استنكر سكرتير جبهة العمل النقابي التقدمي في فلسطين، محمود جوابرة، الآلية التي تم التوصل بها إلى قانون الضمان الاجتماعي، بدايةً من جلسات الحوار المحدودة، مروراً بالتعديلات الجديدة التي تخدم رأس المال الخاص فقط، وصولاً إلى تنكرّ مجلس الوزراء الفلسطيني لمطالب الجهات النقابية بتعديل بنود في القانون، وتأجيل المصادقة عليه.
وكانت قوى نقابية بالضفة المحتلة أدانت في بيانٍ لها، أمس، حذف مواد من القانون وإضافة أخرى، دون الرجوع للّجنة الوطنية المختصة، ما أدى إلى فقدان القانون من هدفه الأساسي، وهو توفير العيش الكريم للعمال وعائلاتهم، مناشدةً الرئيس بإعادة القانون إلى اللجنة لتصويب مواده.
وقال جوابرة لـ"بوابة الهدف" إنّ نقاش مسوّدة القانون تم في إطار ضيق جداً، محصور بمشاركة الفريق الوطني المختص، المُكوّن من ممثلين عن الحكومة و ممثلين عن أصحاب العمل، وعدد من النقابات، في حين جرى استبعاد عدد من الجهات المعنيّة في الضفة المحتلة، كما استُثني قطاع غزة بالكامل من كل الجلسات الحوارية والنقاشية قبل التوصل لإقرار القانون رسمياً.
وبيّن أن "الفريق الوطني لم يلتقي سوى في أربع جلسات على مدار عاميْن، لنقاش مسودة قانون الضمان الاجتماعي، ولم ينشر مسودات تلك الجلسات، بل وتقرّر حظر النشر على المسودة النهائية التي قُدّمت لمجلس الوزراء"، وهو ما اعتبره جوابرة أوّل المآخذ على هذا القانون.
وأكّد أن الكتل النيابية تفاجأت بإعلان توقيع الرئيس على القانون بصورة نهائية، في 7 مارس، ونشره في جريدة الوقائع الرسمية، رغم كل الجهود التي طالبت بإرجاء اعتماده، لحين استكمال النقاش فيه مع كل الأطراف المعنية.
وقال جوابرة "قدمت الكتل النقابية اليسارية، بتاريخ 15 فبراير الماضي، مذكرة لمجلس الوزراء تُطالب بتأجيل إقرار القانون بشكل رسمي، وإتاحة المجال أوسع لنقاشه ومشاركة الجهات المعنية كافة"، مُؤكّداً أن المجلس لم يأخذ بمطالب الكتل اليسارية، أو الجهات النقابية الأخرى التي رفعت بدورها اعتراضاتها للمجلس.
ونوّه إلى أن الجهات النقابية ذات الاختصاص، وبعد الاطّلاع على القانون المُعتمد بصيغته النهائية، "اكتشفت تغييراً في عدد من بنوده، وحذف نقاط، وإضافة أخرى، لم يتم نقاشها أو طرحها على الفريق الوطني".
وأوضح أن أبرز المواد التي تم تعديلها، هي:
أولاً: إلغاء دور وزير العمل، من مؤسسة الضمان الاجتماعي، والذي ينص قانون العمل الفلسطيني على أن يكون بشخصيته الاعتبارية على رأي المؤسسة، واستبدل القانون الجديد موقعه بشخصيّة مهنية مستقلة.
ثانياً: تم شطب وزارة العمل كراعيةٍ وحاميةٍ لصندوق الضمان الاجتماعي، بصفتها الممثل عن الحكومة.
ثالثاً: أن تكون المساهمات في الصندوق بواقع 7.5% من العمال، و8.5% من أصحاب العمل، والنسبة الأخيرة كما أوضح جوابرة هي في الواقع ستكون مكافأة نهاية الخدمة، التي هي حق للعمال وأموالهم، وبالتالي يكون تمويل الصندوق بالكامل من أموال العمال، بينما لن يُساهم أصحاب العمل سوى بنسب لا تُذكر.
وأدان جوابرة التعديل الأخير على قانون الضمان الاجتماعي، مُتسائلاً "كيف يكون العمال وأصحاب العمل متساويين في إدارة الصندوق، واتّخاذ القرارات فيه، بعد كل هذا".
وحمّل سكرتير جبهة العمل النقابي التقدمي، الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، والاتحاد العام لعمال فلسطين، المسئولية لتوقيعهم على القانون منذ البداية، رغم مطالبتهم بالانحياز لمصالح العمّال.
كما حمّل مجلس الوزراء مسئولية التنكّر لحقوق العمّال الفلسطينيين، وعدم الالتفات إلى مصالحهم، وقال "يبدو أن مجلس الوزراء غير معني بالرأي العام ولا بمطالب النقابات أو غيرها، وعلى ما يبدو، هناك جهات معنية بإصدار القانون بصورته الأخيرة، لخدمة رأس المال والانحياز بشكل مطلق إليه، وتوظيف أموال صندوق الضمان الاجتماعي لصالح رأس المال الخاص فقط".
يُشار إلى أن "مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية – المرصد" أصدر الشهر الماضي، بياناً، اعتبر فيه إقرار مجلس الوزراء قانون الضمان الاجتماعي الجديد، بصيغته الحالية يوماً أسوداً في تاريخ الحكومة الفلسطينية وسياساتها الاقتصادية.
الخطوات المُقبلة
وأطلع جوابرة "بوابة الهدف" أن الحراك النقابي يُجري حوارات ويُخطط لعقد لقاءات مشتركة بين النقابات ومؤسسات المجتمع المدني، لبحث الخطوات المقبلة.
وعن المرحلة الأولى، بيّن أنها تختص بالجانب القانوني، الذي تجاوزه الرئيس محمود عباس ، بإلغائه قانون "التأمينات الاجتماعية" الصادر عام 2003 عن المجلس التشريعي، وهو ما لا يحق له، إلّا في الحالات الطارئة التي لا تحتمل التأجيل.