Menu

خلال عرض بحث

خلال مؤتمر لـ"مسارات": سياسيّون وحقوقيّون يدعون لبناء نظام سياسي يشمل الكل الفلسطيني

21731065_1590474011015365_8006885561051821401_n

غزة_ بوابة الهدف

دعا مشاركون سياسيون وأكاديميون ومختصون في مجال حقوق الإنسان إلى ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني، وبناء النظام السياسي الفلسطيني بما يشمل الكل الفلسطيني، لتحقيق الوحدة الوطنية، والخروج من حالة الانقسام الممتدة منذ 10 سنوات.

وشددوا خلال مؤتمر نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) تحت عنوان "كلفة الانقسام وأثره على الفلسطينيين" في قاعات الهلال الأحمر في مدينة غزة وعبر الفيديوكونفرنس في مدينة البيرة، على ضرورة عقد حركتي حماس وفتح - في أي حوارات للمصالحة - اتفاقًا شاملًا برعاية فلسطينية وعربية ضمن آلية تطبيق ملزمة وبجدول زمني محدد.

وأشاروا إلى أن كلفة الانقسام والحصار كبيرة جدًا، إذ أدى الانقسام، من الناحية السياسية، إلى تنازع قوتين على التمثيل والقيادة وانهيار النظام السياسي الموحد، ما انعكس سلبًا على القضية الوطنية والتجمعات الفلسطينية، وبلغت كلفته اقتصاديًا بشكل مباشر وغير مباشر نحو 15 مليار دولار، كما أدى إلى فقدان القانون الفلسطيني المنفصل عن السلطات الثلاث، والتأثير على الثقافة والسلوك الاجتماعي لدى أبناء شعبنا الفلسطيني.

وافتتح المؤتمر، هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، مبينًا أن هذا المؤتمر ينعقد في ظل توارد "أخبار إيجابية" من القاهرة بحضور وفد من حركة حماس ، وتبعه آخر من حركة فتح لبحث ملف المصالحة الفلسطينية، معربًا عن أمله في أن تمثل هذه الزيارات نقلة نوعية على طريق إنهاء الانقسام.

وأشار إلى الانقسام بات خطرًا محدقًا يهدد القضية الفلسطينية، وأن الحاجة الملحة لإنهائه باتت ضرورية، مؤكدًا أن تحقيق الوحدة بين حركتي حماس وفتح لا يمكن أن تتحقق عبر إدارة الانقسام، بل من خلال الاتفاق على أسس الشراكة السياسية الكاملة، وعلى أسس وطنية وديمقراطية، وعبر تخلي "حماس" عن سيطرتها الانفرادية على قطاع غزة، مقابل التزام فتح بإنهاء هيمنتها على السلطة ومنظمة التحرير.

وأوضح المصري أن إجراء الانتخابات بصورة دورية ضرورة مهمة كتتويج لإنهاء الانقسام، لتمكين الشعب من تحديد خياراته والاتفاق على برنامج سياسي يجسد التحديات المشتركة. كما دعا إلى ضرورة إعادة بناء منظمة التحرير على أساس شراكة حقيقية لتضم مختلف الفصائل السياسية المؤمنة بالمشاركة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية توحد المؤسسات الأمنية والقضائية ومختلف الوزارات الأخرى.

وألقت النائب هدى نعيم، كلمة "لجنة دعم الوحدة الوطنية"، مشيرة إلى أن الانقسام الفلسطيني هو أحد الأثمان الذي دفعها الشعب جراء التفرد بالسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، موضحة أن "الانقسام لم يبدأ منذ العام 2007، بل منذ اتفاقية أوسلو، عبر التفرد بالقرار السياسي الفلسطيني من قبل السلطة بعيدًا عن المجموع الوطني الفلسطيني".

وأوضحت أن الوحدة الوطنية من أعظم الواجبات الوطنية والدينية، داعية لتأسيس حالة لإقناع أصحاب القرار بضرورة الوحدة والضغط عليهم لإجبارهم السلوك في الوحدة، مبينة أن إنهاء الانقسام يتطلب بناء مؤسسة وطنية جامعة وبرنامج سياسي مترابط يعتمد على الثوابت الوطنية، بما يشمل تحرير الأرض وعودة اللاجئين.

كلفة الانقسام وأثره في المجال السياسي
وفي الجلسة الأولى التي أدارها الباحث والكاتب تيسير محيسن، عرض خليل شاهين، مدير البرامج في مركز مسارات، ورقته حول أثر الانقسام في المجال السياسي، مبينًا أن الانقسام السياسي شكّل لحظة فارقة في الواقع الفلسطيني، خاصة منذ توقيع اتفاقية أوسلو، مؤكدًا أن الاستفراد بالقرار السياسي عزز من انتقال الهيمنة على الحقل السياسي الوطني من منظمة التحرير إلى السلطة. في المقابل، فإن عدم تمثيل التيار الإسلامي، المعبر عنه بحركة حماس، ضمن هذا النظام السياسي، دفع "حماس" إلى التنافس على الهيمنة على هذا الحقل، مما أدى في نهاية المطاف إلى نشوء سلطة تهيمن عليها الحركة في غزة. مبينًا أن "حماس" لم تقدم نموذح حكم يختلف كثيرًا عن نموذج السلطة في الضفة، وخاصة لجهة الطابع الفردي الاستبدادي.

وأضاف: "النتائج التي شهدناها فيما يتعلق بالانقسام السياسي تعني أننا فقدنا وجود نظام سياسي فلسطيني، ومركز قيادي موحد، ومشروع وطني موحد، وكذلك البرنامج السياسي، وبدأنا بدفع أثمان باهظة جراء ذلك".

ودعا شاهين إلى إعادة بناء "الحقل الوطني السياسي الموحد، وإعادة مفاهيم ووظائف السلطة"، مشددًا على أن "هذه العملية تعني إعادة بناء التمثيل الوطني الفلسطيني، وعدم العودة إلى هيكلية السلطة ببنيتها وتركيبتها الحالية".
من جانبه، قال كايد الغول، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، في تعقيبه إن "الانقسام الحقيقي بدأ عندما جرت اتفاقية أوسلو الذي ضربت جوهر المشروع الفلسطيني". مضيفًا "أن شعبنا في الخارج لم يعد يرى برنامج السلطة يعكس تطلعاته، وبدأت هنا تنمو عوامل البحث عمّا يعنى بهموم هذه التجمعات، وبدأت تتآكل عملية التمسك بالممثل الشرعي لمنظمة التحرير".

وأوضح أن الشعب الفلسطيني اليوم بحاجة إلى رؤية وطنية جديدة، مقترحًا أن يبادر مركز "مسارات" لدعوة عدد من الشخصيات الوازنة خارج "دائرة التعصب الحزبي" لإجراء مراجعة سياسية للواقع الفلسطيني.

وحذّر من أي مساعٍ لعقد مجلس وطني فلسطيني في الدورة القادمة، لأنه لن ينتج إلّا مزيدًا من الانقسام والتفرد بالقرار الفلسطيني، قائلاً: "إذا ما أردنا الخروج من هذه الحالة يجب تشكيل مجلس وطني يشارك فيه الكل الفلسطيني".

كلفة الانقسام وأثره على النظام الدستوري والحريات
عرض صلاح عبد العاطي، مدير مكتب "مسارات" في غزة ورقة حول " كلفة الانقسام السياسي وأثره على النظام الدستوري الفلسطيني وحالة حقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أن "التفرد بالقرار الفلسطيني وتغول السلطة التنفيذية في غزة والضفة عززا الانقسام الفلسطيني".
وبين عبد العاطي بالأرقام أن ما نحو 1218 شكوى قدمت خلال سنوات الانقسام جراء استمرار الاعتقالات والاستدعاءات والمصادرة في غزة والضفة، وأنه وقع نحو 100 انتهاك "كارثي" جراء التعدي على وقفات سلمية، وأن التفرد بالقرار وإصدار قوانين فلسطينية أديا إلى "حل وتعطيل وتعليق" عمل 1269 جمعية من قبل وزارة الداخلية في الضفة والقطاع، إذ أصدر الرئيس عباس نحو 162 قانونًا ولم تعرض هذه القوانين على المجلس التشريعي، كما أصدرت كتلة "حماس" البرلمانية في غزة 58 قانونًا.

وأشار إلى أن استمرار الانقسام أدرى إلى تراجع منظومة الحقوق والحريات الفلسطينية في الضفة والقطاع، حيث شهدت الحياة السياسية تراجعًا على مستوى الديمقراطية والحريات ومستويات الفقر والبطالة. موصيًا بضرورة تشكيل تيار وطني ديمقراطي تؤسسه قوى المجتمع المدني من أجل استعادة الوحدة الوطنية، والاتفاق على مشروع وطني جامع يشمل إعادة بناء الحركة الوطنية.

وفي تعقيبه على الورقة، أكد عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، أن السلطة المطلقة للرئيس محمود عباس في سنّ التشريعات وعدم وجود مبدأ المحاسبة "عمّق الانقسام الفلسطيني"، وكذلك الحال بالنسبة لسن المجلس التشريعي بغزة للعديد من القوانين، داعيًا الجميع إلى تبني تشريعات بعيدة عن الانقسام، لتصب في صالح المواطن الفلسطيني، وتعزز صموده ضد الاحتلال.

كلفة الانقسام وأثره على فلسطينيي 48
وفي الجلسة الثانية، التي أدارها الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان، قدم رازي نابلسي، الباحث في مركز مسارات، ورقة حول كلفة الانقسام وأثره على فلسطينيي 48، أكد فيها أن الانقسام أثر بشكل عميق على الهوية الفلسطينية في الداخل المحتل، وأثّر على نضال الفلسطينيين في الداخل لمجابهة سياسات الأسرلة والتشويه التي تمارسها إسرائيل. مشيرًا إلى أن الفلسطينيين في الداخل لا يؤثرون على النظام السياسي الفلسطيني في غزة والضفة، وهم في المقابل لا يؤثّرون على النظام السياسيّ الإسرائيليّ، وهم باختصار يعيشون على هامشي النظامين المتناحرين: واقع إسرائيل الإداري والقانونيّ من جهة؛ والهويّة الفلسطينيّة الوطنيّة من جهة أخرى.

وأكد نابلسي أن الفلسطينيين في الداخل شعروا منذ الانقسام بالغربة عن امتدادهم الوطني والتاريخي الفلسطيني، حين اصطدموا بالاقتتال الفلسطينيّ- الفلسطينيّ، ما أدّى إلى بروز توجّهات تؤيّد واقع الدولة على حساب الهويّة والانتماء نظرًا لانهيار الحالة السياسيّة الفلسطينيّة. بالإضافة إلى حقيقة أنهم غائبون عن أي تأثير في أي سياق سياسي يستهدف هويتهم الوطنية والقومية التي تُصاغ عبر منظّمة التحرير والفصائل الفلسطينيّة.
 وأشار إلى أن الانقسام خلق تيارين متنافسين في الداخل المحتل، هما: التيار العلماني الذي له ارتباط مع السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تاريخيًا، وهو الجبهة والحزب الشيوعيّ، وتيار الحركة الإسلامية الذي له امتداد أيديولوجي مع حركة حماس.

وعقبت د. عبير ثابت، أستاذة العلوم السياسية بجامعة الأزهر، بالدعوة إلى إعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني؛ لتمكين فلسطيني الداخل من المشاركة في صناعة القرار الوطني، مشيرة إلى أن أولوياتنا الآن كفلسطينيين بناء نظام ضمن مشروع متكامل يشمل الكل الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده قبل الذهاب إلى أي تسوية سياسية.

كلفة الانقسام وأثره في المجال الاجتماعي الثقافي
تناول سلطان ياسين، منسق برنامج تطوير ودعم الحوار الفلسطيني، في دراسة له "كلفة الانقسام وآثاره في المجال الاجتماعي الثقافي"، إذ بيّن أن قضية التحرر الوطني الفلسطيني والمقاومة لم تعد ضمن أولويات الشباب الفلسطيني، بل إن الهم الأول للشباب اليوم هو الخلاص الفردي من الإجراءات المتخذة، سواء في الضفة أو قطاع غزة، وهذا الهمْ أصبح ظاهرة اجتماعية في ظل استمرار الانقسام بين "فتح" و"حماس".

وأوضح أن الأزمات السياسية وما أنتجته من تناحر وتراجع في الدور التنموي لدى الأحزاب، أدت إلى ظهور مجموعة من السلوكيات الشاذة عن المجتمع الفلسطيني، والتي تعززت وارتفعت وتيرتها بعد الانقسام، وتركت آثارًا عميقة من خلال تشتت الأسر الفلسطينية وتفكك النسيج الاجتماعي الذي أدى إلى تدمير الطاقات الشابة، وتراجع روح الوطنية الفلسطينية، وانتشار ثقافة العنف واتساعها على مستوى العلاقات الاجتماعية. كما ظهرت نخب جديدة في الساحة الفلسطينية مستفيدة من الانقسام، ولها مصلحة في استمراره، مطلقًا عليها مصطلح "جهات مصالح الانقسام".

وأشار إلى أن دراسته عالجت انعكاسات الانقسام على المشهد الثقافي والهوية الفلسطينية، معتبرًا أن الانقسام "بيئة طاردة للثقافة والإبداع"، ومشيرًا إلى أن الحركة الثقافية شهدت تراجعًا كبيرًا في الجامعات الفلسطينية، كما أن غياب المشهد الثقافي طال الأحزاب نتيجة انشغالها في جهود إنهاء الانقسام.

وعقبت الباحثة دنيا الأمل إسماعيل على الورقة، مبينة الآثار الكارثية للانقسام في المجال الاجتماعي والثقافي، وأشارت إلى أن الورقة ركزت على القيم السلوكية أكثر من القيم الاجتماعية، مبينة أن الثقافة موضوع واسع الفضاءات، وهناك تداخل شديد في الموضوعات المرتبطة في الثقافة كعلم الاجتماع الثقافي، كما أن الثقافة الوطنية ترتبط بالأوضاع الفلسطينية كافة، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

كلفة الانقسام وأثره في المجال الاقتصادي
ومن جانبه، تناول د. ماهر الطباع، الخبير الاقتصادي ومدير الغرفة التجارية بغزة، النتائج الكارثية للانقسام على الصعيد الاقتصادي، مبينًا أن تشديد الحصار الإسرائيلي على غزة منتصف 2007 كان نتاج الانقسام الفلسطيني، لافتًا إلى أن الاحتلال استخدم العديد من الأدوات لتشديد الحصار، أهمها إغلاق المعابر التجارية المحيطة بغزة.

وبين أن كُلفة الحصار والانقسام الفلسطيني في القطاع، سواء مباشرة أو غير مباشرة، منذ عشر سنوات، تبلغ حوالي 15 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الاقتصاد عانى خلال تلك الفترة من ازدواجية القوانين والتشريعات والرسوم والضرائب بين الضفة وغزة، الأمر الذي أدى إلى توقف وإغلاق عشرات الشركات والمؤسسات الخاصة.

وتحدث الطباع عن زيادة كبيرة في معدلات البطالة، خاصة بعد إجراءات السلطة ضد قطاع غزة، مشيرًا إلى نسبة البطالة كانت قبل الإجراءات تبلغ حوالي 206 آلاف عاطل عن العمل، وبعد 4 شهور من إجراءات "عباس" ضد الموظفين وصلت إلى 216 ألف عاطل عن العمل، بزيادة تصل إلى 10 آلاف عاطل.

وبين تأثير الانقسام على عمليات الاستيراد والتصدير جراء تحكم إسرائيل بالمعابر، وكذلك تأثيره على الكهرباء، وما أدت إليه من أزمة في التيار الكهربائي أصابت جميع المجالات الاقتصادية والتنموية في قطاع غزة بالشلل.
وعقب د. سمير أبو مدللة، عميد كلية الاقتصاد والعلوم بجامعة الأزهر، على الورقة بالقول إن أسباب تدهور الاقتصاد الفلسطيني خلال السنوات الماضية يتمثل في "الاحتلال الإسرائيلي، والاعتماد على المساعدات، وحالة عدم اليقين السياسي في فلسطين، وسياسات السلطة تجاه سكان القطاع".

وأكد أن قطاع غزة ليس عبئًا على موازنة السلطة، ولكن السياسات المتخذة في الضفة وغزة، وخاصة أزمة الرواتب الأخيرة، أوجدت حالة من عدم الثقة بين المواطن والتاجر والبنوك، الأمر الذي سيؤدي إلى تدهور أوضاع الموظفين، ويزيد من أعداد الفقراء في القطاع.

وشدد أبو مدللة على أن 2 مليون إنسان في قطاع غزة رهائن لإجراءات السلطة الفلسطينية في رام الله، ولإجراءات اللجنة الإدارية في قطاع غزة، مبيناً أن مليون و600 ألف مواطن يتلقون مساعدات من المؤسسات الدولية والإغاثية.