Menu

عامٌ على "صلية كارلو".. عندما يكون "رمضان كريم"!

منفذا العملية

غزة - بوابة الهدف

في إحدى الليالي الهادئة، وبينما تزخر «لؤلؤة إسرائيل الخضراء» (مجمع سارونا) بالمارة والسياح، دخل شابان يرتديان بدلة سوداء رسمية ويحملان حقائب فاخرة إلى مطعم «ماكس برينر»، فطلب كل منهما طبقًا من الحلوى يُدعى «ميلكي براونيز»، ولكن لم تمتد إليهما أيديهما أبدًا.

وبعد خمس عشرة دقيقة من دخولهما المطعم، نهض الفتيان، وكشف كل منهما عن سلاح رشاش، ليقوما بإطلاق النار على من حولهما، ليس بشكل عشوائي، ولكن طلقة طلقة، حرصًا على استغلال ما لديهم من ذخيرة.

ولكن نفدت ذخيرتهم بعد دقيقة واحدة، فسقط أحدهما جريحًا، والآخر تم اعتقاله، بعد أن قتلوا 4 أشخاص وأصابوا  16 آخرين.

وجاء عملية "صلية كارلو" النوعيّة، في الثامن من يونيو/حزيران 2016، قبل عامٍ من الآن، وسط هدوءٍ كبير خيّم على ساحة المقاومة الفلسطينية آنذاك، خصوصًا مع دخول شهر رمضان المبارك أسبوعه الأوّل، وقد رأى الاحتلال أنه يستطيع إخماد نيران المقاومة خلال هذا الشهر.

إلا أنّ العملية جاءت لتثبت عكس ذلك، ولتثبت المقولة الإسلامية الدارجة دائمًا "رمضان كريم"، فكان كريمًا على الفلسطينيين بحقّ، ذلك الوقت.

ويعتبر "مجمع سارونا" الذي تمت فيه العملية، مكانًا أوروبيًا، كما يسميه الصهاينة، وهو ما يطلق عليه "اللؤلؤة الخضراء في تل أبيب". منطقة ذات أشجار مثمرة، مساحات خضراء شاسعة، مقاه عصرية، أحواض أسماك مزينة بأزهار مائية، محلات لمصمّمين، ومطاعم مرموقة.

وتفتخر "إسرائيل" بهذا المكان السياحي المميّز، فلا بد أنّ اختيار المكان لتنفيذ "صلية كارلو" كان نوعيًا، إذ فكّر أصحاب "البدلات الرسمية"، بعملية نوعيّة، تقلب موازين الأمور خلال الشهر الكريم.

لا وتبعد وزارة الحرب الصهيونية عن مكان المجمع السياسي، إذ توجد ثكنة عسكرية قريبة، أثبت من خلالها الفلسطينيين قدرتهم على دخول قلب الكيان الصيهوني، وعلى مرأى من مقرّ جيشه الذي يعد واحدًا من أقوى الجيوش، كما يزعم.

وأظهرت العملية خرقًا أمنيًا فاضحًا، فهي نجحت في إعادة حالة الرعب من جديد إلى الشارع الصهيوني بعد فترة من الهدوء النسبي، فالعملية مزدوجة قطع فيها المهاجمان عشرات الكيلومترات حتى وصلوا إلى قلب تل أبيب، وهم يحملون أسلحه نارية، ثم مكثوا في تل أبيب وقتًا كافيًا لاختيار المكان المناسب، وأيضًا تم تنفيذ العملية بنجاح. وقد صرح الناطق باسم الشرطة الصهيونية أنه «لم يكن لديهم أي إنذار مسبق عن العملية».

ويُذكر أن نسبة رضا الصهاينة عن أداء الأجهزة الأمنية قد انخفضت بصورة كبيرة في الأسابيع الأخيرة، حيث ذكرت القناة الثانية العبرية أن عدم رضا الجمهور عن أداء سلطات إنفاذ القانون ارتفع من نسبة 69% – خلال الأشهر الـ 17 الأخيرة – إلى 84%، حيث بات يُنظر للشرطة على أنها فاسدة، مع مسئولين غير ملائمين لأسباب مختلفة.

وأعادت عملية تل أبيب سلاح «الكارلو» مرة أخرى إلى الواجهة، فصار أحد أشهر أسلحة المقاومة التي تم تطويرها في السنوات الماضية، وصار بمقدور الشباب الفلسطيني أن يقتنيه، بعدما أصبح سعر المحلي لا يتجاوز الـ 250 دولار أمريكي.

ويعتبر سلاح «الكارلو» نسخة فلسطينية معدلة عن سلاح رشاش سويدي الأصل يدعى «كارل جوستاف»، ويستخدم رصاصة من عيار 9 ملم، وهي متوفرة بشكل كبير خاصة أنها ذخيرة أساسية للمسدسات بشتى أنواعها، كما أن مخزن البندقية يتسع لحوالي 25 رصاصة من هذا العيار، ويُعتبر سلاحًا مؤثرًا إذا استُخدم من مسافة قريبة.

ومنفذا عملية "صلية كارلو"، هما خالد ومحمد مخامرة، أبناء عمّ، من بلدة يطا قرب مدينة الخليل، حيث يمدد الاحتلال اعتقالهما منذ أكثر من عام حتى الآن.

وكان قد هدم منزليهما في "يطا" في شهر أغسطس 2016، بعد إخطاء عائلتيهما بالإخلاء.

وعلى إثر العملية، حاصرت قوات الاحتلال "بلدة يطا" التي يعود إليها المنفذان مخامرة أكثر من أسبوعين، حيث فرض طوقًا أمنيًا منع خلاله المواطنين من الدخول للبلدة أو الخروح منها.