Menu

على طريق تحرير كل فلسطين

هيثم عبده: نصر تموز 2006 محطة انتصار في مسار استراتيجي

بيروت _ بوابة الهدف

أكَّد مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان هيثم عبده، أنّ "ما حققته المقاومة في لبنان من إنجازات نوعية خلال العدوان الصهيوني على لبنان في حرب تموز صيف العام 2006  يمثل محطة انتصار استراتيجي في معركة الوعي لطبيعة الصراع الوجودي والمفتوح مع الكيان الغاصب، وأثبت نجاعة نهج المقاومة في الدفاع عن أماني وطموحات شعوب أمتنا ومنطقتنا في التحرر من براثن الهيمنة الصهيو – أميركية، وحماية مقدراتها وثرواتها وتحقيق أحلامها  في التقدّم والتنمية والتحرر الوطني وتحقيق أمانيها نحو مستقبل مشرق للأجيال القادمة".

وجاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها عبده في اللقاء الحواري السياسي الذي نظمته منظمة الشبيبة الفلسطينية وجمعية هلا صور في مدينة صور- جنوب لبنان، بمناسبة ذكرى العدوان الصهيوني على لبنان صيف العام 2006، ودعمًا لكفاح وصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.

واستهل عبده كلمته "بتوجيه الشكر لمنظمي النشاط، جمعية هلا صور الثقافية الاجتماعية ومنظمة الشبيبة الفلسطينية"، كما توجه باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، للحضور بالتحية والتقدير، وبتوجيه التحية لشهداء شعبنا وثورتنا، قادة وكوادر ومقاتلين قضوا على درب الثورة ولتحقيق أهداف شعبنا النبيلة، في الحرية والعودة، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة على كامل ترابنا الوطني، وعاصمتها القدس .

كما قدم "التحية للشهداء الذين زرعوا بذرة الثورة ورووها من عرقهم وتضحياتهم، من دمائهم حتى صار جذرها في الأرض وفرعها في السماء، وللشهداء الأحياء المزروعين في قلب الوحش، في أقبية الزنازين يخوضون النضال على طريقتهم، الأسرى الأبطال الذين حولوا الأقبية والمعازل إلى ساحة نضال وتحد للاحتلال، فكسروا عنجهيته بأمعائهم الخاوية وبصلابة إرادتهم وعنفوانهم وخبرتهم الطويلة في مقارعته، أحرارًا هم ولو كانوا أسرى"، كما قدّم تحية حب ووفاء للرفيق الأمين العام أحمد سعدات، وكل الأسرى من القادة والكوادر والنشطاء، والعهد البقاء على دربهم ومسيرتهم حتى تحقيق أحلام وطموحات شعبنا.

وتابع عبده: "نقف اليوم لنستعيد معًا أيامًا من العز والفخر، حرب تموز هي ليست مجرد ذكرى عابرة لأيام من الماضي الجميل كما يقولون، إنها من بشائر النصر القادم والنهائي على هذا الكيان المؤقت. حرب تموز لم تكن مجرد حرب سابقة، أو معركة مضت وانقضت، إنها محطة انتصار في مسار استراتيجي وتاريخي حتمي: هو خيار المقاومة كفكرة وعقيدة ومنهج حياة، فكرة الإنسان في كينونته التي ترفض الظلم والاضطهاد، وحياة الذل والخضوع لقوى العدوان والاستكبار والاستعمار، فالمقاومة هي التجسيد العملي الأنقى الملموس لمعنى الإنسان بعمقه النبيل والسامي".

وأضاف: "هكذا نرى المقاومة ونفهمها ونعشقها ونتمثلها منهج حياة وليس منهج موت كما يصفه البعض، وسبب هذا الخلاف بيننا وبينهم، هو اختلافنا في فهم معنى الحياة والموت، لأننا نعتبر حياة الذل والخضوع موت، والموت في سبيل قضية نبيلة وسامية كالحرية والكرامة والمبادئ هو حياة لشعبنا ومستقبل أجيالنا، لذلك قلنا إن حرب تموز ليست حرب سابقة، لم تكن ولن تكون، نعم هي محطة ونحن نصر على أنها محطة انتصار، لأن المقاومة ليست مجرد فعل أو حدث أو إجراء نقوم به وينتهي بانتهاء الفعل، بل هي خيار ومسار ومنهج حياة، بكل ما يعنيه ذلك من معنى، وهي بحاجة الى عمق انساني وروحي كبير كي نفهمها ونتمثلها".

وتابع عبده: "ها هو الكيان الصهيوني يواصل حروبه ضد شعبنا ويرتكب أبشع الجرائم، ويحاول تقسيم قضيتنا وفصل الضفة عن غزة، يستمر في بناء المستوطنات في الضفة ويشن حرب إبادة في غزة، ويمارس سياسة عنصرية فجة في التعامل مع أهلنا في المناطق المحتلة عام 1948، وأيضًا يواصل تهويد مدينة القدس وتدمير بيوت الفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى، وكل ذلك يتم أمام مرأى ومسمع العالم بأسره، ومن دون رقيب أو حسيب، وفي الوقت الذي يعمل فيه اليمين المتطرف العنصري الفاشي على تأصيل المشروع الصهيوني، نحو مشروع صهيوني أكثر صهيونية وأكثر عدائية، وهذه المرة يصل اليمين الديني للحكم لكي يحكم، هدفه حسم الصراع! وليس حل الصراع، فإنّ حكومة التطرف الديني هذه هي دعوة صريحة للقتل والطرد والعقاب بكل أشكاله بحق الشعب الفلسطيني في محاولة للوصول الى مرحلة يكون فيها العرب قلة قليلة لا يصلحوا إلا كعبيد عندهم لا أكثر ولا أقل".

وأردف عبده: "التحكم بحياة وحقوق الفلسطينيين، تحت ذريعة إنفاذ الأمن والقانون وشرعنة الاستيطان، هذا هو الوجه الحقيقي للصهيونية، فرصة ذهبية لتسقط كل الأوهام، والتحدي بمزيد من المقاومة، بل إن شرعنة الاستيطان يتطلب شرعنة المقاومة، والاحتلال المصاب بغباء القوة، يمارس القتل دون أن يرف له جفن، هو ماذا يفعل؟ هو يأخذ عائلات بأكملها إلى مربع المقاومة، هذا يشعل ويجدد المقاومة ولا يوقفها، فالمطلوب اليوم جبهة مقاومة فلسطينية الآن وليس غدًا جبهة لإدارة الحرب للارتقاء إلى مستوى الفعل المقاوم".

وتابع: "إنّ ما جرى في جنين يؤكّد مجدّدًا طبيعة عدوّنا العداونيّة الإرهابيّة، وهي طبيعةٌ لم تتغيّر منذ احتلال فلسطين، وإنّ المقاومة هي قدر شعبنا لمواجهة هذا العدو، والتصدّي للإرهاب الصهيوني والعدوان على أبناء شعبنا في كلّ مكانٍ للدفاع عن الحقوق الفلسطينيّة حتّى التحرير، وإنّ العدوان على جنين أتى في سياقٍ مشابهٍ للعدوان على غزّة قبيلَ الانسحاب "الإسرائيلي" عام 2005، وأنّ الحصيلة النهائيّة ستكون حتمًا انتصار المقاومة ودحر الاحتلال، وذلك فقد تمكّن شعبُنا الفلسطيني من تطوير المقاومة، وجنين الآن منصةٌ جديدةٌ تشير إلى نجاح شعبنا في قلب المعركة التي بدأها العدو لصالحه، فجنين تعود مرةً بعد مرةٍ لتتقدم لقيادة المقاومة، وإنّ الفصائل الفلسطينيّة حاضرةٌ بقوة، سواء في جنين أو في الساحات الأخرى، حيث إنّ تشكيلات المقاومة التي ظهرت مؤخّرًا في الضفة تتكوّن من شبانٍ ينتمون إلى جميع الفصائل؛ آثروا الوحدةَ الميدانيّةَ على الخلافات السياسيّة وتعالوْا عليها".

وأكّد عبده أن "شعبنا في مدينة جنين ومخيمها خاضوا ملحمةً بطولية سترسم معالم طريق الانتصار حتماً على هذا العدو الصهيوني، وأن جنين ستظل شوكة في حلق العدو الصهيوني، وستظل المقاومة بكل تشكيلاتها وبكل الساحات وفية لدماء الشهداء، حاضرة وجاهزة للدفاع عن أبناء شعبنا، ومواصلة تطوير امكانياتها وقدراتها، فما حدث في جنين سيتكرر في مدن ومخيمات أخرى سيجني من خلالها المزيد من العار والهزيمة، وبهذا المعنى كانت حرب تموز محطة في هذا المسار وهذا الخيار، استطاعت المقاومة بالاستناد لمخزون هائل من الثراء والغنى الروحي، وهنا تأتي مقولة القائد الجهادي الكبير عماد مغنية (من يقاتل فينا هي الروح)، فقد امتازت المقاومة بقدر كبير من الصبر والصمود والثبات، وقدمت الغالي والنفيس، وكانت مثالاً للتضحية والعطاء اللامتناهي، هكذا تفوقت على آلة العدو الهمجية وتفوقه بنوعية السلاح وخصوصًا سلاح الجو. الروح دحرت الآلة، تمامًا كما تنتصر العين على المخرز والدم على السيف. نعم حرب تموز المجيدة محطة من محطات الانتصار الكبير والنهائي، لأنها لم تكن صدفة عابرة، بل نتيجة طبيعية لدرس وخبرة تراكمت وتعاظمت عبر مجموعة كبيرة من الانتصارات الصغيرة في عمليات المقاومة الجريئة والنوعية التي كبدت العدو خسائر كبيرة، وتوجت بالانتصار الكبير عام 2000، حين أجبرت المقاومة العدو الصهيوني على الاندحار مهزوما ومذلولاً من جنوب لبنان، ثم تلا ذلك الانتصار في غزة، حين أجبرت المقاومة العدو الصهيوني الانسحاب من غزة عام 2005".

وأكمل عبده: "إنّ ما أسست له محطة تموز وانتصارها العظيم عام 2006، هو أكبر من إنجاز محدود في زمانه أو مكانه، فقد أسست هذه المحطة لخلق بيئة مقاومة في عموم المنطقة والعالم، فتعززت ثقة شعوب المنطقة وقواها الحية بنفسها وإمكاناتها وخيارها، ومن هنا بدأت تتبلور جبهة المقاومة على مستوى المنطقة من طهران والعراق و سوريا ولبنان وصولا إلى فلسطين، وبالإمكان القول إنه لم يتشكل منظومة مقاومة بهذا العمق والاتساع كما التكامل والتعاون في بناء وتطوير القدرات بين أطرافه، والتوحد في الرؤى والأهداف والوسائل في تاريخ القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني".

وشدّد أنّ "الصراع مع العدو يتطلّب بناء استراتيجيّةٍ وطنيّةٍ موحّدةٍ تقطع مع كلّ الاتفاقات الموقّعة مع الاحتلال، وتمسك بكامل حقوقنا التاريخيّة في فلسطين، وإدارة الصراع مع العدوّ بكلّ الوسائل والأشكال، وفي مقدّمها المقاومة المسلّحة".

وختم حديثه "بتجديد التحية والعهد للمقاومة، للشهداء وللأسرى ولعموم شعبنا والبقاء أوفياء للطريق الذي سلكه من سبقونا في التضحية، وأن نظل ممسكين بثوابت قضيتنا وأحلام وطموحات شعبنا مهما غلت التضحيات ومهما كانت الطريق صعبة والظروف قاسية".