Menu

مركز عروبة ينشر ورقة بعنوان: نقاط مكثفة حول مجريات المواجهة البرية والحرب على قطاع غزة

فلسطين المحتلة_بوابة الهدف

نشر مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي اليوم السبت، ورقة بعنوان:   نقاط مكثفة حول مجريات المواجهة البرية والحرب على قطاع غزة.

وأشار المركز إلى أن المقاومة تدير نيرانها النوعية وترفع معادلات الاستنزاف، وجيش الاحتلال يعيد الانتشار شمال قطاع غزة، ويدشن محور جهد رئيسي وسط قطاع غزة، ويراوح مكانه في خان يونس.

وفيما يلي تفصيل الورقة التي نشرها المركز:

 المشهد الميداني لجيش الاحتلال:

 دشَّنَ الاحتلال محور جهد رئيسي جديد في وسط قطاع غزة، لتصبح محاور الجهد الرئيسية أربعة محاور تتركز إلى جانب المحافظة الوسطى، في كلٍّ من جباليا شمال قطاع غزة، وحي الشجاعية في شرق مدينة غزة، ومدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، إضافةً إلى محاور الجهد الثانوي على امتداد أراضي القطاع.

 في محاور الجهد الرئيسي شمال قطاع غزة ومحافظة غزة، أعاد الاحتلال انتشار العدد الأكبر من الآليات من داخل الأحياء والمدن، بما يشمل الانسحاب من شوارع الأحياء المحاذية لمخيم جباليا، والشوارع الداخلية لبيت حانون ومشروع بيت لاهيا، فيما تستمر العلميات البرية في مناطق جباليا البلد والنزلة وشارع الصفطاوي ومحيط دوار أبو شرخ والتوام وحي الشيخ رضوان ومشارف حي النصر، فيما انسحبت الآليات من شوارع منطقة الرمال والمناطق الغربية الموازية له والأمر كذلك في منطقة تل الهوا والصبرة وشارع الثلاثيني، وتستمر في التمركز والعلميات في حيَّي الشجاعية والزيتون ومشارف حي الدرج.

 في محور الجهد الرئيسي المستجد في وسط قطاع غزة، ما يزال التحرك البري يأتي في سياق المناورات بهدف كشف الجهد الدفاعي للمقاومة ومكامن تمركزها، واستمرار التمهيد الناري للتقدم في المناطق الشرقية لمخيمَي البريج والمغازي، وتحفيز السكان لإخلاء منازلهم في هذه المناطق بالقصف المكثف بوسائط المدفعية والطيران الحربي واستخدام كل صنوف النار.

  في محور الجهد الرئيسي الرابع في محافظة خان يونس، ما تزال آليات الاحتلال تحاول التعمق ببطء في أحياء مدينة خان يونس، فيما تتركز مناطق التمركز الرئيسية في كلٍّ من منطقة القرارة والسطر الشرقي، إضافةً إلى بني سهيلا والتعمق داخل المدينة عبر شارع جلال وشارع 5 ومحاولة تحقيق اختراق بالوصول إلى مشارف المنطقة الغربية للمدينة ومنطقة المشروع دون التعمق المباشر في الأحياء الداخلية للمدينة سواءٌ شرق شارع صلاح الدين أو غربه، مع استخدام مكثف للقصف والتمهيد الناري في أحياء مختلفة في المحافظة من شرقها إلى غربها.

  على الرغم من إعادة الانتشار في العديد من محاور الجهد الرئيسي، فإن القصف الناري والحصار مستمران للعديد من هذه المناطق وبشكل خاص شمال قطاع غزة، حيث لم تتوقف وسائط المدفعية عن استهداف الأحياء في بيت حانون وبيت لاهيا ومشارف مخيم جباليا.

 دشن الاحتلال محور جهد ثانوي في شرق محافظة رفح ومحيط محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، شمل مناورات برية في محيط معبر كرم أبو سالم الحدودي، وقصفًا مدفعيًّا وجويًّا لمناطق متعددة في المحافظة.

 عزَّز جيش الاحتلال قواته المقاتلة في شمال قطاع غزة بلواء مقاتل، وعزَّز قواته في جنوب قطاع غزة بلواء آخر.

 المشهد الميداني للمقاومة:

 تتعامل المقاومة في محاور الاشتباك المختلفة مع محاولات التقدم بالأسلحة المناسبة واستخدام تكتيكات حرب الغوار واستنزاف قوات العدو البرية، وتحافظ على استراتيجية الامتناعِ عن إنشاء خطوط دفاعية والتركيزِ على استدراج القوات المعادية لكمائن النار وضربها في أكثر من موضع في خلال عملية التقدم.

ما تزال المقاومة تتعرض لقوات الاحتلال في مختلف محاور القتال، بما فيها محاور القتال التي أعلن الاحتلال مرارًا تمكنَه من حسم المعارك فيها وفرض السيطرة العملياتية عليها، وادعى تفكيك قدرات المقاومة وبنيتها التحتية.

 في خلال الأيام الماضية استهدفت المقاومة طائرتين مروحيتين لجيش الاحتلال بقذائف كتف مضادة للطيران من طراز سام-18 للمرَّة الأُولى في قطاع غزة في حدثين منفصلين في شمال قطاع غزة، فيما استخدمت للمرة الأولى قذيفة RPO-A المخصَّص لاستهداف التحصينات والأفراد، فيما أعلنت المقاومة عن نجاحها في إسقاط أكثر من طائرة مُسيَّرة في عدة مناطق في القطاع.

    كثفت المقاومة من استخدام سلاح القنص في عدد من مواضع تقدُّم جيش الاحتلال، واستخدمت في خلالها أنواعًا متعددةً من بنادق القنص أعلنت عن بعضها إعلانًا مباشرًا، مثل بندقية "الغول" محلية الصنع والتي تُشكِّل نسخةً فلسطينيةً عن بندقية Steyr HS .50k النمساوية، ونسختها الإيرانية المسماة "صياد"، إضافةً إلى بنادق قنص ظهرت في تسجيلات المقاومة المُصوَّرة للعمليات، وأبرزها بندقية Zijiang M99 الصينية، إضافةً إلى بنادق القنص التقليدية خصوصًا الدراغونوف.

    استهدفت المقاومةُ الآلياتِ المتوغلةَ في منطقة جباليا البلد بمضادات الدروع الترادفية محلية الصنع، والجهود الهندسية والعبوات الناسفة، إضافةً إلى كمائن نوعية مثل تفجير صاروخين بزنة طن لكل صاروخ أطلقتها طائرات الاحتلال ولم تنفجر، وأعاد المقاومون استخدامَها في كمين لأربع آليات متقدمة.

   في حي الشيخ رضوان نفَّذَت المقاومةُ على مدار الأيام السابقة ضربات متعددة، نجحت في خلالها من استهداف آليات وجرافات الاحتلال واستهدافها بالقذائف المضادة للدروع والأفراد وعبوات العمل الفدائي والعبوات التلفزيونية والرعدية، كما استدرجت قواتٍ خاصةً إلى كمائن واستهدفتها بالعبوات والاشتباك من نقطة صفر.

 شهدت منطقتَي جحر الديك والمغراقة، والتي يتمركز فيها الاحتلال منذ الأيام الأولى للتحرك البري، عدةَ عمليات إغارة وكمائن نفَّذتها المقاومة مستهدِفةً الآلياتِ بالقذائف الترادفية المضادة للدروع، وعمليات القنص، ومهاجمة المشاة والالتحام المباشر واستهدافها بالقدرات الهندسية.

استهدفت المقاومةُ الآلياتِ التي حاولت التقدم في شرقي البريج استهدافًا مكثَّفًا، حيث تمكنت من إعطاب عدد كبير منها على مشارف المخيم باستخدام القذائف المضادة للدروع والجهود الهندسية، إضافةً إلى تفجير فتحة نفق في قوة استطلاعية.

 في محور الجهد الرئيسي في منطقة خانيونس وفي مختلف مواضع التقدم، سجَّلَت المقاومة عمليات استنزاف كبيرة للآليات والجنود في مناطق القرارة وبني سهيلا وشارع صلاح الدين، استخدمت في خلالها القذائف الترادفية المضادة للدروع وعبوات العمل الفدائي والعبوات التلفزيونية والرعدية والشواظ، إضافةً إلى استخدام متميز لسلاح القنص ضد جنود الاحتلال.

 تستهدف المقاومة تحشيدات الاحتلال ومواقع القيادة وخطوط الإمداد لجيش الاحتلال بقذائف الهاون من العيار الثقيل 120ملم، واستهداف المشاة ضمن عمليات الاشتباك بقذائف الهاون النظامي عيار 60 ملم ضمن عمليات استحكام مدفعي.

   نجحت المقاومة في تنفيذ عدة عمليات استهداف لمبانٍ تتمركز فيها قوات الاحتلال في مناطق الجهد الرئيسي والثانوي على امتداد أراضي القطاع وأعلنت المقاومة عنها تباعًا.

    تمكنت المقاومة من توجيه نيران صاروخية متعددة المديات، بدءًا من استهداف غلاف غزة وصولًا إلى مدن المركز في الأراضي المحتلة في رشقات متعددة.
 

 الاستخلاصات:

    يحاول الاحتلال تخفيف وتيرة الاستنزاف لآلياته وقواته عبر إعادة الانتشار وسحب الآليات من العديد الأحياء في مدينة غزة وشمالها.

 يعكس تدشينُ المقاومة أسلحة جديدة واستخدامُها في العمليات القتالية إدارةَ المقاومة نيرانَها بعقلية تكتيكية تهدف إلى منع استنزاف القدرات النوعية والتعامل مع متطلبات الميدان وفق الحاجة، والإبقاء على العديد من أوراق القوة لاستخدامها مع تطور العمليات على الأرض.

 استخدامُ مضاد الطيران بعد أكثر شهرين ونصف من القتال، وفي شمال غزة تحديدًا، دلالةٌ على سلامة البنية التحتية للمقاومة واستدراجها للطيران الحربي لإصابته دون استنزاف قدرات الدفاع الجوي في عمليات متعددة.

 يعكس تعزيزُ الاحتلال قواتٍ بألوية مقاتلة في شمال وجنوب قطاع غزة ضراوةَ القتال من جانب، ومن جانب آخر تحضُّرَه لاستمرار العمليات القتالية ومحاولة حسم بعض المعارك التي يعجز عن تحقيق نتائج فيها خصوصًا في مخيم جباليا ومحافظة خان يونس.

 ما تزال تحركات الاحتلال في شرق المحافظة الوسطى تعتمد على المناورة الاستطلاعية دون تقدم فعلي للتعمق في مخيمَي البريج والمغازي، لضرب دفاعات المقاومة ومن ثم التقدم، علمًا بأن محور التقدم هذا يُشكِّل المحورَ الأولَ الذي سيشمل التقدمَ نحو بقع حضرية كثيفة سكانية مباشرة، دون التقدم في مساحات زراعية مسبقًا، حيث تقع مخيمات اللاجئين في المحافظة الوسطى على الحدود الشرقية للقطاع مباشرة.

 ما تزال المقاومة تحافظ على معادلات الاستنزاف الأقصى للآليات المدرعة في جيش الاحتلال، وتصل الوتيرة في العديد من الأيام إلى معدل استهداف آلية في كل ساعة.

 يسعى الاحتلال إلى استكمال سيطرته على شريط بعمق يتراوح ما بين 1 إلى 2 كيلومتر على الحدود الشرقية للقطاع، وبالتالي يعمل على التمهيد للتقدم بريًّا في المناطق المتبقية في وسط قطاع غزة وجنوبه.

 كثفت المقاومة من ضرباتها في منطقتَي جحر الديك والمغراقة لإعطاء الاحتلال نموذجًا عما ينتظره في مرحلة التعمق في مخيمات المحافظة الوسطى، وتشتيت الجهد الاستخباراتي لجيشه وعمليات التمهيد الناري للتقدم.

 يُشكِّل استمرارُ تدفق الصورِ والإعلاناتِ التفصيليةِ للمقاومة من الميدان من شمال القطاع إلى جنوبه، وبتزامنٍ مع وقوع الأحداث وعمليات المقاومة، تماسُكَ منظومات الاتصال والتواصل والقيادة والسيطرة، كما قدَّمَت المقاومةُ إشاراتٍ متعددةً في عدد من المواد الإعلامية حول تماسك منظومات الاتصال وقيادة العمليات، فيما عكست الموادُّ المُصورةُ لاستهداف مباشر لجنود الاحتلال عدمَ دقة إعلانات جيش الاحتلال عن أعداد القتلى والإصابات.

 يشهد الميدان تطورًا ملحوظًا في الفعل المقاوم المشترك بين الأجنحة العسكرية، ما يعكس وجود وحدة ميدانية حقيقية بين المقاومين، إضافةً إلى سلامة البيئة العملياتية للمقاومة في مناطق الجهد الرئيسي والثانوي، ما يتيح القدرةَ على التنسيق والفعل المشترك، والذي تنوع ما بين الكمائن والاستهدافات، وتوجيه ضربات المدفعية لتحشيدات وخطوط إمداد العدو.
 

 التقدير:

 تدريجيًّا تأخذ العلميات البرية شكلًا من أشكال الروتين، فيما أدت الخسائر الكبيرة لجيش الاحتلال إلى كبح تقدم القوات السريع الذي اتسمت به الأيام الأولى التي تلت انتهاء الهدنة المؤقتة، حيث تُراوِح آليات الاحتلال مكانها في محافظة خان يونس ولا تتقدم إلا لأمتار معدودة، فيما أعادت الانتشار في عدد كبير من المناطق شمال قطاع غزة، ومن جانب آخر فإن المقاومة أعادت صياغة استراتيجيتها الدفاعية استنادًا إلى استخلاص العبر من شكل وطبيعة الهجوم البري للاحتلال في مناطق الجهد الرئيسي الأولى، وهو يحوِّل عامل الزمن إلى عاملِ استنزاف مستمر لجيش الاحتلال، وفرصةٍ أكثر للمقاومة لتنظيم المزيد من صفوفها وزيادة وتيرة هجماتها على مواقع التمركز.

 يُمثِّل ما يجري شكلًا من أشكال التفاوض تحت النار، فيما يُسارِع الاحتلال إلى استكمال سيطرته على شريط بعمق نحو 1 إلى 2 كيلومتر على طول الحدود الشرقية للقطاع لتحويلها إلى منطقة عازلة تتيح له ادعاء تحقيق جزء من أهداف الحرب، وتحويلها إلى عنوان للتفاوض مستقبلًا حول كونها منطقة معزولة السلاح، وبالتالي فالتحرك البري للاحتلال سيُستكمل في الفترة القادمة في المناطق الوسطى وشرق رفح لتحقيق التواصل الجغرافي للمنطقة العازلة المنشودة.

 سيستمر الاحتلال في تعميق عملياته في خان يونس وفق تكتيك القضم التدريجي واستنزاف قدرات المقاومة الدفاعية، لتحقيق إنجازات عملياتية يقدِّمها إلى جمهوره وادعاء نجاحه في الوصول إلى كل مناطق ارتكاز المقاومة وقيادتها.

 ستوسِّع المقاومة ضرباتها ضد قوات الاحتلال، لرفع وتيرة خسائر جيش الاحتلال البشرية والمادية، لتحويل معادلات الاستنزاف إلى عامل ضغط على قيادته، وتعزيز اليقين بانعدام القدرة على حسمِ أي بقعة في قطاع غزة والتمكنِ من تفكيك حقيقي لبنية المقاومة التحتية، وعكس هذا الموقفِ بالضغط على المستوى السياسي للوصول إلى وقف إطلاق نار، إذ يُشكِّل ثباتُ القوات على الأرض لمدد أطول خطرًا أكبرَ على القوات وفرصًا أكثرَ للمقاومة لتكثيف ضرباتها.

مركز عروبة للأبحاث والتفكير الاستراتيجي
29-12-2023م