لمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لاستشهاد الكاتب غسان كنفاني ، وضمن فاعلية غسان كنفاني الثقافية، أقامت منظمة الشبيبة الفلسطينية، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، وفرقة (وصل) ( مكتبة الحلبي)، ومؤسسة غسان كنفاني الثقافية، ندوة حوارية حول ثقافة المقاومة في مواجهة التطبيع، تحدث خلالها الكاتب، ومسؤول الجبهة الشعبية في لبنان مروان عبد العال، والإعلامي الشاعر زاهي وهبي، وذلك يوم الخميس في 19/7/2018 في قاعة بيت أطفال الصمود / مخيم مار الياس، بحضور قيادة الجبهة في لبنان، ومنظمة الشبيبة الفلسطينية، وقيادة وأعضاء اتحاد الشباب الديمقراطي، وفصائل المقاومة، واللجان الشعبية الفلسطينية، وأحزاب وقوى وطنية لبنانية، وفاعليات وشخصيات لبنانية وفلسطينية، وعدد من الرفاق والرفيقات، من مخيمات بيروت، والجنوب، والشمال.
استهلت الندوة بكلمة ترحيبية بالحضور، قدمتها عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الشباب الديمقراطي ريم الخطيب، كما تحدثت عن المناسبة، قائلة: "٤٦ عامًا على رحيل الحبر المقاوم. حبر الشهيد الكاتب غسان كنفاني"، حيث أشارت في كلمتها إلى أنه "ليس هناك من سبق وقرأ نقطة نهاية للقضية الأحق في روايات غسان كنفاني، ولا نتذكر متى وضع فاصلة للمقاومة أو متى جعل من تلك القضية شعرًا نحفظه في الصفوف الابتدائية فقط".
وأضافت "ستة وأربعون عامًا على استشهاد الفن المقاوم، نتصفح جرائدنا اليوم فتقع أبصارنا على أخبار فنية قد تشبه أي شيء غير واقعنا، ما عادت القضية الفلسطينية تأخذ حيزًا من صفحاتنا، وصحافتنا اليوم لا تشبه مؤتمرات غسان، حين كان يقاطع الصحافي ليؤكد على أن العيش بكرامة لا يقل شأنًا عن إرادة الحياة، فلا سلام بين العنق والسيف، ولا بين المستعمر وحركات التحرر الوطنية، فمؤتمراتنا الصحفية اليوم إما دموعًا كاذبة تذرف فوق منابر البروبغندا، أو عبارة عن فنان لبناني يشكو ديكتاتورية بلاده لديمقراطية العدو الصهيوني. لقد استئصلت فلسطين من كتب تاريخنا، وما عدنا نرى خرائطها في كتب الجغرافيا، فبتنا لا نعلم من يعطينا حقنة المقاومة إذا كانت مناهجنا مطبِعة، لكننا في نهاية الأمر قضية، وللقضية بوصلة لا تشير إلا لفلسطين، ورسمات الكنفاني وكتاباته".
ومن ثم ألقى رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني عدنان المقداد كلمة، قال فيها: "نجتمع اليوم في حضرة القضية، في حضرة القلم الثائر الذي لا يرحم الخونة، يستبسل في هجومه على من يتخاذل في لحظة الضعف، ليعكس لهم قوتنا. أكثر من ستة وأربعين سنة، ولا تسمح لنا بالمغادرة، لا يسمح لنا غسان بالاستسلام للواقع، ليكتمل موقفنا بك، فأنت هنا والوطن والموت حملناكم في كيس ووضعناكم في جنازة ورددنا الأناشيد الثورية. فلم نسلّم أنفسنا للموت الطبيعي. احذروا الموت الطبيعي. هذه هي اللغة الوحيدة التي عثرنا عليها بين أشلاء غسان كنفاني"، كما أكد في كلمته على أن "فلسطين هي الحرية، هي العودة، هي الدولة الفلسطينية الديمقراطية العلمانية على كامل ترابنا العربي".
ثم تحدث الأديب، مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، مروان عبد العال، قائلًا: "لقد مُثلت الثقافة الكنفانية بجدارة عملية، ثورية، إبداعية، مستمرة على جبهة المشروع الثقافي، الوطني، الفلسطيني، المقاوم، التي تهدف إلى تحصين هذا الوعي، وتجديد الانتماء، وإنتاج فاعلية ثقافية عميقة، والسياسة من دون ثقافة تصاب بالعمى، كما أن الفصائل التي لا تسكنها الأفكار تتحول إلى خرائب، وهذا ما يفسر الخراب الرؤي العام، ومن دون الثقافة يعني أن هناك نقص في المناعة الوطنية، وغسان كتب عن الأدب المقاوم، لأن الشكلَ الثقافي في المقاومةِ يُطرح لأهميته، وهو ليس أقل قيمة من المقاومة المسلحة ذاتها، وبالتالي فإن رصد ثقافة المقاومة، واستقصاءها، وكشف أعماقها، ضرورة لا غنى عنها لفهم الأرض التي ترتكز عليها بنادقُ الكفاحِ المسلح، ولقد رأى غسان مبكرًا أن المقاومة فعل حياة، وهي الأصل، لذلك إن أردت أن تقاوم عدوًا أولًا، عليك أن تخرجه من ذاتك، عليك أن تخرجه منك، وعليك فعل ذلك قبل أن تلوم غيرك، وهذا ليس دفاعًا عن أبي الخيزران، لكن ذلك ليس مسؤوليته وحده حكمًا، بل هو مسؤولية جماعية لذاكرة مكتومة لأجيال متعددة، وأمكنة، وأزمنة متعددة في ما بينها بحَسَب إحساسها (بعقدة الذنب)".
ثم تحدث الإعلامي الشاعر زاهي وهبي، مشيرًا إلى أنه "من الجيل الذي رأى بصيص الأمل من خلال كتابات غسان كنفاني، فأدب غسان كنفاني وكتاباته كانت بمثابة ضوء وإشعاع، وإن اغتيال غسان كنفاني من قبل الموساد الصهيوني، واستشهاده، هو أبرز برهان على مكانة غسان كنفاني المناضل، وعلى أهمية ومكانة ودور المثقف الفلسطيني والعربي في هذه المواجهة الضارية مع العدو الصهيوني، والعدو الصهيوني أدرك أهمية العمل الثقافي، والإبداعي في الصراع الذي تجلى في كل ما كتبه وتكلم عليه الشهيد كنفاني، سواء من خلال الروايات، أو من خلال المقالات، والقصص، والحوارات الإعلامية، وفي الصحف، ووسائل إعلام عربية وأجنبية".
ثم انطلق من مقولة لغسان، تقول: "إنه لا مشروع سياسي من دون مشروع ثقافي، والمشروع الثقافي في جوهر الصراع مع الاحتلال الصهيوني، لأن صراعنا هو صراع حول روايتين بالمعنى التاريخي، والإنساني، والثقافي، والفكري، وأيهما أصح الرواية الصهيونية التي تقول بأن الأرض هي أرض الميعاد والأسلاف، أم أن أصحابها الفعليين هم الذين هجروا منها، و من منهما ستنتصر".
كما تحدث عن مسألة التطبيع، قائلًا: "إن مسألة التطبيع، وتسلل الإسرائيلي من خلال المصطلحات، والأعمال الأدبية والثقافية التي يقوم بها كتاب عرب معروفون للجميع، ونجد من يبرر التطبيع ويدافع عنه، لكي نعتاد عليها شيئًا فشيئًا حتى نراها بديهية وطبيعية، وتصير إسرائيل ووجودها جزءًا طبيعيًا لا يثير الاستغراب، ومن هنا تبرز أهمية مثقف، وكاتب، وروائي مثل غسان كنفاني".
وفي نهاية الندوة كرمت منظمة الشبيبة الفلسطينية، واتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني السيدة آني كنفاني بتقديم درعٍ لها.