بقلم: مايك نابير– ترجمة: د. عصام حجاوي
حملةُ التضامن الأسكتلنديّة مع فلسطين/ أسكتلندا
إذا كان التضامنُ مع شعبٍ يكافحُ ضدَّ الاستعمار الاستيطاني يعني أي شيء، فإنّه يتضمن التضامن مع المقاومة الفلسطينيّة بجميع أشكالها، والأهمّ من ذلك، مع أولئك الموجودين في زنزانات المُستعمِر، الرجال والنساء والأطفال الذين تمَّ اعتقالهم وإدانتهم من قبل الديكتاتوريّة العسكريّة الإسرائيليّة التي تتنكر في صورةٍ ديمقراطيّة. نسعى في كلّ مجالٍ من مجالات العلم إلى فرضيّةٍ بسيطةٍ تشرحُ قدر الإمكان ما نتعامل معه. إنّ الفكرة القائلة: إنّ الهدف الأسمى لنظام السجون الإسرائيلي هو إلحاق أقصى قدرٍ من المعاناة للشعب الفلسطيني بأسره تفسّرُ طريقة عمل هذا النظام على أساس النظام الاجتماعي الأوسع للتفوّق العنصري، أعلى معدل للسجن في العالم، داخل السجن العملاق، هذه هي فلسطين كلّها؛ سجن الأطفال، التعذيب وسوء المعاملة الطبيّة؛ استمرار النظام الموروث من بريطانيا بالسجن لمددٍ طويلةٍ دون محاكمة.
بالنظر إلى تاريخ بريطانيا الطويل من التواطؤ في الجرائم الإسرائيليّة، لدينا مسؤوليّةٌ خاصّةٌ هنا في بريطانيا لاتّخاذ الإجراءات اللازمة. نتذكر خيانة عام 2006 للحراس البريطانيين في أريحا التي سلمت الأسرى الفلسطينيين إلى السجون الإسرائيلية، لكننا نتذكر أيضًا كيف أطلق السجناء الجمهوريون الأيرلنديون، على الرغم من التكلفة الفادحة للإضراب عن الطعام؛ الديناميكيّة السياسيّة التي غيّرت بشكلٍ حاسمٍ ميزان القوى في أيرلندا وعجّلت بالهزيمة.
يتعرّض جميع الفلسطينيين للإجرام الإسرائيليّ الشامل، والسادية الإبداعيّة، لكن من الواضح أنّ هذا يفترض شكلًا مكثّفًا لأولئك المسجونين في الثقب الأسود لنظام السجون الإسرائيلي.
يصنف الفصل العنصري من قبل العديد من السلطات القانونيّة الدوليّة على أنّه "جريمة ضدّ الإنسانيّة"، وكلّ مجتمع فصلٍ عنصري، كلّ مشروعٍ استعماريٍّ يتطلّبُ نظامًا عنصريًّا منظّمًا للسجن الجماعي. يتم التعامل مع السجناء السياسيّين الفلسطينيين فقط بقسوةٍ متواصلة؛ ليس الأمر كذلك بالنسبة للمجرمين اليهود في سجون الدولة اليهوديّة المتعصّبة. أطلق آمي بوبر - مرتكب مجزرة عيون قاره - ريشونلتسيون - في ٢٠ أيار ١٩٩٠ - النار الجماعي اليهوديّ على الفلسطينيين، وهو أبٌ لثلاثة أطفال، وتورط في حادثٍ مروريٍّ مميتٍ خلال العديد من عمليات إطلاق النار التي قام بها في عطلة نهاية الأسبوع، وخفف رئيس إسرائيل عقوبة القاتل من المؤبد إلى ما دون ذلك.
نحن نعلمُ أنّ النظام يقدّم بديلين للفلسطينيين؛ أحد السبل إلى السجن دون أي شكلٍ من أشكال المحاكمة، لفتراتٍ غير محدّدةٍ وطويلةٍ في كثيرٍ من الأحيان، هو استخدام "الاعتقال الإداري" الذي أورثته السلطات الاستعمارية البريطانية للدولة الصهيونيّة. البديل الوحيد للفلسطينيين هو إدانتهم من قبل محكمةٍ عسكريّةٍ تعمل بشكلٍ غير قانونيٍّ وراء مجرد أشكال من النظام القانوني، الذي يجرد الفلسطينيين الذين يمثّلون أمامها من جميع الحقوق القانونية. من إحدى دلائل وقاحة الديكتاتورية العسكرية الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة؛ أنّ مجموعة من المحامين الصهاينة البريطانيين رفيعي المستوى الذين زاروا فلسطين عام 2014، قد عادوا وذكروا كيف أن معدل الإدانة بنسبة 99.7٪ للفلسطينيين - وليس لليهود - مصمّم للحفاظ على "المجتمع الفلسطيني" في حالةٍ من الخوف المستمرّ ..."، أي ترهيب الصغار والكبار على حدٍّ سواء.
ونرى أيضًا كيف يتم تقنين التعذيب، الذي غالبًا ما يكون وحشيًّا، من قبل المحاكم الإسرائيليّة العليا التي تعمل على ختم السيطرة العسكريّة الإسرائيليّة؛ هذا التعذيبُ موثّقٌ جيّدًا ويتضمنُ تواطؤًا ليس فقط من قبل الأطباء الفرديين الذين يتسترون على الجلادين، ولكن يتم تسهيله من قبل مؤسّسات مهنة الطب الإسرائيلية.
الدعايةُ والتثقيفُ حول الاعتقال الجماعي الإسرائيلي ومقاومة الأسرى واجب، حيث نحتاج أيضًا إلى إيجاد أدوات ضغطٍ شعبيٍّ مكثّفٍ ضد نظام السجون؛ فلقد حقّقت حملات المقاطعة BDS انتصاراتٍ من خلال تحديد نقاط الضعف في دروع إسرائيل، والاعتراف بعدم جدوى مناشدة حلفاء إسرائيل في مجالس الإدارة الحكوميّة والشركات، ولكن حثّ مؤسّسات المجتمع المدني على قطع الروابط مع الكيانات التي تسهل الجرائم الإسرائيليّة.
نقطة الضعف الرئيسيّة في درع إسرائيل هي الانتصار الذي حققته المقاومة الفلسطينية بالفعل في قلب الرأي العام العالمي ضدّ إسرائيل. على مرّ السنين، أصبحت إسرائيل، كما يناقش الصهاينة فيما بينهم دولةٌ منبوذة، وهو ما يفسّر سبب محاولة الحكومات الموالية لإسرائيل في أوروبا بإغلاق المجال للمناصرة المؤيّدة لفلسطين.
تعدُّ أحد السبل الواعدة لتطوير التضامن مع السجناء هو القيام بحملةٍ مرّةٍ أخرى من أجل أن تخضع الجمعية الطبية الإسرائيليّة للتحقيق من قبل الجمعيّة الطبيّة الدوليّة لتورّطها في التعذيب. ويجب على المهنيين الطبيين المشاركة في مثل هذا الجهد تضامنًا مع السجناء السياسيين الفلسطينيين، حيث كلّ شخصٍ في أوروبا تقريبًا لديه علاقةٌ بطبيبٍ واحدٍ أو أكثر، ويمكن أن يشارك في محاولة إقناع الأطباء بالضغط على نقابتهم الطبية الوطنية للمطالبة باتخاذ إجراءاتٍ ضد الممارسة الإسرائيليّة التي سيجدها معظم الأطباء مثيرةً للاشمئزاز؛ يجب تنسيق هذا التحريض دوليًّا مع الرسائل التي يمكن أن تصل إلى الدعم من المهنيين الطبيين، وتحصل عليه ومنها؛ جمع شهادات السجناء الفلسطينيين السابقين ونشرها دوليًّا؛ خاصةً أنّ الدروس المستفادة من حملة المقاطعة BDS منذ عام 2005 هي أنّ مثل هذا الجهد يتمُّ تسخيره بشكلٍ أفضل لهدفٍ محدّدٍ هو إخراج إسرائيل من فضاءات المجتمع المدني.
تُظهر حملات المقاطعة BDS أنّه حيثما يمكننا الوصول إلى الكيانات المتواطئة، يمكننا في كثيرٍ من الأحيان القتال والفوز. ميناء أوكلاند، أكبر ميناء على ساحل المحيط الهادي الأمريكي، لا يفرغ حمولة السفن الإسرائيليّة؛ لقد تمَّ إبعادهم من قبل العمال المُنظمين والتعبئة المجتمعيّة منذ المذابح الإسرائيليّة عام 2014، وهو نفس العام الذي جعلت فيه الاحتجاجات الجماهيريّة هنا في إسكتلندا أكبر مهرجان للفنون السنويّة في العالم منطقة محظورة على الفنانين المدعومين من الدولة الإسرائيليّة.
في السنوات الأخيرة؛ حقّق نشطاء حركة فلسطين في المملكة المتّحدة انتصاراتٍ ضدّ شركة الأسلحة الإسرائيلية البت Elbit بما يتجاوز ما اعتقده معظمنا أنه ممكن.
يمكن للتضامن مع جميع الأسرى الفلسطينيين؛ الاستفادة من هذه الديناميكية.