Menu

معركة تيران وصنافير لم تنتهِ: الحكومة تطعن.. والمعارضة تحتفل بـ"الحكم التاريخي"

مظاهرات مناهضة لبيع الجزيرتين للسعودية - أرشيف

فتحي حسين - القاهرة - بوابة الهدف

حالة من الذهول والتخبط أصابت كل من جاهر بتأييد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتي انتقلت بموجبها جزيرتي تيران وصنافير، في خليج العقبة، إلى السيادة السعودية. خاصة وأن حُكم إبطال الاتفاقية الذي صدر، أمس، جاء من إحدى أعلى المحاكم في مصر، وهي محكمة القضاء الإداري، والتي تتبع لمجلس الدولة، وهو من أقوى مؤسسات الدولة المصرية التي تتمتع بحصانة شبه مطلقة.

وقال صاحب إحدى الدعويين لإبطال الاتفاقية، المحامي والسياسي اليساري المصري، خالد علي، إن حكم القضاء الإداري ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، صدر من أعلى محكمة قضاء إداري في مصر، واصفاً الحكم بـ"التاريخي".

وأضاف "علي: خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، اليوم، أن "صدور الحكم أصاب الحكومة وتابعيها بحالة من الصدمة وعدم الوعي، وبدأوا تشويه مجلس الدولة وكل أعضاء الدائرة"، موضحاً أن الحكم تضمن ٢١ صفحة وناقش نظرية إعمال السيادة وأجاب على جميع الأسئلة المطروحة حول الاتفاقية، مؤكداً أن "من ينتقد الحكم يجهلون الواقع الدستوري الجديد".

وأشار إلى أن "الدستور الجديد لا يكتفي بموافقة البرلمان على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ولكنه اشترط الاستفتاء الشعبي عليها، وأكد أنه لا يجوز إبرام أي معاهدات للتنازل عن جزء من الأراضي في الدستور الجديد، أو أي دساتير سابقة".

واتهم "علي" الحكومتين المصرية والسعودية، باختلاق قصة أن الحكومة السعودية طالبت مصر بحماية جزيرتي تيران وصنافير، نظراً إلى أن المملكة العربية السعودية لم تكن تملك أسطولًا بحرياً، مؤكداً أنها "قصة عارية تماماً عن الصحة"، على حد قوله.

ونوه إلى أن "المحكمة الإدارية أكدت أن مضيق تيران، هو مضيق وطني تابع لمصر، ليس مضيق دولي، ويخضع للقانون البحري، الذي يؤكد أن مصر صاحبة المياه وصاحبة المضيق والأرض، حيث أكدت أن الجزر مصرية بالتاريخ والوثائق والأدلة الكاملة جغرافياً".

وتابع: "المحكمة اعتبرت أن مصر هي صاحبة السيادة الكاملة على المضيق حيث أغلقته خلال حربين، كما تمسكت بأنه مضيق وطنياً وليس دولياً رداً على انتقاد "إسرائيل" أمام الأمم المتحدة عام 1954 لإغلاقه من قبل مصر. كما قامت مصر بإغلاقه في عام 1967، ومع محاولات إعلان كون المضيق دولياً في 1984، رفضت مصر وتحفظت على ذلك بتأكيدها بأنه مصري وطني".

واستعرض "علي" في المؤتمر عدداً من الوثائق، التي قدمها للمحكمة لإثبات مصرية الجزيرتين، والتي اعتدت بها المحكمة، ومنها: "خريطة تتضمن طريق الحجيج المصري وكل نقاط القلاع عليها مصرية بما فيها الجزيرتين، فضلاً عن أن اتفاقية لندن التي وقعها السلطان العثماني مع دول الغرب لاسترجاع ممتلكات مصر في عهد محمد علي، أبقت البحر الأحمر بجزره وشواطئه تحت السيادة المصرية".

من جانبها أكدت الحكومة المصرية أنها قامت بالطعن من خلال هيئة قضايا الدولة على بطلان اتفاقية "تيران وصنافير"، مؤكدة في الوقت نفسه على أنها لا تعلق على أحكام القضاء، مشيرة إلى أن الحكم صادر عن محكمة أول درجة وليس نهائياً.

وأضاف بيان صدر عن مجلس الوزراء المصري، عقب اجتماعه، أمس، أن "الحكومة ستتقدم بكافة الوثائق التي تحت يديها لبيان سلامة وقوة أسانيدها أمام المحكمة الإدارية العليا صاحبة الحق في الفصل في القضية".

وأكد مجلس الوزراء المصري على أن "هيئة قضايا الدولة في طعنها إلى جانب تمسكها بالدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، ستتقدم أيضاً بملف يحتوي على المستندات والوثائق والخرائط التي ستعين في حسم القضية".

وشدد "المجلس" على أنه "لا تفريط في التراب الوطني، وأن الحفاظ على الأراضي المصرية دون تفريط من الثوابت والمبادئ الأساسية للدولة"، بحسب ما جاء في البيان.

وبعد الحكم تعالت الأصوات المرحبة بإبطال الاتفاقية بين القوى والشخصيات المعارضة، بينما ساد الصمت بين الموالاة، وحده عضو مجلس النواب المؤيد للنظام، مصطفى بكري، شذ عن القاعة، وخرج بأكثر من تصريح، أعلن فيها معارضته للحكم، مؤكداً حق رئيس الجمهورية عقد الاتفاقات وعرضها على مجلس النواب وفقاً لقواعد الدستور، مشدداً على أن محكمة القضاء الإداري، ومجلس الدولة ليس من اختصاصهما النظر في أعمال السيادة.

وأضاف "بكري"، في تصريحات صحافية، أمس، أنّ مجلس النواب هو المختص الوحيد بالنظر في اتفاقية جزيرتي "تيران وصنافير"، مشيراً إلى أن "المجلس" يدرس بعض النقاط المتعلقة باتفاقية الجزيرتين قبل البت واتخاذ القرار.

وحذر "بكري" من أنه في حالة تأييد الحكم ستلجأ السعودية للتحكم الدولي، وسوف تقدم الوثائق التي تثبت سعودية الجزيرتين بحسب زعمه، مطالباً كل من لديه وثائق تثبت ملكية الجزيرتين لطرف من الطرفين بتقديمها للبرلمان.

وفي المقابل، وجّه رئيس مجلس إدارة صحيفة "الأهرام"، أحمد السيد النجار، التحية لمن تبنوا قضية بطلان اتفاقية جزيرتي "تيران وصنافير". مضيفاً في تدوينة له على حسابه في موقع "فيس بوك": "القضاء الإداري: تيران وصنافير مصريتان.. الحكم واجب التنفيذ حتى لو كان هناك من ستطاوعه نفسه ليطعن عليه، وآمل محبة وكرامة ألا يكون هناك من يفعل ذلك".

وأضاف: "عاشت وحدة تراب مصر بكل ذرة فيه، تراب يحوي الدم وثرى الأجداد وحكايات البطولة وبهجة الوطن الذي لا تعادله كل قارات الدنيا"، واختتم تدوينته بتوجيه التحية "لمن تبنوا القضية ودافعوا عنها ولمن رفعوا الدعوى وللقضاء العظيم الذي انتصر للحق".

من جانبه، قال القيادي الناصري والسياسي المصري البارز، حمدين صباحي، في أول تصريح له بعد صدور الحكم: "الحمد لله.. عاشت مصر أبية بشعبها العظيم.. عاش قضاء مجلس الدولة النزيه.. عاش القضاة الأجلاء الشرفاء الذين أصدروا الحكم التاريخي وصانوا أرض وعرض مصر وعلى رأسهم العلم الخفاق في تاريخ الضمير الوطني المستشار الجليل يحيى الدكروري.. عاشت كتيبة المحامين الثقاة فرسان العدل والوطن.. عاش سجناء الأرض أنبلنا وأشجعنا".