Menu

اللهجات في ألحان سيد درويش

سيد درويش1

كمال عريف

من عامل مناولاً للبياض، إلى باعث النهضة الموسيقية في مصر والوطن العربي ومجددها.

اضطرت الظروف سيد درويش أن يغني في مكان لا يليق به ولا بالظروف التي نشأ بها في مقهى (أبو راضي) في حي الفراهدة بعد حل فرقة “جورج داخور” والذي كان يغني فيها للشيخ سلامة حجازي مما حفظ من أغانيه, لكن لم يطل عمله بها وتركها وبدأت الدنيا تتخبط به إلى أن عمل مناولاً للبياض, وتصادف وجود مقهى بجانب العمارة التي يعمل بها درويش, وكان يجلس عليه الأخوان أمين وسليم عطا الله, وبدأ العمال يرجون سيد درويش أن يغني لهم, وجلس على السقالة وبدأ الغناء؛ وما أن سمعه الأخوان أعجبا به واتفقا معه على السفر إلى سوريا مع فرقتهما وبدأت مسيرة سيد درويش مع تلك المحطة.

كان سيد درويش يستمد من الطبيعة صورة صادقة أصيلة لما يريد أن يكون عليه اللحن، فكان يعيش مع أربابه وأهله جو اللحن حتى يتقمص شخصياتهم ويستوعب لهجاتهم، فقد كانت مصر عامرة بالجاليات العربية والأجنبية, وامتلأت شوارعها وأسواقها باللهجات المختلفة, فكان يستمد تصوير اللحن من أحاديثهم, وإيقاع اللحن من حركاتهم, ومخارج ألفاظه من لهجاتهم.

ففي رواية “أش” عندما أراد وضع لحن “البرابرة” ذهب إلى “بوظة العلوة” في ميدان “باب الخلق” وكان ينتظر حتى تدور روؤس الزبائن ويأخذون في الغناء, وهنا يلتقط سيد درويش النغم من مصدره.
وعندما أراد وضع لحن “المغاربة” ذهب إلى حي الفحامين وأعطى أحد الغلمان قروشاً وطلب منه معاكسة أحد المغاربة لكي يشتمه, فإذا ما شتمه تدفق من فم المغربي اللهجة المطلوبة والأصلية.
أما لحن “بوخمار الخنفشار” من الألحان المختلفة والعبقرية لسيد درويش, فهو من التسجيلات النادرة والغير معروفة نسبيًا, وكتب بخمس لهجات مختلفة ومن هنا تنبع عبقريته، فهو من كلمات بديع خيري, وغناء سيد مصطفى ومحمد البحر ابن سيد درويش, وهو لحن صور معركة حامية بين فلاح مصري وشامي وتركي ونوبي ويوناني.

المصدر: قُل