Menu

"غسان" الراحلون هكذا.. لا يتركون رسالةَ وداع كعادةِ المسافرين

أحمد نعيم بدير

غزة _ خاص بوابة الهدف

تحل الذكرى الأولى لرحيل الفنان الفلسطيني المناضل غسان مطر, اليوم السبت, والذي لُقب بمعشوق الفن المصري والعربي من بين ألاف الفنانين الفلسطينيين والعرب.

أحبه الملايين في حياته وموته, وحصل خلال مشواره الفني على وسام الاستحقاق والتميز من الرئيس الفلسطيني محمود عباس, تقديراً لدورة الوطني والنضالي, وكان رجلاً مكافحاً مناضلاً, يغار على أرضه ووطنه, وكان رفيقاً للراحل ياسر عرفات في إحدى الحركات الخاصة بالمقاومة الفلسطينية.

الفنان الفلسطيني غسان مطر واسمه الحقيقي "عرفات داوود حسن المطري", ولد عام 1938م في مدينة يافا, وانتقل للعمل في جمهورية مصر العربية ومن ثم الى لبنان, وصولاً الى توليه منصب نائب رئيس إتحاد الفنانين العرب, والأمين العام للإتحاد العام للفنانين التعبيريين الفلسطينيين.

"غسان مطر هو رمز من رموز الحركة الفنية الفلسطينية والعربية", بهذه الكلمات بدأ الأمين العام المساعد لاتحاد الفنانين التعبيريين الفلسطينيين, الفنان حسين الأسمر حديثه لمراسل "بوابة الهدف", وأكد أن مطر عاش في مخيم البداوي الواقع شمال لبنان, وعمل في لبنان ومصر في العديد من المسلسلات والمسرحيات، وشارك في أفلام تعبر عن الكفاح الفلسطيني في السينما المصرية، وكُثفت أدواره ‏في الشخصيات الشريرة , ومن أبرز أدواره كان في فيلم "الطريق إلى ‏إيلات".

وأضاف الأسمر "تتلمذ غسان مطر على يد الفنانين سيد بدير, ويوسف وهبي, وإسماعيل ياسين, وبدأ مشواره الفني في السينما المصرية عام 1963م, وبعدها توالت أعماله الفنية وفاقت الـ (90 عمل) ما بين مسرح وسينما وتليفزيون في مصر ولبنان, وعندما دخل غسان النجومية, لم ينسى بتاتاً قضية شعبه, فقدم العديد من الأفلام التي شجعت على النضال, وحث الشعوب على رفض الاستعمار والظلم، وكان أهم هذه الأعمال فيلم "كلنا فدائيون" وفيلم "الفلسطيني الثائر" عام 1969".

غسان المُناضل

مسئول حقيبة المسرح وعضو الأمانة العامة للإتحاد العام للفنانين التعبيريين الفلسطينيين الفنان يسري مغاري, يقول لـ"بوابة الهدف", "إن غسان مطر رجل وطني وله ماضي مشرف, والإتحاد في قطاع غزة فَتح العام الماضي بيت عزاء للراحل غسان مطر في قاعة الدكتور عبد الله الحوراني بمدينة غزة, واستقبلنا جميع الفنانين والمثقفين والقادة الذين جاءوا  للتعزية بفقيدنا الكبير".

ولفت مغاري أن هذا "أقل ما يمكن أن يقدم للروح النضالية الثورية التي لطالما دافعت عن القضية الفلسطينية من خلال الفن".

بدورها تواصلت "بوابة الهدف" مع الصديق المُقرب للراحل غسان مطر, الفنان محمد بارود والذي ترأس الأمانة العامة للإتحاد قبل غسان مطر, يقول "إن غسان لم يكن يرغب في التمثيل في بداية حياته, وكان يرغب أن يكون ضابطاً في جيش التحرير الفلسطيني, وبعد دخوله عالم الفن وضع نفسه بين كبار وعمالقة أدوار الشر مثل "ستيفان روستى", و"زكي رستم" و"توفيق الدقن" و"فريد شوقي" و"رشدي أباظة" و"عادل أدهم" و"محمود المليجي", وغيرهم من عمالقة الفن, خاصة عمالقة أدوار الشر في السينما المصرية والعربية".

"ورغم كل هذه النجومية التي بدأها صغيرا إلا انه كان يحمل عضوية حركة المقاومة المركزية الفلسطينية التي تضم كافة التنظيمات الفلسطينية".

مطلوب للاغتيال!

وتابع بارود، المُقيم في مصر، خلال اتصالٍ هاتفي مع "بوابة الهدف"، "تسبب الاجتياح الإسرائيلي عام 1982،لبيروت في دخول غسان مطر إلى مصر هارباً من الاسرائيليين، ومتنكراً بملابس راهب مسيحي, إلا أن الشهرة لم تمنعه من تنفيذ عمليات فدائية سرية, جعلته ضمن قائمة المطلوبين للاحتلال, وقد دفع ثمن ذلك غالياً عندما تعرضت زوجته ونجله جيفارا ووالدته للاغتيال في ليلة حرب المخيمات عام 1985".

ليس شريراً

من جهتها قالت منى مطر ابنة الفنان الراحل، أن والدها كان حنوناً وطيباً لدرجة كبيرة, على عكس الأدوار التي حصره بها المخرجين السينمائيين, و"من الملاحظ أنه في الفترة الأخيرة اتجه إلى الأدوار الكوميدية في أفلامه, مثل فيلم "أمير البحار" مع الفنان محمد هنيدي".

وتوضح منى المُقيمة في مصر, أن والداها له 14 أخاً وأختاً, و"كان يجتمع مع العائلة في كل أسبوع ويحثنا باستمرار على حب الوطن والأم  القدس , ويدعو الله أن نجتمع يوم من الأيام في ساحات القدس الشريف, وقبل وفاته بأسبوع أوصاني بأبنائي وبناتي ولعب معهم وكان سعيد جداً".

ونوهت أن خبر الوفاة جاءهم بالتدريج, بعد رفض الدكتور الخاص بعلاجه إبلاغهم بخبر الوفاة على الفور, لتجنب حدوث صدمة لدى الأهل والأحباب فأخبرهم بعد جلسة مُطولة لكي يتقبلوا الخبر.

وأشارت مطر "حتى في جنازته كان هناك حضور كبير من الشخصيات الفنية والسياسية الكبيرة, من بينهم الفنان أشرف عبد الغفور نقيب الممثلين في مصر, والفنان سامح السرطي, والفنان سمير غانم, والفنان محمد هنيدي, والفنان أشرف زكي, والفنان عبد العزيز مخيون, والفنانة نهال عنبر, والفنانة دلال عبد العزيز, والفنان جلال الشرقاوي, ورئيس قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصري أحمد صقر, وتقدم الجنازة السفير الفلسطيني بمصر جمال الشوبكي,  ومفتي مصر علي جمعة".

الجدير ذكره أن الفنان مطر‏ توفي يوم الجمعة السابع والعشرين من فبراير 2015, عن عمر يناهز (77 عاماً), بعد أن صارع المرض (15 يوماً) في غيبوبة تامة, وتم تشييع جثمانه ملفوفاً بعلم فلسطين وسط حضور جماهيري مصري وعربي كبير, وشيّع جثمانه من مسجد مصطفي محمود بالمهندسين وتم دفنه بمدافن منظمة التحرير الفلسطينية في مقابر الغفير بحي الدراسة بالقاهرة.

وكان آخر ظهور لمطر من خلال مشاركته كضيف شرف في المسلسل الكوميدي "إمبراطورية مين"، الذي عُرض في شهر رمضان عام 2014، من بطولة هند صبري، ومحمد شاهين، ومن تأليف غادة عبد العال، إخراج مريم أبو عوف.

رحل غسان الجسد، وبقي غسان الروح، من خلال أعماله الفنية التي جسد معظمها معاناة الفلسطينيين وقضيتهم العادلة, ليوصل رسالة شعبه, في ربوع العالم العربي.