Menu

المعارك الأيديولوجية أساسًا أوليًا في التنوير والتطور والنهوض

غازي الصوراني

المعارك الايديولوجية

المعارك الايديولوجية كانت - ومازالت وستظل- هي الاساس الأول لصعود وانتشار افكار التنوير والعقلانية والديمقراطية والحداثة والنهضة ، بمثل ما كانت -ومازالت- الأساس الأول لصعود عملية التطور المادي /الاجتماعي والفكري للبشرية ونهوضها وتقدمها وتعرجاتها في مجابهة الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى حتى القرن الرابع عشر التي جسدها سقراط وأفلاطون وأرسطو وأبيقور وأفلوطين وأوغسطين والفلسفة السكولائية الرجعية وصولا إلى روجر بيكون الذي طرح فكراً نقيضاً للسكولائية عبر إعلانه "ان الوصول إلى الحقيقة ويتطلب إزالة العوائق التي تعترض المعرفة وأهمها رواسب الجهل والصمت على المفكرين الرجعيين" ، كذلك الأمر في تلك المرحلة التاريخية حتى القرن الرابع عشر تطورت وتفاعلت وتصارعت المعارك الأيديولوجية في التاريخ الاسلامي بين المذاهب الاسلامية المتنوعة مثل: الخوارج ،وجماعة المرجئة والمعتزلة والشيعة وصراعها مع المذاهب السّنية المحافظة ، وصولا الى جماعات الزهد والتصوف الغيبية ، وهنا علينا أن نذكر جيداً كل من الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد واخوان الصفا وابن خلدون ، الذين خاضوا معارك ايديولوجية ضد الفلاسفة المسلمين السلفيين، من أمثال الغزالي وتلميذه ابن تيميه وابن القيم الجوزيه، حيث لم يتورع الفلاسفة العقلانيين المسلمين وخاصة ابن رشد والمعتزلة وهم فرسان العقل في الاسلام من خوض المعارك الايديولوجية مع خصومهم الطبقيين والسياسيين، دون أن يفكر أحد منهم في تجنب فتح معارك ايديولوجية، ولو حصل ذلك التجنب منهم أو من فلاسفة الغرب الماديين والعقلانيين، لما كان ممكنا أن يتطور الوعي البشري وأن تتوهج روح النهضة والثورة السياسية والعقلانية من جهة، ولما كان ممكنا أن تشتعل الثورات الشعبية كما حصل في الثورة الامريكية والانجليزية والثورة الفرنسية والحركات الثورية الأخرى في العالم من جهة ثانية.