Menu

بحضور نخب وممثلي الفصائل

بالصورملتقى الفكر التقدمي في محافظة رفح يعقد لقاءه التاسع والثلاثين 

غزة - بوابة الهدف

عقد اليوم ملتقى الفكر التقدمي في محافظة رفح لقاءه التاسع والثلاثين وسط لفيفٍ من النخب الثقافية والاجتماعية بالإضافة لممثلي القوى الوطنية والإسلامية في المحافظة.

أدار اللقاء الرفيق أسامة صيدم، الذي قام بالترحيب بالحضور كل باسمه ولقبه ومكانته.
نقل الرفيق للحضور تحية إدارة الملتقى موضحًا سبب الانقطاع لقرابة الشهرين، حيث أكد أن الموانع كانت بمجملها موضوعية وخارجة عن الإرادةة، قاطعًا للحضور الوعود بأن لا يتكرر هذا التأخير مرة أخرى.

وعزفت الموسيقى النشيد الوطني الفلسطيني ووقف بعد ذلك الجميع دقيقة صمت وحداد على أرواح الشهداء.

وكما جرت العادة أطلق الملتقى على هذه الدورة اسمي الشهيدين علم الدين عبد العزيز وأيمن صيدم، حيث ذكر مدير اللقاء نفحات من حياتهما معًا، وعن ارتقائهما سويًّا لعنان المجد والبطولة.

تحدث الرفيق أسامة عن النكبة الفلسطينية، وفي عجالة طلب من جميع الحضور ترك العباءة الحزبية على باب القاعة والتمنطق بالعباءة الوطنية الجامعة مؤكّدًا أنه يقع على عاتق جميع الحضور المشاركة في إنتاج فكرة تملك من القوامة ما يجعله هو بنفسه رسولًا لها.

واستشهد الرفيق أسامة بمقولة للفيلسوف كارل ماركس الذي قال فيها "إن الحالمين لا يغيرون العالم وإن نضوج الظرف الذاتي ليس كافيًا لصنع ثورة، بل إن عليهم التسلل للظرف الموضوعي والعمل على تغيير خصائصه"

تسلم الرفيق عدنان أبو ضاحي دفة الحديث، فقد كان الرفيق الضيف المحوري في هذا اللقاء.

بدأ الرفيق حديثة بأنه مخطئ من يظن أن النكبة ظهرت في التاريخ دون مقدمات، فنتائج أي مرحلة موجودة في أحشاء المرحلة أو المراحل التي سبقتها
ولعل الإرهاصة الأولى تجلت في موقف ومقولة نابليون بونبرت حين استعصت أمامه أسوار عكا عام 1799 وأطلق تصريحه الشهير "أيها الإسرائيليون إن فرنسا تمد أيديها لكم، فانهضوا واستعيدوا مكانتكم بين الأمم"، ونشر ذلك التصريح في الصحف الفرنسية وأثار حالة من الجدل والتفاعل وإن لم يلقَ ترجمات فعلية!، والتقط البريطانيون الفكرة، حيث أرسل وزير خارجية بريطانيا إلى سفيره في إسطنبول للحديث مع السلطان وحاشيته كي يوافقوا على تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين،  وفي عام 1885 ظهر أول مرة  مصطلح "الحركة الصهيونية" ثم عام 1896 قام هرتزل بنشر كتابه  "الدولة اليهودية" 

وبعد عام تقريبًا عُقد مؤتمر بازل "المؤتمر الصهيوني الأول" الذي قرر إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين وأرسل هرتزل لاثنين من مساعديه لفلسطين لاستجلاء حقيقة الأوضاع هناك حيث أرسلا رسالة مُشفرة لهرتزل مفادها أن العروس جميلة وتتوافر فيها كل الصفات لكنها مع  الأسف  متزوجة!! كانت الإشارة أنها بالفعل أرض جميلة واستراتيجية في موقعها لكنها ليست خالية، بل يسكنها شعب جذورة ضاربة في التاريخ.

وهذه الرسالة أبلغ رد على أصحاب أكذوبة أنها أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، ففلسطين وقتها كانت منارة الشرق، وشكلت بقعة مضيئة في المنطقة، وكانت مدنها الساحلية مثل يافا وحيفا تضاهي نابولي وبيروت والإسكندرية والقاهرة، وشهدت وقتها نهوضًا اقتصاديًّا وحركة تجارة نشطة ومراكز ثقافية وفنية متقدمة.

وفي إشارة لحقيقة أن شعبنا رحل هاربًا تم ذكر تصريح قادة الكيان الذين أكدوا أن ثلث قتلى الكيان كانوا قد قضوا في المرحلة الأولى من احتلال فلسطين، ما يدحض أكذوبة أن الفلسطينيين تركوا بلادهم فريسة سهلة للصهاينة.

في عام 1916 ظهرت رزية سايكس بيكو، وذلك قبل عام واحد من وعد بلفور المشؤوم، الذي منح فيها من لا يملك لمن لا يستحق!!
وجدير بالذكر أن الأوساط الصهيونية كانت على علاقات متقدمة مع الدول الغربية وصاحبة النفوذ والتأثير، وظهر هذا جليًّا في تسهيل وصول الصهيوني حايبم وايزمن الذي جاء تحت حجة إنشاء شركة عقارية لتطوير الأراضي، ومنحته بريطانيا وقتها التراخيص اللازمة، حيث تمكن من شراء مائتي ألف  دونم في سهل مرج ابن عامر من عائلة سرسق اللبنانية المقيمة في الغرب! وهذا ما يؤكد تواطؤ الإنجليز مع الصهاينة، فقد تحرك الجيش الإنجليزي واحتل القدس أيام بعد الوعد المشؤوم بقيادة الجنرال اللنبي، وقد شارك فيلق صهيوني قوات اللنبي في احتلال القدس، ومن بينهم بن غوريون وجابوتنسكي ونحميا رابين والد اسحق رابين ، ومن اليوم الثاني لاحتلال القوات الإنجليزية لفلسطين، منح الصهاينة امتيازات منها اعتماد اللغة العبرية وإضافة حرفي A,R إلى فلسطين اختصارًا لكلمتي "ارتس إسرائيل" وأقاموا محطات للمياه والكهرباء وجيشًا مستقلًّا، والأهم من ذلك فتح باب الهجرة واسعًا أمام الصهاينة، وكان دعم بريطانيا للقوات الصهيونية حاضرًا طوال سنوات ما قبل إنهاء الانتداب، وتوج بتسليمهم الأليات العسكرية والمطارات الحربية بالطائرات، مما ترتب عنه بعد ذلك القيام بمجازر بحق شعبنا.

أشار الرفيق عدنان في إطار تشخيصه للنكبة عن كبوة ظهور قيادات ضعيفة، وهذا مردة لكون الزعامة كانت تقوم على العائلات، وأرادت كما يقولون أن تجمع الشتاء والصيف في آن واحد، فمن ناحيةٍ تريد مقاومة مخططات الصهاينة، ومن ناحيةٍ أخرى لا تريد أن تخسر صداقة بريطانيا، فضلًا عن حقيقة وجود صراع وتنافر وصل حد الاختلاف بينها، والنخب كانت ضعيفة في مواجهة نخب إمبراطورية.

ونبّه أيضًا إلى أن شعبنا قاتل الصهاينة بعد استشعاره بخطر هجرة الصهاينة وتواطؤ الإنجليز معهم فحاربوهم معًا، وخاضوا نضالات دامية شعبية وعسكرية وإضرابات وثورات؛  ثورة البراق ثم إضراب 36 و 39 الشهيرين ومن بعدها تشكل الأحزاب الفلسطينية بعد الإعلان عن قيام دويلة الكيان.
وفي تتابع سردي شيق تحدث الرفيق عدنان عن أهم المحطات التي ظهرت بعد النكبة منها انطلاقة الكيانات الفصائلية التي مارست أشكال النضال كافة.

تحدث الرفيق عن الانقسام، وتساءل عن الحصيلة التي تحققت بعد ٧٥ عامًا من النكبة والنضال المتواصل والمآثر والتضحيات التي سجلها شعبنا، وأكد أنه مطلوب إجراء مراجعة جريئة لمسيرة نضالنا بعد كل هذه  السنوات، والإجابة على سؤال لماذا لم نحقق أهدافنا؟ ثم كيف ننتصر في معركة وجود يستخدم فيها كل طرف كل إمكاناته على قاعدة أن الصراع لا يدور بين حق وباطل فقط بل على أرض واقع يحكمه موازين قوى؟ وهل نجحنا في جسر الفجوة وتقليصها في موازين القوى، وهل بمقدورنا أن نستعيد الحالة المعنوية للجماهير بعد سنوات من الانقسام والاختلاف من خلال الكلمات الحماسية والخطب العاطفية أم أن استعادة الحالة المعنوية يتطلب إعادة تأسيسها ضميريًّا وأخلاقيًّا من خلال إطلاق أقصى عملية فكرية لتوفير أجوبة مقنعة وعقلية لتوفير قناعات راسخة بشأن مشروعية نضالنا الوطني وقابلتها للتحقق؟ ودون ذلك لا سبيل  للخروج من حالة الحديث الذي لا يتبعه عمل وأنه مطلوب الوقوف بجرأة والقيام بتقييم شامل وجدي؛ بهدف إنهاء هذة الرزية واستعادة اللحمة والانطلاق موحدين لمقارعة العدو الصهيوني .

 بعد انتهاء الرفيق من مداخلته تحدث الرفيق أسامه صيدم للحضور مطالبًا إياهم بالمشاركة في التفاعل حول موضوع النكبة.
 قال الأخ عبد الله أبو جندي: إن فلسطين ونكبتها تستدعي منا جميعًا الالتفاف حول برنامج يوحدنا جميعًا وإن النكبات تتالت بفعل إصرار البعض على إنكار الآخرين 
وأضاف الأخ عبد العزيز الحيلة بمداخلته أنه علينا ألا نرى الصورة قاتمة، وأن في إطار النضال الطويل ظهرت محطات مشرقة ومشرفة، وأن شعبنا ما زال متمسكًا بوطنه وحريته.
وأردف  الرفيق رسمي أبو العنين أن شعبنا وقيادتة شكلوا سويًّا نبراسًا في النضال، ولم يتركوا الاحتلال يهنأ طوال مدة احتلاله.

تحدث الأخ القذافي القططي، ممثل حركة الجهاد الإسلامي، أن النضال بدأ مبكرًا وغداة احتلال فلسطين حتى إنه قبل الإعلان الرسمي عن قيام دولة الكيان، وأن ما تفعله حركته و حركة حماس هو امتداد طبيعي لهذا النضال الطويل.
مؤكدا على ضرورة استعادة اللحمة والعودة موحدين لمقارعة الاحتلال، وضربه في كل مكان.
وتحدث الرفيق عصام زينو عن ضرورة الوحدة، وعن ضرورة تنشيط اللقاءات الجامعة التي حتمًا سيترتب عليها زيادة في الوعي، ومن ثَمَّ زيادة القدرة على استحداث مخارج للأزمة. 

وأردف الأخ أبو عاهد أبو جزر أن شعبنا الذي ناضل لأكثر من سبعين سنه قادرٌ على الاستمرار في النضال، وأنه يملك كل أدوات الانتصار. 

وقال الأخ نائل أبو شرخ: إن عدالة قضيتنا وطموح شعبنا هما الكفيل للاستمرارية حد الوصول للتحرير الكامل محددًا ذلك في نقاط أربع تعالج الخلل وتجد طريقًا يسيرًا للحل واستعادة حالة الثورة الأولى.

تحدث الرفيق رواد بدوي عن ضرورة الخروج من قوقعة الأقوال لجادة الأفعال والدفع بقوة تجاه تشكيل قوة ضاغطة على الفرقاء؛ كي تنتهي الأزمة ويعود شعبنا من جديد لطريق النضال موحدين.

أما الأخ أسامة الطويل فقد تحدث عن الانقسام وعن أثره الذي يتشابه في كثير من المحطات مع كارثة النكبة مؤكدًا أنه من العيب أن تضيع حياة شبابنا لصالح أبناء بعض القيادات وأن على شعبنا وقواه الحية رفض الاستمرار في الانقسام.

وفي الختام، ومن باب شحذ الهمم، استشهد الرفيق أسامة صيدم بمقولة برنارد شو، حيث قال  إن المتفائلين هم من يملكون تحقيق أمنياتهم، أما المتشائمين فيحلمون بكوابيسهم فقط، واستدرك الرفيق عدنان مسترسلًا، أن شعبنا كان ومازال قادرًا على إحداث التغيير وعلى التخلص من الاحتلال، وأن تناول المثالب والكبوات جاء من باب الموضوعية التي تحتم علينا النقاش الجدي والوقوف على ما يعيق شعبنا عن تحقيق ما يصبو إليه مؤكدًا أن تناول الكبوات التي اعترت مسيرتنا لا تتناقض مع ما سطره شعبنا من بطولات، سيما وأنه وقف على معارك من الشرف والبطولة، وقدم في سبيل ذلك التضحيات الجسام.
وأكد الرفيق عدنان أبو ضاحي أنه تلمّس حرص المشاركين في اللقاء الذي ظهر جليًّا في تفاعلهم المحمود مع مادة اللقاء، حيث أشاد بجرأتهم في طرح أفكارهم واقتراحاتهم وتوجّهاتهم الوطنية.