في انتظار الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة في تركيا في 28 مايو / أيار الجاري، جولة ثانية وحاسمة في الانتخابات الرئاسية بين الرئيس، الحالي رجب طيب أردوغان، الذي حصل على 49.35٪ من الأصوات مقابل 44.97٪ لخصمه من المعارضة كمال كليشدار أوغلو، وحصل المرشح القومي الثالث سنان أوغان على 5.25٪ من الأصوات.
تقف كثير من الأطراف في العالم، خاصة الولايات المتحدة ودول أوروبية، وبالطبع إسرائيل على أطراف أصابعها التي تشكك في ديمقراطية تركيا وتتمنى فوز المعارضة.
بعض أطراف المعارضة الإسرائيلية من الوسط وما يسمى اليسار تربطها علاقات جيدة مع أطراف عديدة من المعارضة التركية، والتعاون بينهما، ومحاولة المعارضة الإسرائيلية لحكومة بنيامين نتانياهو والاحتجاجات التي تقودها ضد خطة الاصلاح القضائي، والاستفادة من خبرات المعارضة التركية في مواجهة أردوغان.
المقارنة، والادعاء بأن هناك أوجه تشابه بين نتنياهو وأردوغان، وهناك أيضاً صراع عرقي عنيف، فمن المفيد جداً الاستماع إلى الدروس التي ينتجها خصوم نظام رجب طيب أردوغان في تركيا.
في مقال للصحفي تسفي برئيل في هآرتس قال: يمكنك القول بشكل غريزي إن سبب ذلك، هنا وفي تركيا، هو سياسات الهوية. أردوغان رجل ثري مثل نتنياهو. زوجته وأبناؤه وأصهاره أثرياء، وأصدقاؤه وشركاؤه من بين أغنى خمسين عائلة في تركيا. لقد مضى وقت طويل منذ أن لم يعد الفتى الفقير من الأحياء الفقيرة في إسطنبول. لكن الصورة تبقى والتوافق معها ينعكس في نتائج الانتخابات.
ويضيف، ولكن حتى لو أسفرت الجولة الثانية عن انتصار للمعارضة، فلا يسع المرء إلا أن يتساءل كيف حافظ أردوغان على قوته الانتخابية الكاملة تقريباً، على الرغم من البيانات الاقتصادية الصعبة وسحق الديمقراطية التي كان من المفترض أن تساعد المعارضة على الفوز على أقسام أكبر من الجمهور.
تم العثور على إحدى الإجابات على السؤال قاب قوسين أو أدنى، هنا في إسرائيل. هذا سؤال مشابه في جوهره للسؤال الموجه إلى العديد من الإسرائيليين الذين طُلب منهم شرح سبب استمرارهم في التصويت لليكود وبنيامين نتنياهو، على الرغم من الأضرار الجسيمة التي لحقت بالفقراء والأمن غير المستقر، وهو الأمر الذي يهدد على وجه التحديد سكان الأطراف، حيث يوجد معظم ناخبيه.
وفي مقال لنائبة رئيس تحرير صحيفة هآرتس نوعا لانداو، نشر في فبراير (شباط) الماضي، قالت على الرغم من أن المقارنات بين نتنياهو وأردوغان شائعة أيضاً، إلا أنها عادة ما تكون شخصية وتهدف بشكل أساسي إلى الترهيب. معظم الإسرائيليين أقل انكشافاً على تفاصيل الانقلاب في تركيا، وبالتأكيد الأصوات المعارضة له.
وأضافت يعقد معهد ميتافيف، المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية، اجتماعات بين خبراء في السياسة الخارجية من إسرائيل وتركيا لأكثر من عقد. في شهر آذار الماضي، طلب الإسرائيليون من الأتراك، بمن فيهم دبلوماسيون وباحثون سابقون، تبادل الأفكار معهم، وتلقوا تسعة نصائح رئيسية منهم حول مواجهة خطة نتنياهو.
حتى الآن الحلم لم يتحقق في نجاح المعارضة الإسرائيلية في إفشال خطة نتنياهو للإصلاح القضائي. وفي تركيا لا زال الانتظار سيد الموقف، ومع ذلك هناك تقديرات بفوز أردوغان، وخيبة أمل من قبل أطراف المعارضة والصحافيين الإسرائيليين، اللذين كانوا ينقلوا أخبار الانتخابات وكأن المعارضة حققت الانتصار، وبطريقة منحازة للمعارضة، ووصف تركيا بالدولة غير الديمقراطية والاستهزاء بديمقراطية أردوغان، وأنه رئيس ديكتاتوري شعبوي.
وبالعودة لـ برئيل، واستغرابه لتحقيق أردوغان نتائج متقدمة في الجولة الأولى، ويقول: لم يكن الاقتصاد وحده جاهزًا للانتخابات، قمع الحريات وحقوق الإنسان، واضطهاد الصحفيين، والحرب الداخلية العنيفة ضد الأقلية الكردية، والتدين العلني والسري، وخاصة النظام الرئاسي الذي بناه أردوغان، والذي حوّل تركيا إلى دولة استبدادية. بلد لا يكاد يكون للبرلمان فيه أي أهمية ويكون للنظام القضائي فيه مساحة ضيقة للمناورة وقليل من السلطة التقديرية.
في ما يتعلق بالتدين العلني والسري في تركيا، المدارس الإسلامية في تركيا ليست كمدارس الحريديم في إسرائيل، ومحاولة مقارنة المسلمين في تركيا والحريديم المتطرفين اللذين يعيشوا على حساب الإسرائيليين اليهود في إسرائيل، وفئات كاملة منهم لا تعمل، وتفجرت الاحتجاجات ضدهم حالياً في ظل الأزمة السياسية، وكذلك أزمة تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي، وحصولهم على موازنات هائلة لمدارسهم ومعاهدهم الدينية ويدرسون الشريعة والتوراة، بدون عمل أو تحمل العبء كغيرهم من اليهود في إسرائيل.
المدارس الدينية في تركيا، ليست كالمدارس والمعاهد الدينية في إسرائيل، بل هي مدارس حكومية يتم فيها تعليم المواد الأساسية والجوهرية رياضيات فيزياء كيمياء، لغة عربية وتشريع إسلامي وتوجد مدرسة منها تعتبر كاهارڤاد في تركيا.
هذا ما جاء في ملحق صحيفة يديعوت أحرنوت هذا الأسبوع، للكاتب الصحافي نداف إيال الذي قال: تجولتُ هذا الأسبوع في إسطنبول الممتلئة في كلا شقيها الآسيوي والأوروبي، فوجدت بها خلطاً رائعاً بين حضارة راقية كتلك التي شكّلت منطقتنا خلال مئات السنين ففيها التقاليد الدينية والعلمانية الكاملة.
وفي مقابلة له مع الدكتور ايتان كوهن ينردجيك، خبير بالشؤون التركية الحديثة في الجامعة العبرية، أخبره، بأن نظام أردوغان وسّع كثيراً المدارس المحسوبة كدينية واسمها "أمام خطيب"، وهي مدارس فوق ثانوية /أساسية وتضاعفت أربع مرات وتلقت ميزانيات مضاعفة.
وضحك نيردجيك من مقارنة ذلك بمدارس الحريديم، وتعليم البنات في تركيا، وقال: على العكس هناك اهتمام بتعليم المرأة، وفي تركيا جزء من المدارس الدينية البارزة تقدس التعليم العلمي. ومن يريد أن يتعمق في الإسلام يفعل ذلك، ولكن بعد أن يكون قد درس المواد الأساسية وكان جاهزاً لسوق العمل، التركي المتدين هو إنسان عامل.