Menu

عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق أحمد أبو السعود لبوابة الهدف

حوارمعركة طوفان الأقصى جاءت صدمة للعالم أجمع وليس فقط للكيان الصهيوني

أحمد أبو السعود

حاوره محمد حسين

عملية السابع من أكتوبر معركة طوفان الأقصى الدلالات والتأثيرات على المشهد الإسرائيلي والفلسطيني في هذا الحوار مع الرفيق أحمد أبو السعود عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين..

*عملية السابع من أكتوبر شكلت صدمة للكيان الصهيوني ومفاجئة لكل صناع القرار بالعالم كيف تقرأ هذه العملية؟
**على امتداد الصراع الفلسطيني– العربي/ الصهيوني لم تحدث معركة أو مواجهة بمستوى معركة "طوفان الأقصى" من حيث الإعجاز في تنفيذ الهجوم والدفاع والتمويه الذي سبقهما، ما أعطى هذه المعركة صفتها التاريخية والنوعية، ففي الوقت الذي اعتقدت فيه حكومة الكيان الصهيوني بخبرائها الاستراتيجيين ومحلليها المخضرمين أن حركة حماس باتت مردوعة، وإن أكبر همها الحصول على الأموال وإبقاء قطاع غزة تحت حكمها، وقد ساعد على هذا الاعتقاد ما أظهرته حماس من قدرات عالية على التمويه بعدم المشاركة بأكثر من معركة فجرتها حركة الجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة الأخرى، فنأت حماس بنفسها عنها، وغير ذلك من الإشارات التي تدل على قوة التمويه.
ولما جاءت اللحظة المناسبة لتفجير المعركة وما حدث في الساعة الأولى، جاءت صدمة للعالم أجمع وليس فقط للكيان الصهيوني الذي أصابه الشلل، فعجزت قيادته عن التصرف خلال يومين، مما دفع الولايات المتحدة للدخول على الخط وتقديمها جرعات معنوية بإعلان بايدن أن أمريكا تقف مع الكيان الصهيوني في نفس الخندق، وستتصدى لأي قوة تحاول المشاركة أو توسيع الحرب، وهذا الأمر أظهر العلاقة الأبوية بين أمريكا والدول الأوروبية الرئيسية مع الكيان الصهيوني. 
لقد تجلت الصدمة لكيان الاحتلال بعد اقتحام المقاومين الأبطال لأكثر من عشرين مستوطنة وعدة قواعد عسكرية هامة جداً والسيطرة التامة عليها، بأن أعلن نتنياهو الحرب الشاملة، وصرح بأن هذه المعركة وجودية، كما نقول نحن على مدار الصراع بأن حربنا مع الكيان الصهيوني حرب وجودية، ”نكون أو لا نكون". 
وتكالب الزعماء الغربيون بعد زيارة بايدن بإعلان وقوفهم التام والمطلق مع الاحتلال، وأعطوا "اسرائيل" الحق في الدفاع عن نفسها، فرؤساء ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان وغيرها من الدول شكلت دعماً سياسياً وعسكرياً ومالياً لإسرائيل في المحافل الدولية وغطاء لجرائمها منقطعة النظير. 
هذه ردة فعل عميقة عبرت عنها الامبريالية الغربية التي تحيط بالكيان الصهيوني لحماية وجوده، بعد أن اعتقدوا أنه شب عن الطوق وبات الأقوى في المنطقة حتى أن كثير من الأنظمة العربية صدقوا أنه صاحب أقوى رابع جيش في العالم، وأن هذا الجيش لا يقهر، فتساقطوا يلعقون حذاء الاحتلال بإقامة علاقات تطبيعيه لحمايتهم من شعوبهم ومن خطر إيران. 
بعد أكثر من شهر ونصف على المعركة التي أفرغت خلالها كل مخازن الذخيرة لهذه الدول الموغلة في الإجرام بالماضي والحاضر ولم يتمكنوا من المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام التي لا يصل تعدادها السبعين ألف مقاتل  في حين أن ثلثي الجيش الصهيوني المجرم العاجز عن تحقيق شيء هام سوى قتل آلاف الأطفال والنساء والأبرياء.
 إن الصّدمة لم تكن للعدو وحده، بل طالت العالم بأسره، ونحن كفصائل جزء ممن صدموا لهول ما حققته المقاومة وما تحققه لغاية الآن، ففجرّ هذا فينا القناعة أكثر من أي وقت مضى أن هذا الاحتلال بكيانه الغاصب سيزول حتماً وسيحقق شعبنا انتصاره الكبير بتحرير فلسطين. 

* البعض يقول أن حماس مارست الخداع الاستراتيجي على  للكيان الصهيوني أولاً والعربي والفلسطيني ثانياً حتى ظن البعض أنها خرجت من مربع المقاومة، هل هذا الكلام صحيح؟ عملية السابع من أكتوبر أكدت حتمية الانتصار بشكل واقعي أي نقلت الممكن إلى الواقع هل هذا صحيح أم أن هذه العملية تأتي في سياق المواجهة الشاملة مع الاحتلال الصهيوني منذ ما يقرب القرن؟ 
** كأي فدائي يعمل في المجال العسكري السرّي، اتقنت حماس العمل بقواعد العمل السرّية، ومنها فنون الخداع والتضليل والتمويه، ونجحت بإظهار نفسها كقوة تحاول الحفاظ على نفسها وعلى مصالحها، وما شعارات المقاومة سوى بضاعة لكسب الرأي العام الفلسطيني. 
فأن تستمر بالحوارات الفلسطينية الداخلية من أجل ترتيب البيت الفلسطيني كما بقية الفصائل الراغبة بإنهاء الانقسام، وتشغيل إعلامها الداخلي بهذا الاتجاه، وفي لحظة تعيد العمل بمسيرات العودة على الحاجز الشائك الفاصل بين القطاع والمناطق المحتلة لعام الـ1948، وشعارها ممارسة الضغط على الاحتلال لتشغيل أعداد أكبر من العمال والضغط على دولة قطر للحصول على حصة أكبر من المساعدات لأهالي القطاع، وغيرها مما جعل الأمن الصهيوني المتفوق عالمياً يقع بشباك الخديعة ويعتقد أن حماس همها المال والسلطة وليس بواردها الحرب. أليست هذه فنون قتالية، ليتم تتويجها بمعركة قاسية  تحقق فيها انتصاراً تاريخياً على الاحتلال؟
لقد اهتز الكيان بجيشه وأمنه وجبهته الداخلية وقياداته مما كشف للقاصي والداني مقولة السيد حسن نصر الله بأن هذا الكيان ضعيف ويمكن الانتصار عليه، ولقد جاءت معركة "طوفان الأقصى" محطة نوعية مضافة إلى المعارك والمواجهات السابقة، لتؤكد أن فلسطين سوف تتحرر بكل تأكيد طالما أن رجالها ونسائها وأطفالها من تحت الأنقاض ومن تحت القصف يهتفون للمقاومة ويرفضون التهجير. وشعبنا تأكد وأكد للعالم بأنه صاحب الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني والإنساني بفلسطين، ولم تمنعه أي قوة في العالم من الاستمرار حتى تحرير وطنه من النهر إلى البحر. 

* ما قبل معركة طوفان الأقصى غير ما بعدها هل هذا القول ينطبق على المشهد الفلسطيني،  أو بعبارة أخرى هل سيتغير المشهد الفلسطيني بعد معركة طوفان الأقصى وكيف؟ 
** ما قبل معركة طوفان الأقصى 
فلسطينياً: شعبنا يقدر المقاومة التي تقارع الاحتلال وتقض مضاجعه، ويتوق إلى وحدة فلسطينية بعد أن يأس من القيادات الفلسطينية التي خاضت المعارك لإنهاء الانقسام دون أن تحقق شيئاً فهناك آمال كبيرة لكنها بعيدة المنال.
 عربياً: معظم الحكومات اقتنعت بأن القضية الفلسطينية انتهت بالشكل الذي يرغبه الاحتلال، فطبعت علاقاتها مع الكيان المحتل ظناً منها أنه كيان قوي وقادر ليس فقط على حماية نفسه ومصالح الغرب، بل وحماية هذه الحكومات المهزومة، وكان أخر تلك الحكومات السعودية، حيث خرج بعض فقهائها بالقول أنه لا وجود لفلسطين وهي أساساً لم يذكرها القرآن، بل ذكر "إسرائيل"، وما إلى ذلك من تبرير الخيانة حتى أن بعضه لم يُنكر وجود فلسطين فحسب بل أنكر وجود الشعب الفلسطيني!!! 
عالمياً: بأحسن أحوال الرئيس الأمريكي قال لأبو مازن إن حل الدولتين هو الأمثل للقضية الفلسطينية إلا أن تحقيق ذلك يحتاج لعودة المسيح، وكل دول الغرب ساروا في فلك الكيان الصهيوني وأمريكا بالنظر إلى القضية، واعتبار مقاومتها إرهابية، وتنكروا للقرارات الأممية الداعية لحقوق الفلسطينيين. 
أما بعد طوفان الأقصى، فلقد بات من الطبيعي والمنطقي أن تتصدر قوى المقاومة المشهد الفلسطيني وأن تتراجع السلطة الفلسطينية بمواقفها الرخوة التي هي أدنى بكثير من طموحات شعبنا وعليه فإن الواقع ما بعد وقف النار يتطلب إدارة وقيادة وطنية عمادها المقاومة لتقود المركب الفلسطيني وعلينا كجبهة شعبية أن نتقدم بجرأة بفكرتنا بتشكيل قيادة وطنية سواء جاءت على شكل قيادة طوارئ وطنية، أو قيادة مؤقتة، أو بأي شكل، المهم أن قوامها من القوى الفلسطينية المقاومة للاحتلال وجوداً وممارسات إرهابية. 
هذه القيادة التي تحيط بها قوى محور المقاومة وتحميها على الأرض، ستجد دول عربية مثل: الجزائر، وتونس، واليمن، والعراق، والكويت، وستجد دول أممية مصالحها في فرض تطبيق حقوق الفلسطينيين من حيث إقامة الدولة الفلسطينية والعودة وتقرير المصير. 
وبالتالي فلن يعود الاحتلال لسابق عهده مثلما لن تبقى حركة فتح تزحف خلف مواقف السلطة الهشة والمعادية في بعض سياستها لشعبنا. 
حتى أن بعض الدول العربية مثل الأردن و مصر سوف تنحاز لمواقف القيادة الوطنية الفلسطينية خشية على مصالحها. ولا سيما ظهر هذا برفضهم وتصديهم للتهجير الفلسطيني من قطاع غزة والضفة الغربية.

* كثيرة هي المشاريع والطروحات لإدارة قطاع غزة ما بعد الحرب ،  ( قوات دولية، قوات عربية.. حكومة  تكنوقراط،  عودة السلطة الفلسطينية ) كيف ترى غزة ما بعد الحرب؟
** هذه المشاريع والطروحات ليست كثيرة، وهي عبارة عن خيارات قدمتها وزارة الاستخبارات الصهيونية لحكومة الاحتلال قبل بدء الحرب البرية، حيث قدموا ثلاث خيارات لتختار منها حكومة الاحتلال ما تجده الأكثر مناسبة، وهي التالي: 
1- إعادة احتلال قطاع غزة، وفي حال لم يهرب الفلسطينيون سيتم قتل أعداد كبيرة منهم، وبعد القضاء على حماس وهذا هدفهم الذي حددوه، يتم تسليم السلطة لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن ما يعني في حال تحقيق ذلك أن الأمن يبقى ضمن صلاحيات الاحتلال، كما يحدث راهناً بالضفة.
2- إعادة احتلال قطاع غزة، وهذا يعني أيضاً قتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين، وبعد إنجاز المهمة وتحقيق هدفهم بالقضاء على حماس والمقاومة، يمكن تشكيل وبناء سلطة دولية وعربية حتماً ستسمح للاحتلال بالوجود وممارسة سياساته الأمنية وغيرها معتقدين أن القضاء على حماس والمقاومة بين أيديهم وبإمكانهم تحقيق ذلك. 
3- الضرب بقوة شديدة في كل أنحاء قطاع غزة وبلا ضوابط لدفع الفلسطينيين للهرب والهجرة إلى سيناء، وبالتالي يعاد احتلال قطاع غزة وإعادة بناء المستوطنات فيه، واعتباره جزء من كيان الاحتلال خالٍ من الفلسطينيين. هذا كان خيارهم المفضل والذي عملوا عليه ، لكنهم صدموا بصلابة أبناء شعبنا الذين رفضوا التهجير والاقتلاع والموقف الرافض من قبل مصر والأردن، والأهم صلابة وقوة المقاومة الفلسطينية، ومنذ أن وقفت حكومة الاحتلال على هذه الخيارات تباحثت بشأنها مع الرئيس الأمريكي وتجند لممارسة الضغط على الرئيس المصري ليقبل بالمهجرين من القطاع، لكن رفض الرئيس المصري الذي خشي على مصر من عودتها لدوامة الصراع مع الاحتلال وليس رفضاً مبدئياً لهجرة أبناء شعبنا، فاقترح على حكومة الاحتلال أن تنقلهم للنقب حتى انتهائها من مهمتها ثم إعادتهم للقطاع!! وفي طرح بايدن ومحاولة إغراء السيسي أخبره بأن ديون مصر ستصبح صفر إن قبل باستيعاب المهجرين.
فشلت خيارات الاحتلال كلها، وتصمد المقاومة أمام جبروته وأمام أسلحته الفتاكة، بل أن القذائف فلسطينية الصنع "الياسين" تدمر الدبابات والآليات التي روجوا لها على أنها الأقوى في العالم.
إذن خيار المقاومة وصمود وصلابة الشعب في قطاع غزة أقوى من خيارات الاحتلال، ومهما كبرت أعداد الشهداء وفاحت رائحة الموت والجوع فلن يقبل فلسطيني عودة الاحتلال أو رجال التنسيق الأمني، وقد تطول الحرب بعض الشيء حتى تضطر حكومة الاحتلال للتوقف وممارسة حصارها من جانب وضغوط المقاومة على الاحتلال من الجانب الآخر، حتى يضطر العالم إلى الإقرار بالحقوق الفلسطينية والبحث عن آلية قد تكون مؤتمراً دولياً لولادة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس .

* أنت أسير محرر قضيت خمسة وعشرين عاما في الأسر الآن بعد هذه العملية يمكن أن نقول أن جميع أسرانا سيكونون خارج السجن، خروج هؤلاء الأسرى أصحاب التجربة هل سيعمل نقلة نوعية على مستوى الفصائل أولاً وثانياً على مستوى المشهد الفلسطيني برمته؟
** الآن هناك أكثر من ثمانية آلاف أسير وأسيرة فلسطينيين وعرب خلف قضبان العدو، منهم العشرات ممن مضى على وجودهم عشرات السنين، والأسرى كجزء من أبناء شعبنا يعيشون على أمل الحرية والتحرير، بل أنهم يصنعون الأمل، بانتظار كسر قيودهم، وقد اقترب الحلم بالتحقق منذ لحظة الإعلان عن أسر أعداد من الجنود الصهاينة، فمنذ اللحظات الأولى لإعلان كتائب القسام عن أسر جنود تيقنت أن كل الأسرى سيتحررون وإن لم يكن جميعهم فغالبيتهم الساحقة، ولكن لن يبقى أسير واحد محكوم بالمؤبدات أو سنوات طويلة.
وجاء إعلان الناطق باسم كتائب القسام أن المطلب كل أسرانا مقابل كل أسراهم، وهذا بحد ذاته يحمل فرحة كبرى.. بالمناسبة لقد تعرض الأسرى والأسيرات منذ اليوم الأول للحرب إلى تنكيل غير مسبوق، ولغاية الآن هم منقطعون عن العالم تماماً، ولا يعرفون أي شيء عن الحرب، أو ما يحدث خارج جدران السجون. وارتقى شهيدين أثناء التحقيق، وهناك من كسرت أطرافهم، عداكم عن الجوع والحرمان وغير ذلك من الممارسات الصهيونية الإجرامية بحقهم.
لكن تحريرهم سيكون فرحة كبرى في أوساط شعبنا وكل مناصري القضية الفلسطينية بالعالم، فكما أحدث السابع من أكتوبر صورة نصر فلسطيني على الأعداء لن تمحوها كل المجازر الصهيونية، فإن صورة الأسرى وهو يرفعون شارات النصر سيسلجها التاريخ، وستخفف من الأوجاع لكل أبناء شعبنا وخاصة ذوي الشهداء.
ما يختزنه الأسرى من خبرات وروح معنوية ومشاريع حلموا بها على مدى سنين الاعتقال، سوف يكون لها ولهم تأثير لافت على الفصائل، خاصة نحن كجبهة شعبية فإن تحرير الأمين العام سوف يشكل إضافة نوعية لحضورنا ونضالنا، وإلى جانبه العشرات من الكوادر والقيادات.

* البعض يطالب الضفة الفلسطينية بمزيد من المقاومة لإسناد غزة كيف تقرأ المشهد الفلسطيني في الضفة وما الذي يعيق  تحرك الضفة أكثر على  المواجهة؟
** ما تعيشه الضفة الفلسطينية من ظروف مختلفة تماماً عما هو عليه قطاع غزة، حيث الاحتلال مطبق عليها تماماً، فدبابات وآليات وطائرات العدو تجوب شوارعها ليلاً ونهاراً، ويومياً هناك أعمال مقاومة على شكل اشتباكات أو تفجير عبوات فلسطينية الصنع، وهناك تزايد للأعمال المقاومة وازدياد أعداد المقاومين حتى باتت ظاهرة مقلقة جداً للعدو، وقد فرضت تشكيلات المقاومين نفسها ووجودها على الاحتلال، وتحظى بدعم وتأييد واسع من قبل أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجده، كذلك وجود السلطة الفلسطينية وهي إفراز اتفاق أوسلو، هذه السلطة المتصالحة مع العدو والرافضة للمقاومة، تشكل عائقاً وخاصة أن العدو استطاع أن يجند ربما المئات أو الآلاف من العملاء لخدمته دون خشية أو خوف لأن السلطة لا تجرؤ على معاقبتهم ولا حتى كشفهم، وقد سجلت السلطة الفلسطينية على نفسها اعتقال مقاومين وقيادات سياسية، ولم تحرك ساكناً إزاء اعتداءات العدو على شعبنا.
ثم أن الضفة الغربية تعرضت وتتعرض لهجوم استيطاني واسع فتم تقطيعها طولاً وعرضاً، فلا توجد مدينة أو قرية أو مخيم إلا محاطة بالاستيطان، والشوارع الالتفافية أو أن معظم أراضي الضفة تحت السيطرة  الاستيطانية، عداكم عن السيطرة الأمنية المطلقة للاحتلال.
إذن من المستحيل بوضع كهذا مطالبة أبناء شعبنا بالضفة أن يؤدوا دوراً مقارباً لما تؤديه المقاومة في قطاع غزة، خاصة وأن كثيرين من شبابنا يعملون في سوق العمل الصهيوني، أو لدى أجهزة ومؤسسات السلطة، وبثت في أوساطهم ثقافة القروض المالية التي قيدتهم  بالبنوك.. الخ. وعليه فإنهم في قبضة الاحتلال تقريباً، وللتنسيق الأمني دور كبير في كبح تطور المقاومة.
مع كل ذلك ما شهدناه من خروج لأبناء شعبنا في المدن والمخيمات والقرى إسناداً لقطاع غزة له أثر هام. رغم أن المطلوب زعزعة الوجود الصهيوني بمئات الآلاف ليلاً ونهاراً في شوارع الضفة وقطع طرق مواصلات المستوطنين. نشاهد أيضاً الأعمال البطولية للمقاومين ليلاً ونهاراً حتى زاد عدد الشهداء في الضفة منذ السابع من أكتوبر على المئتين، والمقاومون بإمكانات محدودة وعتاد محدود جداً. وما تقوم به الضفة يتناسب مع ظروفها وواقعها الخاص، لكن يبقى الطموح أن تنفجر الشوارع والحارات والأزقة بانتفاضة عارمة تفقد الاحتلال صوابه حتى يتأكد تماماً أن المشكلة ليست مع قطاع غزة، بل مع أبناء الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها.

* مشروع تهجير الشعب الفلسطيني من أرضة جديد قديم وهذا المشروع لا يتوقف عند غزة بل يشمل الضفة، كيف يمكن التصدي لهكذا مشاريع؟
** فكرة تهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة والضفة الغربية تستوطن العقل الصهيوني، حيث أن عدونا لن يستقر أو يهدأ طالما تواجد فلسطينيون على أرض فلسطين، لذا اعتقدوا ومن منطلق القوة أن بإمكانهم ما بعد السابع من أكتوبر أن يوغلوا قتلاً بشعبنا ما يضطرهم للهرب من الموت، ولكن الذي حصل أن عمق الانتماء الفلسطيني أقوى من قواتهم ومن كل مخططاتهم، وإن ثقة أبناء شعبنا بالمقاومة الفلسطينية عميقة، لذلك شاهدنا الرجل يقف على أنقاض بيته وأفراد عائلته تحت الأنقاض ويصرخ إننا مزروعون هنا ونموت هنا ولن نرحل، وبذات الكلمات تصرخ المرأة والطفل، ففشلت خياراتهم التهجيرية  ولم يجدوا أحداً من شعبنا  يحاول الهرب، وجاء الموقف المصري والأردني والعالمي  تقريباً رافضاً للتهجير. 
فقد سبق لشعبنا أن ذاق مرارة التهجير وما يزال فها هو ذا أكثر من نصف شعبنا يعاني التهجير والإبعاد، فكيف لمن اكتوى بنار الهجرة أن يقبل بمحض إرادته العودة لها. 
مزيداً من الدعم الاقتصادي لأبناء شعبنا وخاصة في قطاع غزة ليتغلبوا على المصاعب، وهذا بعد إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، ففي هذا الزمن وصل تعداد المباني السكنية المهدمة إلى نصف مساكن قطاع غزة، ورفع الحصار الصهيوني والعربي وبالذات المصري عن قطاع غزة، وأفضل حل هو إنهاء الاحتلال عن أرضنا لإنهاء فكرة التهجير، وللفصائل دور هام وحيوي من خلال زرع الصمود والتشبث بالأرض، ومهما طال الزمن فإن شعبنا سيقتلع الاحتلال ويحقق إيمانه بحتمية الانتصار. 

* يلاحظ أن هناك غياب لدور أهلنا في مناطق الـ ٤٨ في معركة طوفان الأقصى على عكس معركة سيف القدس حيث كانت المشاركة فاعلة، برأيك ما هي أسباب هذا الغياب؟
** إن تعداد أبناء شعبنا في المناطق المحتلة عام 1948 يقارب المليونين نسمة، وهم الذين تمسكوا بأرضهم ورفضوا التهجير عام النكبة، فبعد أن كانوا قرابة الـ150 ألف نسمة الآن مليونان يتوزعون على قرى وبقايا مدن، أي أن قراهم تشكل تجمعات فلسطينية تقريباً وفي محيطها مستوطنون، بينما من هم في المدن فهم مختلطون مع الصهاينة، كما يعلم الجميع فإن السيطرة مطلقة في كافة مناحي الحياه للصهاينة. 
تجدر الإشارة أن أبناء الطائفة الدرزية هم من تعداد المليونين، وأن أبناء هذه الطائفة يتجندون في جيش العدو إلى جانب بعض العشائر البدوية الذين يتجند شبابهم بجيش العدو والغالبية منهم يعملون في المؤسسات الصهيونية. 
فتبقى مدن وقرى تحافظ على بقائها ونقائها الوطني مثل أم الفحم وباقة الغربية وغيرها من التجمعات الغالب على سكانها أنهم فلسطينيون. 
لكن من المفيد أن كثيراً من أبناء شعبنا في الـ 48 قد مارسوا الكفاح ضد الاحتلال على مدى عمر الاحتلال، وتعرضوا للقتل والتنكيل والاعتقال، والسجون الآن شاهدة على نضالهم فمنهم العشرات قيد الاعتقال، وخير الأمثلة وليد دقة الرفيق المناضل الذي يقارب عمر وجوده في سجون الاحتلال الـ 38 عاماً، وكذلك كريم وماهر يونس اللذان أمضيا ال 40 عاماً في تلك السجون. 
الجانب الآخر أن مشاركة أبناء شعبنا بمعركة سيف القدس في الـ 48 قد كشفت للصهاينة أن خطرهم يفوق خطر أبناء شعبنا في أي مكان في فلسطين أو خارجها لأنهم في أحشاء الكيان وكل حجر يلقونه يصيب صهيونياً، فما بالنا إذا استخدموا السلاح؟ 
لذا وقفت أجهزة العدو الأمنية والسياسية لتقييم الوضع ما بعد سيف القدس، وقررت إدخال أجهزة المخابرات الصهيونية لتحمل المسؤولية بهدف العبث بأوضاع الفلسطينيين، إلى جانب دور الشرطة وسواها من أجهزة الأمن الصهيونية، فما لاحظناه خلال العامين الماضيين أن عمليات القتل سادت أوساط شعبنا ومناطق الـ48 على شكل صراعات داخلية ونزاع عائلي حتى يصل الأمر أن يقتل أكثر من خمسة يومياً، والنتيجة أن أكثر من مئتين من الضحايا سقطوا بفعل ما زرعته أجهزة المخابرات. 
مع ذلك فقد شارك أبناء شعبنا في الـ 48 بتحركات في أم الفحم وغيرها بما يتناسب وظروفهم، ونعوّل عليهم ازدياد حضورهم في معركة طوفان الأقصى التاريخية، وبأي شكل يناسب ظروفهم سواء بالسلاح أو الحجارة أو التبرعات.