Menu

بعد انتهاء نزاع العمل.. تصعيد خطير لاتحاد الموظفين والجميع يتحمل المسؤولية!

اعتصام أمام مقر الأونروا ‫في غزة يوم 29 تمّوز/يوليو 2018

خاص بوابة الهدف - غزة

قال رئيس اتحاد موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسـطيـنيين (أونروا) في قطاع غزة، أمير المسحال، إنّ "الأيام المقبلة هي أيام ساخنة على أكثر من صعيد، وسيتحدّد خلالها ومن بعدها وُجهة الأزمة، عقب قرارات فصل الموظفين وتقليص الخدمات، والتي بات يتحمّل مسؤوليّتها الكلّ الفلسـطيني".

وأضاف المسحال في حديثه لبوابة الهدف، اليوم السبت أنّه "في حين ظلّت الأمور كما هي، ولم تتراجع إدارة الوكالة عن قرارها بفصل ألف موظف في غزة، سيشرع اتحاد الموظفين في خطوات احتجاجيّة نقابيّة ستكون مُحصّلتها كارثة كُبرى على اللاجئين كافة في قطاع غزة".

وبحلول يوم 16 أغسطس، تكون مُدة نزاع العمل قد انتهت، ويعتزم اتحاد الموظفين بعدها المُضيّ ببرنامج تصعيدي جديد، يتضمنّ الإضرابات الجزئية ووقف الخدمات، يليها إضراب شامل وشلّ مرافق المؤسسة بالكامل.

يأتي هذا في الوقت الذي يُواصل فيه عشرات الموظفين الاعتصام داخل المقر الرئيسي للوكالة بمدينة غزة، لليوم الـ17 على التوالي، بعد تسلّم نحو ألف موظف يعملون على بند الطوارئ قرارات فصل تعسفية، يوم 25 يوليو الماضي، بذريعة الأزمة المالية. كما شرع نحو 15 موظفًا من المُعتصمين في إضرابٍ مفتوح عن الطعام منذ أسبوع -يوم 6 أغسطس- احتجاجاً على تعنّت وتجاهل إدارة الوكالة لمطالبهم بالتراجع عن فصلهم.

ونزاع العمل وفق ما أوضحه رئيس اتحاد الموظفين، حقٌ مكفولٌ بموجب قانون الاتحادات، يلجأ إليه الموظفون عند الوصول مع إدارة العمل إلى طريق مسدود، ويتم بموجبه توجيه كتاب لهذه الإدارة من أجل احتواء الموقف ومراجعة قراراتها بحق الموظفين، في غضون 21 يومًا، ويتم خلال هذه المدة توسّط الأطراف الساعية للحلّ واحتواء الأزمة. وهذا كي لا يتم تحميل الاتحاد مسؤولية ما قد تُسفر عنه أيّة خطوات احتجاجيّة مقبلة يُقدم عليها الاتحاد، على شاكلة إغلاق مرافق المؤسسة ووقف خدماتها.

ولم يتبقّى من الأيام الـ21 سوى 5 فقط، قبل مُضيّ اتحاد موظفي وكالة الغوث في خطوات تصعيديّة حادة لا تُحمد عُقاباها، وستطال تداعياتها أهالي قطاع غزة كافة.

وأوضح أمير المسحال أنّه "في حال استمرّت إدارة الوكالة بتعنّتها ولم تتراجع عن قرارات فصل الموظفين سيشرع الاتحاد في إضرابات تدريجية قد تُفضي لإضرابات مفتوحة، ستكون آثارها كارثية على كافة قطاعات المجتمع في غزة.

رئيس اتحاد الموظفين قال "نحن أمام استحقاق، الكل مُتضرر وخاسر، وصورة الوكالة وسمعتها على وشك الاحتراق، اللاجئين سيتأثرون، إضراب شامل ومفتوح يعني إعلان طوارئ في المنطقة، سيطال برامج التعليم والصحة، بما فيه من تطعيم الأطفال وغيرها من الخدمات".

وشدّد بالقول إنّ "الأيام المقبلة ساخنة على أكثر من صعيد، خاصة مع تزامنها مع عيد الأضحى، وبعد العيد قد نشهد تصعيدًا كبيرًا.. التصعيد سيكون تدريجيًا، ابتداءً من شلّ خدمات المؤسسة جزئيًا ومن ثمّ كليًا إذا اضطررنا لهذا".

"الآن الكلّ الفلسـطيني يتحمّل المسؤولية، لأننا نتحدث عن 13 ألف موظف ومليون و300 ألف لاجئ، ستتحمّل الحكومة في رام الله وفي غزة مسؤولية إغاثتهم واستمرار الحياة لهم في حال وجود فراغ إداري ، وعدم تمكّن الوكالة من الاستمرار في تقديم خدماتها بعد الإضراب الشامل.

وتساءل المسحال "من سيتولّى مسؤولية مليون و300 ألف لاجئ من بعد وكالة الغوث؟!"، مُنوّهًا إلى أنّ الأزمة ليست كما يعتقدها البعض بأنّها تقتصر على الموظفين، وقطع رواتب وتوقف بعض الخدمات في منطقة فقط، بل هي كارثة على السكان كافة".

حِراك أدنى من المطلوب

وحول ما يُبذل من جهود لحلّ الأزمة، قال المسحال "هُناك تحركات من عدّة وسطاء، ونتمنّى أن يتم حل الأزمة قبل انتهاء أجل نزاع العمل".

ولفت إلى أنّ هناك مساعٍ من أجل أن يأتي المفوض العام للأونروا بيير كرينبول لقطاع غزة، واعتبر المسحال أنّ "هذه الزيارة قد تمثّل90% من الحلّ، فالمفوّض هو صاحب السلطة ووجوده في غزّة يهيئ الظروف للحلّ". وقال إنّ "الأمر مرهون بمدى حكمة وعقلانية كرينبول، سيّما أنّ هذا ليس أول نزاع عمل تُواجهه إدارة الوكالة".

نائب رئيس الاتحاد د.آمال البطش، تحدّثت لبوابة الهدف عن إمكانيّة قدوم المفوض العام لغزّة خلال اليومين القادمين، وهو ما قالت إنّ هذا ما يجري تداوله داخل أروقة الوكالة، لكن لم يتم تبليغ الاتحاد بمعلومات رسمية عن الزيارة المحتَملة.

وقالت إنّه "حتى اللحظة لا يُوجد حوار حقيقي مع إدارة الوكالة، والأخيرة ليست جدّية في بحث حلول للأزمة".

وأضافت البطش أنّ "الاتحاد يأمل بأن يتم إيجاد حلّ  تسوية الوضع كما حدث في الضفة المحتلة، التي جرى فيها التوصل إلى حلول مُرضية بين اتحاد الموظفين وإدارة الوكالة بعد قرار الأخيرة فصل 154 موظفًا"، والحديث عن حلٍ يقضي بأنّ يتم حتى نهاية العام دمجهم في الميزانية العامة وليس فصلهم.

وفي هذا الصدد أشار المسحال إلى أنّه "جرى فصل 123 موظفًا بقرارٍ يُطبّق أول سبتمبر، بإمكاننا أن نجد من الموظفين أنفسهم أكثر من 120 ممّن يرغبون بالخروج بتقاعد مبكر وفق القانون، وهذا من باب الخروج طواعيةً وحفظ الكرامة للموظف، بدلًا من الخروج من المؤسسة والسيف على رقبته".

المسحال قال "نتمنّى أن يتكثف الحراك من مُختلف الجهات لحلّ الأزمة"، وأفاد بأنّ عدّة أطراف التقت شمالي في الضفة المحتلة خلال الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي، وجرى توصيل رسالة للمُجتمعين بأن الاتحاد جاهز لإعادة الأمور كما هي بشرط أن يكون هناك تعهد بإيجاد حل للموظفين الـ965 بحيث لا يتم فصل أحد منهم".

وتنتظر إدارة الوكالة بأن يُوقّع الموظفون الصادرة بحقهم قرارات الفصل في غزة على رسائل فصلهم –باعتبارهم موافقون على القرار- بتاريخ 16 أغسطس الجاري، وفي هذا الإطار أوضحت البطش أنّ "بعض الموظفين ردّوا على القرار بطرق قانونيّة، تفيد باحتجاجهم عليه"، فيما لا يزال الاتحاد يمضي بإجراءاته القانونيّة الرافضة للإجراءات. وقالت أنّ الضغط الذي تُمارسه إدارة الوكالة على العاملين من أجل التوقيع على قرارات فصلهم يندرج تحت بند الابتزاز والترهيب.

وعن الحراك المُساند لاتحاد غزة وموظفيه، من الاتحادات في سائر مناطق عمليات الوكالة، رأى أمير المسحال إلى أنّه "دون المستوى المطلوب". وبيّن أنّ سبب هذا يعود "لعدم وجود طوارئ في بلدانهم، وإلى ظروف هذه المناطق، إضافة للسياسة المرسومة فيها والتي قد تمنعهم من مواجهة إدارة الوكالة".

ولفت إلى أنّه "لأول مرة في تاريخ الأونروا تتعرض منطقة من مناطق عملياتها لنقصان ألفي موظف –ألف نتيجة عدم تعبئة الشواغر، إضافة للألف موظف الذين سيتم فصلهم بنهاية العام- وهذه كارثة".

وعن موقف القيادة الفلسـطينية الرسمية، قال "إنّ الحكومة في رام الله ومثيلتها في غزة لا تستشعران حجم الخطر والخسائر التي ستلحق بقطاع غزة في حال المُضيّ في نزاع العمل والتصعيد الذي قد تشهده الأيام المقبلة"، مُشددًا على "ضرورة وجود حراك فاعل وضاغط من قبل الجميع، لأن الكارثة ستحلّ على كامل سكان القطاع، لأن العلاقة فيه تكامليّة، سيّما وأن الأونروا هي شريان الحياة المُتبقّي في غزّة".

وعن تداعيات التصعيد المقبل، قال رئيس اتحاد الموظفين إنّ "رواتب موظفي الوكالة تقدر بـ20 مليون دولار، كلها تذهب للسوق المحلي، إضافة إلى 40 مليون كمعونات غذائية وطبية، من سيكون المخوّل بتحمّل هذه المصاريف كلّها في حال مارسَ الموظفون حقّهم النقابي لانتزاع حقوقهم، ومضوا في الإضرابات التي سيتوقف بموجبها تقديم الخدمات؟!".

وقال إنّ الوسطاء يُخبرون الاتحاد بأنّ إدارة الوكالة تُريد عودة مدير عملياتها في غزة ماثياس شمالي والموظفين العاملين في المكتب الإقليمي للعمل من داخل المقر الرئيسي، مُفنّدًا بأنّ "الاتحاد لا يمنع أحد من العمل داخل المقر، وماثياس فضّل العمل من خارج المقر خشيةً على حياته من الاحتكاك بالموظفين المعتصمين".

وقد أكّد الاتحاد في بيانات متكررة له بأنّ المكتب مفتوح لعمل الموظفين، وأنّه لا يمنع أحدًا من التواجد على رأس عمله، ولم ولن يُغلق أيّ مكتب، فيما يُواصل خطواته الاحتجاجية السلمية وفق ما يكفله القانون. إلّا أن إدارة الوكالة ومنذ بدء اعتصام الموظفين داخل المقر الرئيسي للأونروا بغزّة تدّعي أن الاتحاد والموظفين يمنعون شمالي وعدد من الموظفين من الدخول وممارسة عملهم، في محاولة منها لتشويه الحراك الاحتجاجي والطعن في سلميّته.

وكانت إدارة الوكالة وجهت رسائل لنحو 120 موظفًا على بند الطوارئ بالفصل وانتهاء عقودهم نهاية أغسطس المقبل، ورسائل مُشابهة لحوالي 800 آخرين، بانتهاء عقودهم نهاية العام. الأمر الذي أثار موجة غضب عارم وسخط شديد بين صفوف العاملين في الأونروا، خاصةً وأنّ قرارات الفصل طالت موظفين عملوا لدى الوكالة أكثر من 18 عامًا، وبعضهم من فئة (A) أيّ مُثبّتين.

ويُضاف إلى فصل موظفي الطوارئ، وتهديد الأمن الوظيفي لغيرهم، التلويح بوقف برنامج المساعدات الغذائية المقدمة للاجئين بحجّة عدم توفّر الأموال، وتأجيل العام الدراسي الجديد.

وتعتبِر الفصائل الفلسـطينية والفعاليات الشعبية أنّ الأزمة المالية التي تُروّج لها إدارة الأونروا هي في الحقيقة سياسيّة ومُفتعلة، وتُطالب إدارة الوكالة والمجتمع الدولي بحلّها بعيدًا عن المساس بحقوق اللاجئين الفلسـطينيين وحقّ العودة.

وتُواجه وكالة الغوث حاليًا عجزًا ماليًا حادًا بفعل تقليص الولايات المتحدة مساهمتها المالية للأونروا إلى نحو خُمس المبلغ المفترض لموازنة العام 2018، إضافة لعجز مُرحّل من الأعوام السابقة