Menu

التباكي على الغوطة والعنجهية الغربية

د.فايز رشيد

”المتباكون على الغوطة الشرقية, لم يذرفوا دمعة واحدة على القصف المتواصل لأحياء دمشق بمختلف انواع الاسلحة, ومنها صاروخ ارض ارض حديث لحي ركن الدين الدمشقي. وهم لم يأتوا على ذكر على المجزرة التي ارتكبها الاتراك ضد قافلة المساعدات الانسانية المتوجهة نحو عفرين, فيما هم يواصلون الحديث عن الحِس الاخلاقي والانساني ودماء الابرياء والضحايا وهي المصطلحات التي لم يمارسوها،”

بدايةً, فإن كاتب هذه السطور ضد أية نقطة دم تسال من إنسان بريء! لأن أكثر من أسيلت دماؤهم, هم شعبنا الفلسطيني منذ ما يزيد عن قرنٍ زمني. بالنسبة لأحداث الغوطة السورية فمعظم الإعلام الغربي وبعض العربي, يضخم ما يجري في الغوطة بطريقة مدروسة وبخطة إعلامية محكمة. لا أحد يذكر قصف منظمات الإرهاب المتواجدة في الغوطة للعاصمة السورية دمشق, التي وصلت في أحد الأيام إلى 70 صاروخا سقطت في مناطق متفرقة من العاصمة, وذهب نتيجتها عشرات الضحايا من بينهم أطفال صغار. كل هذا يدعو إلى التساؤل: دلوني بالله عليكم على دولة تقبل بتهديد عاصمتها وسقوط القذائف عليها كلّ ساعة؟ هل تقبل واشنطن وباريس ولندن وغيرها بذلك؟.

السؤال التالي , لماذا لا تضغط هذه العواصم المتباكية على أحداث الغوطة على حلفائها من التنظيمات المتطرفة في الغوطة, لتنخرط في العملية السلمية؟ لا يحدث ذلك لأن هذه العواصم الاستعمارية لا تريد عملية سياسية سلمية في سوريا ,بل تريد إبقاء الصراع مشتعلا فيها من أجل تقسيمها. الولايات المتحدة التي أمنت طرقا آمنة لتهريب حلفائها الداعشيين ومن جبهة النصرة, تحرص على استمرار إشعال الوضع في سوريا من أجل الحفاظ على الأمن الإسرائيلي أولاً, ومن أجل تصفية القضية الفلسطينية وفقا للخطة الإسرائيلية الأميركية, وقد صرّح مصدر أميركي منذ يومين “أن عناصر صفقة القرن قد قاربت على الانتهاء”.

تحرير حلب وضع حدا فاصلا بين مرحلتين, وأشر إلى فشل مشروع إقامة “إمارة حلب “. ما يجري في الغوطة من مساعدات عسكرية بأسلحة نوعية متطورة ومساعدات لوجستية كبيرة للإرهابيين, هو تعويض عن فشل مشروع “إمارة حلب” واستمرار في تهج تقسيم الوطن السوري , وتبدو أميركا وكأنها قد أخذت على عاتقها مهمة تنفيذه, بعد ان اعلنت على لسان اكثر من مسؤول رفيع في ادارتها: أنها باقية لأمد طويل على الاراضي السورية. وراحت تسرب معلومات عبر اكثر من وسيلة اعلامية ومراكز ابحاث, وما تسبطنه المقابلات المُتلّفزة والإحاطات الاعلامية للبيت الابيض عن “قامة دويلة” في شرق الفرات, في الوقت ذاته الذي يسارع مسؤولوها الى الاعلان عن فشل مسار استانا.. تَرافَق ذلك كله مع بدء غزوة “غصن الزيتون” التركية , والتفاهم على صفقة الشراكة التي عقدتها واشنطن مع انقرة. رشَحَ بعضها في المقترح التركي بادارة مشتركة اميركية تركية لمدينة منبج, وما يتسرّب الان عن استعادة بعض الثقة في علاقات الحليفين الاطلسيين.

للعلم, الدول الاستعمارية الثلاث إضافة بالطبع إلى الكيان الصهيوني, المدعية للإنسانية والمتعاطفة مع المحاصرين في الغوطة, الذي يختفون بين الناس ويجعلون منهم دروعا بشرية, ويستولون على كل الطعام والمواد الداخلة إليهم, ويمنعونهم من الخروج, كل من هذه الدول اقترفت مذابح كبيرة بحق شعوبها وشعوب العالم, أميركا ضد الهنود الحمر, وآلاف المذابح ارنكبتها ضد شعوب العالم, لعل أكبرها مذبحة ماي لاي في فيتنام. فرنسا في الجزائر وفي مستعمراتها الإفريقية, بريطانيا في فلسطين ومناطق مختلفة من العالم, أما الكيان الصهيوني فهو يقترف المذابح ضد الشعب الفلسطيني منذ مئة عام. هذه الدول هي التي تبرر الجرائم الصهيونية ضد شعبنا, وتعتبرها دفاعا عن النفس! الولايات المتحدة استعملت الفيتو في مجلس الأمن 42 مرة ضد الفلسطينيين ودفاعا عن إسرائيل. هذه الدول هي المدعية الحرص على حقوق الإنسان في الغوطة!.

المتباكون على الغوطة الشرقية, لم يذرفوا دمعة واحدة على القصف المتواصل لأحياء دمشق بمختلف انواع الاسلحة, ومنها صاروخ ارض ارض حديث لحي ركن الدين الدمشقي. وهم لم يأتوا على ذكر على المجزرة التي ارتكبها الاتراك ضد قافلة المساعدات الانسانية المتوجهة نحو عفرين, فيما هم يواصلون الحديث عن الحِس الاخلاقي والانساني ودماء الأبرياء والضحايا وهي المصطلحات التي لم يمارسوها (إلا إذا كانت تصب في مصالحهم الاستعمارية) وهي غير موجودة في قواميسهم وسلوكهم المكشوف أمام البشرية جمعاء.

بالتأكيد لن يستجيب المسلحون لدعوات وقف القتال ونزع السلاح, لإن هذا الأمر سينهي الوجود الإرهابي الضاغط على مدينة دمشق. أما بالنسبة للمشهد الميداني, ووفقا للعميد في الجيش السوري محمد حسون, فلا يزال الجيش العربي السوري ينفذ عمليات الحشد على محاور متعددة باتجاه الغوطة, في الوقت ذاته, يقوم بتنفيذ عمليات الإستهداف الناري التي يمكن أن تسمى عمليات التمهيد الأولي, للتقدم البري على تلك المحاور، وأهمها: المحور الجنوبي الشرقي، حيث بدأت عمليات التقدم للجيش السوري, لأن هذا المحور كان هادئا حتى أيام معدودة مضت. أما باقي المحاور فالجيش السوري منذ بدء عمليات المجموعات الإرهابية لاحتلال إدارة المركبات لم يوقف عملياته العسكرية، وإنما يتابع تقدمه من الإتجاه الشمالي والغربي للغوطة, وبالتالي هذا هو المشهد الميداني العام, في الوقت نفسه يقابله مشهد عملية الاستهداف الآني لمدينة دمشق من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، بكل انواع القذائف والصواريخ للمنشات والمدنيين, وكل هذا الأمر يتم على مدار الساعة في مدينة دمشق. من جديد سيفشل المشروع الصهيوني الأميركي الغربي التركي وبعض العربي في غوطة دمشق, رغم عنجهية وعربدة هذه الأطراف, الذي بدأت تتحدث عما سمته استعمال سوريا أسلحة كيماوية في الغوطة, في الوقت الذي تتحدث فيه معلومات كثيرة عن أن التنظيمات الإرهابية هي التي استعملتها بعد أن أمدها حلفاؤها بها, وذلك لإحراج سوريا, ومقدمة لممارسة ضربات عسكرية لها…