Menu

فيلم بطلته صهيونية يُعرض في سينما برام الله!

لا-للتطبيع

عروبة عثمان – فيسبوك

سينما برج فلسطين لا تزال تعرض فيلم "رابطة العدالة"، والذي تؤدّي بطولته المجندة الصهيونية غال غادوت، والتي رفعت سلاحها بوجهنا لمدة عامين، وربما تكون قد أفرغت رصاصاتها في رأس أحد أبناء جلدتنا. السينما حاولت التذاكي علينا، بالأمس، إذ أخبرت من تواصلوا معها بأنها بصدد إلغاء العرض الذي من المفترض أن يستمر حتى السادس من الشهر الجاري، ليتبين النقيض بعد ذلك، إذ إنها لم تمحُ إعلانها الترويجي للفيلم على الصفحة، ولم تضع برمجة جديدة للأفلام المعروضة على نحو يتم فيها إسقاط الفيلم، وكان الفيلم معروضًا اليوم، وكأنه لا يواجه أي إشكاليات أو تبعات سياسية لذلك.

يبدو أن السينما تحتكم لمنطق تجاري بحت، تعتبر فيه كسب المال فوق أي اعتبار وطني وأخلاقي. وفي خضم ذلك تشارك بوعي في عملية طرد وإحلال نموذجين مصدّرين للمثلة؛ بمعنى طرد ذهني لصورة المجنّدة القاتلة التي نشرت لها صورًا عدة، وهي تؤدّي صلواتها كرمى عيون الجنود الذين شاركوا في الحرب الأخيرة على غزة، وإحلال بدلًا منها صورة الممثلة التي تنحتها لغة العالم والمشاع الإبداعي. عرض الفيلم لا يمثًل انتصارًا فردانيا لغاودت، بل هو انتصار لجملة "القيم" التي تتبناها مؤسسة الجيش الصهيوني عمومًا، إذ تفتح غاودت الباب أمام زملائها في الجندية لخوض ذات المسار، وكأن السينما هي طريق الخلاص من كل ترّسبات الجيش ليس في قرارة نفس الجندي "المؤدّي"، بل في قرارة نفس المتلقي الذي سيتعاطى مع الجندي الممثل كشخصية جديدة معفيّة من تاريخها، وهو بالطبع ما سيخدم غادوت كثيرًا بفرض قبولها التدريجي علينا. ومن المهم هنا كذلك التوكيد على أن تخصيص الحالة وتوجيه الانتباه على عملها في سلك الجندية لا يعني أن هذا هو سببنا الوحيد، وأن المرء إن لم يكن جنديًا، وكان مؤديًا صهيونيًا في الآن نفسه، فهذا بالطبع لا يخفف من كيفية نظرتنا للأمور، ولا يستوجب بطبيعة الحال موقفًا مختلفًا.

على العموم، من المعيب جدًا أن يُعرض الفيلم في أراضينا المحتلة، في الوقت الذي يمنع في لبنان وتونس. صراحةً على وقع هذه المفارقة، يحق لكثيرين انتقادنا، فكيف للعالم أن يتهافت على حقوقنا ومطالبنا، في الوقت الذي ننتقص فيه نحن من أنفسنا؟ لم يعد مطلوبًا الآن مقاطعة الفيلم كمنتج لوحده، بل مقاطعة السينما كمؤسسة تنشط في الحيّز العام ولا ترى في ذلك خرقًا أخلاقيًا ووطنيًا، خاصةً أنها كانت ستعرض في وقت سابق فيلم "المرأة الخارقة" لذات المجندة المؤديّة، وهو الأمر الذي ينفي كل اعتبارات حسن النية والتعامل مع هذه المؤسسة بمنطق اختلاق الأعذار. وبالتالي، أي تبرير لاحق للمؤسسة لن يشكّل سوى تغطية على تجاوزها الأخلاقي والوطني. قاطعوا سينما برج فلسطين.

ملاحظة أخيرة: ليس هناك داعٍ للاستخفاف بكل هذه النشاطات الثقافية والتطبيعية التي تتم في رام الله. وبالنهاية مسألة المقاطعة تعود بالنهاية إلى كل شخص، وكيف يتعاطى معها، فمن يعتبر هذه المسألة تعويضًا عن طريق آخر لنا أن نخوضه أو هي أقصى ما يمكن فعله إزاء المستعمر، فهذا بالطبع بؤس كبير. لكنني أظن أن كثيرين ممن طالبوا بالمقاطعة لا يعتبرون ذلك النتيجة النهائية التي يمكن أن تحط أقدامنا فيها.

#أنا_أقاطع #برج_التطبيع