Menu

طوفان الأقصى في المرحلة الثالثة

تقرير"وين نروح" فلتحترق روما

بيسان عدوان

خاص - بوابة الهدف

شعار "وين نروح" الذي أطلقه النازحون في غزة يعبر عن حالة اليأس والحيرة التي يعيشها السكان المدنيون في ظل القصف العنيف والدمار الذي تتعرض له مدينتهم. هذا الشعار ينقل الصراع الإنساني الكبير الذي يواجههم، حيث يضطرون للفرار من منازلهم والبحث عن مكان آمن للإقامة، وهو أمر يبرز الوضع الإنساني المأساوي الذي يتعرضون له.بالنسبة للشعارات الإسرائيلية التي تدعو إلى المناطق الآمنة، يُشير ذلك إلى الاستراتيجيات العسكرية التي تستخدمها إسرائيل كوسيلة لتبرير عملياتها العسكرية، ولكنها لا تعكس الواقع الإنساني الحقيقي للمدنيين الفلسطينيين الذين يتأثرون بشدة بالقتال والدمار.

تدخل المرحلة الثالثة للخطة العسكرية الإسرائيلية يومها السابع،  كما ذكرت في بعض التقارير الإسرائيلية، تشير إلى استراتيجية إسرائيلية عسكرية تستهدف القضاء على البنية التحتية للمقاومة في غزة من خلال تدمير واسع النطاق للمدينة. تستهدف الخطة القضاء على قدرات الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة، بما في ذلك تدمير الأنفاق، والمستودعات، والمراكز القيادية، وتهدف إلى ضمان الأمن الإسرائيلي عن طريق إضعاف المقاومة وقدرتها على شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل، واستخدام القوة العسكرية لتطبيق ضغوط سياسية على حكومة حماس في غزة وفرض تغييرات سياسية أو استراتيجية.

منذ أيام يتم تنفيذ الخطة التدمرية لمدن غزة  من خلال القصف الجوي باستخدام الطائرات الحربية والطائرات بدون طيار لقصف مواقع حيوية واستراتيجية في المدينة، والقصف المدفعي بالاعتماد على المدفعية الثقيلة لقصف الأحياء السكنية والبنية التحتية، والاجتياح البري بتنفيذ عمليات عسكرية برية واسعة النطاق تشمل دخول القوات البرية إلى الأحياء السكنية والاشتباك المباشر مع المقاومة  وفرض حصار محكم على غزة لمنع دخول الإمدادات الغذائية والطبية، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

تشمل الخطة الإسرائيلية استهداف الأحياء السكنية والمراكز المدنية في مختلف مدن غزة، بما في ذلك غزة المدينة وخان يونس ورفح والشجاعية، بهدف إجبار السكان على النزوح ومنعهم من العودة إلى منازلهم، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني. تأتي هذه الاستراتيجية ضمن سياسة تدمير البنية التحتية الأساسية للقطاع، بهدف فرض حصار نفسي وجسدي على سكان غزة لدفعهم لليأس والتخلي عن دعمهم للمقاومة. يُشار إلى أن أوامر إخلاء السكان، التي تستخدم كذريعة لحماية المدنيين، غالبًا ما تكون مضللة، حيث تستهدف إسرائيل الأحياء حتى بعد الإخلاء، مما يزيد من معاناة المدنيين ويؤدي إلى خسائر فادحة.

وفقًا لتقارير منظمات حقوقية دولية، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، تم توثيق العديد من الانتهاكات ضد المدنيين، بما في ذلك القصف العشوائي واستخدام القوة المفرطة. تشير الإحصائيات إلى أن عدد الشهداء في صفوف المدنيين في غزة قد تجاوز 2500 شخص، بينهم نسبة كبيرة من النساء والأطفال. بالإضافة إلى ذلك، تسببت العمليات العسكرية في نزوح أكثر من 500,000 شخص داخليًا، يعيشون في ظروف إنسانية صعبة في مراكز النزوح والمدارس والمستشفيات المؤقتة. وتشير التقارير إلى أن ما لا يقل عن 60% من البنية التحتية للقطاع، بما في ذلك المنازل والمدارس والمستشفيات، قد تضررت أو دُمرت.

تتفاقم هذه المأساة الإنسانية بتورط الولايات المتحدة في تقديم دعم عسكري مستمر لإسرائيل. فقد كشف تحقيق لشبكة CNN أن الولايات المتحدة زودت إسرائيل بأسلحة متقدمة تستخدم في هذه العمليات، مما يزيد من حدة الانتقادات الدولية للدور الأمريكي في هذا الصراع. هذا الدعم العسكري يعكس تحالفًا قويًا ومستمرًا بين البلدين، إلا أنه يعرض الولايات المتحدة لانتقادات دولية متزايدة بشأن دورها ومشاركتها في جرائم الإبادة ضد الفلسطينيين من خلال دعمها العسكري غير المسبوق لإسرائيل.

في السياق ذاته، يُعد توسيع محور نتساريم وفصل شمال غزة عن جنوبها جزءًا من استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تقطيع أوصال القطاع. باستهداف الأحياء السكنية وتدمير البنية التحتية، تسعى إسرائيل إلى خلق مناطق عازلة تُصعب حركة المقاومة وتحد من قدرتها على التنقل والإمداد. هذا التكتيك العسكري يتماشى مع هدف أكبر يتمثل في فصل الشمال عن الجنوب، مما يُعقد من عمليات التواصل والتنظيم بين فصائل المقاومة المختلفة.

المرحلة الثالثة من الحرب الإسرائيلية على غزة تشكل تحديًا كبيرًا للجهود الدولية والإقليمية الرامية لوقف التصعيد والوصول إلى هدنة. بينما تسعى إسرائيل لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية، تظل الأوضاع الإنسانية في غزة في تدهور مستمر، مما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لقدرته على التوسط والتدخل لوقف العنف وحماية المدنيين. إن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على مستوى المنطقة والعالم.