صدر عن دار الكلمة للنشر والتوزيع في غزة الطبعة الأولى من البوم كاريكاتير "المقص" للكاتب ورسام الكاريكاتير د.عاطف سلامة، يتضمن الألبوم (88) صفحة من القطع الصغير ويحتوى على(82) لوحة كاريكاتير.
ويذكر أن الفنان سلامة يرسم باللونين الأسود والأبيض ولا يستخدم الألوان أو الرسم بالكمبيوتر أو أي وسيلة تكنولوجية حديثة في رسوماته، مما يضفى عليها رونقًا خاصًا، وطابعًا فريدًا في هذا العصر، فيما تبين اللوحات مدى الجهد الذي يبذله الفنان وهو ما كان واضحًا في تقديم الألبوم، الذي قدمه الكاتب وفنان الكاريكاتير العراقي الأستاذ "علي إبراهـيم الدليمي" مدير المتحف الوطني للفن الحديث في بغداد تحت عنوان: "عاطف سلامة .. ولغته البصرية الخاصة"، فقال:" يتوجب على الصورة الكاريكاتيرية أن ترتكز على ثلاثة أبعاد متوازنة لإنجاحها، وهي: البعد الفني المشوق، والبعد الموضوعي "السياسي، أو الاجتماعي، أو الاقتصادي، ..."، والبعد النفسي المؤثر.
كذلك لكل فنان كاريكاتيري طابعه أو أسلوبه الفني الشخصي في رسوماته، كأفكاره أو خطوط رمزية خاصة، فالفكرة الكاريكاتيرية المعبرة لدى (الكاريكاتيرست) الجاد تنبع من خلال متابعة الحدث اليومي والطارئ أحيانًا، وتبدأ مع السمع المتداول في الشارع العام ووسائل الإعلام المسموعة، إلى قراءته والتمعن الدقيق في تفاصيله الشاملة، ومن ثم تحليله الفكري، ليستقر أخيرًا في ذهن وعقل الرسام لتنتهي بشكلها الأخير، بمسحة فنية جميلة متبلورة (بصورة) مرسومة بخطوط مختزلة، لكنها معمقة بتفاصيل الرأي والتحليل والاستنتاج السياسي أو الاجتماعي النهائي، لتعلن (الصورة) بفكرتها اللاذعة عما يجري ويجول من حولنا.
هكذا.. رأيت، بل لمست هذه الثوابت الفنية والفكرية، عند الفنان "عاطف سلامة"، وهو يمارسها بكل انسيابية وثقة مطلقة، في رسوماته الكاريكاتيرية، حيث يجسد الأحداث بعد بلورتها في ذهنه، ليحولها إلى خطوط بصرية ساخرة (رمزية) فيها المسحة المأساوية التهكمية، وهو يختزل موضوعاته الفضفاضة، في صورة لا يتعدى قياسها بضعة سنتيمترات، من خلال خطوط أسلوبه المتميز، ليلفت إليها الأنظار.. ويؤشر بها عن مواقع الاختلال والسلبيات في المجتمع.. (العربي) وخصوصاً (السياسية) منها.
أما ظهر الألبوم فقد كتبه الأستاذ والمحاضر في كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية الدكتور "خالد ممدوح العزي" فقال: "في الوقت الذي أزيح فن الكاريكاتير الى المرتبة الثانية ضمن الفنون الصحافية، جاء د.عاطف سلامة كرسام وباحث متخصص في فن الكاريكاتير "ليعيد تسليط الضوء على أهمية الكاريكاتير في الصحافة (نظريًا وعمليًا) كوسيلة لا تقل أهمية عن الأنواع الصحفية الأخرى، بل وتتفوق عليها، كونها الأسرع وصولاً والأسهل فهمًا للمتلقي من كافة الشرائح الاجتماعية.
وتعتبر رسومات "سلامة" اضافة فنية جديدة، فهو يعيد إلى الوسط الثقافي العربي الاهتمام بفن الكاريكاتير، ويعبر ضمن لوحاته التي تأتي باللونين (الأسود والأبيض) عن موروث ثقافي قلما نجده اليوم، بعيدا عن استخدام الألوان ضمن تقنيات التكنولوجيا الحديثة.
ويبدع الفنان في منطقة مركبة بالغة التعقيد، حيث يغامر بنقده الجريء الذي لا هوادة فيه، ويجسد بخطوطه المعوجة والبسيطة وجع وهموم المجتمع وينتقد السياسة والسياسيين بشكل لاذع.
وتثري لوحات الفنان الساخرة إضافة نوعية، فهي تحمل بين طياتها رسالة سهلة الفهم للمتلقي وتفكك الرموز البصرية كافة، سواء العامة أو الخاصة وتعمل على تشكيل وعي في الراي العام.
ولا يدعونا سلامة لأن نضحك فقط، ولكنه يعزز فينا العروبة ويبعث الروح في الشعوب ويشحنها بالكثير من الغضب والاحتجاج.
الجدير بالذكر أنه صدر للفنان والكاتب عاطف سلامة ثلاثة كتب في الكاريكاتير والبومان وهي: كتاب الصحافة والكاريكاتير صدر عام (1999)، وألبوم كاريكاتير "حنظلة يعود من جديد" صدر عام (2003)، فيما صدر حديثًا عن دار نشر "كل شيء" الحيفاوية- ناشرون كتابان: الأول: "الكاريكاتير.. فن اختراق التابوهات" (2018) والكتاب الثاني: "الكاريكاتير.. سلطة السخرية والفن المشاغب" (2018) قيد الطباعة.
ويذكر أن سلامة سيقيم حفلاً لتوقيع الكتابين وألبوم كاريكاتير "المقص" كما وسيتم افتتاح معرض كاريكاتير "المقص" قريبًا في غزة.