سريعا يتسرب رمل الوقت من بين أصابع بنيامين نتنياهو مع اقتراب الموعد النهائي لتشكيل الحكومة الصهيونية يوم 24 الجاري، بينما لم تتزحزح أي من العقبات ولم يحدث أي تغيير في مواقف الأطراف التي تحاول جميعا البحث عن مخارج تجنب الكيان الذهاب إلى جولة جديدة من الانتخابات، قد لاتكون مختلفة أبدا عن الوضع الحالي، ما يشبه متاهة سياسية يدورون فيها دون أي حل.
هل سيبلغ نتنياهو رئيس الكيان بأنه يستسلم ولن يستطيع تشكيل حكومة، أم يطلب التمديد أو يواجه اتهامات القضاء فعليا، وفي سيناريو آخر تنتقل الكرة إلى ملعب بني غانتز الذي يواجه مصاعب لاتقل طبعا عن مصاعب الليكود. يأتي هذا في ظل شلل الكيان التشريعي والسياسي، وتذمر الأطراف من غياب الحكومة، حيث أن الليكود نفسه قال "لايمكن الاستمرار في شل البلاد"، كما أن أحد زعماء يهودية التوراة موشيه جافني أحد شركاء نتنياهو قال إن "وجود حكومة في حالة غموض طويلة الأمد يعد "كارثة"" وأضاف " الحكومة بأكملها تجلس لأكثر من عام في عطلة ولا تفعل أي شيء".
نتنياهو يدرك ذلك جيدًا، لكن هناك عدة أسباب لم يستسلم لها بعد وهو متمسك بولايته لأكثر من أسبوع حتى الموعد النهائي في 24 أكتوبر.
منذ اجتماعه الفاشل في بيت الرئيس مع بني غانتز قام نتنياهو بثلاثة أشياء أساسية، كان أحدها التأكد من أن الكتلة اليمينية التي تضم 55 مقعدًا لا تزال مخلصة ولن تخونه، حتى لو لم يشكل حكومة في أول محاولة له، ما يكفل تقريبًا أن يفشل زعيم الأزرق والأبيض بيني غانتز إذا كلفه ريفلين بالمحاولة التالية، ومنح نتنياهو ميزة بداية في فترة الـ 21 يومًا التي يمكن فيها للكنيست اختيار رئيس وزراء، في الوقت الحالي، معظم الكتلة مع نتنياهو، لكن اليمين الجديد بزعامة نفتالي بينت يرفض التوقيع على التزام كتابي.
بعد ذلك، قتل نتنياهو في مهدها أي معارضة في الليكود: لقد أوضح أنه يفكر في إجراء انتخابات تمهيدية للقيادة، وقال عضو الكنيست جدعون سار إنه سيخوض الانتخابات - لكن عضوًا واحدًا من أعضاء الكنيست يؤيدونه. ثم، رفضت اللجنة المركزية عقد الانتخابات التمهيدية، على أي حال. لكن نتنياهو نجح في تحييد ساعر وأظهر أنه لا يوجد أحد لديه فرصة لهزيمة رئيس الوزراء في هذه المرحلة.
ثالثًا، انتظر نتنياهو ليبرمان لتقديم خطته لتشكيل حكومة وحدة، لمعرفة ما إذا كان هذا أمرًا يمكن أن يدفع المحادثات إلى الأمام. ولكن لم يكن هناك شيء جديد في خطة ليبرمان
في هذه الأثناء، تبدو الخطة التي نشرها أفيغدور ليبرمان هي الوحيدة الصالحة للتشغيل، ولكن نتنياهو يستمر في المقاومة والليكود يبني المزيد من الأحقاد حول شخصية رئيس "إسرائيل بيتنا".
بالنسبة للمصير القضائي فإن التقارير تشير أن أفيخاي ماندلبليت المدعي العام سيصدر قراره في منتصف تشرين ثاني/نوفمبر على الأرجح، وهو ما يتعلق به غانتز، الذي يأمل أن يقوم الليكود بالتخلص من نتنياهو بعد اتهامه ما يجعل طريق حكومة الوحدة سالكا.
ويخشى غانتز أن يبادر نتنياهو لإنهاء تكليفه ما يعني أن مهلة الـ28 يوما التي سيحظى بها غانتز ستنتهي قبل قرار ماندلبليت، ولن يستفيد شيئا، مع مؤشرات ضعيفة أن نتنياهو سيصمد حتى آخر يوم.
هذا التوتر دفع نتنياهو إلغاء رحلته إلى اليابان التي كما ذكر في تقرير سابق تأتي في وقت حرج سياسيا، رغم أنه يتذرع بالوضع الأمني المتوتر.
الليكوديون يواصلون الصمود حول نتنياهو، مع استثناءات تتمنى سقوطه كما هو حال جدعون ساعر، ولكن وزير شؤون القدس زئيف إيلكين، عضو فريق التفاوض في الليكود، قال الأسبوع الماضي أن نتنياهو "لن يترك أي حجر في الطريق للوصول إلى حكومة وحدة. عندما يتوصل إلى استنتاج مفاده أنه لا توجد فرصة للقيام بذلك - وفي رأينا، سيتم تجديد الفرصة في نهاية العملية - فسوف يعيد الولاية إلى الرئيس ".
في التوازي مع هذا انضم زعيم اليمين الجديد نفتالي بينت، إلى أفيغدور ليبرمان في الحملة للمطالبة بحكومة وحدة منفصلة عن القائمة المشتركة ومساهمتها حتى من خارج الائتلاف، وأضاف بينيت: "الطريقة المسؤولة والفخمة هي تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة [رئيس الوزراء بنيامين] نتنياهو و [زعيم الأزرق والأبيض] غانتز" من جانبه أكد ليبرمان أن الخيار الوحيد هو حكومة "وحدة وطنية ليبرالية"، خلال مقابلة مع راديو الجيش صباح الأربعاء، وأكد أن الحكومة لا يمكن أن تشمل الأحزاب "المسيانية" الموجودة حاليًا في الكتلة اليمينية ولا يمكنها إدراج القائمة المشتركة.
ورفض ليبرمان الإجابة مباشرة على الأسئلة المتعلقة باتهامات أعضاء حزب ليكود بأنه لن يلتزم باستبعاد دعم حكومة أقلية يسارية مع القائمة المشتركة، وأصر ليبرمان على أن نتنياهو هو الوحيد الذي يتعاون مع أعضاء الكنيست العرب، بدليل أنه اتسعان بهم لحل الكنيست 21لكنه لم يحدد على وجه التحديد ما إذا كان سيدعم حكومة الأقلية هذه أم لا.
وقال ليبرمان في إذاعة الجيش "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحاول جر الدولة إلى جولة ثالثة من الانتخابات"، كما انتقد وزير الحرب السابق نتنياهو عندما قال: "ليس لدي مصلحة في الانضمام إلى الليكود - الحزب و نتنياهو ليس لهما صلة باليمين".
وسط هذا ما تزال جميع السيناريوهات متشابكة ولايوجد أي أفق لحل سياسي في الأزمة العاصفة التي تجتاح الكيان، ويبدو أن الانتظار هو السمة الغالبة على الجميع، ما يجعل على الأرجح أنه في غياب حل سحري، لن يكون هناك مفر من الذهاب لانتخابات الكنيست 23، ويبقى السؤال: ما الذي سيتغير حينها؟ لن يتحول المتطرفين إلى علمانيين، ولن يصبح ليبرمان صديقا لنتنياهو رغم أن التاريخ السياسي الصهيوني لايستبعد هذا، ولكن يبقى الصراع حول رجل واحد هو العلامة الفارقة في صراع السياسيين الصهاينة على الحكم.