Menu

سخط شديد عمّ القطاع..

بعد وعودٍ زائفة.. موظفو السلطة "كفى تلاعبًا بأرزاقنا"

تظاهرة سابقة في غزة

غزة_ خاص بوابة الهدف

مع تأكيد وصول رواتب موظفي السلطة الفلسطينية إلى البنوك في قطاع غزة، سادت حالة من السخط والغضب الشديديْن في أوساط المواطنين، الذين يرَوْن أنّهم باتوا رهنَ لقمة عيشٍ ما ينفكّ رأسُ السلطةِ يقذفها يمينًا ويسارًا، ويتلاعب بها كيفما يشاء، دون رادٍ أو مُحاسبٍ له.

وكما هو المُعتاد في قطاع غزّة المُحاصر من كلّ حدبٍ وصوب، ما إنْ يُوشك الشهر على الانتهاء وتبدأ أيام الشهر التالي بالانقضاء حتى تغزو القطاع عشرات الشائعات؛ أخبارٌ مجهولة المصدر، لا تعرف من يخترعها، حول موعد صرف رواتب موظفي السلطة، ونِسب الصرف، التي سخطتها السلطة الفلسطينية، منذ 23 شهرًا إلى 50% وأقلّ، ضمن ما اتّخذته من إجراءات قرّرت أن تُعاقب غزة بها، غزةَ كلّها، بموظفيها وأهلها ونسائها وأطفالها وشيوخها وحتى الأجنّة في بطون أمّهاتهم، إذ لم تُخلِّ هذه العقوبات قطاعًا حيويًا إلّا وطالته، بشكل مباشر وغير مباشر، من رواتب وكهرباء وتحويلات علاجية ودواء وغيره.

منذ أيام، ومع قرار تشكيل حكومة جديدة، من فصائل منظمة التحرير، التي ترفض غالبيّتها المشاركة في هذه المسرحية، التي "تُعمّق الانقسام وتُكرس الفصل"، سادت أنباء حول نيّة السلطة إعادة الرواتب لغزة، قبل أن يتدنّى سقف هذه الأنباء ليتردّد أنّ صرف الرواتب عن شهر يناير سيكون بنسبة 75%.

ورغم أنّ نكبّة الموظفين لن تنزاح، سواءً كان الصرف بنسبة 50% أو 75%، سيّما وأنّهم باتوا مدفونين بأكوامٍ من الديون والالتزامات المادية والعائلية، قال أحد الموظفين لبوابة الهدف "إنّه سيبقى يُسددها ربما لخمس سنواتٍ قادمة"، إلّا أنّهم تأمّلوا خيرًا، وسادت الفرحة في أوساط كثيرين بمجرّد سماعهم الرقم 75، يقول الموظف أحمد "هذا يعني زيادة قدرها 200 شيكلًا على راتبي، سأُسدّد بها ديون البقالة التي ما عادت تبيعني بالدَّيْن منذ شهرين لكثرة المبلغ الذي تراكم عليّ، فكيف لي أن أسدد وأنا لا أتقاضي سوى فتات المال، لا يكفي حتى كمصروف مدرسيّ لأولادي".

الموظف الذي يُعيل 3 أطفال، وصلته رسالة من البنك أكّدت له أنه سيتقاضى عن شهر يناير المنصرم، ما نسبته 75%، فيما لم تصل أي رسالةٍ للموظف مصطفى، تفيد بإيداع راتبٍ في حسابه، يقول لبوابة الهدف "لم يُرسل لي البنك رسالة، لا أدري هل هذا بسبب خللٍ أم أنّه تم قطع راتبي!".

يتخوّف مصطفى من الاحتمال الثاني، ويُضيف بصوتٍ مُرتبك "هذا ليس ببعيدٍ، إذ سمعت بأنّ السلطة قطعت مرة أخرى رواتب الآلاف من الموظفين، قد أكون منهم!".

وسبق أن قطعت السلطة، أكثر من مرّة، رواتب آلافٍ من موظفيها في قطاع غزة، روّج مسؤولون فيها أنّ سبب هذا يعود إلى "خللٍ فنيّ" وهو ما رفضته فصائل ومؤسسات حقوقية، دعت في حينه إلى تجنيب المواطنين وحقوقهم تداعيات المناكفات السياسية.

موظفٌ آخر، تحدث لبوابة الهدف بقهرٍ وكثيرٍ من الغضب حول ملف الرواتب، مُحمّلًا المسؤولية لكلّ الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، في ظلّ "كل هذا الذلّ الذي يتجرّعه المواطنون مع أطفالهم وأهلهم، في انتظار حفنة شواكلٍ، قد يُقرر الرئيس صرفها وقد لا يُقرر".

يقول علي، والد الأطفال الخمسة "لم يبقَ صديقٌ ولا قريبُ إلا واستدنت منه، ماذا أفعل بعد لسدّ رمق أطفالي". وأشار إلى أنّه يضطرّ للعمل في وظائف بسيطة مختلفة، توفّر له مبلغًا متواضعًا جدًا من المال، كي يتمكّن من توفير احتياجات أسرته، بعدما قطعت السلطة راتبه منذ أكثر من عام.

تابع لبوابة الهدف "أما مِن أحدٍ يُوقف هذه السلطة عن ما تقترفه بحق الناس، أين الفصائل، أين المقاومة، المقاومة التي تحمي الشعب من بطش الاحتلال، حريٌ بها أن تحميه من بطش الظلمة والفاسدين من أبناء جلدتنا!".

ووافقته في هذا الرأي، الموظفة نجوى، التي عبّرت لبوابة الهدف عن سخطها الشديد لكل ما تقوم به السلطة من إجراءات ضدّ غزة، وبيّنت أنّ هذه الإجراءات "لا تطال الموظفين أنفسهم، بل تطال عائلاتهم وأطفالهم وكل من يُعيلون، والمطلوب من الفصائل أن تقول كلمتها في ظلّ ما يطال الناس من قهرٍ وظلم".

نجوى التي ستتقاضى عن الشهر الماضي 50% فقط من راتبها، لفتت إلى أنّ "الإجراءات العقابية التي تتخذها السلطة بحق الموظفين، في ملف الرواتب، لا تخضع لمعايير محددة ولا تتبع تصنيفات معيّنة، بل يتم إقرارها وفق أهواء الرئيس ومن يُحيط به".

هذا غيضٌ من فيضِ ما ساد اليوم في أوساط موظفي السلطة من غضبٍ وقهرٍ، جرّاء ما تردّد مؤخرًا حول الرواتب، التي نشرت وزارة المالية الفلسطينية إنّه سيتم صرفها الثلاثاء عبر البنوك بغزة. فحياة الناس في هذا القطاع صارت بؤسًا متواصلًا، وطعومُ الأزمات فيه باتت تتنوّع بين المُرّ والأشد مرارةً، في ظلّ مُضيّ السلطة بتجريب مختلف صُنوف العقوبات، التي قالت صراحةً أنّها تهدف لتركيع حماس من أجل دفعها لتسليم زمام أمور غزة و"تمكين الحكومة فيها"، وحتى يتغيّر هذا الحال، يبقى الأهالي في القطاع رهنَ الموت البطيء، بالحصار الصهيوني، وعقوبات السلطة، وويلات الانقسام.