فخر الرنتيسي، شاب فلسطيني معتقل منذ ١٣ يومًا، ليس في سجون العدو الفلسطيني، الزنزانة، والسجان، والسجن، والمحقق، ومن اقتاده من بيته وانتزعه من أطفاله، هي جهة أمنية فلسطينية، وأيضا من رفض إطلاق سراحه وتنفيذ قرار المحكمة القاضي بإطلاق سراحه في مرتين حتى الآن هي ذات الجهاز الأمني الفلسطيني.
هذا الرجل مثال واحد، فهناك غيره كثير من الفلسطينيين ما زالوا معرضين للاعتقال السياسي من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وما لا يمكن غض النظر عنه، أو تجاهله كما نتجاهل أعمار هؤلاء الشبان وكرامتهم وحريتهم، هو وقع هذه السياسة على بنيتنا الوطنية والاجتماعية، وتأثيرها المدمر على نضالنا الوطني في وجه العدو الصهيوني.
التشكيلة المتنوعة من الذرائع لعمليات الاعتقال هذه، مصطنعة مردود عليها بأكملها، فجميعنا نعلم خلفيات هذه السياسة ودوافعها ومنطلقاتها، ورهن الموقف منها بالتفتيش في الخلفية السياسية الوطنية لأي من ضحايا الاعتقال السياسي والأمني هو استسلام لمنطق هذه السياسة وتساوق مع منطلقاتها، فلا يجب أن يكون أي فلسطيني مستباح أمام الاعتقال والتنكيل، بسبب موقفه السياسي، أو رأيه، أو ممارسته للنضال الوطني.
ما الذي يعنيه الاعتقال السياسي في ظل الهجمة الوحشية التي يشنها العدو الصهيوني على شعبنا؟ فلا مبرر إطلاقًا للاستمرار في الانقضاض على بنيتنا الوطنية بهذه الاعتقالات والإصرار على تحطيمها في ظل هذه المواجهة مع العدو، فمن جانب يشكل الالتزام بمتطلبات التنسيق الأمني استسلام معلن وإسهام في تدمير قدرة شعبنا على المواجهة والصمود وحماية ذاته، وتحدي واعتداء على إرادة شعبنا وممارسته للوحدة الوطنية في مواجهة العدو وهجمته الوحشية، كما أن التذرع بالانقسام والمناكفات السياسية كغطاء لسياسات موجهة ضد أبناء هذا الفصيل أو ذاك ليس إلا إمعانًا في سياسات تصر على حرف البوصلة عن المواجهة مع العدو الصهيوني، وتواصل تمزيق وحدة شعبنا و ترهن وجوده لهذا المنطق المختل.
يقتل جنود جيش العدو يوميًا؛ أطفالنا ورجالنا ونساءنا في الشوارع والبيوت والأزقة والمخيمات والقرى، وتنقض عصابات المستوطنين على قرانا وبلداتنا بالعدوان والهجمات الوحشية، وتمضي منظومة العدو بأكملها في جهود منسقة لضم ما تبقى من أرضنا، ولا تدخر المنظومة الصهيونية للسلطة الفلسطينية إلا مزيد من الإلغاء لكل معنى لوجودها سياسيا، فيما يبدو أن هناك في هذه المنظومة من هو مُصر على تجاهل هذا كله، والمضي قدمًا في الانتحار؛ سياسيًا ووطنيًا، وتلغيم المجتمع الفلسطيني داخليًا، والعمل على استمرار التفجير لكل التناقضات الداخلية على حساب التناقض الرئيسي مع العدو.
التردي البالغ في الحالة السياسية الفلسطينية ليس مبررًا لترك الباب مفتوحًا نحو مزيد من التردي، أو لفتح مزيد من الأبواب أمام هجمة العدو الصهيوني لتحقيق أهدافها، وكل من هو فلسطيني من مركبات سياسية رسمية وغير رسمية وقوى حية، ملزمة اليوم بوضع حد لهذه السياسات، وإطلاق جهد فلسطيني موحد يهدف لإسقاط الهجمة الصهيونية، فمعركة الدفاع عن الوجود الفلسطيني لا تحتمل مزيد من الممارسات العبثية والانتهازية، وليس من المبالغة في شيء أن نقول أن هؤلاء الذين تعتقلهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية أو تقوم بقمعهم، المطلوب تجاههم هو حمايتهم ودعم صمودهم وتطوير أدوارهم الوطنية في سياق وحدوي جامع يحشد جهود شعبنا وشبابه الوطني في بنية وطنية فاعلة وقادرة على مقارعة الاحتلال في كل جوانب وقطاعات العمل الوطني.