Menu

تقريرحظر فلسطين: كتاب يناقش جذور التعنت الصهيوني ضد الدولة الفلسطينية

بوابة الهدف - أحمد مصطفى جابر

صدر مؤخرا، كتاب سيث أنزيسكا، المحاضر الأمريكي في التاريخ، الذي جاء بعنوان " حظر فلسطين: تاريخ سياسي من كامب ديفيد إلى أوسلو: Preventing Palestine: A Political History from Camp David to Oslo " الصادر عن جامعة برينستون ويجادل فيه الكاتب أن عملية السلام منعت في فلسطين بسبب الأسس المعادية التي تم صياغتها منذ اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و"إسرائيل" برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ويجادل أنزيسكا أن التأييد المنهجي الأمريكي لدولة فلسطينية إلى جانب "إسرائيل" قد تم إضعافه على مدى سنوات من قبل الجانب "الإسرائيلي".

طبعا، يعتقد كاتب هذا النص أن جذور التعنت الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وضد إقامة الدولة الفلسطينية يعود إلى زمن أقدم بكثير مما يناقشه أنزيسكا، إلى بداية المشروع الصهيوني ومسعى إقامة دولة يهودية على أنقاض الشعب الفلسطيني، وقد تم إجهاض تاريخ هذا الشعب ومصادرة حقوقه الأساسية ومنعه من تقرير مصيره منذ أقيمت دولة "إسرائيل" الصهيونية، استنادا على أفكار استعمارية توراتية، تتلخص بأن فلسطين تحتوي من افمكانيت ما يفوق قدرة شعبها على استثماره وتطويره على حد زعم ديفيد بن غوريون في إحدى رسائله لابنه، هذا في أحسن الأحول، الاعتراف بشعب فلسطيني وإن كان عاجزا ومتخلفا، بينما ارتاكزت الاحجة المركزي على أن فلسطين "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، نافية تماما وجود شعب فلسطيني فما بالك بحقه في إقامة دولة مستقة.

يعتمد هذا المقال الذي يثبت على الأقل أننا مطلعون على أقل القليل من حقائق التفاوض سواء في كامب ديفيد أو أوسلو على ثلاث مراجعات للكتاب، الأولى قدمها المؤلاف نفسه، والثانية، جاءت ردا على الكتاب من قبل المفاوض الصهيوني البارز جويل سينغر، والثالثة كتبت من قبل إيان بلاك.

يقدم الكتاب إذا، أطروحته المركزية، بأن ما يسميه المؤلف الهندسة المعمارية لاتفاقية كامب ديفيد وخطة مناحيم بيغن للحكم الذاتي "للسكان العرب في يهودا والسامرة" قد قوضت إمكانية وجود سيادة ذات معنى للفلسطينيين، ويستشهد الكاتب بشهادة المفاوض الصهيوني جويل سينغر في تقرير سابق بأن " كان هدف بيغن في وضع خطة الحكم الذاتي الأصلية في عام 1978 هو إدامة الحكم الإسرائيلي على الضفة الغربية وقطاع غزة دون تطبيق السيادة الإسرائيلية على تلك المناطق والسماح لليهود بالتزامن مع ذلك. بالاستقرار هناك بحرية" وحدث هذا في نفس اللحظة التي كانت فيها المطالب الفلسطينية لتقرير المصير تؤخذ على محمل الجد على المسرح العالمي.

اقرأ ايضا: 25 عامًا على أوسلو: مراجعة من داخل الفريق الصهيوني المفاوض

كان جيمي كارتر قد تحدث بعد انتخابه مباشرة عن "وطن " فلسطيني، حتلى عندما لم تكن فكرة "الدولة" بحد ذاتها تحظى باهتمام دبلوماسي، فيما بعد قام كل من إسحاق رابين وشمعون بيرس بتعديل بعض جوانب خطة بيغن، في مقاربتهما لاتفاقيات اوسلو، واعتبروها ترتيباً إنتقالياً، ويرى أنزيسكا أن هذه المقاربة كانت ومازالت فعالة في منع فلسطين.

يرى أنزيسكا أن اللدولة الفلسطينية، كان يجب أن تقام منذ 1978 ولكن أدت عملية كامب ديفيد والتطورات اللاحقة إلى عرقلة الجهود الدبلوماسية في التسعينات، لا سيما اتفاقات أوسلو، وعلى عكس مجموعة واسعة من الأدبيات حول عملية السلام التي تبدأ القصة من عام 1993، أو ربما محادثات مدريد وواشنطن قبل ذلك بقليل، يرى المؤلف أنه يجب البدء في النظر إلى جذور أوسلو في سياق المحادثات المصرية-"الإسرائيلية" اقبل أوسلو بأكثر من 15 عاما.

اقرأ ايضا: أوسلو: تاريخ يميني عندما كان الجميع يتحدث عن السلام (2-4)

يجزم أنزيسكا بضرورة كتابة تاريخ نقدي يربط بين كامب ديفيد وأوسلو مرورا بحرب لبنان عام 1982، وينقل عن سيغر بأن دوره كممثل للجيش "الإسرائيلي" في مفاوضات الحكم الذاتي التي أطلقها بيغن شكل مقاربته لعمله مع رابين حول اتفاقيات أوسلو وهو يقول "لقد حاولت عدة مرات، ولكن دون جدوى، إقناعه ومستشاريه لتوسيع نطاق الحكم الذاتي الفلسطيني، " ومع ذلك يشكك سينغر في فعالية الاستقلالية ذاتها"هل كانت فكرة الحكم الذاتي فكرة جيدة؟" .

أخبر سينغر أحد الذين أجروا معه المقابلة "ربما كان ينبغي علينا أن نقفز مباشرة إلى دولة". وهو يفكر في المخاطر الأمنية التي تنطوي عليها فكرة الدولة الفلسطينية، كيف كان نهج بيغن بمثابة قيدًا مفيدًا:"من الأصعب بكثير أن تغزو دولة ذات سيادة عوضا عن العودة إلى منطقة تحتفظ فيها بكامل سلطتك الأمنية، وهو ما فعلناه في أوسلو ولم أخترعه، أعني، لقد كتبت ذلك للتو. هذا هو جوهر الاستقلالية ... كان السؤال الوحيد هو نطاق الحكم الذاتي. حكم ذاتي واسع؟ استقلال ضيق؟ التعامل فقط مع جمع مياه الصرف الصحي والقمامة؟ أو الحصول على سلطة أوسع؟ لكن في كلتا الحالتين، عندما وضعت الليكود هنا والعمل هناك، أيد الجميع الحكم الذاتي، فقط بنطاق مختلف. هل هي فكرة جيدة؟ هل هناك فكرة أفضل؟ لا أعتقد ذلك".

كانت هذه بعض الأسباب الأساسية التي جعلت منظمة التحرير الفلسطينية ومصر تعارضان بشدة اقتراح الحكم الذاتي. وقال الجانبان بأن النتيجة ستحول دون وجود سيادة ذات مغزى، في الوقت نفسه، كانت هناك فوائد لمصر و"إسرائيل" من معاهدة السلام الثنائية لعام 1979، وبالنسبة للولايات المتحدة كذلك.

مافعلته اتفاقية كامب ديفيد أنها حيدت التهديد العسكري "لإسرائيل" من الجنوب الغربي، وكانت إعادة سيناء قد خففت الضغط لإزالة أي احتلال آخر عن أراضي إضافية، محتلة عام 1967، إلا أن الأثر التراكمي للبعد الفلسطيني في هذه المفاوضات كان بلا شك معطلًا، ويرى أنزيسكا بالاتفاق مع سينغر أن هذا لم مجرد انعكاس بسيط "بأن الطرفين لم يكونا قادرين في تلك النقاط للتوصل إلى اتفاق حول الدولة الفلسطينية في الوقت المناسب، وبدا أن الحكم الذاتي لجميع الأطراف هو حل وسط مقبول، ويقول أنزيسكا إن مراجعته لآلاف الصفحات من الالمصادر الأرشيفية ساعده على فهم المسعى الصهيوني لإحباط إقامة دولة فلسطينية، اتسمت بالتصميم الواعي المتعمد.

يحدد الكتاب أيضا وجهات النظر الأمريكية والمصرية والفلسطينية و"الإسرائيلية" ويمنح فرصة لإلقاء نظرة معمقة على حقيقة الموقف "الإسرائيلي" طوال العقود الأربعة الماضية، حيث رلايمكن تخفيف أثر تعزيز الاستيطان والتوسع فيه يمكن في هذا المسعى وهي تمت من خلال إحياء أفكار بيغن عبر الطيف السياسي "الإسرائيلي".

يلاحظ إيان بلاك إن أي شخص يسعى لفهم الصراع بين "إسرائيل" والعالم العربي يدرك بسرعة أن تاريخه مليء بأحداث دبلوماسية "تاريخية" تتراوح بين الفشل الذريع أو النجاح الجزئي: مبادرات السلام التي نجحت بالكامل كانت هي الاستثناء وليس القاعدة، ومساهمة أنزيسكا هي إعادة فحص وربط لحظتين أساسيتين والشرح بوضوح لكيف أن الاستمرارية بينهما حالت دون قيام دولة فلسطين.

وكنما ذكرنا أعلاه يبين أنزيسكا أن اتفاقية كامب ديفيد بين "إسرائيل" ومصر، التي توسط فيها جيمي كارتر في عام 1978 والتي أدت إلى معاهدة السلام المصرية "الإسرائيلية" عام 1979، لا تزال ذات أهمية كبيرة، فقد أرست الأساس المفاهيمي لاتفاق أوسلو لعام 1993 - الذي صادفت الذكرى الخامسة والعشرون له منذ أشهر، والذي لا يزال يعكس مأزق عدم التكافؤ بين الفلسطينيين و "إسرائيل"، حيث أن كتاب "حظر فلسطين: تاريخ سياسي من كامب ديفيد إلى فلسطين" يقوم بإعادة النظر في الأرض المألوفة - وإن كانت مثرية بمجموعة مذهلة من الوثائق التي تم الكشف عنها مؤخراً، ومصادرها الثانوية ومقابلاتها - فإنها تضيء المشهد الطويل والصورة الكبيرة. إنه وصف مفصَّل غني للفشل .

كانت خطة بيغن الأصلية للحكم الذاتي تستند

نقطة انطلاق أنزيسكا هي خطة الحكم الذاتي التي كانت إلى "خطاب استعماري قديم عن تقرير المصير المحدود للسكان الأصليين" و التمتع بحقوق محدودة - ولكن ليس على الأراضي التي يسكنونها. كان ذلك أمرا حاسما - وحتى الآن - دائم التمييز.

الفلسطينيون، الذين لم يمثلوا في تلك المفاوضات القديمة كانوا ساخطين، ورفضوا سلطة "جمع القمامة ومقاومة البعوض"، وهكذا فإن دور الولايات المتحدة، بالإضافة إلى جوهر المفاوضات، "قوض بشكل فعال آفاق حل القضية الفلسطينية."

يشير بلاك إلى أن إدارة كارتر تضمنت إدارة أفراداً عارضوا الحظر الذي فرضه هنري كيسنجر في 1975 على منظمة التحرير الفلسطينية، في حين كان الرئيس الجديد "يفكر بكل تأكيد خارج النص المعترف به " لدبلوماسية الشرق الأوسط، غير أنه كان يقف بحزم باعتبار "إسرائيل" كحليف استراتيجي ومنظمة التحرير الفلسطينية بوصفها وكيلاً سوفييتياً..

وقبلت واشنطن تأكيد "إسرائيل" بأن بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة لن يكون عائقاً أمام اتفاق سلام وأنه يجب على "إسرائيل" أن تحتفظ بالسيطرة الأمنية، و كان الصحفي أمنون كابيليوك محقاً عندما رأى أن بانتوستان الجنوب أفريقيين يتمتع بصلاحيات أكبر من التي كانت تقدم للفلسطينيين.

يدمج أنزيسكا حرب لبنان عام 1982 في روايته - ليس فقط حسب التسلسل الزمني ولكن أيضا بشكل موضوعي - ويضعها في إطار جهد "إسرائيلي"، بقيادة وزير الحرب آرييل شارون، "لقهر الفلسطينيين، دبلوماسيا وعسكريا"، وإيجاد بديل سهل لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان إنشاء "إدارة مدنية" جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة وتشجيع اتحادات القرى التعاونية جزءًا من نفس النهج الفاشل، لكن "الحرب الإسرائيلية عام 1982 وخاصة مذبحة صبرا وشاتيلا للفلسطينيين من قبل الكتائب حلفاء "الإسرائيليين"، كانت ضارة لصورة "إسرائيل" العالمية، خاصة بين اليهود الأمريكيين الليبراليين باعتبارها " تقوض "الصرح بأكمله الذي استندت إليه روح الصهيونية المدروسة بعناية" كما يقول المؤلف.

مع مرور الوقت، استفاد الفلسطينيون، واقتربوا من مطالبتهم بدولتهم، وكان اندلاع الانتفاضة الأولى في عام 1987، وفك الارتباط من قبل الملك حسين في العام التالي (مما أسفر عن مقتل ما يسمى "الخيار الأردني") وإعلان الاستقلال الفلسطيني، كل ذلك قد أحدث تغييرات هامة، لقد جمعت معًا تأييدًا رسميًا لحل الدولتين وأدى في النهاية إلى حوار الولايات المتحدة مع منظمة التحرير الفلسطينية، و بحلول نهاية الثمانينيات من القرن العشرين، "ظهر مفهوم أن دولة فلسطين يمكن أن تتواجد جنبًا إلى جنب مع دولة "إسرائيل" .

ومع ذلك، فقد طغى نموذج الحكم الذاتي المتواصل على محادثات مدريد بعد عام 1991 بين "إسرائيل" والفلسطينيين، و لم تتضمن "ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت" الاستسلام "الإسرائيلي" تجاه مصير الأراضي المحتلة، بينما استمر الوضع على الأرض في التدهور، و في عام 1993، بدت قناة أوسلو السرية أكثر تفاؤلاً: حيث شمل التقدم اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية "بإسرائيل" والاعتراف الإسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية، فضلاً عن نقل الأراضي في غزة و أريحا إلى سيطرتها المباشرة - وهو "عائد" رمزي ولو جزئي للغاية، و أنتجت فقط اتفاقية مؤقتة مدتها خمس سنوات مع ترحيل قضايا "الوضع النهائي" الشائكة الدائمة إلى أجل غير مسمى، وقد نص اتفاق أوسلو الثاني في عام 1995 على "بقايا دولة دون محتوى فعلي"، وهو أكثر أو أقل حيث لا تزال الأمور قائمة.

في السنوات الأخيرة تحدث قادة "إسرائيل" عن الموافقة على "دولة ناقص" و "حكم ذاتي على " للفلسطينيين وهكذا فإن أصداء إرث بيغن لا يمكن أن تكون أوضح.

من جانبه يرد المفاوض الصهيوني جويل سينغر على فرضيات أنزيسكا بمقال مطول، نشر في مجلة "فاثوم"،

رافضا بشدة ادعاء أنزييسكا المركزي بأن عملية السلام "منعت فلسطين".

ةزيعم سينغر أنه "باعتباري شخصًا منخرطًا بعمق في طرفي هذا التاريخ السياسي، وكذلك في بعض التطورات الأخرى المشابهة في ما بينهما، فإن قراءة الكتاب قد أعطتني أحيانًا الشعور بأن الأحداث التي تصفها تنتمي إلى حقيقة بديل"ة.

يزعم سينغر إنه يؤيد إنشاء دولة فلسطينية كجزء من تحقيق اتفاق "إسرائيلي فلسطيني"، أو اتفاق دائم أو وضع نهائي، كما هو منصوص عليه في اتفاقيتي كامب ديفيد و اتفاقية أوسلو ويرى أن للفلسطينيين الحق في دولة خاصة بهم، وعلاوة على ذلك، من مصلحة "إسرائيل" أيضا أن تكون هناك دولة فلسطينية صديقة تم إنشاؤها إلى جوارها.، ويقبل سينغر اقتراح الكتاب بأن اتفاقية أوسلو تستند إلى حد كبير إلى اتفاقات كامب ديفيد، ويعترف أنه في الواقع، عند التفاوض على اتفاقية أوسلو عام 1993، "احتفظت أنا وزملائي الفلسطينيون بنسخ من اتفاقات كامب ديفيد معنا وقمنا بالرجوع إليها بين الحين والآخر. كذلك، عند صياغة اتفاقيات أوسلو للتنفيذ، لقد استعملت مراراً وتكراراً أفكاراً طورتها الوفود المصرية والأمريكية والإسرائيلية في فترة ما قبل محادثات كامب ديفيد بعد الاستقلال الذاتي. لذا يمكن للمرء أن يستنتج بشكل صحيح أن كامب ديفيد يولد أوسلو. ومع ذلك، من هذه النقطة إلى الأمام، تتباعد وجهات نظري وطريق الكتاب بشكل حاد".

يأخذ سينغر على أنزيسكا أنه يهمل مناقشة موسعة لأوسلو بعد مضي 25 عاما عليه، بحيث يبدو أن التركيز الأساسي على كامب ديفيد وتظهر أوسلو كفكرة ثانوية، مستعرضا بشكل مكثف تاريخ التفاوض الفلسطيني "الإسرائيلي" عبر عدد من المحطات، التي صارت جزءا من تاريخ عملية السلام.

فكرة الحكم الذاتي لبيغن كانت السبب الحصري في منع دولة فلسطينية في الأربعين سنة التي تلت كامب ديفيد؟

وزيعم سينغر "لقد أدرك كارتر والسادات أن رفع الحصص في كامب ديفيد من خلال المطالبة بحل المشكلة الفلسطينية التي مضى عليها عقود بالإضافة إلى القضايا الثنائية الإسرائيلية المصرية، والتي كانت معقدة للغاية من تلقاء نفسها، أوجد خطر عدم حل أي مجموعة من المشكلات.، مع تداعيات مدمرة محتملة لجميعهم".

ويزعم سينغر أن السادات وكارتر ضغطا على بيغن لتقديم تنازلات دراماتيكية، منددا بقول أنيزسكا بأن اتفاقية كامب ديفيد لم تكن إنجازًا مهمًا في تاريخ صنع السلام في الشرق الأوسط، كما يعتقد بقية العالم، ولكن، بدلاً من ذلك، كانت فرصة ضائعة بنسب كبيرة لإنشاء، هناك وبعد ذلك، منظمة التحرير الفلسطينية دولة فلسطينية مستقلة.

أما بالنسبة إلى بيغن، فيزعم سينغر أنه بالرغم من "تنازلاته الكثيرة" في كامب ديفيد، فإن وجهات نظره فيما يتعلق بنطاق الحكم الذاتي الفلسطيني كانت محدودة للغاية، . في المقام الأول، كان موقف بيغن هو أن الحكم الذاتي سيكون "شخصيًا"، أي أن سلطة المجلس الفلسطيني ستنطبق على سكان الضفة وغزة وليس على الإقليم (بينما الموقف المصري هو أن سلطة المجلس الفلسطيني يجب أن تغطي إقليم فلسطين المحتل عام 1967") وزيعم سينغر " حاولت عدة مرات، ولكن دون جدوى، إقناعه ومستشاريه بتوسيع نطاق الحكم الذاتي الفلسطيني. لكن من وجهة نظر بيغن، يجب ألا تقاس تضحياته في كامب ديفيد على أساس المصري، توقعات أميركية أو فلسطينية، ولكن بالمقارنة مع مواقفه السابقة التي طال أمدها، . وعندما نظرنا إليها من وجهة النظر هذه، كانت تنازلات بيغن هائلة".

ويقر سينغر أنه يجب أن يكون واضحا لأنيزيسكا أنه في ظل هذه الظروف، لن يكون بيغن فقط، بل أي زعيم "إسرائيلي" معتدل آخر، قد رفض مطلبا مصريًا أو أمريكيًا بأن توافق "إسرائيل" على قيام دولة فلسطينية تديرها منظمة التحرير الفلسطينية. لذا حجته أنه كان على مصر أن تصر على قبول إسرائيل لمثل هذا الشرط، يعني بالضرورة أن وجهة نظر أنزيسكا هي أن مصر كان يجب أن تتخلى عن معاهدة السلام وعودة سيناء إلى أن تقبل "إسرائيل" هذا الشرط، وهو ما قد يعني أنه لم يكن هناك سلام بين مصر و"إسرائيل".زاعما أن حجته تعكس وجهات نظر معمر القذافي وحافظ الأسد الذي قاد العديد من الدول العربية الأخرى في إدانة السادات لخرقه التضامن العربي بموافقته على تحقيق سلام منفصل مع "إسرائيل"، بدلاً من العمل ضد "إسرائيل" في انسجام مع حماية جميع المصالح العربية (بما في ذلك مصالح الفلسطينيين)،

يأخل سيمنغر أ]ضا على أنزيسكا انتقاده لمنظمة التحرير الفسلطينية على موافقتها على اتفاقية أوسلو التي كانت، بحسب أنزييسكا، هي النموذج لكيان فلسطيني ذي سيادة فرعية على أساس المخطط الذي قدمه بيغن في كامب ديفيد قبل 15 سنة. وبينما يعترف أنزيسكا بأن يوسي بيلين، أحد "المهندسين الرئيسيين" لاتفاق أوسلو، قد اقترح أن تكون الدولة الفلسطينية هي النتيجة الحتمية للحكم الذاتي، فإنه ينتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين لأنه لم ينظر أبداً في دولة ذات سيادة على الفور، عندما رعى اتفاق أوسلو.