Menu

محور المقاومة: ما الذي يعنيه فلسطينيًّا؟

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

النظرُ للقوى التي تقاتلُ الكيان الصهيوني والمشروع الاستعماري الغربي في هذه المنطقة من العالم، باعتبارها مجرّدَ امتدادٍ ل إيران هو محضُ بلاهةٍ أدمن معسكر المهزومين وحلفاء المستعمِر تردادها،  فيما يفهم قطاعٌ واسع ممن نزفوا في مواجهة المشروع الاستعماري، أنّ معركة اليوم هي امتدادٌ لمعركةٍ طويلةٍ قد بدأت منذ ما قبل المشروع الصهيوني، وأن تشكيل إيران لحجر الأساس فيها اليوم يعود للعام ذاته الذي راهن فيه الصهاينة على استسلام شعوب المنطقة لهم، مع توقيع أول اتفاق تسوية بين بلدٍ عربي والكيان الصهيوني، ففي العام ذاته الذي وقّعت فيه كامب ديفيد كانت إيران تُسقط نظام الشاه، وتخرج من السيطرة الاستعماريّة.

في هذه السردية تكون نقطة البداية لثورة إيران مع أول طلقة وشرارة أشعلها الشعب الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني، فقد قاتل الشعب الفلسطيني ضد الغزو الصهيوني لأكثر من مئة عام، عرف فيها هزائم وانتصارات وفترات مد وجزر، تشكّلت بفعل عوامل موضوعيّة وظروف حاكمة ومؤثرة، كانت في أغلب محطاتها تتجاوز فلسطين إلى الإقليم وغالبًا إلى العالم وتوازنات القوى فيه، وفي قتاله وصموده الشجاع على خطّ المواجهة الأول، كان يشكل الدرع المتقدّم الذي استنزف العدو وحال دون تمدّد الهيمنة الاستعمارية للمنطقة بأسرها.

إدراكًا لهذه الحقيقة يمكن الإشارة إلى أنّ غزو الصهاينة لفلسطين وطردهم لشعبها، كان محصلة لتفوق القوى الاستعمارية الكبرى وترجمة لانتصار هذه القوى في الحرب العالمية الأولى، وأن الثورة الفلسطينية في مرحلتها الأولى، كانت امتدادًا لحركات التحرر الوطني والمد القومي العربي الاستقلالي، وكذلك أن كامب ديفيد كانت بداية الانحسار لهذا المد، فيما مثلت اتفاقية أوسلو امتدادًا لكامب ديفيد وترجمة لبداية عصر التفرد الأمريكي الذي راهن على دفن القضية الفلسطينية وإعادة خلق المنطقة وفق المقاييس الأمريكية، وبما يلائم تطوير دور مركزي للكيان الصهيوني في تمثيل وحماية المشروع الصهيوني في المنطقة.

ووفقًا لذات القياس، إن ساعة هزيمة الكيان الصهيوني تقترب في كل لحظة منذ استعادت شعوب المنطقة وقوى المقاومة فيها طهران، ودقات الساعة في قلب الكيان قد علت مع نسج قوى المقاومة والتصدي لشبكة ممتدة باتت تواجه المشروع الاستعماري وأدواته في المنطقة بشكلٍ شامل، وعلى هذه الأرضية تتضافر عوامل الانتصار وتتكامل شروط تحقيقه، فما كان في ذات يوم تنسيق بين دولة تخوض مواجهتها مع المشروع الاستعماري وبعض قوى المقاومة التي تقاتل ضد العدو الصهيوني، بات في هذه المرحلة محور للمقاومة يدرك أهدافه ويخطط لتحقيقها، وفي مقدمتها هزيمة المشروع الصهيوني، باعتباره رأس حربة المشروع الاستعماري في المنطقة.

من يظن أن هذا الشكل من التناسق والترابط بين مختلف القوى في محور المقاومة هو ذروة ما يمكن الوصول له، فإنه أيضًا، إما متشائم أو واهم، فكل طلقة تصيب جنود العدو على أرض فلسطين اليوم، تؤكد قدرة هذا المحور على إدارة معركة استراتيجية تؤدي فيه كل قواه أدوارها في طريق واضح المعالم نحو هزيمة العدو الصهيوني، وفي العديد من قطاعات العمل في هذه المواجهة ما زالت الطاقات الكامنة أكثر من تلك المستخدمة أو التي تم تفعيلها في هذه المرحلة، كما أن العديد من القوى الصاعدة في هذا المحور ما زالت قادرة على تقديم المزيد على هذا الدرب.

إن ما يجب أن يتطلع إليه أنصار فلسطين ومحورها الممتد من طهران إلى القدس ، هو حشد أوسع جبهة من شعوب هذه المنطقة وقواها الحية، وإطلاق أقصى طاقات هذا الحشد في مواجهة العدوان الاستعماري بكل أشكاله وأدواته، وهو ما يتطلّب تجاوز الكثير من العقبات والصعاب والحواجز المتوهمة.

في هذا الجزء من العالم، وفي معركة المواجهة مع المشروع الاستعماري ورأس حربته الكيان الصهيوني، هناك عقيدةٌ مشتركةٌ تعلو على كل تلك التباينات وهي الإيمان الكامل بحتمية وضرورة هزيمة الكيان الصهيوني، عقيدة المقاومة والتضحية والفداء، وطريق واضح عمدته التضحيات المشتركة ودماء الشهداء التي نزفت في كل ساحات القتال ضدّ الغزاة وأدواتهم، وما يدور اليوم على أرض فلسطين من فعلٍ مقاومٍ وتعميدٍ لهذا الكفاح المشترك، الذي سيرسم مستقبل المنطقة، لا يمكن لأي تبايناتٍ أو حواجزَ مصطنعةٍ أو دعايةٍ مهزومةٍ أن توقفه.