Menu

23 عامًا على توقيع اتفاق "أوسلو" المشؤوم

ياسر عرفات وشمعون بيريس

بوابة الهدف - وكالات

اتفاقية أو معاهدة أوسلو، هي اتفاقية وقعتها دولة العدو الصهيوني ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيرس ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بأمين سرها آنذاك محمود عباس ، وذلك في مدينة واشنطن الأمريكية بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلنتون ووزير خارجية روسيا وملك الأردن في 13 سبتمبر 1993، وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي تمت في عام 1991 عقب مؤتمر مدريد المشئوم الذي انعقد في نوفمبر من عام 1991م.

اعترفت منظمة التحرير في اتفاق أوسلو بحق “إسرائيل” في الوجود، وبشرعية احتلالها لأرض فلسطين التي استولت عليها سنة 1948، وهذا يشكل 78% من أرض فلسطين. أي أن الأرض المحتلة سنة 1948 خرجت من دائرة الصراع، وبالتالي أصبح أي أمر يتعلق بالتفاوض ينحصر فقط بالضفة الغربية وقطاع غزة، بالرغم من عدم اعتراف العدو بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

مقابل هذا الإعتراف يعترف العدو بمنظمة التحرير كممثل رسمي للشعب الفلسطيني ويسمح بإنشاء ما يعرف بالسلطة الوطنية الفلسطينية على المناطق التي تخرج منها قوات الإحتلال من داخل الضفة والقطاع، ولكن القضايا الجوهرية، مثل مستقبل القدس واللاجئين والمستوطنات اليهودية والحدود والمياه لم يضع سقفاً زمنياً نهائياً لحلها، أي ربط مصيرها بإرادة العدو. كما لم يشر الاتفاق إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، أو إقامة دولتهم المستقلة ولو على جزء من فلسطين.

لم ترجع قيادة منظمة التحرير إلى الشعب الفلسطيني أو إلى مؤسسات صناعة القرار في الشعب الفلسطيني عند توقيع الإتفاق؛ حتى الموافقة من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير كانت بأغلبية ضئيلة، واستقال العديد من أعضاء اللجنة التنفيذية احتجاجاً على الاتفاق، ثم إن فتح نفسها كان في داخلها معارضة كبيرة في كوادرها وأوساطها القيادية من أمثال فاروق قدومي، وخالد الحسن، ومحمد جهاد… وغيرهم.

تعهدت منظمة التحرير الفلسطينية بوقف المقاومة المسلحة، والامتناع عن ممارسة الانتفاضة أو أي شكل من أشكال “العنف”، والتزمت تماماً بالمسار السلمي، كما التزمت بحذف كل النقاط والبنود الداعية لتحرير فلسطين أو تدمير الكيان الصهيوني من الميثاق الوطني الفلسطيني. وقد عقد المجلس الوطني اجتماعاً سنة 1996، حيث قام بإلغاء أو تعديل 26 مادة من أصل 33 مادة من مواد الميثاق المنظمة، وأكد المجلس على هذا الإلغاء والتعديل في اجتماع آخر سنة 1998؛ وهذا نسف كل الأسس التي نشأت عليها المنظمة. وبهذا الإتفاق أدخلت نفسها في عملية تحريم وتجريم المقاومة المسلحة في المناطق التي تسيطر عليها،وهو ما يعتبر السبب الرئيسي للإنقسام الفلسطيني، وهذا ما جعل السلطة تبدو وكأنها معنية بتنفيذ الملفات القذرة المرتبطة بضرب المقاومة وملاحقة المقاومين مهما كان انتماؤهم سواء أكان إسلامياً أم يسارياً أو حتى فتحاوياً، وهذا ما حول الاستعمار الصهيوني القبيح والبشع، الذي هو أبشع احتلال في التاريخ، إلى استعمار نظيف، ينفذه وكلاء آخرون.

أن هذا الاتفاق فتح المجال على مصراعيه للدول العربية والإسلامية وباقي بلدان العالم ممن كان يؤيد القضية الفلسطينية للاتجاه نحو بناء علاقات مع الكيان الصهيوني، وهذا أفسح المجال لتحقيق اختراق صهيوني في المنطقة، ومحاربة ومحاصرة القوى الإسلامية والوطنية المعادية للمشروع الصهيوني في أماكن وجودها.

هذا الإتفاق يحمل بذور فشله في ذاته، لأنه جعل من السلطة الفلسطينية كياناً وظيفياً، جيث ترتبط شروط بقائه ونموه بالاحتلال، بحيث أن احتمالات تشكُّل الدولة الفلسطينية مرتبطة بالرضى الصهيوني للأسف.

يقول د.ادوارد سعيد وهو معروف كأحد أكبر المفكرين الفلسطينيين يقول “إن عرفات ورط شعبه بمصيدة لا مخرج منها”، بسبب هذا الاتفاق،وإنه ألقى بنفسه بين الأمريكيين والصهاينة. أما هشام شرابي وهو أيضاً باحث فلسطيني، فقد قال إنها – السلطة الفلسطينية – كما يبدو لا تدري ما الذي يحصل حولها، وإنها لا تعرف كيف يُتَّخد القرار، وكيف يتم تقرير المصير. إنها على درجة الصفر من حيث قدرتها على مجابهة القدرات الصهيونية.