Menu

كفى

شبان على الحدود الشرقية لقطاع غزة

في هذه المرحلة من الصراع العربي– الصهيوني، ترتكب القيادة السياسية الفلسطينية، أفدح الخطايا على الإطلاق، فمن جهة تستنزف الموارد المحدودة بيدها، ومن جهة أخرى يتواصل الإصرار على نهج التفاوض كخيار أساسي للتعامل مع الكيان الصهيوني. 

مما لا شك فيه أن الحصار المستمر على قطاع غزة، وفشل حكومة التوافق الفلسطينية والقيادة السياسية الرسمية في القيام بواجباتها تجاه القطاع، هو استنزاف لمورد الصمود الفلسطيني الأساسي، ألا وهو الصمود الشعبي البطولي الذي كرسه شعبنا في الأرض المحتلة، وفي غزة خصوصاً، التي تصدت الجماهير والمقاومة الفلسطينية فيها لكم هائل من الاعتداءات والحروب الصهيونية في السنوات الأخيرة.

إن التقصير الحكومي الواضح تجاه غزة لم تعد تغطيه عورة الانقسام، وكذلك الإصرار على استمرار اللقاءات التنسيقية بين الأجهزة التنفيذية للسلطة الفلسطينية وبين ممثلي حكومة وجيش العدو، خصوصاً بما يحمله ذلك من تجاهل واضح لقرارات المجلس المركزي الفلسطيني وتجاوز فاضح لها.  فالمتتبع لخطاب الشخصيات الحكومية الرئيسية يرى أسوأ ما فيه، وهو ربط حقوق أهل غزة وواجبات الحكومة تجاههم بجملة من الاشتراطات المتعلقة بملف المصالحة وحتى بما يتجاوز هذا الملف، وفي المقابل تتم اللقاءات مع ممثلي حكومة وجيش العدو من ممثلي "حكومة التوافق الوطني" دون أي اشتراطات، هذا ناهيك عن جرم هذه اللقاءات بحد ذاتها ، في هذا التوقيت بالذات الذي يصعد فيه العدو وحليفته الولايات المتحدة الهجمة على الحقوق والثوابت الفلسطينية.

الطريق لمجابهة هذه الهجمة، هو معالجة الإخفاق السياسي الاستراتيجي فلسطينياً، والذي يقر به القائمون عليه، والمتمثل في مسار التسوية والمفاوضات والتنسيق الأمني، فالصورة باتت واضحة، لقد اختزلت الحقوق الفلسطينية في مسار العلاقات مع العدو، والذي يحيل السلطة الفلسطينية لدور إدارة مدنية تحمل أعباء الاحتلال ولا تملك من أمرها شيئا، لذا إن الحديث عن حكومة السلطة الفلسطينية كما لو كانت دولة يجب أن تحتكر السيادة والسلاح يبدو هزلياً، في ضوء حضور الاحتلال كحاكم حقيقي في الضفة الغربية المحتلة، وكطرف متحكم في المنافذ المعيشية لقطاع غزة. إن المسار الفلسطيني اليوم يجب أن يدرك أننا تجاوزنا مرحلة أوسلو، التي تم تجاوزها من قبل العدو أساساً. فالمشروع الصهيوني اليوم هدفه تفكيك البنى والتجمعات الفلسطينية، وإسقاط المشروع الوطني الفلسطيني، بما يحمله من مطالب وتطلعات حقيقية نحو التحرر والاستقلال والعودة وتقرير المصير، لذا إن الاستمرار في مقاربة التحديات والأسئلة الداخلية الفلسطينية بذات المنطق الخاص بسلطة تحت الاحتلال يبدو ترف لا نمتلكه. واجبنا في هذه اللحظة التركيز على المجابهة مع الاحتلال، وإعداد البيت الفلسطيني لمواجهة هذه الهجمة المتصاعدة على حقوقنا ووجود شعبنا بحد ذاته، وذلك بالتأكيد لن يتم بمنطق أوسلو والنزاع على صلاحيات هذا الجهاز الحكومي أو ذاك، بل بالبحث عن كل قطر ة في خزان الصمود الفلسطيني وتفعيلها عبر منح مقومات الصمود لشعبنا، ومن لديه مشكلة مع تحمل تبعات هذه المواجهة بإمكانه مغادرة موقعه مشكوراً أو مذموماً، ليعطي الفرصة لهذا الشعب ولهذه البلاد ولهذه القضية لتتنفس وتلتقط شعاع الضوء على طريق الحرية والاستقلال والعودة.