعاة الاعتبارات الرسمية ل م.ت.ف، بمساعيها السرابية التفاوضية – الاستراتيجية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود 1967، عاصمتها القدس وتحقيق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وبلداتهم في فلسطين التاريخية.
ثانيا: تشكيل ائتلاف أو جبهة تنظيمية وسياسية للعرب واليهود على أرض فلسطين التاريخية وخارجها كعنوان سياسي محلي، عربي ودولي، يضع البرامج التفصيلية اليومية لتحويل هذا المشروع إلى برنامج كل الجماهير الشعبية، وتحويله إلى برنامجها النضالي .
ثالثا: توفير الامكانيات المادية لبناء وتفعيل هذا الإطار بنيويا، سياسيا، تعبويا، كفاحيا، وإعلاميا وعرضه كمشروع بديل لكل المشاريع المطروحة وكخيار أفضل وأمثل للعرب واليهود على هذه الارض.
رابعا: المبادرة فور بلورة هذا الائتلاف إلى تشكيل ائتلاف تنظيمي سياسي كفاحي أوسع، يشمل كافة القوى التي تناضل عقائديا، سياسيا وجماهيريا من أجل دحر المشروع الصهيوني في فلسطين التاريخية، وتحمل في طيّات برامجها حل الدولة الواحدة الديمقراطية، بغض النظر عن مضمون هذه الدولة، بل إن شرطها الوحيد الذي يفرض نفسه هو الديمقراطية التعددية، السياسية، الثقافية والاثنية .أي المطلوب في هذه المرحلة التاريخية الإمساك بالحلقة المركزية للصراع الفلسطيني الصهيوني، ألا وهي مقاومة مشروع الأبارتهايد الكولونيالي كوحدة جغرافية واحدة، بكافة الأشكال المشروعة – الممكنة وبمختلف مستوياتها، وبمنظار زمني استراتيجي طويل المدى.
ويبدو لي أن الطابع العرقي لـ "الديمقراطية الإسرائيلية" قد تعمق كثيراً بعد قيام الكنيست، في تموز/يوليو 2018، بإقرار قانون أساس: "إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي"، وتعمق بصورة أكثر بشاعة مع نتائج الانتخابات الأخيرة في نوفمبر 2022، وقيام حكومة الائتلاف برئاسة نتنياهو، ومشاركة التيارات الصهيونية الدينية الأكثر تطرفاً فيها، ما يعني أن أي حديث عن الدولة الواحدة[3] في ظل الوضع الصهيوني العنصري الراهن، لن يكون من وجهة نظري، سوى تثبيتً لصيغة الأبارتهايد العنصري الصهيوني ضد أبناء شعبنا، وهو شعار يتبناه ويرفعه اليوم كافة القوى اليمينية الصهيونية لا فرق بين الليكود القومي الصهيوني، أو الصهاينة المتدينين المتطرفين سوى في درجة العنصرية والعداء لشعبنا ومصادرة أراضيه ورفض الاعتراف بأي حق من حقوقه المشروعة، وبالتالي فإنني أعتقد أن حل الدولة الواحدة وفق الرؤية الصهيونية اليمينية العنصرية، تصبح مجرد شعاراً حاملاً للأوهام الكاذبة، لابد لنا من رفضه وفضحة بصورة كلية باعتباره شعاراً حاملاً لكل معاني الهبوط والاستسلام العبودي للعدو الصهيوني.
أخيراً في خاتمة هذه الدراسة، أشير إلى أنه منذ ما قبل عقد المؤتمر الصهيوني الأول 1897 وما تلاه من محطات حيث قامت حكومة الاستعمار البريطاني بتقديم الدعم والتشجيع للحركة الصهيونية حيث تم تتويج ذلك في وعد بلفور نوفمبر 1917 الذي كان وما زال تجديدا للرؤية الاستعمارية والإمبريالية بأن إقامه الدولة الصهيونية في فلسطين ضمانه أكيده لمصالح الرأسمالية العالمية وتوسعها وسيطرتها من ناحيه، ولتأكيد احتجاز تطور البلدان العربية وتكريس استتباعها وتخلفها من ناحيه ثانية.
[1] د. ماهر الشريف – في ظل إخفاق "عملية السلام"، يكثر الحديث عن خيار "الدولة الواحدة" – الانترنت.
[2] المصدر السابق - د. ماهر الشريف .
[3] هنالك مفكرون إسرائيليون وعرب يتبنون الرؤية ذاتها من أهمهم المؤرخ الإسرائيلي إلان بابي، الذي كتب وأرخ لعمليات التطهير العرقي والتهجير التي نفذتها إسرائيل ضد الفلسطينيين عام النكبة، ويدعو بابي عن طريق كتاباته وخطاباته بأن الحل يكمن في دولة واحدة قائمة على فكرة المواطنة... وتعتقد الكاتبة الفلسطينية غادة الكرمي، المحاضرة في الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر البريطانية، أن من ينادي بقيام الدولة الواحدة عادةً يفتقر لطرح حلول عملية عن ماهية هذه الدولة، وكيف يمكن تحققها، وتجادل غادة كرمي بأنَّ حل الدولتين وهمٌ يسيطر على السلطة الفلسطينية وهو غير متحقق واقعيًّا بسبب الهيمنة الإسرائيلية... تقترح غادة كرمي بديلًا آخر مختلفًا عما هو سائد في هذا الجدال، وهو حلول الشعب الفلسطيني تحت الدولة الإسرائيلية، بمعنى أن تحلَّ السلطة الفلسطينية، ومن ثم يصبح الفلسطينيون رعايا تحت الدولة الإسرائيلية، ويقومون بالمطالبة بحقوقهم المدنية، والحصول على الجنسية الإسرائيلية... كما يتبنى حل الدولة الواحدة القائمة على المواطنة ناشطون سياسيون مثل عمر البرغوثي، أحد مؤسسي حركة المقاطعة «BDS» الذي يطالب بالدولة الواحدة الديمقراطية، ويقول إنَّ إنشاء دولة واحدة بين العرب واليهود هو الحل الأكثر «أخلاقية، وعدلًا، وأكثر استدامة وديمومة»... حل الدولة الواحدة بالنضال السلمي ليست المدرسة الوحيد، وهنالك مدرسة فكرية متجذرة، ترى بحلِّ الدولة الواحدة، ولكن ليس على الطريقة التي ينظر إليها إدوارد سعيد وعزمي بشارة، وإنَّما عن طريق المقاومة المسلحة، وتحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها.