Menu

دور أجهزة الاستخبارات الأمريكية في الأزمة البرازيلية !

ديلما روسيف

برازيليا_ وكالات

في الأسبوع الماضي، تمّ تعليق أعمال الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، رئيسة حزب العمّال اليساري، وإجراء تحقيق معها في قضايا فساد. تمّ استبدالها بنائب الرئيس ذي الأصول اللبنانية ميشال تامر، من حزب الحركة الديمقراطية البرازيلية، الذي من المحتمل أن يقضي بقية فترة الرئاسة.

ما الجريمة الكبرى التي تسببت في تعليق أعمال روسيف؟ يقول الخبير الاقتصادي مارك وايزبروت: “روسيف متهمة بالتلاعب بحسابات في حملتها الانتخابية التي حرّفت إلى حد ما الموقف المالي للحكومة، وهو ما فعله رؤساء سابقون”.

لكن.. ما هو دور الاستخبارات الأمريكية فيما تشهده البرازيل!

تستمر أجهزة الاستخبارات الأمريكية في السيطرة على الأحداث في البرازيل. في الآونة الأخيرة، تمّ تسريب أدلة ضد قيادة حزب العمّال، وكبار المسؤولين في شركة بتروبراس، وهي شركة النفط المملوكة للدولة، والدوائر المقربة من رئيسة البلاد ديلما روسيف والرئيس السابق لولا دا سيلفا وذلك كجزء من عملية لتقويض «النظام المُعادي».

في نظر الرئيس باراك أوباما وإدارته، أكبر بلد في أمريكا اللاتينية هي دولة معادية لأنها تجرأت على تنفيذ سياسات مستقلة. هدف الولايات المتحدة هو إخضاع النخبة الحاكمة في البرازيل وجعلها ترقص على أنغام الولايات المتحدة.

هذا التحول في الأحداث كان متوقعًا من قِبل عدد من رؤساء أمريكا اللاتينية. وقال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو صراحة إنَّ الأحداث في البرازيل ليست سوى انقلاب عسكري قامت به الولايات المتحدة. ويرى مادورو أنَّ الهجوم ضد ديلما روسيف يهدّد الديمقراطية في البرازيل. ويوجه أيضًا تهديدًا ضد المنظمات الإقليمية مثل “سيلاك” (تجمّع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي)، و”يوناسور” (اتحاد دول أمريكا الجنوبية)، وكذلك الحركات الشعبية والسياسية لحماية مصالح الشعب. ودعا مادورو جميع الحركات اليسارية في أمريكا اللاتينية للاتحاد معًا، والاحتجاج على حملة تشويه الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف. يعتقد الرئيس الفنزويلي أنهم يجب أن يعملوا على حماية السلام والازدهار في القارة.

وقد تمّ الحصول على هذه الأدلة (الحقيقية والملفقة) المستخدمة ضد القيادة البرازيلية من قِبل وكالة الأمن القومي الأمريكي قبل هروب إدوارد سنودن للإعلان عن هذه الملفات. انتشرت المعلومات في وسائل الإعلام لزعزعة استقرار الحياة السياسية والعامة في البرازيل. وستجعل من السهل على واشنطن تعيين عملائها في مناصب رئيسية داخل البلاد. ما يسمى «الإجراءات الدستورية» للإطاحة بديلما روسيف ليست سوى تمويه لتغطية الانقلاب. وسيتوجب على أوباما فعل أي شيء لتحقيق هذا الهدف قبل انتهاء فترة ولايته.

بعض الأشخاص بين موظفي السفارة الأمريكية، وكذلك في القنصليات الأمريكية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، يعملون بالفعل لتنفيذ المهمة الموكلة إليهم:

ليليانا إيالدي، سفيرة الولايات المتحدة لدى البرازيل، بدأت مسارها الوظيفي كمسؤول مساعد أول لمكتب أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لتنسيق برامج المساعدة الإنمائية الهامة في هايتي والمكسيك ومنطقة البحر الكاريبي. وهي عضو بارز في السلك الدبلوماسي برتبة وزير بعد أن عملت في غواتيمالا ونيكاراغوا وبوليفيا، وكولومبيا، وواشنطن مع هيئة المعونة الأمريكية. كما عملت بشكل وثيق مع وكالة الاستخبارات المركزية والأجهزة الأمريكية الخاصة الأخرى. بين عاميّ 2008 و2011 شغلت منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى جمهورية باراغواي للتخطيط لإسقاط الرئيس فرناندو لوغو. وفي يونيو عام 2012 أقال برلمان باراغواي الرئيس. في ذلك الوقت، احتجت البرازيل. وأشارت الحكومة البرازيلية إلى أن الرئيس قد حُرم من حقه في الدفاع. ووفقًا للدستور، تولى نائب رئيس باراغواي أعلى منصب في البلاد. ووصف لوغو الإقالة بأنّها انقلاب منظّم ضد إرادة الشعب. وبصفة عامة، حدث السيناريو نفسه في البرازيل.

أندرو بوين هو نائب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية في العاصمة البرازيلية، برازيليا. ويعرف الكثير عن أمريكا اللاتينية. قبل وصوله إلى البرازيل، كان أندرو نائب رئيس مؤقت للبعثة ومدير مكتب مكافحة المخدرات وإنفاذ القانون قسم في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بوغوتا، كولومبيا. وتشمل مهامه السابقة الإكوادور وفنزويلا وبنما والمكسيك وهندوراس.

وقد عمل نحو خمسين شخص في الإدارات الاقتصادية والسياسية في السفارة الامريكية التي كانت تُستخدم بالأساس لإجراء عمليات سريّة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية. وكان من بينهم ألكسيس لودفيغ، المستشار السياسي، الذي شارك في فضائح معروفة في بوليفيا والأرجنتين. ويُعرف بعض الأشخاص الذين يعملون لصالح الأجهزة الخاصة الأمريكية بأنشطتهم القوية، بينهم مسؤول الشؤون العامة أبيجيل دريسيل، والملحق القانوني ستيف مور، ومسؤول الإدارة المالية غويندولين ولين، ومدير الوكالة الأمريكية للتنمية مايكل ايدي وغيرهم.

كان لا بُدّ أن تتنحى ديلما روسيف «مؤقتًا». ووصفت القرار بأنّه «مهزلة سياسية» و«انقلاب». وهي تغادر القصر الرئاسي، وصفت إزالتها من منصبها بأنها أعمال «تخريب» ويوم مأساوي في تاريخ الديمقراطية البرازيلية الوليدة. وقالت روسيف أن ما يهمّها ليس الإطاحة بها من الرئاسة، ولكن احترام نتائج الانتخابات، وإرادة الشعب والدستور. وقالت: «ربما أكون قد ارتكبت بعض الأخطاء، ولكني لم أرتكب أيّة جرائم. إنَّ الشيء الأكثر وحشية الذي يمكن أن يحدث للإنسان هو الإدانة بجريمة لم يرتكبها. لا يوجد ظلم أكثر تدميرًا من هذا».

وجّهت روسيف لهجة تحدي، وأدانت «غدر» أولئك الذين دمروا حكومتها وتعهدت بمواصلة القتال ضد الانقلاب.

الإطاحة بالرئيسة البرازيلية ديلما روسيف مهّد الطريق للإصلاحات النيوليبرالية التي تركز على خصخصة الشركات المملوكة للدولة. وستقوم الولايات المتحدة بدور نشط في هذه العملية؛ فالأفراد الذين وصلوا إلى السلطة في البرازيل متورطين في فضائح فساد، ولكن هذه المرة نزاهتهم ليست موضع تساؤل من قِبل الولايات المتحدة.