Menu

الحركة الأسيرة قلعة صمود وستنتصر حتمًا

بوابة الهدف - أحمد مصطفى جابر

لا يريد الائتلاف الصهيوني الحالي مغادرة الحكم، قبل أن يسجل أكبر عدد ممكن من الانتهاكات للحقوق الفلسطينية ومحاولات ترسيخ أمر واقع لايتعدى على المستقبل الفلسطيني فقط، بل يحاول بكل جهد مصادرة أي انجاز مهما كان صغيرًا حققه الفلسطينيون.

تنبع هذه الممارسة من فكرة ترسيخ الإنتصار "الإسرائيلي" التي لا تهدف فقط للانتصار بمعناه المتعارف عليه، بل تعني من ناحية ترسيخ التفوق والطغيان الصهيوني ومن ناحية إخرى إخضاع الشعب الفلسطيني بشكل نهائي وإجباره على الاستسلام والقبول بكل ما يمليه الكيان المحتل، ويعني ذلك سلب الفلسطينيين ليس فقط مصيرهم بل مجرد الحلم بتغيير هذا المصير الذي يتعارض مع الغول الصهيوني الكبير.

ورغم أن الفلسطينيين لم يكونوا في جنة الحكومات والائتلافات السابقة، ولكن هذه الحكومة الفاشية تميزت بتسريع الهجوم وتكثيفه، أيدلوجيًا وفي الممارسة العملية مدعومة بشكلٍ أعمى تمامًا من إدارة أمريكية لا تقل فاشية وعداء للشعب الفلسطيني، وخضوعًا للإراة الصهيونية التي تتقاطع معها أيدلوجيًا على مختلف الصعد.

وبلا شك يعتبر الأسرى الفلسطينيون شوكة في حلق الاحتلال، الذي طالما حاول تاريخيًا تجريدهم من صفتهم السايسية الوطنية والتعامل معهم كإرهابيين ومجرمين، عبر إنكار مكانتهم السياسية كمقاومين شرعيين للإحتلال.

ومن هنا تأتي مختلف الممارسات التي يوجهها العدو ضد الأسرى، من أحكام خيالية لايقبلها عقل، واعتقال إداري وتنكيل دائم طالما صمد الأسرى في مواجهته وحققوا إنجازات كبيرة نسبيًا عبر ممارسة بطولية قدمت فيها الحركة الأسيرة عشرات الشهداء، غير ما يتعرض له الأسرى من نقل تعسفي واحتجاز في العزل الفردي، ومحاولات شق الصف الوطني داخل الحركة الأسيرة.

لذلك طالما كانت الوحدة الوطنية في الأسر هي العنوان للنصر على مصلحة السجون وإجراءات الاحتلال، هذه الوحدة التي جوهرها وعي الأسرى بفلسطينيتهم، ووعيهم بطبيعة المعركة التي يخوضونها وطبعًا وعيهم بأهمية الدور الذي يقع على عاتقهم، وهم في هذا طالما كانوا عنوانًا للضمير الوطني وللبوصلة الوطنية، وطالما كان ما يصدر عنهم مرجعًا عامًا لشعبهم الذي يتطلع إليهم بفخر.

ورغم كل ما يتعرض له الأسرى وما تمارسه حكومة العدو ضدهم، ما زال هذا العدو يرى أنه بحاجة لمزيد من الضغط والتنكيل والعدوان عليهم، لذلك لا يقصر في اتخاذ المزيد من القرارات وإصدار التعليمات الإدارية التي يعتقد أنه بواسطتها قادر على كسر إرادة الأسرى، زاعمًا رغم كل ما يتعرضون له أنهم يعيشون في أحسن حال، بما لا يتناسب مع "الجرائم" التي ارتكبوها بزعمه، أي نضالهم ومقاومتهم للمحتل وجيشه وعصابته الأمنية والاستيطانية.

آخر هذه الإجراءت القرار اللذي يعمل وزير الداخلية الليكودي جلعاد أردان، بمنع التقسيم الحزبي بين الغرف في السجون، ودمج الأسرى معًا، في تحد لتقاليد الحركة الأسيرة التاريخية وهو انجاز دفع ثمنه الكثير من الدم والعذابات، وأيضًا حرمان الأسرى من المنافع التي حازوها بنضالات طويلة مثل الطهي الحر في الغرف وهو أمر يبدو عاديًا للمراقب الخارجي، الذي لا يدرك أن إصرار المناضلين الأسرى على هذا الحق هو شكل من أشكال المقاومة والدفاع عن النفس في مواجهة التجويع الإداري والطعام الفاسد الذي يستهدف تدمير صحة المعتقلين وإمراضهم والتسبب في كوارث في أجسادهم ما يعني تدميرهم أثناء الأسر.

بالعودة إلى موضوع الفرز حسب الانتماء في غرف الأسر والأقسام، نحن نعلم يقينًا أنه إجراء اتخذه الأسرى لتسهيل حياتهم إداريًا وتسهيل تعزيز النضال ووحدة الصف وليس كما يعتقد العدو، فهذه ممارسة إدارية بحتة بالنسبة للأسرى، ويعتقد العدو أنه بهذا الإجراء يساهم في تعزيز الفرقة الوطنية وتصعيد إمكانية الصراع بين الأسرى خصوصًا في ظل الانقسام الفلسطيني الذي لا يقصر العدو في استغلاله بأبشع الأشكال وكل الوسائل، وبالتالي يسعى العدو إلى نقل هذا الاصطدام بشكله الحاد إلى داخل السجون في محاولة لتمزيق قلعة مهمة وأساسية من قلاع الصمود الفلسطيني، فكيف يكون الرد.

نحن لانشك أبدًا بصلابة مناضلينا وصحة ضمائرهم الوطنية، وندرك أن الرد سيكون من جانب الحركة الأسيرة صارمًا وقويًا في رفض هذا الإجراء من جهة، ولكن من جهة أخرى تعزيز اللحمة الوطنية، وطرد الانقسام خارج جدران الزنازين، وتلقين العدو درسًا جديدًا في الكفاح الفلسطيني، المتعالي على الانقسام الحزبي والمتصدي للمحاولات الصهيونية الدنيئة لاستغلال الانقسامات السياسية.

الأسرى هم قلعة الشعب الفلسطيني التي ربما تكون الأخيرة التي تعكس حقيقة هذا الشعب ومعاناته ونضاله، وكلنا أمل أن الحركة الأسيرة ستكون كما عهدناها دائمًا قادرة على التصدي لحيل العدو ومحاولاته وتلقينه درسًا قاسيًا في الوحدة الوطنية التي تترفع على كل خلاف سياسي وفئوي، نحن واثقون من هذا، وواثقون من أن قلعتنا لن تسقط.